طه المهدي الكباشي
عدد المساهمات : 86 تاريخ التسجيل : 01/03/2012 العمر : 34 الموقع : alkabashy
| موضوع: في معارك الرسول الحربية _الجزء الثالث السبت مارس 17, 2012 9:06 pm | |
| 1- كانت أولى المعارك بدرأً ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج لاعتراض قافلة قريش في عودتها من الشام إلى مكة ، ولكن القافلة نجت ، وكان المشركون قد صمموا على القتال ، فكان من أمر المعركة ما ذكرناه . واعتراض قافلة قريش لا يدل على الرغبة في أخذ الأموال وقطع الطريق ، كما يدعي الأفاكون من المستشرقين ، بل كان من بواعثه الاقتصاص من قريش لأخذ أموالها لقاء ما أخذت من أموال المؤمنين المهاجرين . فقد أجبرتهم أو أكثرهم على ترك دورهم وأراضيهم وأموالهم ، ومن علمت بهجرته بعد غيابه عن مكة باعت له دوره واستولت على أمواله ، فشريعة المعاملة بالمثل المتعارف بها اليوم من القوانين الدولية تبيح مثل هذا العمل ، كما هو الشأن بيننا وبين إسرائيل ومن المهم أن نلاحظ أنه سبقت غزوة بدر سبع محاولات لأعتراض عير قريش ، وكان الذي يخرجون فيها من المهاجرين فحسب ، ولم يرسل فيها أنصارياً واحداً ،ذلك لأن هؤلاء المهاجرين إن اعترضوا قافلة قريش ، واستولوا عليها ، فإنما يفعلون ذلك عن حق مشروع في جميع القوانين الإلهية ، والشرائع الوضعية ونشير إلى هذه المحاولات السبع ، وهي :
1- بعث حمزة على رأس سبعة أشهر من الهجرة و سرية عبيدة بن الحارث على رأس ثمانية أشهر منها ، و سرية سعد بن أبي وقاص على رأس تسعة أشهر منها ، و " غزوة ودان " على رأس اثني عشر شهراً منها ، و " غزوة بواط " على رأس ثلاثة عشر منها ، و " غزوة بدر الأولى " في الشهر الثالث عشر أيضاً ، و " غزوة العشيرة " على رأس ستة عشر من الهجرة ، كل هذه السرايا والغزوات كانت مؤلفة من المهاجرين فحسب ، ليس فيهم أنصاري واحد ، هذا يؤكد ما قلناه.
2- إن النصر في المعارك لا يكون بكثرة العدد ، ووفرة السلاح ، وإنما يكون بقوة الروح المعنوية لدى الجيش ، وقد كان الجيش الاسلامي في هذه المعارك يمثل العقيدة النقية والإيمان المتقد ، والفرح بالاستشهاد ، والرغبة في ثواب الله وجنته ، كما يمثل الفرحة من الانعتاق من الضلال ، والفرقة ، والفساد ، بينما كان جيش المشركين يمثل فساد العقيدة ، وتفسخ الاخلاق ، وتفكك الروابط الاجتماعية ، والانغماس في الملذات ، والعصبية العمياء للتقاليد البالية ، والآباء الماضين ، والآلهة المزيفة .
انظر إلى ما كان يفعله الجيشان قبل بدء القتال ، فقد حرص المشركون قبل بدء معركة بدر على أن يقيموا ثلاثه أيام يشربون فيها الخمور ، وتغني لهم القيان ، وتضرب لهم الدفوف ، وتشعل عندهم النيران لتسمع العرب بما فعلوا فتهابهم ، وكانوا يظنون ذلك سبيلاً إلى النصر ، بينما كان المسلمون قبل بدء المعركة يتجهون إلى الله بقلوبهم ، يسألونه النصر ، ويرجونه الشهاة ، ويشمون روائح الجنة ، ويخر الرسول ساجداً مبتهلا يسأل الله أن ينصر عبادة المؤمنين ، وكانت النتيجة أن انتصر الاتقياء الخاشعون وانهزم اللاهون العابثون .
والذي يقارن بين أرقام المسلمين المحاربين ، وبين أرقام المشركين المحاربين في كل معركة ، يجد أن المشركين اكثر من المسلمين اضعافاً مضاعفة ، ومع ذلك فقد كان النصر للمسلمين ، حتى في معركتي أحد وحنين حيث انتصر فيها المسلمون ، ولولا ما وقع من أخطاء المسلمين في هاتين المعركتين ومخالفتهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما لقي المسلمون هزيمة قط .
3- إن شدة عزائم الجيش واندفاعه في خوض المعركة ، وفرحة بلقاء عدوه مما يزيد القائد إقداماً في تنفيذ خطته ، وثقته بالنجاح والنصر ، كما حدث في معركة بدر
4 ـ إن على القائد ألا يكره جيشه على القتال ، وخوض المعارك إذا كانوا غير راغبين ومتحمسين حتى يتأكد من رضاهم وتحمسهم ،كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم من استشارة أصحابه يوم بدر قبل خوض المعركة .
5- إن احتياط الجنود لحياة قائدها أمر تحتمه الرغبة في نجاح المعركة الدعوة ، وعلى القائد أن يقبل ذلك ، لان في حياته حياة الدعوة ، وفي فواتها خسارة المعركة .
وقد رأينا في معركة بدر كيف رضي صلى الله عليه وسلم ببناء العريش له ، ورأينا في بقية المعارك : " أحد " و " حنين " و كيف كان المؤمنون الصادقون والمؤمنات الصادقات يلتفون جمياً حول رسولهم ، ويحمونه من سهام الأعداء ، بتعريض أنفسهم لها ، ولم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم أنه أنكر ذلك مع شجاعته وتأييد الله له ، بل أثنى على هؤلاء الملتفين حوله ، كما رأينا في ثنائه على نسيبة أم عمارة ، ودعائه لها بأن تكون هي زوجها وأولادها رفقاءه في الجنة.
6- إن الله تبارك وتعالى يحيط عباده المؤمنين الصادقين في معاركهم بجيش من عنده ، كما أنزل الملائكة يوم بدر ن وأرسل الريح يوم الاحزاب . وما دام هؤلاء المؤمنون يحاربون في سبيله ، فكيف يتخلى عنهم وهو الذي قال : ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ ) [ الروم : 47 ] وقال : ( إنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الذِينَ آمَنُوا ) [ الحج : 38 ] .
7ـ إن من طبيعة الداعية الصادق أن يحرص على هداية أعدائه ، وأن يفسح لهم المجال لعل الله يلقي في قلوبهم الهداية ،ومن هنا نفهم سر ميل الرسول إلى فداء الأسرى يوم بدر ، فقد كان يرجو أن يهديهم الله ، وان تكون لهم ذرية من بعدهم تعبد الله وتدعو إليه ، وإذا كان القرآن الكريم قد عاتب الرسول على ذلك ، فلأن هناك مصلحة أخرى للإسلام يومئذ وهو إرهاب أعداء الله والقضاء على رؤوس الفتنة والضلالة ،ولو قتل الأسرى يوم بدر لضعفت مقاومة قريش للقضاء على زعمائها ومؤججي نار الفتنة ضد المؤمنين .
ويلوح لي سر آخر في قبول الرسول أمر الفداء ، وهو أن العباس عم الرسول كان من بين الأسرى ، وللعباس مواقف في نصرة الرسول قبل إعلان إسلامه ، فقد شهد معه بيعة العقبة الثانية سراً ، وكان يخبر الرسول عن كل تحركات قريش ، مما يؤكد عندي أنه كان مسلماً يكتم إسلامه ، فكيف يقتله الرسول وهذا شأنه معه ؟ ولو استثناه الرسول من بين الأسرى لخالف شريعته في تحريم قتل المسلم إن كان العباس مسلماً . وإن كان مشركاً . فشريعته لا تفرق بين قريب وبعيد في الوقوف موقف الحزم والعداء من كل من يحارب الله ورسوله ، ولا غتنمها المشركون والمنافقون فرصة للتشهير به ، وليس ذلك من مصلحة الدعوة في شيء .
8- إن مخالفة أمر القائد الحازم البصير يؤدي إلى خسارة المعركة ،كما حصل في وقعة أحد، فلو أن رماة النيل الذين أقامهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف جيشه ثبتوا في مكانهم كما أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم لما استطاع المشركون أن يلتفوا من حولهم ويقلبوا هزيمتهم أول المعركة إلى نصر في آخرها . وكذلك يفعل العصيان في ضياع ونصر الاعداء ، وقد أنذر الله المؤمنين بالعذاب إن خالفوا أمر رسولهم ، فقال : ( فَلْيَحَذَر ِالذِينَ يُخَالِفُونَ عَنَ أمْرِهِ أنْ تَصِيِبهُمْ فِتْنَة أو يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ ) [ النور : 63 ] .
9- والطمع المادي في المغانم وغيرها يؤدي إلى الفشل فالهزيمة ، كما حصل في معركة أحد حين ترك الرماة مواقفهم طمعاً في إحراز الغنائم ، وكما حصل في معركة حنين حين أنتصر المسلمون في أولها . فطمع بعضهم في الغنائم ، وتركوا تتبع العدو ، مما أدى إلى عودة العدو وهجومه على المسلمين ،فانهزموا ، ولولا ثبات الرسول والمؤمنين الصادقين حوله ، لما تحولت الهزيمة بعد ذلك إلى نصر مبين ، وكذلك الدعوات يفسدها ويفسد أثرها في النفوس طمع الداعين إليها في مغانم الدنيا ، واستكثارهم من مالها وعقارها وأراضيها . إن ذلك يحمل الناس على الشك في صدق الداعية فيما يدعو اليه ، وإلى اتهامه بأنه لا يقصد من دعوته وجه الله عز وجل ، إنما يقصد جمع حطام الدنيا باسم الدين والإصلاح ،ومثل هذا الاعتقاد في أذهان الناس صد عن دين الله ، وإساءة إلى كل من يدعو إلى الإصلاح عن صدق وإخلاص .
10- وفي ثبات نسيبة أم عمارة ، ووقوفها وزوجها وأولادها حول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انكشف المسلمون يوم أحد . دليل من الأدلة المتعددة على إسهام المرأة المسلمة بقسط كبير من الكفاح في سبيل دعوة الإسلام ، وهو دليل على حاجتنا اليوم أن تحمل المرأة المسلمة عبء الدعوة إلى الله من جديد ، لتدعو إلى الله في أوساط الفتيات والزوجات والأمهات ، ولتنشيء في أطفالها حب الله ورسوله ، والاستمساك بالإسلام وتعليمه ، والعمل لخير المجتمع وصلاحة .
وما دام ميدان الدعوة شاغراً من الفتاة المسلمة الداعية ، أو غير ممتلئ بالعدد الكافي منهن ، فستظل الدعوة مقصرة في خطاها ، وستظل حركة الإصلاح عرجاء حتى يسمع نصف الأمة وهن النساء ،دعوة الخير ، ويستقيظ في ضمائرهن وقلوبهن حب الخير والاقدام على الدين ،و الاستمساك بعروته والوثقى . .
11- وفي إصابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجراح يوم أحد عزاء للدعاة فيما ينالهم في سبيل الله من أذى في أجسامهم ، وأضطهاد لحرياتهم بالسجن والاعتقال ، أو قضاء على حياتهم بالاعدام والاغتيال ، وقد قال الله تعال في كتابه الكريم ( آلم . أَحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَليَعْلمَنَّ اللهُ الذِينَ صَدَقُوا وَليَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ ) [ العنكبوت2،3 ]
12- وفيما فعله المشركون يوم أحد من التمثيل بقتلى المسلمين ، وبخاصة حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، دليل واضح على خلو أعداء الاسلام من كل إنسانية وضمير فالتمثيل بالقتلى لا يؤلم القتيل نفسه ، إذ الشاة المذبوحة لا تتألم من السلخ ، ولكنه دليل على الحقد الأسود الذي يملاً نفوسهم ، فيتجلى في تلك الأعمال الوحشية التي يتألم منها كل ذي وجدان حي ، وضمير إنساني .
كذلك رأينا المشركين يفعلون بقتلي المسلمين يوم أحد ، وكذلك رأينا اليهود يفعلون بقتلانا في معارك فلسطين ، وكلا الفريقين يصدرون عن ورد واحد نابع من حنايا نفوسهم التي لا تؤمن بالله واليوم الآخر ، ذلك هو الحقد على المستقيمين في هذه الحياة من المؤمنين إيماناً صحيحاً صادقاً بالله ورسله واليوم الآخر .
وفي قبول الرسول صلى الله عليه وسلم إشارة الحباب بن المنذر بالتحول من منزله الذي اختاره للمعركة يوم بدر ، وكذلك في قبول استشارته مثلا واضحا ، لهؤلاء الذين يزعمون لأنفسهم من الفضل في عقولهم وبعد النظر في تفكيرهم ما يحملهم على احتقار إدارة الشعب ، والتعالي عن استشارة عقلائه وحكمائه ومفكريه ، إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي علم الله منه اكمل الصفات ما أهله لحمل أعباء آخر رسالاته واكمالها يقبل رأي أصحابه الخبيرين في الشؤون العسكرية ، وفي طبيعة الأراضي التي تتطلبها طبيعة المعركة دون أن يقول لهم: إني رسول الله ،وحسب أن آمر بكذا ، وأنهي عن كذا ، إذا قيل منهم ،وآراءهم فيما لم ينزل عليه وحي ، فكيف بالمتسلطين الذين رأينا كثيراً منهم لا يتفرق على الناس بعقل ولا علم ولا تجربه ، بل بتسلطه على وسائل الحكم بعد أن تواتيه الظروف في ذلك ؟ كيف بهؤلاء الذين هم أدنى ثقافة وعلماً وتجربه من كثير ممن يحكمونهم ، ألا يجب عليهم أن يستشيروا ذوي الآراء ، ويقبلوا بنصيحة الناصحين وحكمه المجربين .
إن حوادث التاريخ القريب والبعيد دلتنا على أن غرور الديكتاتوريين قضى عليهم وعلى أمتهم ، وهوى بالأمة منحدر سحيق يصعب الصعود منه إلا بعد عشرات السنين أو مئاتها ، ففيما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم من قبول مشورة الحباب في بدر وخيبر قدوة لكل حاكم مخلص ، ولكل قائد حكيم ، ولكل داعية صادق .
وإن من أبرز شعارات الحكم في الاسلام هو الشورى ( وَأمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) [ الشورى : 36 ] وأبرز صفات الحاكم المسلم الخالد في التاريخ هو الذي يستشير ولا يستبد ، ويتداول الرأي مع ذوي الاختصاص في كل موضوع يهمه أمره ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ ) [ آل عمران : 159 ] . ( فَاسْئَلُوا أُهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلمُونَ ) [ النحل : 43 والأنبياء :7] .
14- وفي تقدمه الصفوف في كل معركة وخوضه غمارها معهم إلا فيما يشير به أصحابه ، دليل على أن مكان القيادة لا يحتله إلا الشجاع المتثبت ، وأن الجبناء خائري القوى لا يصلحون لرئاسة الشعب ، ولا لقيادة الجيوش ،ولا لزعامة حركة الإصلاح ودعوات الخير ، فشجاعة القائد والداعية بفعله وعلمه يفيد في جنوده وأنصاره في إثارة حماسهم وان دفعاهم ما لا يفيد ألف خطاب حماسي يلقونه على الجاهير . ومن عادة الجنود والأنصار أن يستمدوا قوتهم من قوة قائدهم ورائدهم ، فذا جبن في مواقف اللقاء ، وضعف في مواطن الشدة ، أضر بالقضية التي يحمل لواءها ضراً بالغاً .
15- على الجنود وأنصار الدعوة ألا يخالفوا القائد الحازم البصير في أمر يعزم عليه ،فمثل هذا القائد وهو يحمل المسؤولية الكبرى ، جدير بالثقة بعد أن يبادلوه الرأي ، ويطلعوه على ما يرون ، فإن عزم بعد ذلك على أمر ، كان عليهم أن يطيعوه ، كما حصل بالرسول يوم صلح الحديبية ، فقد اختار الرسول صلى الله عليه وسلم شروط الصلح ، وتبين أنها كانت في مصلحة الدعوة ، وأن الصلح كان نصراً سياسياً له ، وأن عدد المؤمنين بعد هذا الصلح ازداد في سنتين أضعاف من أسلم قبله ، هذا مع أن الصحابة شق عليهم بعض هذه الشروط ، حتى خرج بعضهم عن حدود الأدب اللائق به مع رسول الله وقائده وقد حصل مثل ذلك بأبي بكر يوم بدأت حوادث الردة ، فقد كان رأي الصحابة جميعاً ألا يخرجوا لقتال المرتدين ، وكان رأي أبي بكر الخروج ،ولما عزم أمره على ذلك أطاعوه فنشطا للقتال ، وتبين أن الذي عزم عليه أبو بكر من قتال المرتدين هو الذي ثبت الإسلام في جزيرة العرب ، ومكن المؤمنين أن ينساحوا في أقطار الأرض فاتحين هادين مرشدين .
16- ومما طلبه الرسول صلى الله عليه وسلم من نعيم بن مسعود ، أن يخذل بين الأحزاب ما استطاع في " غزوة الأحزاب " دليل على أن الخديعة في حرب الأعداء مشروعة إذا كانت تؤدي إلى النصر ، وأن كل طريق يؤدي إلى النصر وإلى الإقلال من سفك الدماء مقبول في نظر الاسلام ، ما عدا الغدر و الخيانة ، وهذا من حكمته السياسية والعسكرية صلى الله عليه وسلم ،وهو لا ينافي مبادئ الاخلاق الاسلامية ، فإن المصلحة في الاقلال من عدد ضحايا الحروب مصلحة إنسانية
والمصلحة في أنهزام الشر والكفر والفتنة مصلحة إنسانية وأخلاقية ، فاللجوء إلى الخدعة في المعارك يلتقي مع الأخلاق الانسانية التي ترى في الحروب شراً كبيراً ، فإذا اقتضت الضرورة قيامها ، كان من الواجب إنهاؤها عن أي طريق كان ، لأن الضرورة تقدر بقدرها ، والله لم يشرع القتال إلا لحماية دين أو أمة أو أرض ، فالخدعة مع الأعداء بما يؤدي إلى هزيمتهم ، تعجيل بانتصار الحق الذي يحاربه أولئك المبطلون . ولذلك أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في " غزوة الأحزاب " قوله لعروة ابن مسعود :" الحرب خدعة " وهذا مبدأ مسلم به في جميع الشرائع والقوانين .
| |
|