احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: من درر الحلاج الجمعة يناير 21, 2011 6:02 pm | |
| من درر الحلاج "عن إبراهيم بن فاتك قال: لما أُتي بالحسين بن منصور ليصلب رأى الخشبة والمسامير فضحك كثيراً حتى دمعت عيناه. ثم التفت إلى القوم فرأى الشبليّ فيما بينهم فقال له: يا أبا بكر هل معك سجادتك. فقال: بلى يا شيخ. قال: افرشها لي. ففرشها فصلى الحسين بن منصور عليها ركعتين وكنت قريباً منه. فقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وقوله تعالى (لنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع) الآية، وقرأ في الثانية فاتحة الكتاب وقوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) الآية، فلما سلم عنها ذكر أشياء لم أحفظها وكان مما حفظته:
(اللهم إنك المتجلي عن كل جهة، المتخلي من كل جهة. بحق قيامك بحقي، وبحق قيامي بحقك. وقيامي بحقك يخالف قيامك بحقي. فإنّ قيامي بحقك ناسوتيّة، وقيامك بحقي لاهوتيّة. وكما أنّ ناسوتيّتي مستهلكة في لاهوتيّتك غير ممازجة إياها فلاهوتيتك مستولية على ناسوتيتي غير مماسّة لها. وبحق قِدَمك على حدثي، وحق حدثي تحت ملابس قدمك، أن ترزقني شكر هذه النعمة التي أنعمت بها عليَّ حيث غيّبت أغياري عمّا كشفت لي من مطالع وجهك وحرمت على غيري ما أبحت لي من النظر في مكنونات سرّك، وهؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصُّباً لدينك وتقرُّباً إليك. فاغفر لهم، فإنك لو كشفت لهم ما كشفت لي لَما فعلوا ما فعلوا، ولو سترت عني ما سترت عنهم لَما ابتُليتُ. فلك الحمد فيما تفعل ولك الحمد فيما تريد، ثم سكت وناجى سراً.
فتقدم أبو الحارث السياف فلطمه لطمةً هشم أنفه وسال الدم على شيبه. فصاح الشبليّ ومزق ثوبه وغشى على أبي الحسين الواسطيّ وعلى جماعة من الفقراء المشهورين. وكادت الفتنة تهيج ففعل أصحاب الحرس ما فعلوا." اهـ
المصدر : كتاب أخبار الحلاج (لإبن الساعي) | |
|
احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: من روائع الحلاج رحمه الله الجمعة يناير 21, 2011 6:13 pm | |
| "ذكر عن قاضي القضاة أبي بكر بن الحدّاد المصريّ قال: لمّا كانت الليلة التي قُتل في صبيحتها الحلاّج قام واستقبل القبلة متوشحاً بردائه ورفع يديه وتكلم بكلام كثير جاوز الحفظ. فكان مما حفظته منه أن قال: نحن بشواهدك نلوذ. وبسنا عزتك نستضيء، لتبدي ما شئت من شأنك. وأنت الذي في السماء عرشك، وأنت (الذي في السماء إله وفي الأرض إله). تتجلى كما تشاء مثل تجلّيك في مشيئتك كأحسن صورة، والصورة فيها الروح الناطقة بالعلم والبيان والقدرة والبرهان. ثم أوعزتَ إلى شاهدك الأنيّ في ذاتك الهويّ. كيف أنت إذا مثّلت بذاتي، عند عقيب كرّاتي، ودعوت إلى ذاتي بذاتي، وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي، صاعداً في معارجي إلى عروش أزلياتي، عند القول من بريّاتي. إني أُخذت وحُبست وأُحضرت وصُلبت وقُتلت وأُحرقت واحتملت السافيات الذاريات أجزائي. وإنّ لذرّةً من ينجوج مظانَّ هاكول متجليّاتي اعظم من الراسيات اهـ. ثم أنشأ يقول:
أنعَي إليك نفوساً طاح شاهدُها = فيما ورا الحيثِ بل في شاهد القِدَمِ أنعي إليك قلوباً طالما هطَلت = سحائبُ الوحي فيها أبحُرَ الحِكَمِ أنعي إليك لسانَ الحقّ مذ زَمَنٍ = أوْدَى وتذكارُه في الوهمِ كالعدمِ أنعي إليك بياناً تستكين له = أقوالُ كلّ فصيحٍ مقوَلٍ فَهِمِ أنعي إليك إِشاراتِ العقول معاً = لم يبقَ منهنّ إِلاّ دارسُ الرِمَمِ أنعي وحُبِّك أخلاقاً لطائفةٍ = كانت مطاياهمُ من مُكمِد الكَظَمِ مضى الجميعُ فلا عينٌ ولا أثرٌ = مُضِيَّ عادٍ وفُقدانَ الأُلي إِرَمِ وخلّفوا معشراً يحذون لُبسَهمُ = أعمى من البَهْم بل أعمى من النَعَمِ
| |
|
احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: من درر الحلاج الجمعة يناير 21, 2011 6:32 pm | |
| وقال إبراهيم بن فاتك: دخلت يوماً على الحلاّج في بيت له على غفلة منه فرأيته قائماً على هامة رأسه وهو يقول: يا من لازمني في خَلَدي قرباً، وباعدني بُعد القِدَم من الحدث غيباً. تتجلّى عليَّ حتى ظننتك الكل، وتُسلَب عنّي حتى أشهد بنفيك. فلا بُعدك يبقى، ولا قُربك ينفع، ولا حربك يغني، ولا سِلْمك يؤمن فلمّا أحسّ بي قعد مستوياً وقال: أدخل ولا عليك. فدخلت وجلست بين يديه، فإذا عيناه كشعلتي نار. ثم قال: يا بنيّ إنّ بعض الناس يشهدون لي بالكفر، وبعضهم يشهدون لي بالولاية. والذين يشهدون عليّ بالكفر أحبّ إليّ وإلى الله من الذين يقرّون لي بالولاية. فقلت: يا شيخ ولِمَ ذلك. فقال: لأنّ الذين يشهدون لي بالولاية من حُسن ظنهم بي. والذين يشهدون عليّ بالكفر تعصّباً لدينهم، ومن تعصّب لدينه أحبّ إلى الله ممّن أحسن الظن بأحدٍ. ثم قال لي: وكيف أنت يا إبراهيم حين تراني وقد صُلبت وقُتلت وأحرقت وذلك أسعد يوم من أيام عمري جميعةً. ثم قال لي: لا تجلس واخرج في أمان الله.
******
وعن الشيخ إبراهيم بن عمران النيلي أنه قال: سمعت الحلاج يقول: [النقطة أصل كل خط، والخط كله نقط مجتمعة. فلا غنىً للخط عن النقطة، ولا للنقطة عن الخط. وكل خط مستقيم أو منحرف فهو متحرك عن النقطة بعينها، وكل ما يقع عليه بصر أحد فهو نقطة بين نقطتين. وهذا دليل على تجلّي الحقّ من كل ما يُشاهَد وترائيه عن كل ما يُعايَن. ومن هذا قُلت: ما رأيتُ شيئاً إلاّ ورأيت الله فيه.
****** وعن بن الحدّاد المصري قال: خرجت في ليلة مُقمرة إلى قبر أحمد بن حنبل رحمه الله، فرأيت هناك من بعيد رجلاً قائماً مستقبلاً القبلة. فدنوت منه من غير أن يعلم، فإذا هو الحسين بن منصور وهو يبكي ويقول:[ يا من أسكرني بحُبه، وحيّرني في ميادين قُربه، أنت المنفرد بالقِدَم، والمتوحّد بالقيام على مقعد الصدق، قيامك بالعدل لا بالاعتدال، وبُعدك بالعزل لا بالاعتزال، وحضورك بالعلم لا بالانتقال، وغيبتك بالاحتجاب لا بالارتحال. فلا شيء فوقك فيُظلَّك، ولا شيء تحتك فيُقلّك. ولا أمامك شيء فيجدك، ولا وراءَك شيء فيدركك. أسئلك بحرمة هذه التُرَب المقبولة والمراتب المسئولة، أن لا تردّني إليّ بعد ما اختطفتني منّي، ولا تُريني نفسي بعد ما حجبتها عنّي، وأكثر أعدائي في بلادك، والقائمين لقتلي من عبادك. فلمّا أحسّ بي التفت وضحك في وجهي ورجع وقال لي: يا أبا الحسن، هذا الذي أنا فيه أوّل مقام المريدين. فقلت تعجّباً: ما تقول يا شيخ، إن كان هذا أول مقام المريدين فما مقام من هو فوق ذلك? قال: كذبتُ هو أول مقام المسلمين لا بل كذبت هو أول مقام الكافرين. ثم زعق ثلث زعقات وسقط وسال الدم من حلقه. وأشار إليّ بكفّه أن أذهب، فذهبت وتركته. فلما أصبحت رأيته في جامع المنصور فأخذ بيدي ومال بي إلى زاوية وقال: بالله عليك لا تُعلم أحداً بما رأيت منّي البارحة.
******* وعن أبي إسحق إبراهيم بن عبد الكريم الحلواني قال: خدمت الحلاّج عشر سنين وكنت من أقرب الناس إليه. ومن كثرة ما سمعت الناس يقولون فيه ويقولون إنه زنديق توهمتُ في نفسي فأخبرته. فقلت له يوماً: يا شيخ أريد أن أعلم شيئاً من مذهب الباطن. فقال: باطن الباطل أو باطن الحق? فبقيت متفكراً فقال: [أمّا باطن الحقّ فظاهره الشريعة، ومن يحقق في ظاهر الشريعة ينكشف له باطنها، وباطنها المعرفة بالله. وأما باطن الباطل فباطنه أقبح من ظاهره. وظاهره أشنع من باطنه، فلا تشتغل به. يا بني أذكر لك شيئاً من تحقيقي في ظاهر الشريعة. ما تمذهبتُ بمذهب أحد من الأيّمة جملةً وإنما أخذت من كل مذهب أصعبه وأشدّه وأنا الآن على ذلك. وما صلّيتُ صلوة الفرض قطُّ إلا وقد اغتسلت أولاً ثم توضّأت لها. وها أنا ابن سبعين سنة وفي خمسين سنة صلّيت صلوة ألفي سنة، كل صلوة قضاء لما قبلها." اهـ
| |
|
احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: رد: من درر الحلاج الجمعة يناير 21, 2011 6:47 pm | |
| "وقال إبراهيم الحلوانيّ: دخلت على الحلاج بين المغرب والعشاء فوجدته يصلّي. فجلست في زاوية البيت كأنه لم يحسّ بي لاشتغاله بالصلوة. فقرأ سورة البقرة في الركعة الأولى وفي الركعة الثانية آل عمران. فلما سلّم سجد وتكلّم بأشياء لم أسمع بمثلها. فلمّا خاض في الدعاء رفع صوته كأنه مأخوذ عن نفسه ثم قال: يا إله الآلهة، ويا ربّ الأرباب، ويا من (لا تأخذه سِنةٌ ولا نومُ) رُدّ إليّ نفسي لئلا يفتنن بي عبادك. يا هو أنا وأنا هو، لا فرق بين أنيّتي وهويّتك إلاّ الحدث والقِدَم. ثم رفع رأسه ونظر إليّ وضحك في وجهي ضحكات، ثم قال: يا أبا إسحق أما ترى أن ربّي قِدَمه في حدثي حتى استهلك حدثي في قدمه، فلم يبقَ لي صفة إلاّ صفة القديم، ونُطقي في تلك الصفة. والخلق كلّهم أحداث ينطقون عن حدث. ثم إذا نطقتُ عن القدم ينكرون عليّ ويشهدون بكفري ويسعَون إلى قتلي. وهم بذلك معذورون، بكل ما يفعلون بي مأجورون.
****** وقال الحلواني: كنت مع الحلاج وثلثة نفر من تلاميذه وواسطت قافلتي من واسط إلى بغداد. وكان الحلاّج يتكلم فجرى في كلامه حديث الحلاوة. فقلنا: على الشيخ الحلاوة. فرفع رأسه وقال: [يا من لم تصل إليه الضمائر، ولم تمسّه شُبه الخواطر والظنون، وهو المترائي عن كل هيكل وصورة، من غير مماسّة ومزاج. وأنت المتجلّي عن كل أحد، والمتحلي بالأزل والأبد. لا توجد إلاّ عند اليأس، ولا تظهر إلا حال الالتباس. إن كان لقربي عندك قيمة، ولإعراضي لديك عن الخلق مزيّة، فائتنا بحلاوة يرتضيها أصحابي ثم مال عن الطريق مقدار ميل فرأينا هناك قطعاً من الحلاوة المتلونة، فأكلنا ولم يأكل منه. فلمّا استوفينا ورجعنا خطر ببالي سوء ظنّ بحاله، وكنت لا أقطع النظر عن ذلك المكان وحافظته أحوَط ما يحافظ مثله. ثم عدلت عن الطريق للطهارة وهم ذاهبون، ورجعت إلى المكان فلم أرَ شيئاً. فصلّيت ركعتين وقلت: اللهم خلّصني من هذه التهمة الدنيّة. فهتف لي هاتف: [يا هذا أكلتم الحلاوة على جبل قاف وتطلب القِطَع ههنا أحسن همّك، فما هذا الشيخ إلاّ ملك الدنيا والآخرة]." اهـ
| |
|