احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: شيخ الاسلام العلامه أحمد الدرديري الجمعة مارس 18, 2011 8:17 am | |
| شيخ الاسلام العلامه أحمد الدرديري
رضي الله عنه الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي الأمين , وآله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد .. فإن الأمة العريقة هي صاحبة التاريخ العريق , وليس أعرق من تاريخ فيه عظماء كثيرون .. فكلما كثر عدد هؤلاء العظماء من أهل الدين والعلم والفكر والجهاد , كلما كانت هذه الأمة أكثر عراقة وأفضل سبيلا من غيرها .. لأن هؤلاء العظماء هم نماذج يقتدي بها شباب الأمة ويحذون حذوهم , ويردون على من يثبطون الهمم بأن زماننا يختلف عن زمن السابقين عندما ينصحهم المؤمنون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله تعالى عليهم اجمعين .. فهذه النماذج وسيرها ذخيرة لكل من أراد السعي في سبيل الإصلاح , في العلم والدين والسياسة وكل المجالات .. فالحمد لله .. لا يخلو مجال من المجالات إلا ولنا فيه عدد لا يحصى من العظماء .. ومن سير وتراجم هؤلاء العظماء نقدم للأحبة الكرام: ترجمة سيدي أحمد الدردير رضي الله عنه (1127 هـ - 1201 هـ) .. ذلكم العالم الأزهري الذي انتشر ذكره في الآفاق واستفاد من علمه أهل المشرق والمغرب .. في حياته وبعد وفاته رحمه الله تعالى ورضي عنه ننقلها بتصرُّف من "تاريخ الجبرتي" , ومن "ترجمة سيدي أحمد الدردير" للشيخ إسماعيل صادق العدوي رحمه الله , خطيب الجماع الأزهر في حياته وإمام مسجد الإمام الرباني العالم العلامة الشيخ الدردير بالقاهرة.. قال عنه الجبرتي: أوحد وقته في الفنون العقلية والنقلية , شيخ أهل الإسلام وبركة الأنام أبو البركات , الشيخ أحمد بن أحمد بن أبي حامد العدوي المالكي الأزهريّ الخَلْوَتِيّ , الشهير بأحمد الدِّرْدِيرِ , رضي الله عنه .. صاحب المؤلفات الكثيرة النافعة والتصنيفات الشهيرة المقنعة والرسائل العلمية الممتعة .. ولد بقرية بني عَدِيّ التي تسكنها قبيلة بني عدي القُرَشِيَّة في أسيوط بصعيد مصر , وهم من نسل الصحابي الجليل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه , وجُلُّهم - إن لم يكونوا كلهم – على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه . ولد سنة سبع وعشرين ومائة وألف للهجرة (1127هـ) وحفظ القرآن وجوَّده , وحُبِّب إليه طلب العلم , فورد الجامع الأزهر وحضر دروس العلماء وسمع الحديث المسلسل بالأَوَّلِية عن الشيخ محمد الدفراوي بشرطه , وعلوم الحديث النبوي الشريف عن الشيخ أحمد الصباغ .. وتفقه علَى الشيخ علِيِّ الصعيدي العَدَوِيّ , ولازَمه في كل دروسه حتى ظهرت نجابته ونباهته .. وعلى شمس الدين الحفني , وبه تخرَّج في طريق القوم , فتلقن الذكر وطريقة الخلوتية من الشيخ الحفني وصار من أكبر خلفائه , وأخلَصَ في حب شيوخه مع كمال الصيانة والزهد والفقه والديانة. وقد كان صوفيا نقيا سنيا زاهدا , قوّالا للحق , زجّارا للخلق عن المنكرات والمعاصي , لا يهاب واليا ولا سلطانا ولا وجيها من الناس .. وحضر بعضَ دروس الشيخين الملَّوِي والجَوْهري وغيرهما , ولكن كل اعتماده وانتسابه على الشيخين الحفني والصعيدي ، وكان سليم الباطن مهذب النفس كريم الأخلاق. وذكر لنا عن لقبه (الدردير) أن قبيلة من العرب نزلت ببني عدي , وكان كبيرهم رجل مبارك من أهل العلم والفضل يدعى الدردير , فلُقب سيدي أحمد به تفاؤلا لبركته.
ومما سُمع من شعره:
من عاشر الأنام فليلتزمِ ... سماحة النفس وترك اللجاج وليحذر المعوج من أخلاقهم .. أي طريق ليس فيه اعوجاج ولما توفي الشيخ عليّ الصعيدي تعين سيدي أحمد الدردير شيخا على المالكية , وفقيها وناظِرا على "وَقْفِ الصعايدة" , بل وشيخا على "رواق الصعايدة" بالأزهر , بل شيخا على أهل مصر بأسرها في وقته , حِسًّا ومعنى , فكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كلا من الراعي والرعية , ويصدع بالقول مع صولة الحق , ولا تأخذه في الله لومة لائم وله في السعي على الخير يد بيضاء. تَعَلَّل أياما ولزم الفراش مدة , حتى توفى في ثالث شهر ربيع الأول من سنة (1201 هـ) , وصلي عليه بالأزهر بمشهد عظيم حافل , ودفن بزاويته التي أنشأها بخط الكعكيين بجوار ضريح سيدي يحي بن عقب. وللدكتور عبد الحليم محمود كتابان حافلان أحدهما عن القطب الحفني , والثاني عن أبى البركات الدردير , رحمهم الله تعالى أجمعين , وشفَّعَهُم فينا شفاعةَ المؤمنين في إخوانهم المحبين آمين .. وتلقيبه بأبي البركات سببه أنه أظهر الله تعالى على يديه كثيرا من الكرامات التي يرويها المؤرخون الثقات كالجبرتي رحمه الله تعالى .. وهذا فضل من الله على عباده الصالحين لكي تتقوى نفوس المؤمنين ويقتدوا بأولئك الناس الذين يسيرون على درب هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم .. وقد روي عنه أن الوالي العثماني كان قد أجبر الناس على السخرة في عمل من أعماله وأغلق أبواب القلعة لكي لا يعطي العمال أجورهم , فذهب الدردير مع الناس ووقف أمام الباب ودعا وأمّن الناس , فوقعت المواصيد والأقفال , ودخل حتى وصل إلى الخزائن وكلما وجد بابا موصدا وقف ودعا فينفتح الباب .. وكان مشهورا عنه افتتاح الأبواب المغلقة بدعائه رحمه الله ورضي عنه .. واشتهر أيضا بأنه كان مجاب الدعوة بسبب تحرّيه أكل الحلال , وأنه كان لا يأكل طعاما فيه شبهة أبدا , وإن دعاه أحد من الناس على طعام سأل عن مصدر رزقه ودَخْلِه , ثم يقرر بعد ذلك .. ولا يزال ذِكْرُ موقف سيدي أحمد الدردير مع الوالي العثماني مشتهرا ومنتشرا , يفخر به المالكية على بقية أصحاب المذاهب , ويرفعون رؤوسهم وأعناقهم في سائر ربوع مصر ، إذا ذُكر جَهْرُ العلماء بالحق ونطقهم بالصدق .. فالوالي الجديد عندما عينه السلطان العثماني أراد أن يكون الأزهر هو أول مكان يزوره حتى يستميل المشايخ , لعلمه بقدرتهم على تحريك ثورة الجماهير في أي وقت شاءوا وعند حدوث أول مظلمة .. فلما دخل ورأى الدردير جالسا مادًّا قدميه في الجامع الأزهر وهو يقرأ ورده من القرآن غضب , لأنه لم يقم لاستقباله والترحيب به , وقام أحد حاشيته بتهدئة خاطره بأن قال له: إنه مسكين ضعيف العقل ولا يفهم إلا في كتبه يا مولانا الوالي .. فأرسل إليه الوالي صرة نقود مع أحد الأرقاء , فرفض الدردير قبولها وقال للرقيق "قل لسيدك من مدّ رجليه لا يمد يديه" .. ولم ينته الموقف مع ذلك الوالي الظالم , وقد قيل أنه خسرو باشا آخر الولاة العثمانيين قبل محمد علي باشا الكبير , والذي عزله المشايخ والصوفية ونقباء الأشراف لظلمه , وتحدّوا فيه السلطنة العثمانية .. بل دبّر الوالي بعد هذه الواقعة ببضعة شهور مكيدة ليقتل الشيخ أو يحبسه على أقل تقدير , فأقام مأدبة في القلعة ودعا إليها العلماء والمماليك والوجهاء والفقراء , ونادى في الناس أن من تخلف عن دعوة الوالي فسوف يُعزّر ويجلد أمام العامة في ميدان الأزهر .. وادَّعى أن رفض الدعوة أو قبولها مع عدم الأكل عصيان لولي الأمر , كل ذلك وهو يَتَحَسَّب لرفض الدردير الأكل , لعلمه أنه لا يأكل من طعام فيه شبهة !! فذهب الدردير مع الناس , وجلس على المأدبة التي فيها الوالي , وجَعل مكانه أول مكان عن يمينه , فقعد رحمه الله والغضب بادٍ على وجهه وهو يدعو ويتمتم بكلام لا يسمعه أحد .. فنظر إليه الوالي وعنّفه أمام الناس وقال: أتعصي ولي الأمر يا شيخ أحمد؟ أهكذا يأمركم القرآن والسنة؟ .. أهكذا تعلمتم من السادة العلماء وتعلّمون طلاب العلم عندكم؟ فأجابه سيدي أحمد رضي الله عنه , والله لولا علمي بأني إن تخلفتُ فسيتخلف خَلْقٌ من الناس والطلاب وأتسبب في جَلْدِهم وربما إزهاق أرواحهم , ما كنتُ لَبَّيْتُ دعوتكم ولا جلست على موائدكم , وأنتم تعرفون أني لا أحب القرب من السلاطين ولا العمل في الدواوين , ولا أحب أن آكل شيئا لا أعرف من أين اكتُسب ولا ممن أُخذ وغُصِب .. فقال الوالي وقد أدرك أنه بلغ غايته من الشيخ , وأنه سوف يرتكب خطأ يسجن بسببه: أتزعم أن مالنا حرام يا شيخ أحمد , وليس لديك بينة ولا دليل؟ .. هذا قذف للناس واتهام لضمائرهم , وأنتم معشر الفقهاء أعرف الناس بحكم القذف والتشهير .. فأجابه الدردير وقال على رؤوس الأشهاد: إن كنت تريد دليلا فهاك الدليل .. وأمسك رحمه الله تعالى في قبضته بحفنة من الأرز , أخذها من الطبق وعصرها وقال: اللهم أظهر الدليل والحجة على عيون الناس .. فنزل منها دم كأنه دم إنسان .. وقال الجبرتي في حوادث سنة 1191 هـ: وقعت حادثة في طائفة المغاربة المجاورين بالجامع الأزهر، وذلك أنه آل إليهم مكانٌ موقوف ، وجَحَدَ واضعُ اليد عليه ذلك ، والتجأ إلى بعض الأمراء وكتبوا فتوى في شأن ذلك واختلفوا في ثبوت الوقف بالإشاعة .. ثم أقاموا الدعاوى في المحكمة وثبت الحق للمغاربة، ووقع بينهم منازعات وعزلوا شيخهم وولوا آخر وكان المندفع في الخصومة واللَّسَانة شيخاً منهم يسمى الشيخ عباس .. والأمير الملتجئ إليه الخصم يوسف بك، فلما ترافعوا وظهر الحق على خلاف غرض الأمير حنق لذلك ونسبهم إلى ارتكاب الباطل ، فأرسل من طرفه من يقبض على الشيخ عباس المذكور من بين المجاورين ، فطردوا المعينين وشتموهم، وأخبروا الشيخ أحمد الدردير فكتب مراسلة إلى يوسف بك تتضمن عدم تعرضه لأهل العلم ومعاندة الحكم الشرعي، وأرسلها صحبة الشيخ عبد الرحمن القونوي وآخرين فلما وصلوا إليه وأعطوه التذكرة نهرهم وأمر بالقبض عليهم وسجنهم بالحبس. ووصل الخبر إلى الشيخ الدردير وأهل الجامع فاجتمعوا في صبحها وأبطلوا الدروس والآذان والصلوات وقفلوا أبواب الجامع وجلس المشايخ بالقبلة القديمة، وطلع الصغار على المنارات يكثرون الصياح والدعاء على الأمراء. وأغلق أهل الأسواق القريبة الحوانيت وبلغ الأمراء ذلك، فأرسلوا إلى يوسف بك فأطلق المسجونين .. فقد كان رحمه الله قدوة في الحال والمقال .. وفخرا لكل من صاحبه أو سار في سلك أتباعه ..
ولسيدي أحمد الدردير مؤلفات كثرة ، منها: 1- شرح مختصر خليل , الذي هو عمدة الفقه المالكي .. أورد فيه خلاصة ما ذكره الأجهوري والزرقاني , واقتصر فيه على الراجح من الأقوال. 2- مَتْنٌ في فقه المذهب المالكي , سماه "أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك" .. ثم ألّف شرحا له سماه الشرح الصغير .. وهذا الشرح هو الذي أقرّه جميع المالكية في الفتوى الآن , وعليه مشهور المذهب المالكي والأقوال المعتمدة فيه , فلا تجد مالكيا على وجه الأرض إلا وينتفع بهذا الكتاب ويعتمد عليه , لأنه آخر ما اتفق عليه الأئمة المالكيون ووثّقوه .. واعتمدوه في تلقين المذهب للطلاب , وفي الفتاوى على مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى .. وقد شرحه وعلق أيضا العلامة سيدي أحمد الصاوي .. 3- وله رسالة في متشابهات القرآن .. 4- ونظم الخريدة السَّنِيَّةِ في العقيدة السُّنّيّة .. في علم التوحيد , وشرحها كذلك .. 5- وتحفة الإخوان في آداب أهل العرفان في التصوف السني الصحيح. 6- و له شرح على وِرْدِ الأذكار للشيخ كريم الدين الخلوتي .. 7- وشرح مقدمة نظم التوحيد للسيد محمد كمال البكري .. 8- ورسالة في المعاني والبيان .. في علوم اللغة والبلاغة .. 9- ورسالة أفرد فيها طريقة حفص في القراءات .. 10- ورسالة في المولد النبوي الشريف .. 11- ورسالة في شرح قول الوفائية "يا مولاي يا واحد يا مولاي يا دائم يا عليُّ يا حكيم".. 12- وشرح على مسائل في الفقه المالكي .. منها: (( كل صلاة بطلت على الإمام )).. 13- وشرح على الأصل للشيخ البيلي .. 14- وشرح على رسالة في التوحيد من كلام العلامة الدمرداش .. 15- ورسالة في الاستعارات الثلاث ... 16- وشرح على آداب البحث والتأليف .. 17- وشرح على الشمائل المحمدية .. 18- ورسالة في صلوات شريفة اسمها ( المورد البارق في الصلاة على أفضل الخلائق) .. 19- والتوجه الأَسْنَى بنظم الأسماء الحسنى .. وتسمى بمنظومة الدردير أو منظومة الأسماء الحسنى للدردير , وهي من أوراد السادة الخلوتية .. 20- ومجموعٌ ذكر فيه أسانيد الشيوخ الذين أخذ عنهم العلم .. 21- ورسالة جعلها شرحا على رسالة قاضى مصر عبد الله أفندي المعروف بططر زاده في قوله "يوم يأتي بعض آيات ربك" الآية .. وله غير ذلك.
| |
|
احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: رد: شيخ الاسلام العلامه أحمد الدرديري الجمعة مارس 18, 2011 8:43 am | |
| وله قصيدة اخرى غير الخريدة البهية في العقيدة .. فقد اشتهر رحمه الله تعالى بمنظومته في جمع الأسماء الحسنى والتوسل بها إلى الله تعالى مثلما اشتهر بمؤلفاته وشروحه .. وهذه هي القصيدة المنظومة .. والمشهورة باسم منظومة أسماء الله الحسنى : وهي من أجمل القصائد المنظومات التي تتوسل إلى الله تعالى بأسمائه العَليّة وصفاته الجليلة.. يقول فيها: تَبَارَكْتَ يَا اللهُ رَبِّي لَكَ الثّنَا = فَحَمْداً لِمَوْلاَنَا وَشُكْراً لِرَبِّنَا بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَأسْرَارَهَا الَّتِي = أقَمْتَ بِهَا الأَكْوَانَ مِنْ حَضْرَةِ الغِنَا فَنَدْعُوكَ يَا اللهُ يَا مُبْدِعَ الوَرَى = يَقِيناً يَقِينَا الهَمَّ وَالكَرْبَ وَالعَنَ وَيَا رَبُّ يَا رَحْمَنُ هَبْنَا مَعَارِفاً = وَلُطْفاً وَإِحْسَاناً وَنُوراً يَعُمُّنَا وَسِرْ يَا رَحِيمَ الْعَالَمِينَ بِجَمْعِنَا = إِلَى حَضْرَةِ القُرْبِ الْمُقَدَّسِ وَاهْدِنَا وَيَا مَالِكٌ مَلِّكْ جَمِيعَ عَوَالِمِي = لِرُوحِي وَخَلِّصْ مِنْ سِوَاكَ عُقُولَنَا وَقَدِّسْ أيَا قُدُّوسُ نَفْسِي مِنَ الْهَوَى = وَسَلِّمْ جَمِيعِي يَا سَلامُ مِنَ الضَّنَا وَيَا مُؤمِنٌ هَبْ لِي أمَاناً وَبَهْجَةً = وَجَمِّلْ جَنَانِي يَا مُهَيْمِنُ بِالْمُنَى وَجُدْ لِي بِعِزٍّ يَا عَزِيزُ وَقُوَّةٍ = وَبِالجَبْرِ يَا جَبَّارُ بَدِّدْ عَدُوَّنَا وَكَبِّر شُئونِي فِيكَ يَا مُتَكَبِّرٌ = وَيَا خَالِقَ الأَكْوَانِ بِالفَيْضِ عُمَّنَا وَيَا بَارِئُ احْفَظْنَا مِنَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ = بِفَضْلِكَ وَاكْشِفْ يَا مُصَوِّرُ كَرْبَنَا وَبِالغَفْرِ يَا غَفَّارُ مَحِّصْ ذُنُوبَنَا = وَبِالقَهْرِ يَا قَهَّارُ اقْهَرْ عَدُوَّنا وَهَبْ لِي أَيَا وَهّابُ عِلْماً وَحِكْمَةً = وَلِلرِّزْقِ يَا رَزّاقُ وَسِّعْ وَجُدْ لَنَا وَبِالفَتْحِ يَا فَتّاحُ عَجِّلْ تَكَرُّماً = وَبِالعِلْمِ نَوِّرْ يَا عَلِيمُ قُلُوبَنَا وَيَا قَابِضُ اقْبِضْنَا عَلَى خَيْرِ حَالَةٍ = وَيَا بَاسِطَ الأَرْزَاقِ بَسْطاً لِرِزْقِنَا وَيَا خَافِضُ اخْفِضْ لِي القُلُوبَ تَحَبُّباً = وَيَا رَافِعُ ارْفَعْ ذِكْرَنا وَاعْلِ قَدْرَنَا وَبِالزُّهْدِ وَالتّقْوَى مُعِزٌّ أعِزَّنَا = وَذَلِّلْ بِصَفْوٍ يَا مُذِلُّ نُفُوسَنَا وَنَفِّذْ بِحَقٍّ يَا سَمِيعُ مَقَالَتِي = وَبَصِّرْ فُؤَادِي يَا بَصِيرُ بِعَيْبِنَا وَيَا حَكَمٌ يَا عَدْلُ حَكِّمْ قُلُوبَنَا = بِعَدْلِكَ فِي الأَشْيَا وَبِالرُّشْدِ قَوِّنَا وَحُفَّ بِلُطْفٍ يَا لَطِيفُ أحِبَّتِي = وَتَوِّجْهُمُو بِالنُّورِ كَيْ يُدْرِكُوا الْمُنَى وَكُنْ يَا خَبِيرٌ كَاشِفاً لِكُرُوبِنَا = وَبِالْحِلْمِ خَلِّقْ يَا حَلِيمُ نُفُوسَنَا وَبِالعِلْمِ عَظِّمْ يَا عَظِيمُ شُئونَنَا = وَفِي مَقْعَدِ الصِّدْقِ الأَجَلِّ أحِلَّنَا غَفُورٌ شَكُورٌ لَمْ تَزَلْ مُتَفَضِّلاً = فَبِالشُّكْرِ وَالغُفْرَانِ مَوْلاَيَ خُصَّنَا عَلِيٌّ كَبِيرٌ جَلَّ عَنْ وَهْمِ وَاهِمٍ = فَسُبْحَانَكَ اللَّهُمّ عَنْ وَصْفِ مَنْ جَنَى وَكُنْ لِي حَفِيظاً يَا حَفِيظُ مِنَ البَلاَ = مُقِيتٌ أقِتْنَا خَيْرَ قُوتٍ وَهَنِّنَا وَأنْتَ غِيَاثِي يَا حَسِيبُ مِنَ الرَّدَى = وَأنْتَ مَلاَذِي يَا جَلِيلُ وَحَسْبُنَا وَجُدْ يَا كَرِيمٌ بِالعَطَا مِنْكَ وَالرِّضَا = وَتَزْكِيَةِ الأَخْلاَقِ وَالْجُودِ وَالغِنَى رَقِيبٌ عَلَيْنَا فَاعْفُ عَنَّا وَعَافِنَا = وَيَسِّرْ عَليْنَا يَا مُجِيبُ أمُورَنَا وَيَا وَاسِعاً وَسِّعْ لَنَا العِلْمَ وَالعَطَا = حَكِيماً أنِلْنَا حِكْمَةً مِنْكَ تَهْدِنَا وَدُودٌ فَجُدْ بِالوُدِّ مِنْكَ تَكَرُّماً = عَليْنَا وَشَرِّفْ يَا مَجِيدُ شُئونَنَا وَيَا بَاعِثُ ابْعَثْنَا عَلَى خَيْرِ حَالَةٍ = شَهيدٌ فَأشْهِدْنَا عُلاَكَ بِجَمْعِنَا وَيَا حَقُّ حَقِّقْنَا بِسِرٍّ مُقَدَّسٍ = وَكِيلٌ تَوَكَّلْنَا عَليْكَ بِكَ اكْفِنَا قَوِيٌّ مَتِينٌ قَوِّ عَزْمِي وهِمَّتِي = وَلِيٌّ حَميدٌ لَيْسَ إلاَّ لَكَ الثَّنَا وَيَا مُحْصِيَ الأَشْيَاءَ يَا مُبْدِئَ الوَرَى = تَعَطَّفْ عَليْنَا بِالْمَسَرَّةِ وَالْهَنَا أعِدْنَا بِنُورٍ يَا مُعِيدُ وَأحْيِنَا = عَلَى الدِّينِ يَا مُحْيِي الأَنَامَ مِنَ الفَنَا مُمِيتٌ أمِتْنِي مُسْلِماً ومُوَحِّداً = وَشَرِّفْ بِذَا قَدْرِي كَمَا أنْتَ رَبُّنَا وَيَا حَيُّ يَا قَيُّومُ قَوِّمْ أمُورَنَا = وَيَا وَاجِدٌ أنْتَ الغَنِيُّ فَأغْنِنَا وَيَا مَاجِدٌ شَرِّفْ بِمَجْدِكَ قَدْرَنَا = وَيَا وَاحِدٌ فَرِّجْ كُرُوبِي وَغَمَّنَا وَيَا صَمَدٌ فَوَّضْتُّ أمْرِي إِلَيْكَ لاَ = تَكِلْنِي لِنَفْسِي وَاهْدِنَا رَبِّ سُبْلَنَا وَيَا قَادِرُ أَقْدِرْنَا عَلَى صَدْمَةِ العِدَا = وَمُقْتَدِرٌ خَلِّصْ مِنَ الغَيْرِ سِرَّنَا وَقَدِّمْ أمُورِي يَا مُقَدِّمُ هَيْبَةً = وَأخِّرْ عِدَانَا يَا مُؤخِّرُ بِالعَنَا وَيَا أوّلٌ مِنْ غَيْرِ بَدْءٍ وَآخِرٌ = بِغَيْرِ انْتِهاءٍ أنْتَ فِي الكُلِّ حَسْبُنَا وَيَا ظَاهِراً فِي كُلِّ شَيْءٍ شُؤونُهُ = وَيَا بَاطِناً بِالغَيْبِ لاَ زِلْتَ مُحْسِنَا وَيَا وَالِياً لَسْنَا لِغَيْرِكَ نَنْتَمِي = فَبِالنَّصْرِ يَا مُتَعَالِياً كُنْ مُعِزَّنَا وَيَا بَرُّ يَا تَوَّابُ جُدْ لِي بِتَوْبَةٍ = نَصُوحٍ بِهَا تَمْحُو عَظَائِمَ جُرْمِنَا وَمُنْتَقِمٌ هَاكَ انْتَقِمْ مِنْ عَدُوِّنَا = عَفُوٌّ رَؤُوفٌ عَافِنَا وَارْأفَنْ بِنَا وَيَا مَالِكَ الْمُلْكِ العَظِيم بِقَهْرِهِ = وَيَا ذَا الْجَلاَلِ الْطُفْ بِنَا فِي أمُورِنَا وَيَا مُقْسِطٌ بِالاسْتِقَامَة قَوِّنَا = وَيَا جَامِعٌ فَاجْمَعْ عَليْكَ قُلُوبَنَا غَنِيٌّ وَمُغْنٍ أغْنِنَا بِكَ سَيِّدِي = وَيَا مَانِعُ امْنَعْ كُلَّ كَرْبٍ يُهِمُّنَا وَيَا ضَارُّ ضُرَّ الْمُعْتَدِينَ بِظُلْمِهِمْ = وَيَا نَافِعُ انْفَعْنَا بِأنْوارِ دِينِنَا وَيَا نُورُ نَوِّرْ ظَاهِرِي وَسَرَائِرِي = بِحُبِّكَ يَا هَادِي وقَوِّمْ طَريقَنَا بَديعٌ فَأتْحِفْنَا بَدَائِعَ حِكْمَةٍ = وَيَا بَاقِياً بِكَ أبْقِنَا , فِيكَ أفْنِنَا وَيَا وَارِثاً وَرِّثْني عِلْماً وَحِكْمَةً = رَشِيدٌ فَأرْشِدْنَا إِلَى طُرُقِ الثَّنَا وَأفْرِغْ عَلَيْنَا الصَّبْرَ بِالشُّكْرِ وَالرِّضَا = وَحُسْنِ يَقِينٍ يَا صَبُورُ , وَوَفِّنَا بِأسْمَائِكَ الحُسْنَى دَعَوْنَاكَ سَيِّدِي = تَقَبَّلْ دُعَانَا , رَبَّنَا وَاسْتَجِبْ لَنَا بِأسْرَارِهَا عَمِّرْ فُؤَادِي وَظَاهِرِي = وَحَقِّقْ بِهَا رُوحِي لأَظْفَرَ بِالْمُنَى وَنَوِّرْ بِهَا سَمْعِي وَشَمِّي وَنَاظِرِي = وَقَوِّ بِهَا ذَوْقِي وَلَمْسِي وَعَقْلَنَا وَيَسِّرْ بِهَا أمْرِي , وَقَوِّ عَزَائِمِي = وَزَكِّ بِهَا نَفْسِي , وَفَرِّجْ كُرُوبَنَا وَوَسِّعْ بِهَا عِلْمِي وَرِزْقِي وَهِمَّتِي = وَحَسِّنْ بِهَا خَلْقِي وَخُلْقِي مَعَ الْهَنَا وَهَبْ لِي بِهَا حُباًّ جَلِيلاً مُجَمَّلاً = وَزِدْنِي بِفَرْطِ الحُبِّ فِيكَ تَفَنُّنَا وَهَبْ لِي أيَا رَبَّاهُ كَشْفاً مُقَدَّساً = لأِدْرِي بِهِ سِرَّ البَقاءِ مَعَ الفَنَا وَجُدْ لِي بِجَمْعِ الجَمْعِ فَضْلاً وَمِنَّةً = وَدَاوِ بِوَصْلِ الوَصْلِ رُوحِي مِنَ الضَّنَا وَسِرْ بِي عَلَى النَّهْجِ القَوِيمِ مُوَحِّداً = وَفِي حَضْرَةِ القُدْسِ الْمَنِيعِ أحِلَّنَا وَمُنَّ عَلَيْنَا يَا وَدُودُ بِجَذْبَةٍ = بِهَا نَلْحَقُ الأقْوَامَ مَنْ سَارَ قَبْلَنَا وَصَلِّ وَسَلِّمْ سَيِّدِي كُلَّ لَمْحَةٍ = عَلَى الْمُصْطَفَى خَيْرِ البَرَايَا نَبِيِّنَا وَصَلِّ عَلَى الأَمْلاَكِ وَالرُّسْلِ كُلِّهِمْ = وَآلِهِمُو وَالصَّحْبِ جَمْعاً وَعُمَّنَا وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ كُلَّمَا قَالَ قَائِلٌ = تَبَارَكْتَ يَا اللهُ رَبّي لَكَ الثَّنَا | |
|