سلوك الإمام حاتم الإصم التصوف توفى عام 237 هـ
كنيته أبو عبد الرحمـٰن صحب شقيق بن إبراهيم البلخي وأسند الحديث عنه وعن شداد بن حكيم البلخي
كان حاتم الأصم أحد أعلام الورع والزهد من أهل بلخ الذين ذاع صيتهم في الآفاق وعُرف عنهم الإعراض عما في أيدي الناس والتوكل على الله، بالإضافة إلى التحلي بحسن الخُلُق والمعاملة، فقد أورد ابن خلكان في «وفيات الأعيان» قصة تظهر ما وصل إليه من المراتب العالية من الدين والخُلُق الحسن، فقد روى عن أبي بكر الوراق أن امرأة جاءت لتسأله مسألة، فاتفق أن خرج منها في تلك الحالة صوت فاحمر وجهها وخجلت خجلًا كثيرًا، فصارت كلما سألته جعل يوهمها أنه أصَمُّ ويقول لها: ارفعي صوتك، فقالت في نفسها: لم يسمع الصوت، فسمي لذلك الأصَمَّ، روى ذلك أكثر من واحد منهم صاحب «طبقات الأولياء» وابن تغري بردي في كتابه «النجوم الزاهرة».
قدم بغداد في أيام الإمام أحمد بن حنبل واجتمع به فنفعه وانتفع به. وقد روى أبو جعفر الهروي قصة أول اجتماع بينهما إذ قال: كنت مع حاتم وقد أراد الحج، فلما وصل إلى بغداد قال: يا أبا جعفر أحب أن ألقى أحمد بن حنبل، فسألنا عن منزله ومضينا إليه فلما خرج قلت: يا أبا عبد الله هذا أخوك حاتم، فسلم عليه ورحب به وسأله: أخبرني يا حاتم فيمَ أتخلص من الناس فقال: يا أبا عبد الله في ثلاث خصال، قال: ما هي قال أن تعطيهم مالك ولا تأخذ من مالهم شيئًا، وتقضي حقوقهم ولا تستقضي منهم حقًا، وتحمل مكروههم ولا تُكْرِهْ واحدًا منهم على شىء، فأطرق الإمام أحمد ثم رفع رأسه وقال: يا حاتم إنها شديد، فقال: وليتك تسلم، أعادها ثلاث مرات.
ولما اجتمع نفر من أهل بغداد بحاتم الأصم وسألوه: يا أبا عبد الرحمـٰن أنت رجل أعجمي وليس يكلمك أحد إلا قطعته لأي معنى قال لهم: معي ثلاث خصال أظهر بها على خصمي: أفرح إذا أصاب خصمي وأحزن له إذا أخطأ، وأُخفض نفسي كي لا تتجاهل عليه، بلغ ذلك أحمد بن حنبل فقال: سبحان الله ما أعقله من رجل.
ــــــــــــــــــــــ
قال الإمام حاتم الأصم عن سلوك مذهب التصوف:
" من دخل في مذهبنا هذا، فليجعل في نفسه أربع خصال من الموت: موتاً أبيض وهو الجوع، وموتا أسود وهو احتمال الأذى من الخلق، وموتاً أحمر وهو العمل الخالص في مخالفة الهوى، وموتا أخضر وهو طرح الرقاع بعضها على بعض"
الرسالة القشيرية، تحقيق وإعداد: معروف زريق وعلي عبد الحميد بلطه جي ط2، دار الجيل، بيروت، 1990 ، ص393-394
ــــــــــــــــــــــ
وقال الإمام الذهبي في تاريخ الإسلام الجزء 17 الصفحة 118
في ترجمة حاتم الأصم.
(أبو عبد الرحمن البلخي الزاهد الناطق بالحكمة. له كلام عجيب في الزهد والوعظ، وكان يقال له لقمان هذه الأمة.
حكى عنه: سعيد بن العباس الصدفي، والحسن بن سعيد السقاء، وغيرهما. وكان قد صحب شقيقاً البلخي وتأدب بآدابه.)
ــــــــــــــــــــــ
قال السمعاني في الأنساب ج1 ص 181 في ترجمة الإمام حاتم الإصم
(ومن الصوفية أبو عبد الرحمن حاتم بن عنوان الاصم من أهل بلخ، كان أحد من عرف بالزهد والتقلل واشتهر بالورع والتقشف، وله كلام مدون في الزهد والحكم، وأسند الحديث عن شقيق بن إبراهيم وشداد بن حكيم البلخيين وعبد الله بن المقدام ورجاء بن المقدام الصغاني، روى عنه أبو عبد الله الخواص وأبو جعفر الهروي وجماعة، وقال رجل لحاتم الاصم: بلغني أنك تجوز المفاوز من غير زاد ؟ فقال حاتم: بل أجوزها بالزاد وإنما زادي فيها أربعة أشياء، قال: ما هي ؟ قال: أرى الدنيا كلها ملكا لله،وأرى الخلق كلهم عباد الله وعياله، وأرى الاسباب والارزاق كلها بيد الله، وأرى قضاء الله نافذا في كل أرض الله، فقال له الرجل: نعم الزاد زادك يا حاتم ! أنت تجوز به مفاوز الآخرة فكيف مفاوز الدنيا.
وقيل له: من أين تأكل ؟ فقال: * (ولله خزائن السموات والارض ولكن المنافقين لا يفقهون) *.وكان أبو بكر الوراق يقول: حاتم الاصم لقمان هذه الامة.)
ــــــــــــــــــــــ
وجاء في مرأة الجنان وعبرة اليقظان
في أحداث عام سبع وثلاثين ومائتين
وفيها توفي الشيخ الجليل المكرم العارف بالله حاتم الأصم الناطق بالمعارف المواعظ والحكم، المكنى (والملقب حين انفجرت فيه ينابيع الحكمة بأبي عبد الرحمن لقمان هذه الأمة.
قلت: وقضته في الوعظ مع قاضي الري محمد بن مقاتل مشهورة، واستحسان الإمام أحمد كلامه، ومدحه له.)
ــــــــــــــــــــــ
وجاء في النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة في الثانية من ولاية عبدالله
وفيها توفي شقيق بن ابراهيم الزاهد، أبو علي البلخي الأزدي؛ كان من كبار مشايخ خراسان وله لسان في التوكل؛ وهو أول من تكلم في التصوف وعلوم الأحوال بكورة خراسان؛ وهو أستاذ حاتم الأصم؛ وكان لشقيق دنيا واسعة خرج عنها وتزهد وصحب إبراهيم بن أدهم
ــــــــــــــــــــــ
وفي حاشية رد المحتار
(قوله: (وغيرهم) كالامام العارف المشهور بالزهد والورع والتقشف والتقلل: حاتم الاصم، أحد أتباع الامام الاعظم، له كلام مدون في الزهد والحكم.
سأله أحمد بن حنبل قال: أخبرني يا حاتم فيم التخلص من الناس؟ فقال: يا أحمد في ثلاث خصال: أن تعطيهم مالك ولا
تأخذ من مالهم شيئا، وتقضي حقوقهم ولا تستقضي أحدا منهم حقا لك، وتحتمل مكروهم ولا تكره أحدا منهم على شئ، فأطرق أحمد ثم رفع رأسه فقال: يا حاتم أنها لشديدة، فقال له حاتم: وليتك تسلم.)
والكثير والكثير من الأقوال وترجمته توجد في جميع كتب التراجم المعتبرة فلتراجع
يروى لكم العلامة الشعرواي قصة حاتم الأصم الصوفي مع أستاذه شفيق البلخي الصوفي وكيف استفاد الأصم من استاذه؟..
فاستمعوا الآن.