احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: ~ جلال الدين الرومي~ الأربعاء مارس 30, 2011 6:21 am | |
| جلال الدين الرومي: ضوء النهار
ولد جلال الدين الرومي عام 1207 في (بلخ) التي تدعى اليوم أفغانستان، وفي سن مبكرة تركت عائلته بلخ بسبب الغزو المغولي واستقرت في (قونية) التركية والتي كانت عاصمة الإمبراطورية السلجوقية. كان والده رجل دين وأستاذ حيث درس في جامعة قونية.
تلقى جلال الدين تعليمه الروحي المبكر تحت إشراف والده بهاء الدين وبعد ذلك تحت إشراف صديق والده سيد برهان الدين البلخي.
كانت الظروف التي أحاطت بمشروع بهاء الدين في تعليم ابن صديقه الحميم طريفة، كان برهان الدين في بلخ حينما أحس بموت صديقه بهاء الدين ولذلك أدرك بأنه يجب عليه الذهاب إلى قونية لكي يضطلع بتربية جلال الدين الروحية.
لقد وصل إلى قونية حينما كان جلال الدين في الرابعة والعشرين من العمر وقد استمر بتدريسه لتسع سنوات (علم النبوات وأحوالهم) ابتداء بأربعينيات صارمة من الرياضات والصوم، خلال هذه الفترة قضى جلال الدين أكثر من أربع سنوات في دمشق وغيرها حيث درس مع نخبة من أعظم العقول الدينية في ذلك الوقت. بمرور السنين تطور جلال الدين في كلا الجانبين، جانب المعرفة وجانب العرفان.
في النهاية أدرك برهان الدين انه أكمل مسؤولياته تجاه جلال الدين وأراد أن يمضي البقية الباقية من سنواته الأخيرة في عزلة وقد اخبر جلال الدين بذلك قائلاً : (أنت مستعد الآن يا ولدي وليس لك نظير في أي من حقول المعرفة، لقد أصبحت أسد المعرفة، وأنا أسد نفسي وكلانا غير محتاج هنا، ولذلك أريد الذهاب، وأكثر من ذلك سيأتي إليك صديق عظيم، وسوف يكون أحدكما للأخر كالمرآة، سوف مثلما ستقوده إلى من العالم الروحي مثلما ستقوده أنت، كل واحد منكم سيكمل الآخر، وسوف تكونان أعظم صديقين في هذا العالم.
وتلك إشارة بقدوم شمس الدين التبريزي الحدث المركزي في حياة جلال الدين. في عمر السابعة والثلاثين التقى مولانا بالدرويش الجوال شمس الدين التبريزي وقد كتب الكثير عن هذه العلاقة وقبل هذا اللقاء كان جلال الدين أستاذا بارزا في العلوم الدينية وعلى درجة عالية من التصوف وبعد هذا اللقاء أصبح شاعرا ملهما وعاشقا كبيرا للإنسانية.
لقد كان شمس الدين الحريق وكان جلال الدين من امسك النار، لقد كانت صحبته قصيرة على الرغم من أن كلا منهما كان مرآة حقيقية للآخر لكن شمس الدين قد اختفى لمرتين، ففي المرة الأولى عثر عليه سلطان ولد ابن جلال الدين في دمشق والمرة الثانية كانت الأخيرة، والحقيقة انه ربما يكون قد قتل على يد البعض من تلامذة جلال الدين الذين كانوا مستاءين من تأثيره على جلال الدين.
لقد كان جلال الدين رجل علم وقداسة قبل التقائه بشمس الدين التبريزي لكن بعد كيمياء تلك العلاقة أصبح قادرا على تنفيذ نبوءة أستاذه برهان الدين بأنه أصبح (يغمر أرواح الرجال بحياة جديدة من الذوبان اللانهائي في الله وان يعيد إلى الحياة ما هو ميت في هذا العالم الخاطئ، من خلال المعنى والحب).
بعد أكثر من عشر سنين على لقاء شمس الدين استطاع جلال الدين أن يؤلف الغزليات تلك التي جمعت في مجلد كبير سمي بـ (الديوان الكبير).
في تلك الأثناء تطورات علاقته الروحية بأحد تلاميذه ويدعى حسام الدين، في احد الأيام وحينما كانا يتجولان في احد بساتين الكروم في قونية طرح حسام الدين الفكرة على جلال الدين قائلاً ( لو استطعت كتابة كتاب مثل الهي نامه لسنائي أو منطق الطير لفريد الدين العطار فسوف تكون مصاحبا للكثير من الغجر الرحل (التور بادور)
فسوف يملأون قلوبهم بأشعارك ويؤلفون الموسيقى في مصاحبتها.
عند ذلك ابتسم جلال الدين واخرج من عمامته قطعة من الورق مكتوب عليها أول ثمانية عشر بيتا من المثنوي والذي يبدأ بـ.....
أصغ إلى الناي وهو يقص قصته
وكيف يغني الم الفراق...
لقد بكى حسام الدين من الفرح وتوسل بجلال الدين أن يكتب أكثر وقد رد عليه قائلاً (إذا وافقت أن تكتب لي فسوف انشد) وهكذا كان فقد ابتدأ مولانا في بداية الخمسينيات من عمره يملي هذا العمل الضخم كما وصفه حسام الدين قائلاً (انه- أي جلال الدين - لم يمسك أبدا بقلم في يده حين تأليف المثنوي وأينما أراد أن يملي سواء في المدرسة أو في ساحات قونية أو في بساتين الكروم فكنت اكتب ما يملي علي وبالكاد أستطيع ملاحقته لأنها تستمر ليلا ونهارا ولبضعة أيام وفي أوقات أخرى لا يؤلف شيئا لعدة اشهر ومرة استمر الحال لمدة سنتين لم يؤلف شيئا وفي كل مرة يكتمل جزء كنت أعيد قراءته عليه لكي يستطيع تصحيح ما كتب. يعتبر المثنوي أفضل عمل روحي كتبه إنسان، فمحتوياته تتضمن كل أطياف الحياة على الأرض، كل فعالية من فعاليات الإنسان، الدين، الثقافة، السياسة، الجنس، الأسرة.
كل نوع من شخصية الإنسان، من المتشرد إلى صفوة القوم، كذلك يتميز بالغزارة والتفاصيل الدقيقة في العالم الطبيعي من التاريخ والجغرافيا.
وكذلك فهو يمثل البعد العمودي من الحياة من هذا العلم الرتيب إلى أعلى مستويات الميتافيزيقيا والمعرفة الجمالية.
توفي مولانا جلال الدين الرومي في 17 ديسمبر عام 1273 وقد تبعه خمسة من أصدقائه المخلصين وقد سميت تلك الليلة ليلة الاتحاد ومنذ ذلك الحين ودراويش المولوية يحتفلون بتلك الليلة بالأذكار وقراءة المثنوي الذي سماه الشاعر الفارسي عبد الرحمن الجامي (قرآن الفارسية). | |
|
احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: رد: ~ جلال الدين الرومي~ الأربعاء مارس 30, 2011 6:32 am | |
| رباعيات جلال الدين الرومي
(1)
الزمن يجلب النهاية الخاطفة
لما تبقى من الرجال المندحرين
وذئب الموت سيمزق عما قريب
هذه الخراف المسكينة...
(2)
شاهد، كم بفخر يذهلون
برأس مرفوع
حتى يأتي مصيرهم بضربة مفاجئة
تلقيهم أمواتا....
(3)
أنت الذي أحببت حياة الغراب
برد الشتاء وثلج الشتاء
منفي أبدا من وديان
الورود الحمر، والعنادل....
(4)
خذ هذه اللحظة إلى قلبك
وعندما ستغادرك
ستظل تبحث عنها طويلا
كما لو أنها تختفي
مع مئات المصابيح والعيون.
(5)
الراكب السماوي مر
ارتفع الغبار في الهواء
لقد أسرع، لكن الغبار الذي اختاره
مازال معلقا هناك.
مستقيمة ستكون رؤيتك
ولن تلتفت يمينا أو يساراً
غباره هنا وهو في الأبدية.
(6)
من الذي قال أن الروح الخالدة تموت
ومن يجرؤ على القول
إن شمس الأمل تغيب
عدو الشمس هو فقط
من يقف على رأسه
رابطا كلتا عينيه صارخاً
انظروا، الشمس تموت
(7)
من الذي أطلق الروح
قل لي، من هو؟
من أعطى في البدء
هذه الحياة لي؟
من يتلبس، حياة الصقر
ووهبني لبرهة عيوني
فسوف يطلقني
لاصطاد جائزتي
(
كملح يذوب في المحيط
ابتلعت في بحر الله
الأيمان الماضي، الكفر الماضي
الشك الماضي واليقين الماضي
وفجأة أشرق في صدري نجم لامع
واختفت في ضوء ذلك النجم
كل شموس السماء.
(9)
الزهور تتفتح كل ليلة في السماء
والسلام في الأبدية في سلامي مع نفسي
مئات الحسرات تظهر من قلبي
وقلبي، مظلم وبارد
يضطرم من تنهداتي.
(10)
انه راحة روحي
ويحل طائفا حول قلبي
حول قلبي يدور روح الرحمة
ضاحك من سريري الترابي
كالشجرة ارفع رأسي
لينبوع المرح الحي
يغسل حولي الأرض.
(11)
نسيم الصباح
يجرجر مسكه بأذياله
عبير ولد من حبي الجميل قبل أن يبور العالم
لا مزيد من النوم: فلتنهض
القافلة تسرع
والعطر الجميل يموت.
(12)
إذا رحلت الحياة
فالله يعطيك حياة جديدة
الحياة الأبدية تتجدد
فهذه الحياة من الموت
ينبوع الفساد يوجد في الحب
يجيء، وفي هذا البحر اللامتناهي من الحب يغرق.
لقد كنت سعيداً
ارقد في قلب اللؤلؤ
إلى أن ضربت بإعصار الحياة
فركضت في موجها المندفع
نطقت عاليا سر البحر
ورقدت مثل غيمه مستنفدة على الشاطئ بلا حراك.
(13)
انه يوقد العالم لهبا
ويضعني فوق مئة من السنة النيران
تلتف حول محرقتي
وعندما ابتلعني المد المشتعل تنهدت
لكنه وضع يده على فمي بسرعة.
(14)
مع ذلك جربت كل الطرق لأرضي هواه
كل كلمة من جوابه تشهر سيفا
انظر كيف يقطر الدم من أطراف أصابعه
فلماذا يجد من الجيد أن يغتسل بدمي.
(15)
متذكرا شفتك، اقبل الياقوت الأحمر
لا املك أن ارتشف، شفتاي لا تمس هذا
يدي المبتهلة لا تصل إلى سماك البعيدة
ولذا فانا راكع اعتنق الأرض.
(16)
بحثت عن الروح في البحر
ووجدت المرجان هناك
وتحت الرغوة
كان كل المحيط يرقد عاريا لأجلي
في ليل قلبي وعلى طول الطريق الضيق
شعرت بالضوء
ارض أبدية من النهار. | |
|