احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: رد: ~المديح السوداني ورواده ~ السبت يونيو 18, 2011 4:48 am | |
| المادح والراوي المديح السوداني الشيخ ابو شريعه
في هذه الاطلاله نتناول ونعيش بحواسنا مع قصة الشيخ الجليل العالم احمد محمد نور الشهير بود ابشريعه وابوشريعه هو احمد محمد نور حسن ابو حليمه ولد بي سياد ود فاطر وهو قريه من قرى رفاعه ولد عام 1269ه ا لموافق1848م حيث نشاء نشاة صوفيه كان والده يقطن بي المنطقه مع اقاربه وكان والده من محبي المشايخ وكان حوارا فلذلك وجد ابو شريعه نفسه في بيئة صوفيه ومن ذلك المنطلق ادخله والده خلوة الشريف ود الابيض وحفظ القران وعمره 10سنوات وكان موطن ابويه من منطقة سارديه شمال مدينة شندي ووالدته هي ختمه من سيال ود فاطر بي مدينة رفاعه حيث انجبت امه اخ له اسمه حسان وانطلق والده الي منطقة ام درمان وحينها كان عمره 15سنه وكان ذلك عند سقوط ام درمان في يد المهديه ومكث فيها ابو شريعه لي سنوات عديده واصبح يمدح الامام المهدي وكان يسكن هو والاسره في المنطقه المجاوره لي بوابة عبد القيوم وبعد ذلك سافر الي ود التويم وهو اكبر شعراء المهديه وصار يمدح معه المهدي حيث جاء بالاسلوب الجميل المميز وبعد ذلك انفرد عن ود التويم واصبح يمدح الامام المهدي لوحده وكتب عدد 500 قصيده وبعد ذلك سافر الي منطقه بارا وطلب يد امراه تسمي زينب بت عالم وهي تقرب للشيخ الحسن المشهور فوافق كل اهلها ماعد خالها وقال لن نسمح لاحد من خارج الاسرة ان يتزوج منا لاننا لانعرف اصل وفصل ابوشريعه فوصل الخبر للشيخ وقال هذه الابيات في الاصل جعلي ركابي منهم صادقابي الخال المابي بي كافر الدابي فسبحان الله قيل ان خالها الذي قال عنه هذا الكلام ورفض تزويجها لدغته حيه بالفعل ومن ثم شفي ووافق فتزوج الشيخ ابو شريعه من زينب بت عالم وهي كما اسلفنا في سابق حديثنا من منطقة بارا بغرب السودان وعاد بها الي ام درمان حيث بدات الاسره المحفوفه بشرع الله وحب المصطفي صلي الله عليه وسلم حيث انجب ابونا الشيخ احمد من زوجته الاوله عدد اربعه زكور وانثي وهم مهدي وابراهيم وعوض الكريم ويوسف وهدايه حيث لازالت الاسره تقطن بامدرمان وبدات حكايته مع مدح المصطفي (ص)واشتهر بعدما سافرالى الشيخ المكاشفي حيث ذهب ومعه احد زماله فوجد ناس عند بئر ينشلون الماء فسألهم عن الشيخ المكاشفي فقدم معهم احد الذين كانو في مورد الماء وعند ماوصلو الي المسيد قال الرجل الي احد الحوار اذهب مع ابو شريعه وهي لهم مسكنهم وقم بخدمتهم واتي بهم في الصباح الي الشيخ المكاشفي وعندما اذن الفجرصلى ابوشريعه صلاة الفجر ونظم مدحه وبعدها اتى اليه الحوار وقالوا له ان الشيخ المكاشفى طلبك لمقابلته وذهب ابو شريعه لمقابلته فتفأجاه بان الشخص الذى جاء معه من البئر هو الشيخ المكاشفى فرحب به ترحيباً شديداً وقال له امكث حئث شئت ومكث ابوشريعه ستين يوماً وقد نظم خلالها ستين مدحه حيث كان يصلى الفجر وينظم مدحه وكان يقيم الليل باربعه ركعات فقط لكنها طويله وعندما اراد ابوشريعه ان يقادر من ديار المكاشفى سأله المكاشفى هل اخذت الطريق فقال لا فاعطاه الطريق فسار ابوشريعه الى مدينة شندى قرية سارديه موطن ابائه وقد نظم الشيخ ابوشريعه عدد 6666 مدحه ابرزها على سبيل المثال 1:/ برزت سموشو 2/ يا نعمه وطوبى لمن 3/ مادام الوجود 4/ صل ياسلام 5/ رياح الشوق
حيث تزوج من منطقة سارديه السره محمد على وانجبت له ثلاثه ذكور وانثى وهم على و محمد ويس وبخيته ومكث معهم حتى توفى عام 1919 وكان عمره 71 عام
عدل سابقا من قبل احمد العوض الكباشي في الجمعة أغسطس 12, 2011 3:56 pm عدل 1 مرات | |
|
احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: رد: ~المديح السوداني ورواده ~ الثلاثاء مارس 20, 2012 2:31 pm | |
| اسمـه: هو الشاعر احمد مصطفى الحسين المشهور بود مصطفى اللمابي الرباطابي , ويرجع نسبه إلى مجموعة العبابسة المعروفين في منطقة الرباطاب ( ). ميلاده: ولد شاعرنا الكبير في مطلع أربعينات القرن الثامن عشر تقريبا , في ظل الحكم التركي , بقرية أمكي بالرباطاب ، التي تقع في عمودية عتمور بمحلية أبي احمد بولاية نهر النيل . وتشتهر هذه المنطقة بزراعة النخيل وإنتاج التمور الجيدة كما يتصف أهل هذه المنطقة بالروح المرحة المعروفة عن الرباطاب ,(من النكتة الحاضرة والتشبيه الحاذق والرد السريع اللاذع الذي ينم عن ذكاء مفرط وبديهة حاضرة ),وتعد هذه المنطقة معقلا للرباطاب تجتمع فيها أصولهم وتنتسب إليها فروعهم . (في هذا الجو القروي ذي الصلات المتقاربة بين الأسر ) ولد شاعرنا في أسرة رباطابية اشتهرت بالفضل والتدين ,ونشا نشأة لا يختلف فيها عن غيره من اقرأنه من أبناء المنطقة ,إلا انه كان ذو قريحة وقادة وحس مرهف ,مع قدرة نافذة على قرض الشعر وصوت شجي جميل في التغني بذلك الشعر ,وقد ظهرت عليه هذه القدرات وهو صبي يافع , فبدا بنشر إشعار الغزل والتغني بها وسط أهله في أعراسهم وافراحهم ,إلا انه لم يدم على هذا الحال طويلا . حفظه القرآن: كعادة الأسر المتدينة فقد حرصت أسرته على إرساله إلى مدينة بربر , التي كانت من أزهى حواضر السودان في ذلك الزمان , لينتسب إلى خلاوي الشيخ الوقيع ,فتم له حفظ القران الكريم ,كما نال قسطا وافرا من الفقه المالكي ( فهو يستقي في أمداحه ) من حاشية العلامة الصاوي على شرح الخريدة البهية للشيخ الدر ديري ,ومختصر خليل ,والرسالة لأبي زيد القيرواني والشروح المتعددة لهذه الكتب , ولا نستبعد أن يكون نال شيئا من الفقه الشافعي حيث كان يتم تدريس المذهبين في مدينة بربر التي كانت تزخر بالعلماء ومشايخ الطرق الصوفية في ذلك الزمان ,كما درس العقيدة الاشعرية في (مسائل التوحيد ) حيث نجد أثرها في تقريرا ته لمسائل العقيدة والصفات وغيرها . كانت مساجد مدينة بربر تزخر بالعديد من العلماء المصريين والمغاربة والشاميين الذين كانوا يدرسون علوم السلوك والتربية, بجانب العلوم الأخرى التي يقومون بتدريسها مثل الفقه والعقيدة واللغة ,ولعل شاعرنا نال قسطا من هذه العلوم مجتمعه, وزاد عليها من دراسته الخاصة ومطالعاته .مما يتجلي ذلك بصورة واضحة في شعره . هجرته إلى أم درمان: يذكر الرواة أن الشاعر ود مصطفى هاجر في مرحلة مبكرة من عمره إلى مدينة أم درمان .بعد أن أكمل حفظ القران وتحمل شيئا من العلوم الدينية . وفي مدينة أم درمان توجد بعض الأسر الرباطابية التي هاجرت إليها في السابق , ولا زال حي الربا طاب قرب البوسطة يعرف بهذا الاسم إلى اليوم . ولما وصل إلى أم درمان اشتغل بالتجارة مع مجموعة من أهله الربا طاب الذين كانوا يعملون بالعطارة والتجارة في المواد والأعشاب البلدية ( كحبال السعف و البروش ) وغيرها . و في هذا الوقت كان الشيخ احمد ألجعلي يقيم بأم درمان كأحد أمراء المهدية ,حيث بايع الإمام المهدي في قدير وحضر معه فتح الأبيض وسار معه حتى فتح الخرطوم ,ثم أقام الشيخ ألجعلي في أم درمان في المكان المعروف بحوش الشيخ ألجعلي بود نوباوي , الذي كان مسكنا لزوجته بتول وبنته نفيسة رحمهما الله , ويذكر أهل المنطقة أن حوش الشيخ ألجعلي كان ساحة واسعة ومعلما من معالم ود نوباوي , به بئر الشايب وخلوته , وكان نزلا لطلبة العلم بالمعهد العلمي , ولا زال يقيم به بعض من آل الشيخ ألجعلي الي اليوم ( ) , والدار عامرة بقيام راتب الطريقة الأسبوعي والحوليات السنوية وطلبة العلم . . توجد رواية أخرى تقول :بان ود مصطفى التقى بالشيخ ألجعلي في كدباس قبل هجرته للإمام المهدي في قدير ,ولم يهاجر معه الي مبايعة المهدي ولكنه بقي في أم درمان يعمل بالتجارة حتى عودة الشيخ ألجعلي الي أم درمان فانتسب إليه وقوي اتصاله به كأحد تلاميذه ( ) ,ولم نجد في الروايات الشعبية أو في أي اثر مكتوب ما يثبت أن الشاعر ذكر شيئا عن المهدي أو المهدية , أو قال شعرا في ذلك ولكننا نجده أوقف شعره في مدح النبي ومشايخ الطريقة القادرية فقط ولم يتجاوزهم الي غيرهم . أخذه العهد الصوفي: إذا اعتمدنا الرواية الثانية المذكورة آنفا كما رواها لنا أستاذ البخاري البرقني , وهي في رأي لها وجه من الموضوعية حيث تعاصر وجود ود مصطفى في مدينة بربر مع وجود الشيخ ألجعلي في كدباس ولا نستبعد أن تهفو نفس شاعرنا إلى عبور النيل غرب بربر ليتلقى العلم من مسجدها أو بغرض التعرف إلى الشيخ ألجعلي على عادة فضول طلبة العلم , فيكون بهذا قد تلقى العهد الصوفي من الشيخ ألجعلي في تلك الأيام قبل حضوره إلى أم درمان . ولكن الغالب على لسان المريدين الرواية الأولى التي توقف مقابلة ود مصطفى للشيخ ألجعلي حتى حضوره إلى أم درمان حيث أقام الشيخ ألجعلي فيها ذاكرا عابدا يحي لياليه بالذكر ومدح المصطفى صلى , وكانوا وفي بداية عهدهم ينشدون الشعر من الدواوين المطبوعة ؛ مثل ديوان البرعي اليماني وديوان المجذوب وديوان الشيخ المكي وغيرهم , وقد تهيأ للشيخ ألجعلي أن يجتمع عليه عدد وافر من التلاميذ : من الذين حضروا معه من الأبيض وبعض أبناء عمومته وبعض الجعليين المقيمين بأم درمان , وعدد من السالكين والمريدين , حتى أصبحت داره عامرة بالمادحين والمنشدين ,وقد مـنع الخليفة عبد الله ألتعايشي في ذلك الوقت التجمع وإيواء التلاميذ , وكان شديد على العلماء وأهل التصوف حيث منع المريدين من زياراتهم و الجلوس إليهم , و التحلق حولهم . وأمرهم بالصلاة معه في مسجد السور , ويعاقب من يصلي منهم في داره , وطال عقابه كل من تجاوز توجيهاته حتى جمع عدد من الشيوخ ليكونوا تحت مراقبته وأمام ناظريه , حدت هذه الظروف والأحداث بابن الشيخ احمد ألجعلي الكبير محمد لأمين أن يمنع التلاميذ من الحضور مجتمعين في حضرة والده خوفا عليه من نقمة الخليفة , وقد كان الشيخ ألجعلي يردد كثيرا : والله لو تخافون من الله خوفكم من خليفة المهدي لكفاكم الله تعالى ما أهمكم منه , إلا أن الخليفة عبد الله قد أذن للشيخ ألجعلي في الصلاة بداره , واجتماع تلاميذه عليه , فكان من صلى خلف الشيخ ألجعلي كمن صلى خلف خليفة المهدي . بداية نظمه المدح النبوي: ويذكر الرواة : أن بداية نظم المديح النبوي عند ود المصطفى كان في أم درمان وقصة ذلك ؛ انه جرت عادة الشيخ ألجعلي ـ كما ذكرنا ـ أن يجتمع تلاميذه للإنشاد من أشعار دواوين الرواة وقد كانوا يستعيرون بعض تلك الدواوين من السيد المكي , الذي كان يقيم بجوارهم في الحي المسمى الآن بحي المكي , وذات يوم أرسل الشيخ ألجعلي لود مصطفى تلميذه عبد الله الأزرق , ليحضر من متجره , وقيل أنه رفض في بادئ الأمر فأرسل إليه مرتين وفي الأخيرة شدد عليه عبد الله الأزرق , قائلا : له إذا لم تحضر حملناك بالقوة , فقيل عندها سلم الدكان لأحد معارفه , وقال لمن حضر: هذا آخر عهدي بالتجارة . وعند حضوره قال له الشيخ ألجعلي : أنشدنا بعض المديح . فقال له : أن الديوان الذي ننشد منه غير موجود . وكان ذلك موافقا لليلة الإسراء والمعراج فقال له الشيخ ألجعلي : أن مثل هذا الرأس لا يفوته مثل ذلك المديح وقيل مسح على رأسه فانشأ من فوره قصيدة : نعم القدم بي سرعة زار الرسول في روضة التي تصور قصة الإسراء والمعراج تصويرا جميلا في متابعة ورصد دقيقين و في عبارات سهلة , فصار بعد هذا منقطعا ملازما لشيخه ذاكرا متبتلا راويا ومنشدا للمديح في حضرته . ويذهب الأستاذ ألجعلي محمد الأمين , الي أن أول قصيدة قالها الشاعر هي: نادي يا منادي للرسول احمد ويا خبير حادي أنا عيني جافية النوم والتي أمره الشيخ ألجعلي بان لا يقولها إلا عندما يحين أوانها,وقد تسنى له ذلك في رحلته إلى الأراضي المقدسة مع الشيخ الحسن ابن الشيخ ألجعلي ,وبعد ذلك تحولت كل طاقات الشاعر إلى المديح النبوي والذكر , وصحبة شيخه العارف بالله مؤسس الطريقة القادرية الجعلية الشيخ احمد ألجعلي , الذي ارتبط به ارتباطا وثيقا بقية حياته , ومدحه بقصيدتين : القصيدة التي مطلعها : يا منادي أهل المدد صح لى ود حاج حـــد وقصيدة أخرى يبدؤها بقوله: ولي الله ابوخبرا شاع أبوك يا الحاج مركز النجاع وبالطبع لم يكن ود مصطفى هو الشاعر الأول في مسيد كدباس أو المادح الوحيد عند الشيخ ألجعلي فقد سبقه عدد من الشعراء والمادحين مثل الجعيلي بن تهام ومختار علي بدوي وعبد الله ود حاج نور وخالد الشراط ونعيم خلف الله ( ) وغيرهم . مميزات شعر ود مصطفى: كان ود مصطفى يكتب شعره في كل حين وعلى كل الحال , وقيل عندما يأتيه وارد الشعر يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل . ولم يكن شعر ود مصطفى مفرطا في عاميته شان بعد الشعراء , فقد كان شعره مفهوما مقبولا يزاوج فيه بين الكلمة العربية الفصيحة والدارجة البليغة التي لا يستعاض عن وضعها في محلها بغيرها , ولذلك كان شعره مفهوما لكل مستمعيه , وان كنا قد علمنا أن ود مصطفى نال قسطا وافرا من العلوم الدينية بعد حفظه القران , إلا أننا نجد أن اهتمامه انصب في نظم السيرة وذكر الشمايل , وكان اهتمامه بالسيرة يفوق ما عداها من العلوم فهو يعرف دقائقها ومواقعها وأحداثها , فقد وقف الشاعر على كل كتب السيرة واستوعبها فترى اثر السيرة الحلبية بارز في نظمه وكذلك يعتمد في بعض فصول قصائده على كتاب الشفاء للقاضي عياض وغيره من كتب السيرة والشمائل . كما تسنى له الفهم الفقهي الواسع في كل ما يتعلق بالفقه من أحكام ؛ في الفرائض والعبادات فيسوقها في أشعاره بأسلوب سهل يمكن فهمه عند العوام . في حضرة الشيخ ألجعلي: عندما ارتحل شيخه المربي الأول الأستاذ احمد ألجعلي ( ) إلى الرفيق الأعلى عام (1316هـ ـ 1898م ) بلغ به الحزن مبلغا عظيما و أحس بفراغ كبير, إلا أن خليفة الشيخ ألجعلي ابنه العابد الزاهد حاج حمد ( ) احمد ألجعلي اخذ بيده متجاوزا به حالة الحزن وأغدق عليه فيضا من حبه ورعايته ,فعاد للمادح الشفيف حاله الأول فصدح بامداح صادقة في شيخه ومربيه الجديد معددا مآثره ذاكرا صفاته وعبادته التي لا يقوى عليها إلا أمثال هذا الشيخ الذاكر الهائم في حب ربه بعيدا عن حظوظ نفسه ، باذلا كل مرتخص وغال في سبيل الإرشاد والتربية فبلغت الدعوة في عهده مسافات بعيدة حتى بلغت ديار المناصير و الشايقية والحدود القصوى من ديار الجعليين . ولم يتوانى ود مصطفى في خدمة مرشده الولي العارف الشيخ حاج حمد بن الشيخ ألجعلي وبادله شيخه وفاءا بوفاء حافظا له وفاءه وانقطاعه في خدمة والده وتجرده , وما بذله من مدائح تعد من أروع الأشعار التي نظمت في الطريق القادري ألجعلي إلى يومنا هذا من حيث النظم والموضوع واللحن . عاش شاعرنا سنوات شيخه الحاج حمد صادحا في مسيده مشنفا الأسماع في المواسم يتسابق إليه أبناء الطريق كل في منطقته ليحي لهم الليالي بصوته الجميل وامداحه المعبرة الصادقة التي تصور سيرة النبي وحياة السلف الصالح , فيتواجدون فيها ويترجمون ويظهرون الحال , ولم يطل المقام بالشيخ المربي حاج حمد طويلا فارتحل عن الدنيا الفانية في عام 1914م مخلفا وراءه إرثا زاخرا من التربية والسلوك . ويقول صاحب الشعر الشعبي عند الربا طاب هذا وقد واكب الشيخ احمد ود مصطفى قادة الطريقة القادرية منذ حياة مؤسس الطريق الشيخ احمد ألجعلي الكبير حتى حياة الشيخ احمد ألجعلي الحفيد المشهور بالمثنى ,ولعل هذه الحقيقة كانت السبب الأساسي في ميول شاعرنا نحو الرغبة في قيادة الطريقة القادرية بدلا من الشيخ احمد ألجعلي ,لقد كان يعتقد أن ما قام به من دور فعال في إحياء هذه الطريقة وتشربه بتعاليمها و أورادها ومعاصرته لقادتها الكبار جعله يعتقد أن كل ذلك مؤهلا له ليقود خلافة الطريقة ,ولم يرم كما يعتقد من وراء الخلافة إلى جاه أو سمعة ,أو نوع من الكسب الشخصي , لأنه رجل باع الدنيا من أجل الآخرة , ولكن الذي كان يرمي إليه هو أن تستفيد الطائفة القادرية من خبرته الطويلة وتجاربه العديدة وهو في قيادتها. ( ) . ولعل أستاذنا الدكتور : الطيب أبوسن قد وهم في تحديد الخليفة المعني في هذه الحادثة, فهو يقصد الشيخ محمد ( ) بن الشيخ حاج حمد الخليفة الثاني للشيخ ألجعلي , بينما لم يدرك المادح ود مصطفى من خلافة الشيخ ألجعلي المثنى سوى عامين فقط , حيث نصب الشيخ ألجعلي خليفة عام 1927م وتوفى ود مصطفى عام 1929م , والحادثة معروفة بأنها كانت في عهد الخليفة الثاني الخليفة محمد بن الشيخ حاج حمد ( ) ولم يثبت أن راودت ود مصطفى نفسه بالخلافة في عهد الشيخ ألجعلي المثنى وقد مدحه بقصيدتين : الأولى:ــ نور الديانا ألجعلي المثنى صاحب الأمانة شي لله بيهو والقصيدة الثانية:ـ أهل العفافا ألجعلي المثنى رابع الخلافـــــا شي لله بيهو والثابت حدوث ذلك في عهد الخليفة محمد بن الشيخ حاج حمد . ومن القصائد التي مدح بها ود مصطفى الشيخ محمد بن الشيخ حاج حمد : قصيدة :ـ الكف طالا ود حاج حمد يا حالي الوصـــالا وقصيدة :ـ الكف جادا ود حاج حمد يا حالي الــــودادا مع الشيخ حاج حمد: الشيخ حاج حمد هو الخليفة الأول لوالده الشيخ ألجعلي الشايب , حفظ القرآن صغيرا في مسجد والده بكد باس , ثم درس العلم في حلقة الشيخ الجليل حسين بن الصديق المجذوباوي وهو من العلماء الراسخين في علوم الشريعة ولا سيما الفقه حيث أخذه من علماء بالحجاز , وقد اهتم هذا الشيخ الورع بتلميذه النجيب أيما اهتمام لما رأى منه سمات النجابة والتوفر على العلم وحسن التلقي , كما رأى فيه تمام الورع والتقوى والزهد فأغدق عليه من علمه الكثير. صحب الشيخ حاج حمد والده إبان فترة المهدية , وأقام معه بأم درمان , اشترك في معركة كرري , لزم بعدها المسجد عابدا ذاكرا يختم القرآن الكريم في ركعة الوتر, دائم التهجد حتى سماه الخليفة عبد الله ألتعايشي : بشعبة المسجد من طول قيامه , عظيم الاهتمام بطلبة القرآن ويتعهد المرضى بالرعاية والعلاج . امتدت خلافته ستة عشر عاما انتشرت فيها الطريقة انتشارا واسعا , وعرف تلاميذه بالغرقى ( ) وكانوا على غاية من العبادة والزهد وكل واحد منهم على قدم من الولاية . كانت صاحب كرامات معروفة , كبرت مسؤوليات الطريقة في عهده , فازداد تدفق الناس نحو المسجد , وتضاعف عدد طلاب الخلوة , كان كريما منفقا , ينفق كل ما يصل إليه ويوجهه لذوي الحاجات والمساكين , اهتم بقيام حلقات العلم وعهد بها إلى أخيه الحسن , فقام الشيخ الحسن بهذه المسؤولية خير قيام , فكانت له حلقة بمسجد كدباس ذاخرة بطلبة العلم . كان ود مصطفى تلميذا مخلصا للشيخ حاج حمد كما كان كذلك لوالده , فقد كان عظيم الارتباط بخلفاء الطريقة ملازما لهم , هذا ما يفسر لنا عظيم حزنه وجزعه لوفاة الشيخ حاج حمد الذي توفي إلى رحمة مولاه عام 1944م وله من العمر تسعة وأربعين عاما . ويذكر الرواة أن خلافة الشيخ محمد حاج حمد وما صاحبها من تزمر أعمامه , لما يرونه من أحقيتهم بهذا الفضل والإرشاد وتعهد التلاميذ فهم أولى به ؛ لسابقتهم وفضلهم وكبر أسنانهم , وأن ابن أخيهم لم يشب عن الطوق ولم يبلغ أعمارهم , فهو مثل أبنائهم سنا فعمره حين تم استخلافه كان ثمانية عشر عاما . وربما لابس شاعرنا ذات الشعور فأحس بأهليته في أن يتولى زمام الطريقة والإرشاد لما يعلم لنفسه من الفضل والعلم كما ذكرنا ذلك سابقا . ومهما كان فلم يكن لهذا السلوك ما يبرره إذ يعلم الجميع بأن الخليفة محمد حاج حمد كان كامل الأهلية لتحمل هذه الأمانة والنهوض بهذه المسؤولية , فقد تم له جمع القرآن الكريم حيث بدأ حفظه بخلوة والده بكد باس وأتمه بمسجد الشيخ عبد الله الكتيابي , ثم سافر إلى أم درمان ليكون ضمن أول نواة من طلاب معهد أم درمان العلمي ( ) . والأمر لا يعدو أن يكون تدافع من أجل خدمة الطريق وتعهد التلاميذ وكل واحد كان يرى له الأهلية في الاضطلاع بهذه المسؤولية ليقوم بشؤون المسجد , وقد لعب الشيخ محمد الأمين ألجعلي دورا مقدرا في تجاوز هذه المحنة ( ) . رحلته إلى الحجاز: رحل ود مصطفى إلى مكة المكرمة في معية الشيخ الحسن ابن الشيخ ألجعلي, إلا أن ود المصطفى قفل راجعا من مكة المكرمة بعد مكث لم يطل بها في معية الشيخ الحسن ( ) , ولا نعرف على وجه الدقة ما كان عليه وضع مادحنا بمكة في ذلك الزمان , ولكن اغلب الظن انه كان متابعا لحلقات الدروس بالحرم وملازما وفيا للشيخ الحسن الذي كان ينعقد له درسا فخما في صحن المسجد الحرام وكان يعيش هذا الشيخ وتلاميذه حياة زاهدة رقيقة ملؤها الملازمة للحرم والعبادة والاجتهاد فيه طوافا ودرسا وانقطاعا للذكر في المسجد الحرام . ولم يطل الحال بالمادح فعاد قافلا إلى دياره بالرباطاب مصمما في قراره نفسه أن يقيم مسيدا عامرا ونفقة وتكية للطلبة وأصحاب الحاجات , ويجلس للإرشاد وبث الدعوة في الأنحاء القريبة والبعيدة كحال الشيوخ المربين جاعلا من شخصه خليفة للطريق القادري بمنطقة الربا طاب . إلا أن الحال انقلب بالمادح فصارت داره يبابا وانقطع عنه المريدون , فضرب الفقر بازيالة على تكيته فتعجب من أمره وما آل إليه حاله , ولم يذهب الفكر بالشيخ بعيدا وهو الذاكر العابد ذو البصيرة والحدس الصادق فهب ميمما من فوره نحو شيخه العارف بالله بعد قطيعة طالت , ويذكر الرواة أن الشيخ كان يتابع مسيرة المادح الصادح في حلة وترحاله حين ينزل في قرية أو بيت في فلاة وهو يعبر الصحراء في طريقه إلى كدباس . ويحكي الرواة بان ود مصطفى عندما وصل إلى كدباس وصلها مشعبا نفسه في شعب ( ) في حال كرب , لعله قصد من ذلك أن ينال عفو الشيخ . ومن العجيب ما ذكره الرواة : أن الخليفة محمد حاج حمد كان يجلس في مكانه ويصف لمن حوله مسير ود مصطفى نحوه إلى كدباس , فيقول اليوم ود مصطفى نزل في الموضع الكذا اليوم وصل المكان كذا وهكذا كان يصور مسيره حتى وصل كدباس , وكان الشيخ عندما يتحدث عن ود مصطفى لمن حوله يتحدث بحب و ود عميق منتظرا حضوره على أحر من الجمر متأثرا لحاله حزينا لما بلغ به من شظف العيش وسوء الحال . وعندما وصل ود مصطفى إلى كدباس والناس يترقبون حضوره بين يدي الشيخ العارف الشاب التقى , وعند مثوله بين يدي الشيخ أدار الشيخ وجهه مشيحا عنه فذهب المادح إلى المسجد وأطلق لسانه بمدح صادق , وبشعر دافق ملؤه الود والحنين والتأثر راجيا عفو شيخه , عندما وجد الحضور من تلاميذ الشيخ الصدود بادروا بالدخول على الشيخ طالبين الصفح عن المادح فما كان منه إلا أن قال لهم: والله لو تعلمون ما أكن له من حب وتقدير ما انتم لأحب الي منه حتى تتشفعون فيه فطار لبهم فرحا بعفو الشيخ عنه ودعائه له بالخير وفكه قيوده بيديه فعاد إليه المدح رقراقا يتفجر كتفجر النبع العذب الزلال من أفواه العيون . صفاته: كان ود مصطفى كريما شجاعا حليما عابدا ذاكرا .موئلا لأهله يحل مشاكلهم ويصلح ذات بينهم في حكمة و رأي سديدين ,مشبع بروح الدين التقوى وكان شديد الالتزام بحدود الشرع ذو ورع تام وقاف عند حدود الله ,أما صفاته الجسمية فكان شاعرنا متوسط الطول ,اسمر اللون (مثل أبناء الريف المصري ) متناسق الأعضاء جميل الوجه ذو سمت بهي . وفـاته : بعد عمر طويل ـ حافل بأعمال الخير والبر ـ يقارب التسعين عاما , يذكر الرواة : أنه حضر في خلافة الشيخ احمد ألجعلي ( ) المثنى بعد عامين من تنصيبه وأنشد القصيدة المعروفة التي يقول في آخرها :
خدام أسياده الحيين واســلافا عجزت جوارحو بقت ضعافا أعطوه المكافة رغب الإضافة فنادى الشيخ ألجعلي في كل الحضور أن يودعوا أخاهم ود مصطفى , وبالفعل حضر الجميع لوداعه , وكان هذا آخر عهدهم به , ووصى الشيخ ألجعلي من كانوا معه ألا يتأخروا به ويسرعوا به إلى أهله , وبعد وصوله إلى أهله لم يمكث طويلا فتوفى بقريته أمكي عام 1929م وقبره معروف بها . رحمه الله رحمة واسعة . ولود مصطفى من الأبناء إبراهيم والأمين , وقد كان ابنه إبراهيم راويا وناظما ومنشدا أيضا للشعر كأبيه. ولا زالت أمداح ود مصطفى تطرب السامعين في كل مناسبات الذكر القادري ألجعلي .... أقول هذا ونشعر بأننا لم نوفي هذا الشاعر حقه في توثيق حياته كما كنا نتمنى أن يكون أكثر عمقا ودقة , فالعهد ليس بعيدا بيننا وبين زمان حياته , ومن هنا نهيب بكل من أدركوا حياة الشاعر أو سمعوا ممن لقوه أو لديهم أي معلومة يمكن أن نوردها عنه , أن يمدونا بها حتى يكتمل توثيقنا لحياة هذا الشاعر المبدع ,ونتوجه بهذا النداء بصفة خاصة لأسرته وكبار مقدمي الطريقة القادرية في أنحاء السودان ........ أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم وأتوب إليه ,,وصلى الله على صفوة خلقه الحبيب المصطفى وعلى اله وصحبه وسلم
| |
|