احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: دفع شبهه احتقارالنبى صلى الله عليه و سلم للاعمى الأحد فبراير 27, 2011 5:55 pm | |
| دفع شبهه احتقارالنبى صلى الله عليه و سلم للاعمى ورد في القرآن قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى**** [عبس 1 :10]. روي أن أحد الصحابة، وهو ابن أم مكتوم أتى نبي الإسلام [صلى الله عليه وآله وسلم] وهو يتكلَّم مع عُظَماء قريش، فقال له: "أَقرِئني وعلّمني مما علّمك الله"، فلم يلتفت النبي محمد [صلى الله عليه وآله وسلم] إليه وأعرض عنه، وقال في نفسه: "يقول هؤلاء الصناديد إنما اتَّبعه الصبيان والعبيد والسفلة"، فعبس وجهه وأشاح عنه، وأقبل على القوم الذين كان يكلمهم. ونحن نسأل: كيف يراعي نبي الإسلام [صلى الله عليه وآله وسلم] أصحاب الجاه ويرفض الفقير والمسكين، ويقطب وجهه للأعمى؟ أين هو من المسيح الذي لما جاءه الأعمى أحاطه بعطفه ورعايته وأعاد إليه البصر؟ حديث ابن أم مكتوم كما في المصادر: "ذكر غيرُ واحد من المفسرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يومًا يخاطبُ بعض عظماء قريش، وقد طمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابنُ أم مكتوم -وكان ممن أسلم قديمًا- فجعل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء ويُلِحُّ عليه، وودَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّ لو كف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل؛ طمعًا ورغبة في هدايته. وعَبَس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه، وأقبل على الآخر، فأنزل الله عز وجل: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى****"([1]) وكما ترى فإنه ليس في القصة ما ورد في السؤال من أنه صلى الله عليه وآله وسلم راعى قول هؤلاء الصناديد: إنما اتَّبعه الصبيان والعبيد والسفلة فعبس وجهه بناء على ذلك. كما أنك واجد في معظم المصادر أن ابن أم مكتوم ألَحَّ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما طلب إلحاحًا شديدًا. نبي الرحمة والدعوة: ومن ثَمَّ فإن تفسير الداعي إلى هذا التصرف من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنَّه احتقار الأعمى أو ميل للأغنياء على حساب الفقراء تفسير بعيد، ويزيد هذا التفسير بعدًا ما لو نظرنا إلى شأنه صلى الله عليه وآله وسلم في رعايته للفقراء من أصحابه وغيرهم، وانظر كيف عامل صلى الله عليه وآله وسلم بلالاً الحبشي ورفعه واتخذه مؤذنًا له، بل انظر إلى حفاوته بابن أم مكتوم رضي الله عنه ذاته فهو الرجل الذي ولاَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المدينة نحو ثلاث عشرة مرة([2]) فكيف يقال: إنه اعتراه شيء من احتقاره؟ وإنما كان شأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحرص على دعوة الناس للدين وهدايتهم إليه، الفقير منهم والغني، كذلك ففي الوقت الذي يكون للفقير مكان في هداية الله فإن للغني في ذلك حقًّا بخلاف ما يزعم من أن الغني لا يدخل ملكوت السماوات ([3])، وتوجيه الدعوة إلى فريق دون آخر ليس سنن الراشدين. ترجيح بين مصلحتين: إذن فالقضية أن ابن أم مكتوم ألَحَّ -غير ملتفت لما يقتضيه الحال- في طلب الاستفسار عن شيء من أمور دينه في وقت كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم منشغلاً بدعوة غيره ممن لو قُدِّرت لهم الهداية لكان ذلك مدعاة أن يهتدي بهداهم أقوام، ومن ثَمَّ رجح النبي صلى الله عليه وسلم المصلحة الشرعية في الحرص على هدايتهم على المصلحة الحاصلة من الجواب على أسئلة ابن أم مكتوم، خصوصًا وأن علاقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بابن أم مكتوم ممتدة، فرأى أن إيثار هداية الأبعد الذي يصعب تداركه أولى من هداية القريب السهل المنال. لكن القرآن وجَّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه قد يكون وراء الظواهر ما لا يبدو من أول وهلة؛ فنزلت هذه السورة تُعَلِّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الموازنة بين مراتب المصالح، ووجوب الاستقراء لخفياتها كي لا يفوت مهم مهمًّا آخر، وتنوه الآيات بشأن الإيمان وأن الإنسان الذي لا يؤمن بالله مهما بلغ غناه ومنصبه أقل شأنًا من المؤمن ولو فقيرًا أعمى.([4]) ثم لا يفوتنا أن إثبات مثل هذه الآيات في القرآن الكريم حُجَّة على انفصال القرآن الكريم عن شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن رجلاً يؤلف كتابًا لا يليق به أن يُثْبِت فيه عتابه الذي يعاتبه له ربه. المصدر دار الافتاء المصريه
| |
|