احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: فتح مكه الأربعاء ديسمبر 08, 2010 1:54 am | |
| عمرة القضاء | | عندما دخل شهر ذي القعدة ، في العام السابع للهجرة ن أخذ رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، بالاستعداد للذهاب إلى مكة المكرمة ، ليعتمر عمرة القضاء {1} في الشهر الذي صده فيه المشركون بالحديبية في العام السادس من الهجرة من قابل ، ثم أمر ألا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية ، وخرج ، بعد أن أحرم من باب مسجده الشريف ، في ألفي رجل ، واختار مئة فرس ، وأخرج منها مفرزة ، جعل قيادتها لمحمد بن مسلمة الأوسي ن وبذل سعد بن عبادة سيد الخزرج ، أموالا كثيرة لإطعام المعتمرين ، وبدأ المسلمون بالتلبية ومعهم رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، وهم يقولون : لا إله إلا الله ، صدق وعده ، ونصر عبده ن وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ، ودخل رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى الحرم ثم طاف ومعه المسلمون يطوفون حول البيت سبع مرات ، ثم خرج إلى الصفا وسعي بينه وبين المروة ، ثم رأسه ونحر هديه ، وأتم المسلمون طوافهم بالبيت آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين كما قال تعالى | | لقد صدق الله رسوله بالرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا (2) قريبا 3 | | وأقام رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، في مكة المكرمة ثلاث أيام ، حسب شرطه مع قريش في الهدنة المعقودة بينه وبينهم في الحديبية ، ولم يمهله المشركون ، حتى يتم زواجه من ميمونة في منطقة سرف القريبة من مكة المكرمة . ومن ثم رجع إلى المدينة المنورة | | غزوة الفتح الأعظم | | سبق هذه الغزوات أخرى ، إلا أن أهم غزوة سبقت غزوة الفتح الأعظم ، هي غزوة مؤتة {4} ، وذلك أن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، غضب غضبا شديدا عندما قتل شرحبيل بن عمرو الغساني رسول النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى أمير بصرى ن في السنة السادسة للهجرة . فصبر عليه الصلاة والسلام حتى تهيأت له أسباب القصاص ، عندئذ ، حض المسلمين على الخروج ، فاجتمع له ثلاثة آلاف مقاتل ، ووقف فيهم قائلا : " زيد بن حارثة أمير الناس ، فإن أصيب زيد فالأمير جعفر بن أبي طالب ، وإن أصيب جعفر فالأمير عبد الله بن رواحة ، وإن أصيب عبد الله فليرتض المسلمون رجلا من بينهم " . ثم أمرهم بأن يدعوا الناس هناك للإسلام ، فإن رفضوا قاتلوهم ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم قبل رحيل الجيش : " أويكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيرا غزوا باسم الله في سبيل الله ، فقاتلوا من كفر بالله ، ولا تغدروا ولا تغلوا ، ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة ، ولا كبيرا فانيا ، ولا منعزلا بصومعة ، ولا تقربوا نخلا ، ولا تقطعوا شجرة ، ولا تهدموا بناء ، وإذا لقيتم العدو فادعوه إلى الإسلام فإن قبلوه فأخبروهم ما لهم وما عليهم ، وإن أبوا فاستعينوا بالله عليهم وقاتلوهم ..... " . وانطلق جيش المسلمين حتى وصل إلى مؤتة ، فلما سمع شرحبيل بن عمرو الغساني بمقدم جيش المسلمين ، قام وجمع أكثر من مئة ألف محارب من الروم ، وضم إليهم خمسين ألف من القبائل العربية المنتصرة ، وخلف الجميع كان هرقل نفسه ، يراقب سير الأحداث . وكانت ساعة الصفر ، حيث بدأ القتال بين قوتين غير متكافئتين عددا وعددا ، فاستشهد زيد بن حارثة طعنا برماح الروم ، فأخذ اللواء جعفربن أبي طالب ، وخاض غمار الحرب ببسالة منقطعة النظير ، حتى جاءته ضربة قطعت يمينه ، فأخذ اللواء بشماله ، فجاءته ضربة أخرى قطعت شماله ، فحمل اللواء بعضديه حتى استشهد ، فأخذ اللواء عبد الله بن رواحة ، وخاض المعركة القاسية التي يشيب من هولها الغلمان ، حتى استشهد ن وسقط اللواء ، فهرب المسلمون ، إلا أنهم عادوا عندما رفع الراية خالد بن الوليد {5} ، رضي الله عنه ، الذي استطاع بحنكته الحربية ، أن يجمع شمل المسلمين وينقذهم ، بعد أن قرر الانسحاب من هذه المعركة الغير متكافئة ، وشكل قوة لحماية الانسحاب ، وعندما نظر الروم إلى جيشه الذي عاد ثانية إلى القتال ظنوا بأن المدد قد وصل إلى المسلمين ، فدخل الرعب إلى قلوبهم ، ثم رجع خالد بن الوليد بالمسلمين إلى الوراء ، ورجع الروم ، وكفى الله المسلمين شر هذه المعركة ، وعادوا إلى المدينة بالنصر المؤزر . والآن عزيزي القارئ تعال إلى حديث الفتح الأعظم ، الذي كان حدثا تاريخيا أزال وإلى الأبد ، عبادة الأوثان والأصنام ، وفتح الباب أمام انطلاق الإسلام إلى ربوع الجزيرة العربية كلها ، ومن ثم إلى خارج نطاق الجزيرة العربية . فقد نقضت قريش بنود معاهدة الحديبية {6} ، عندما نصرت بني بكر على بني خزاعة ، الذين كانوا بيت نصح لله ورسوله وللمؤمنين وهم الذين قال فيهم رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : " خزاعة مني وأنا منهم " . شعرت قريش بالحرج ، وتوقعت أن يغزوها رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن لم يتداركوا الأمر ، فبعث أبا سفيان بن حرب ، ليفاوض الرسول الكريم ، صلى الله عليه وآله وسلم ، ويتفق معه على تجديد المعاهدة وتمديدها إن أمكن ذلك ، ولكن أبا سفيان عاد إلى مكة خائبا ، فلقي من المشركين ومن زوجته هند بنت عتبة تعنيفا وتوبيخا ، عندئذ أوعز رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم إلى جميع القبائل بالقدوم إلى مكة ، حتى تكامل العدد الذي يريد ، ليزحف به على مكة ، ثم جمع قادة جيشة من المهاجرين والأنصار ، واستشارهم في غزو مكة ، بعد أن أوضح لهم ، أن قريشا نقضت عهدها وغدرت بحلفائه بني خزاعة ، فوافقوه جميعا ومن بينهم عمر بن الخطاب الذي وقف قائلا : يا رسول الله إن قريشا رأس الكفر ، والله لا تدين العرب بدينك إلا إذا دانت قريش .. ثم انصرف الصحابة يتجهزون حتى يصدر رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، أمره بالخروج . وفي يوم الاثنين وفي التاسع من رمضان وفي السنة الثامنة للهجرة ، خرج رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، على رأس جيش مؤلف من عشرة آلاف مقاتل يريد مكة ، بعد أن جعل كلثوم بن حصين الغفاري أميرا على المدينة المنورة لحفظها وحمايتها ، واستخلف على الصلاة عبد الله ابن أم كلثوم ، وأعطى اللواء الأعظم للزبير بن العوام ، وراية المهاجرين لعمر بن الخطاب ، وراية الخزرج لسعد بن عبادة ، وراية الأوس لأسيد بن حضير ، وتابع مسيره حتى وصل إلى مشارف مكة ، حيث قدم إليه مخرمة ابن نوفل وعمه العباس بن عبد المطلب ، فآمنا وأعلنا إسلامهما ، وتابع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى أن وصل إلى منطقة قريبة من مكة تدعى : مر الظهران ، فعسكر هناك للاستراحة ، بعد أن أشعل المسلمون نيرانا كثيرة ، فأسرع أبو سفيان بن حرب ، وحكيم بن حزام ، وبديل بن ورقاء ، ليستطلعوا الأمر ، وكان أن هداهم الله تعالى إلى هذا ، ليعلنوا إسلامهم وإيمانهم ، وهنا قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم قولته المشهورة : " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن ألقي سلاحه فهو آمن " . ولهذا انطلق أبو سفيان ن وقبل دخول المسلمين إلى مكة ، وهو مبهور مذعور ، ليحذر قريشا قائلا : يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فمن دخل داري فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ... فخاف الناس وارتعدوا وتفرقوا إلى دورهم ، وإلى المسجد الحرام ، وإلى دار أبي سفيان ، ودخل جيش الهدى والإيمان ، جيش الرحمة والإنسانية ، إلى مكة مظفرا ن دون أن يلقى أية مقاومة تذكر ، في العشرين من شهر رمضان عام ثمانية هجرية ، يتقدمهم رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم على ناقته القصواء {7} ، يحف به كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار ، حتى بلغ الكعبة ، ثم كبر فكبر المسلمون ، ثم طاف بالبيت سبعا ، ثم انهال على الأصنام المنصوبة حول الكعبة ، وأخذ يكسرها ويحطمها وهو يقول | | قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا 8 | | ثم اتجه إلى المسجد أمام الكعبة وقال مخاطبا أهل مكة : يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم ؟ قالوا : خيرا ، ، أخ كريم وابن أخ كريم فقال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم الذي لم يكن يغضب لنفسه ، بل كان غصبه وضاه لله تعالى : اذهبوا فأنتم الطلقاء أحرارا آمنون ولا أقول إلا ما قال يوسف لإخوته | | لا تثريب (9) عليكم ، اليوم يغفر الله لكم ، وهو أرحم الراحمين 10 | | ثم بايع أهل مكة ، رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، على السمع والطاعة لله ولرسوله ، ومن جملتهم معاوية ويزيد ابنا أبي سفيان ، أما النساء فقد بايعن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم | | على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن (11) ولا يعصينك في معروف 12 |
| |
|