احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: كتاب أسرار ترتيب القرآن للسيوطي الجمعة يونيو 03, 2011 3:45 pm | |
| أسرار ترتيب القرآن جلال الدين السيوطي نبذة: كتاب يبحث أسرار ترتيب سور القرآن، وتوخى فيه مؤلفه الربط بين نهايات السور وبدايات السور التاليات لها، وقد عرض في ثنايا حديثه لأسباب النزول، والكتاب مرتب حسب ترتيب السور والآيات شبكة الطريقه القادريه الكباشيه
سورة الفاتحةافتتح سبحانه كتابه بهذه السورة لأنها جمعت مقاصد القرآن ولذلك كان من أسمائها: أم القرآن وأم الكتاب والأساس فصارت كالعنوان وبراعة الاستهلال قال الحسن البصري: إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن ثم أودع علوم القرآن في المفصل ثم أودع علوم المفصل في الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء على الله بما هو أهله وعلى التعبد والأمر والنهي وعلى الوعد والوعيد وآيات القرآن لا تخرج عن هذه الأمور قال الإمام فخر الدين: المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة: الإلهيات والمعاد والنبوات وإثبات القضاء والقدر فقوله: {الحمدُ للَهِ رَبِ العالمين} يدل على الإلهيات وقوله: {مالكِ يومِ الدين} يدل على نفي الجبر وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره وقوله {إِهدِنا الصِراطَ المُستَقيم} إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء الله وعلى النبوات فقد اشتملت هذه السورة على المطالب الأربعة التي هي المقصد الأعظم من القرآن وقال البيضاوي: هي مشتملة على الحكم النظرية والأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم والإطلاع على مراتب السعداء ومنازل الأشقياء وقال الطيبي: هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين: أحدها: علم الأصول ومعاقدة معرفة الله عز وجل وصفاته وإليها الإشارة بقوله: {رَبِ العالمين الرحمن الرحيم} ومعرفة المعاد وهو ما إليه بقوله: {مالكِ يومِ الدين} وثانيها: علم ما يحصل به الكمال وهو علم الأخلاق وأجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية والإلتجاء إلى جناب الفردانية والسلوك لطريقة الاستقامة فيها وإليه الإشارة بقوله: {أَنعمتَ عَليهِم غَيرِ المعضوبِ عليهم ولا الضالين} قال: وجميع القرآن تفصيل لما أجملته الفاتحة فإِنها بنيت على إجمال ما يحويه القرآن مفصلاً فإنها واقعة في مطلع التنزيل والبلاغة فيه: أن تتضمن ما سيق الكلام لأجله ولهذا لا ينبغي أن يقيد شيء من كلماتها ما أمكن الحمل على الإطلاق وقال الغزالي في [خواص القرآن]: مقاصد القرآن ستة ثلاثة مهمة وثلاثة تتمة الأولى: تعريف المدعو إليه كما أشير إليه بصدرها وتعريف الصراط المستقيم وقد صرح به فيها وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى وهو الآخرة كما أشير إليه بقوله: {مالكِ يومِ الدين} والأخرى: تعريف أحوال المطيعين كما أشار إليه بقوله {الذينَ أَنعمتَ عَليهِم} وتعريف منازل الطريق كما أشير إليه بقوله: {إِياكَ نَعبُدُ وإِياكَ نَستَعين}
| |
|
احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: رد: كتاب أسرار ترتيب القرآن للسيوطي الجمعة يونيو 03, 2011 8:43 pm | |
|
......
سورة المائدة
وقد تقدم وجه في مناسبتها وأقول: هذه السورة أيضاً شارحة لبقية مجملات سورة البقرة فإِن آية الأطعمة والذبائح فيها أبسط منها في البقرة وكذا ما أخرجه الكفار تبعاً لآبائهم في البقرة موجز وفي هذه السورة مطنب أبلغ إطناب في قوله: {ما جعل اللَهُ مِن بحيرة ولا سائبة} وفي البقرة ذكر القصاص في القتلى وهنا ذكر أول من سن القتل والسبب الذي لأجله وقع وقال: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأَرض فكأَنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً}وذلك أبسط من قوله في البقرة: {ولَكُم في القِصاص حياة} وفي البقرة: {وإِذ قلنا ادخلوا هذه القرية} وذكر في قصتها هنا: {فسوفَ يأَتي اللَهُ بقومٍ يحبهم ويحبونه} وفي البقرة قال في الخمر والميسر: {فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإِثمهما أَكبر من نفعهما} وزاد في هذه السورة ذمها وصرح بتحريمها وفيها من الاعتلاق بسورة الفاتحة: بيان المغضوب عليهم والضالين في قوله: {قل هل أَنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه} وقوله: {قد ضلوا من قبل وأَضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} وأما اعتلاقها بسورة النساء فقد ظهر لي فيه وجه بديع جداً وذلك أن سورة النساء اشتملت على عدة عقود صريحاً وضمنا فالصريح: عقود الأنكحة وعقد الصداق وعقد الحلف في قوله: {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} وعقد الأيمان في هذه الآية وبعد ذلك عقد المعاهدة والأمان في قوله: {إِلا الذينَ يصلون إِلى قوم بينَكُم وبينَهُم ميثاق} وقوله: {وإِن كانَ مِن قومٍ بينكُم وبينهم ميثاق فدية} والضمنى: عقد الوصية والوديعة والوكالة والعارية والإجارة وغير ذلك من الداخل في عموم قوله: {إِن اللَهُ يأَمُركُم أَن تؤدوا الأمانات إِلى أَهلها} فناسب أن يعقب بسورة مفتتحة بالأمر بالوفاء بالعقود فكأنه قيل في المائدة: {يا أَيها الذين آمنوا أَوفوا بالعقود} التي فرغ من ذكرها في السورة التي تمت فكان ذلك غاية في التلاحم والتناسب والارتباط ووجه آخر في تقديم سورة النساء وتأخير سورة المائدة وهو: أن تلك أولها: {يا أَيها الناس} وفيها الخطاب بذلك في مواضع وهو أشبه بخطاب المكي وتقديم العام وشبه المكي أنسب ثم إن هاتين السورتين النساء والمائدة في التقديم والاتحاد نظير البقرة وآل عمران فتلكما في تقرير الأصول من الوحدانية والكتاب والنبوة وهاتان في تقرير الفروع الحكمية وقد ختمت المائدة بصفة القدرة كما افتتحت النساء بذلك وافتتحت النساء ببدء الخلق وختمت المائدة بالمنتهى من البعث والجزاء فكأنما سورة واحدة اشتملت على الأحكام من المبتدأ إلى المنتهى ولما وقع في سورة النساء: {إِنا أَنزلنا إِليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس} الآيات فكانت نازلة في قصة سارق سرق درعاً فصل في سورة المائدة أحكام السراق والخائنين ولما ذكر في سورة النساء أنه أنزل إليك الكتاب لتحكم بين الناس ذكر في سورة المائدة آيات في الحكم بما أنزل الله حتى بين الكفار وكرر قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله} فانظر إلى هذه السور الأربع المدنيات وحسن ترتيبها وتلاحمها وتناسقها وتلازمها وقد افتتحت بالبقرة التي هي أول ما نزل بالمدينة وختمت بالمائدة التي هي آخر ما نزل بها كما في حديث الترمذي قال بعضهم: مناسبة هذه السورة لآخر المائدة: أنها افتتحت بالحمد وتلك ختمت بفصل القضاء وهما متلازمتان كما قال: {وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} وقد ظهر لي بفضل الله مع ما قدمت الإشارة إليه في آية {زين للناس} أنه لما ذكر في آخر المائدة {للَهِ مُلكُ السموات والأَرض وما فيهن} على سبيل الإجمال افتتح هذه السورة بشرح ذلك وتفصيله فبدأ بذكر: أنه خلق السموات والأرض وضم إليه أنه جعل الظلمات والنور وهو بعض ما تضمنه قوله: {وما فيهن} في آخر المائدة
سورة الأنعام
وضمن قوله: {الحمد لله} أول الأنعام أن له ملك جميع المحامد وهو من بسط: {للَهِ مُلكُ السمواتِ والأَرض وما فيهن} في آخر المائدة: ثم ذكر: أنه خلق النوع الإنساني وقضى له أجلاً مسمى وجعل له أجلاً آخر للبعث وأنه منشئ القرون قرنا بعد قرن ثم قال: {قل لمن ما في السموات والأَرض} فأثبت له ملك جميع المنظورات ثم قال: {قل لمن ما في السموات والأرض} فأثبت له ملك جميع المنظورات ثم قال: {وله ما سكن في الليل والنهار} فأثبت له ملك جميع المظروفات لظرفي الزمان ثم ذكر أنه خلق سائر الحيوان من الدواب والطير ثم خلق النوم واليقظة والموت والحياة ثم أكثر في أثناء السورة من ذكر الخلق والإنشاء لما فيهن من النيرين والنجوم وفلق الإصباح وخلق الحب والنوى وإنزال الماء وإخراج النبات والثمار بأنواعها وإنشاء جنات معروشات وغير معروشات والأنعام ومنها حمولة وفرش وكل ذلك تفصيل لملكه ما فيهن: وهذه مناسبة جليلة ثم لما كان المقصود من هذه السورة بيان الخلق والملك أكثر فيها من ذكر الرب الذي هو بمعنى المالك والخالق والمنشئ واقتصر فيها على ما يتعلق بذلك من بدء الخلق الإنساني والملكوتي والملكي والشيطاني والحيواني والنباتي وما تضمنته من الوصايا فكلها متعلق بالقوام والمعاش الدنيوي ثم أشار إلى أشراط الساعة فقد جمعت هذه السورة جميع المخلوقات بأسرها وما يتعلق بها وما يرجع إليها فظهر بذلك مناسبة افتتاح السور المكية بها وتقديمها على ما تقدم نزوله منها وهي في جمعها الأصول والعلوم والمصالح الدنيوية نظير صورة البقرة في جمعها العلوم والمصالح الدينية ما ذكر فيها من العبادات المحضة فعلى سبيل الإيجاز والإيماء كنظير ما وقع في البقرة من علوم بدء الخلق ونحوه فإنه على سبيل الاختصار والإشارة فإن قلت: فلم لا أفتتح القرآن بهذه السورة مقدمة على سورة البقرة لأن بدء الخلق مقدم على الأحكام والتعبدات قلت: للإشارة إلى أن مصالح الدين والآخرة مقدمة على مصالح المعاش والدنيا وأن المقصود إنما هو العبادة فقدم ما هو الأهم في نظر الشرع ولأن علم بدء الخلق كالفضلة وعلوم الأحكام والتكاليف متعين على كل واحد فلذلك لا ينبغي النظر في علم بدء الخلق وما جرى مجراه من التواريخ إلا بعد النظر في علم الأحكام وإتقانه ثم ظهر لي بحمد الله وجه آخر أتقن مما تقدم وهو أنه لما ذكر في سورة المائدة {يا أَيُها الذينَ آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا} إلى آخره فأخبر عن الكفار أنهم حرموا أشياء مما رزقهم الله افتراء عليه وكان القصد بذلك تحذير المؤمنين أن يحرموا شيئاً مما أحل الله فيشابهوا بذلك الكفار في صنيعهم وكان ذكر ذلك على سبيل الإيجاز ساق هذه السورة لبيان ما حرمه الكفار في صنيعهم فأتى به على الوجه الأبين والنمط الأكمل ثم جادلهم فيه وأقام الدلائل على بطلانه وعارضهم وناقضهم إلى غير ذلك مما اشتملت عليه القصة فكانت هذه السورة شرحاً لما تضمنته المائدة من ذلك على سبيل الإجمال وتفصيلاً وبسطاً وإتماماً وإطناباً وافتتحت بذكر الخلق والملك لأن الخالق والمالك هو الذي له التصرف في ملكه ومخلوقاته إباحة ومنعاً وتحريماً وتحليلاً فيجب ألا يتعدى عليه بالتصرف في ملكه وكانت هذه السورة بأسرها متعلقة بالفاتحة من وجه كونها شارحة لإجمال قوله: {ربِ العالمين} وللبقرة من حيث شرحها لإجمال قوله: {الذي خلقَكُم والذين من قبلكم} وقوله: {هو الذي خلقَ لكُم ما في الأَرض جميعاً} وبآل عمران من جهة تفصيلها لقوله: {والأنعام والحرث} وقوله: {كُلُ نفسٍ ذائقة الموت} الآية وبالنساء من جهة ما فيها من بدء الخلق والتقبيح لما حرموه على أزواجهم وقتل البنات بالوأد وبالمائدة من حيث اشتمالها على الأطعمة بأنواعها وفي افتتاح السور المكية بها وجهان آخران من المناسبة الأول: افتتاحها بالحمد والثاني: مشابهتها للبقرة المفتتح بها السور المدنية من حيث أن كلاً منهما نزل مشيعاً ففي حديث أحمد: (البقرة سنام القرآن وذروته نزل مع كل آية منها ثمانون ملكاً) وروى الطبراني وغيره من طرق: (أن الأنعام شيعها سبعون ألف ملك) وفي رواية (خمسمائة ملك) ووجه آخر وهو: أن كل ربع من القرآن افتتح بسورة أولها الحمد وهذه للربع الثاني والكهف للربع الثالث وسبأ وفاطر للربع الرابع وجميع هذه الوجوه التي استنبطتها من المناسبات بالنسبة للقرآن كنقطة من بحر ولما كانت هذه السورة لبيان بدء الخلق ذكر فيها ما وقع عند بدء الخلق وهو قوله: {كتب ربكم على نفسه الرحمة} ففي الصحيح: (لما فرغ الله من الخلق وقضى القضية كتب كتاباً عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي)
سورة الأعراف
أقول: مناسبة وضع هذه السورة عقب سورة الأنعام فيما ألهمني الله سبحانه: أن سورة الأنعام لما كانت لبيان الخلق وقال فيها: {هوَ الذي خلَقَكُم من طين} وقال في بيان القرون: {كَم أَهلكنا من قبلهم من قرن} وأشير فيها إلى ذكر المرسلين وتعداد كثير منهم وكانت الأمور الثلاثة وتفصيلها فبسط فيها قصة خلق آدم أبلغ بسط بحيث لم تبسط في سورة كما بسطت فيها وذلك تفصيل إجمال قوله: {خلَقَكُم مِن طين} ثم فصلت قصص المرسلين وأممهم وكيفية إهلاكهم تفصيلاً تاماً شافياً مستوعباً لم يقع نظيره في سورة غيرها وذلك بسط حال القرون المهلكة ورسلهم فكانت هذه السورة شرحاً لتلك الآيات الثلاثة وأيضاً فذلك تفصيل قوله: {وهوَ الذي جعلَكُم خلائفَ الأَرض} ولهذا صدر هذه السورة وفي قصة ثمود: {جعلَكُم خُلفاء من بعد عاد} وأيضاً فقد قال في الأنعام: {كتَبَ ربَكُم على نفسهِ الرحمة} وهو موجز وبسطه هنا بقوله: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون} إلى آخره فبين من كتبها لهم وأما وجه ارتباط أول هذه السورة بآخر الأنعام فهو: أَنه قد تقدم هناك: {وأَن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} وقوله: {وهذا كتابٌ أَنزلناهُ مباركٌ فاتبعوه} وقوله: {وهذا كتابٌ أَنزلناهُ مباركٌ فاتبعوه} فافتتح هذه السورة أيضاً باتباع الكتاب في قوله: {كتاب أُنزِلَ إِليك} إِلى {اتبعوا ما أُنزِلَ إِليكُم مِن رَبِكُم} وأيضاً لما تقدم في الأنعام: {ثم يُنبئهم بِما كانوا يَفعَلون} {ثُمَ إِلى ربِكُم مرجِعكم فيُنَبِئكُم بما كنتم فيه تختَلفون} قال في مفتتح هذه السورة: {فلنسأَلن الذينَ أُرسِلَ إِليهم ولنسألن المُرسَلين} {فلنقصن عليهم بعلم} وذلك شرح التنبئة المذكورة وأيضاً فلما قال في الأنعام: {من جاء بالحسنة فله عشر أَمثالِها} وذلك لا يظهر إلا في الميزان افتتح هذه السورة بذكر الوزن فقال: " class="postlink" target="_blank" rel="nofollow">{والوزن يومئذٍ الحق} ثم ذكر من ثقلت موازينه وهو من زادت سيئاته على حسناته ثم ذكر بعد ذلك أصحاب الأعراف وهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم اعلم أن وضع هذه السورة وبراءة هنا ليس بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة كما هو الراجح في سائر السور بل اجتهاد من عثمان رضي الله عنه وقد كان يظهر في بادئ الرأي: أن المناسب إيلاء الأعراف بيونس وهود لاشتراك كل في اشتمالها على قصص الأنبياء وأنها مكية النزول خصوصاً أن الحديث ورد في فضل السبع الطوال وعدوا السابعة يونس وكانت تسمى بذلك كما أخرجه البيهقي في الدلائل ففي فصلها من الأعراف بسورتين هما الأنفال بالنسبة إلى الأعراف وبراءة وقد استشكل ابن عباس حبر الأمة قديماً ذلك فأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهني من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال فقال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشئ دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما نزل وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله فانظر إلى ابن عباس رضي الله عنه كيف استشكل علي عثمان رضي الله عنه أمرين: وضع الأنفال وبراءة في أثناء السبع الطوال مفصولاً بهما بين السادسة والسابعة ووضع الأنفال وهي قصيرة مع السور الطويلة وانظر كيف أجاب عثمان رضي الله عنه أولاً بأنه لم يكن عنده في ذلك توقيف فإِنه استند إلى اجتهاد وأنه قرن بين الأنفال وبراءة لكونها شبيهة بقصتها في اشتمال كل منهما على القتال ونبذ العهود وهذه وجه بين المناسبة جلى فرضى الله عن الصحابة ما أدق أفهامهم! ما أدق أفهامهم! وأجزل آراءهم! وأعظم أحلامهم! وأقول: يتم بيان مقصد عثمان رضي الله عنه في ذلك بأمور فتح الله بها: الأول: أنه جعل الأنفال قبل براءة مع قصرها لكونها مشتملة على البسملة فقدمها لتكون لفظة منها وتكون براءة بخلوها منها كتتمتها وبقيتها ولهذا قال جماعة من السلف: إن الأنفال وبراءة سورة واحدة لا سورتان الثاني: أنه وضع براءة هنا لمناسبة الطول فإنه ليس في القرآن بعد الأعراف أنسب ليونس طولاً منها وذلك كاف في المناسبة الثالث: أنه خلَّل بالسورتين الأنفال وبراءة أثناء السبع الطوال المعلوم ترتيبها في العصر الأول للإشارة إلى أن ذلك أمر صادر لا عن توقيف وإلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يبين محلهما فوضعا كالموضع المستعار بين السبع الطوال بخلاف ما لو وضعتا بعد السبع الطوال فإنه كان يوهم أن ذلك محلهما بتوقيف وترتيب السبع الطوال يرشد إلى دفع هذه الوهم فانظر إلى هذه الدقيقة التي فتح الله بها ولا يغوص عليها إلا غواص الرابع: أنه لو أخرهما وقدم يونس وأتى بعد براءة بهود كا في مصحف أبي بن كعب لمراعاة مناسبة السبع الطوال وإيلاء بعضها بعضاً لفات مع ما أشرنا إليه أمر آخر آكد في المناسبة فإن الأولى بسورة يونس أن تولى بالسور الخمس التي بعدها لما اشتركت فيه من الاشتمال على القصص ومن الافتتاح بالذكر وبذكر الكتاب ومن كونها مكيات ومن تناسب ما عدا الحجر في المقدار وبالتسمية باسم نبي والرعد إسم ملك وهو مناسب لأسماء الأنبياء فهذه سنة وجوه في مناسبة الاتصال بين يونس وما بعدها وهي أكثر من ذلك الوجه السابق في تقديم يونس بعد الأعراف ولبعض هذه الأمور قدمت سورة الحجر على النحل مع كونها أقصر منها ولو اخرت براءة عن هذه السور الست المناسبة جداً بطولها لجاءت بعد عشر سور أقصر منها بخلاف وضع سورة النحل بعد الحجر فإنها ليست كبراءة في الطول ويشهد لمراعاة الفواتح في مناسبة الوضع ما ذكرنا من تقديم الحجر على النحل لمناسبة ذوات [الر] قبلها وما تقدم من تقديم آل عمران على النساء وإن كانت أقصر منها لمناسبة البقرة مع الافتتاح ب [الم] وتوالى الطواسين والحواميم وتوالى العنكبوت والروم والقمر والسجدة لافتتاح كل ب [الم] ولهذا قدمت السجدة على الأحزاب التي هي أطول منها هذا ما فتح الله به وأما ابن مسعود فقدم في مصحفه البقرة على النساء وآل عمران والأعراف والأنعام والمائدة ويونس فراعى الطوال وقدم الأطوال فالأطول ثم ثنى بالمئين فقدم براءة ثم النحل ثم هود ثم يوسف ثم الكهف وهكذا الأطول فالأطول وذكر الأنفال بعد النور ووجه مناسبتها لها: أن كلا منهما مدنية ومشتملة على أحكام وأن في النور [وعَدَ اللَهُ الذينَ آمنوا وعملوا الصالحات ليستَخلِفنهم في الأَرض كما استخلف الذين مِن قبلِهِم] وفي الأنفال {واذكروا إِذ أَنتُم مُستَضعَفون في الأَرض تخافون} ولا يخفى ما بين الآيتين من المناسبة فإن الأولى مشتملة على الوعد بما حصل وذكر به في الثانية فتأمل سورة براءة أقول: عقد عرف وجه مناسبتها ونزيد هنا أن صدرها تفصيل لإجمال قوله في الأنفال: {وإِما تخافنَّ مِن قومٍ خيانة فانبذ إِليهم على سواء} وآيات الأمر بالقتال متصلة بقوله هنا: {وأَعِدوا لَهُم ما استَطعتُم مِن قوةٍ} ولذا قال هنا في قصة المنافقين: {ولَو أَرادوا الخُروجَ لأَعَدوا لهُ عدة} ثم بين السورتين تناسب من وجه آخر وهو: أنه سبحانه في الأنفال تولى قسمة الغنائم وجعل همسها خمسة أخماس وفي براءة تولى قسمة الصدقات وجعلها لثمانية أصناف
سورة يونس
أقول: قد عرف وجه مناسبتها فيما تقدم في الأنفال ونزيد هنا: أن مطلعها شبية بمطلع سورة الأعراف وأنه سبحانه قال فيها: {أَن أَنذِر النَّاس وَبشِر الذينَ آمنوا} فقدم الإنذار وعممه وأخر البشارة وخصصها وقال تعالى في مطلع الأعراف: {لتُنذِرَ بِهِ وذِكرى للمؤمنين} فخص الذكرى وأخرها وقدم الإنذار وحذف مفعوله ليعم وقال هنا: {إِنَّ رَبَكُم اللَهُ الذي خَلقَ السمواتِ والأَرضِ في ستةِ أَيام ثُمَ استوى على العَرش} وقال في الأوائل أي أوائل الأعراف مثل ذلك وقال هنا: {يدبر الأَمر} وقال هناك: {مسخرات بأَمرهِ أَلا لهُ الخلق والأَمر} وأيضاً فقد ذكرت قصة فرعون وقومه في الأعراف فاختصر ذكر عذابهم وبسطه في هذه فهي شارحة لما أجمل في سورة الأعراف منه
سورة هود
أقول: وجه وضعها بعد سورة يونس زيادة على الأوجه الستة السابقة: أن سورة يونس ذكر فيها قصة نوح مختصرة جداً مجملة فشرحت في هذه السورة وبسطت بما لم يبسطه في غيرها من السور ولا في سورة الأعراف على طولها ولا في سورة {إِنَّا أَرسَلنا نوحاً} التي أفردت لقصته فكانت هذه السورة شارحة لما أجمل في سورة يونس فإن قوله هناك: {واتَبِع ما يوحى إِليك} هو عين قوله هنا: {كتابٌ أُحكِمَت آياتهُ ثُمَ فُصِلت مِن لدن حكيم خبير} فكان أول هود تفصيلاً لخاتمة يونس
| |
|
احمد العوض الكباشي
عدد المساهمات : 2933 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 38 الموقع : الكباشي
| موضوع: رد: كتاب أسرار ترتيب القرآن للسيوطي الجمعة يونيو 03, 2011 8:59 pm | |
|
........
سورة النحل
أقول: وجه وضعها بعد سورة الحجر: أن آخرها شديد الالتئام بأول هذه فإن قوله في آخر تلك: {واعبُد ربَكَ حتى يأَتيكَ اليقين} الذي هو مفسر بالموت ظاهر المناسبة لقوله هنا: {أَتى أَمرُ اللَه} وانظر كيف جاء في المقدمة بيأتيك اليقين وفي المتأخرة بلفظ الماضي لأن المستقبل سابق على الماضي كما تقرر في المعقول والعربية وظهر لي أن هذه السورة شديدة الاعتلاق بسورة إبراهيم وإنما تأخرت عنها لمناسبة الحجر في كونها من ذوات {الر} وذلك: أن سورة إبراهيم وقع فيها ذكر فتنة الميت ومن هو ميت وغيره وذلك أيضاً في هذه بقوله: {الذينَ تتوفاهُم الملائكة ظالمي أَنفُسَهُم} فذكر الفتنة وما يحصل عندها من الثبات والإضلال وذكر هنا ما يحصل عقب ذلك من النعيم والعذاب ووقع في سورة إبراهيم: {وقَد مَكروا مَكرَهُم وعِندَ اللَهِ مكرُهُم وإِن كانَ مكرُهُم لتزول منه الجبال} وقيل: إنها في الجبار الذي أراد أن يصعد السماء بالنسور ووقع هنا أيضاً في قوله: {وقد مكرَ الذينَ من قبلهم} ووقع في سورة إبراهيم ذكر النعم وقال عقبها: {وإِن تعُدوا نعمة اللَهِ لا تحصوها} ووقع هنا ذكر سورة بني اسرائيل اعلم أن هذه السورة والأربع بعدها من قديم ما أنزل اخرج البخاري عن ابن مسعود أنه قال في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء [من العتاق الأول وهن من تلادى] وهذا وجه في ترتيبها وهو اشتراكها في قدم النزول وكونها مكيات وكونها مشتملة على القصص وقد ظهر لي في وجه اتصالها بسورة النحل: أنه سبحانه لما قال في آخر النحل: {إِنما جعلَ السبت على الذين اختلفوا فيه} فسر في هذه شريعة أهل السبت وشأنهم فذكر فيها جميع ما شرع لهم في التوراة كما أخرج ابن جرير عن إبن عباس أنه قال: [التوراة كلها في خمس عشرة آية من سورة بني إسرائيل] وذكر عصيانهم وفسادهم وتخريب مسجدهم ثم ذكر استفزازهم للنبي صلى الله عليه وسلم وإرادتهم إخراجه من المدينة ثم ذكر سؤالهم إياه عن الروح ثم ختم السورة بآيات موسى التسع وخطابه مع فرعون: وأخبر أن استفزازهم للنبي صلى الله عليه وسلم ليخرجوه من المدينة هو وأصحابه كنظير ما وقع لهم مع فرعون لما استفزهم ووقع ذلك أيضاً ولما كانت هذه السورة مصدرة بقصة تخريب المسجد الأقصى اسرى بالمصطفى إليه تشريفاً
سورة الكهف
قال بعضهم: مناسبة وضعها بعد سورة الإسراء: افتتاح تلك بالتسبيح وهذه بالتحميد وهما مقترنان في القرآن وسائر الكلام بحيث يسبق التسبيح التحميد نحو: {فسبِح بحمدِ ربك} وسبحان الله وبحمده قلت: مع اختتام ما قبلها بالتحميد أيضاً وذلك من وجوه المناسبة بتشابه الأطراف ثم ظهر لي وجه آخر أحسن في الاتصال وذلك: أن اليهود أمروا المشركين أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة أشياء: عن الروح وعن قصة أصحاب الكهف وعن قصة ذي القرنين وقد ذكر جواب السؤال الأول في آخر سورة بني إسرائيل فناسب اتصالها بالسورة التي اشتملت على جواب السؤالين الآخرين فإن قلت: هلا جمعت الثلاثة في سورة واحدة قلت: لما لم يقع الجواب عن الأول بالبيان ناسب فصله في سورة ثم ظهر لي وجه آخر: وهو أنه لما قال فيها: {وما أُوتيتُم مِن العلمِ إِلا قليلا} والخطاب لليهود واستظهر على ذلك بقصة موسى في بني إسرائيل مع الخضر التي كان سببها ذكر العلم والأعلم وما دلت عليه من إحاطة معلومات الله عز وجل التي لا تحصى فكانت هذه السورة كإقامة الدليل لما ذكر من الحكم وقد ورد في الحديث أنه لما نزل: {وما أُوتيتُم مِن العلمِ إِلا قليلا} قال اليهود: قد أُوتينا التوراة فيها علم كل شيء فنزل: {قُل لو كانَ البحرُ مِداداً لكلمات رَبي لنَفدَ البحر قبلَ أَن تنفد كلمات ربي ولَو جِئنا بمثلهِ مدداً} فهذا وجه آخر في المناسبة وتكون السورة من هذه الجهة جواباً عن شبهة الخصوم فيما قدر بتلك وأيضاً فلما قال هناك: {فإِذا جاءَ وعد الآخرةِ جِئنا بكُم لفيفاً} شرح ذلك هنا وبسطه بقوله: {فإِذا جاءَ وعد ربي جعله دكاء} إلى {ونُفِخَ في الصور فجمعناهم جمعاً وعرضنا جهنم يومئذٍ للكافرين عرضاً} فهذه وجوه عديدة في الاتصال
سورة مريم
أقول: ظهر لي في وجه مناسبتها لما قبلها: أن سورة الكهف اشتملت على عدة أعاجيب: قصة أصحاب الكهف وطول لبثهم هذه المدة الطويلة بلا أكل ولا شرب وقصة موسى مع الخضر وما فيها من الخارقات وقصة ذي القرنين وهذه السورة فيها أعجوبتان قصة ولادة يحيى بن وأيضاً فقد قيل: إن أصحاب الكهف يبعثون قبل قيام الساعة ويحجون مع عيسى ابن مريم حين ينزل ففي ذكر سورة مريم بعد سورة أصحاب الكهف مع ذلك - إن ثبت - ما لا يخفى من المناسبة وقد قيل أيضاً: إنهم من قوم عيسى وإن قصتهم كانت في الفترة فناسب توالى قصتهم وقصة نبيهم
سورة طه
أقول: روينا عن ابن عباس وجابر بن زيد في ترتيب النزول: ان طه نزلت بعد سورة مريم بعد ذكر سورة أصحاب الكهف وذلك وحده كاف في مناسبة الوضع مع التآخي بالافتتاح بالحروف المقطعة وظهر لي وجهه آخر وهو: أنه لما ذكر في سورة مريم قصص عدة من الأنبياء وهم: زكريا ويحيى وعيسى الثلاثة مبسوطة وإبراهيم وهي بين البسط والإيجاز وموسى وهي موجزة بجملة أشار إلى بقية النبيين في الآية الأخيرة إجمالاً وذكر في هذه السورة شرح قصة موسى التي أجمل هناك فاستوعبها غاية الاستيعاب وبسطها أبلغ بسط ثم أشار إلى تفصيل قصة آدم الذي وقع مجرد اسمه هناك ثم أورد في سورة الأنبياء بقية قصص من لم يذكر في مريم كنوح ولوط وداود وسليمان وأيوب وذي الكفل وذي النون وأشير إلى قصة من ذكرت قصته إشارة وجيزة كموسى وهارون وإسماعيل وزكريا ومريم لتكون السورتان كالمتقابلتين وبسطت فيها قصة إبراهيم البسط التام فيما يتعلق به مع قومه ولم تذكر حاله مع أبيه إلا إشارة كما أنه في سورة مريم ذكر حاله مع قومه إشارة ومع أنه مبسوطاً فانظر إلى عجيب هذا الأسلوب وبديع هذا الترتيب
سورة الأنبياء
قدمت ما فيها مستوفي وظهر لي في اتصالها بآخر طه: أنه سبحانه لما قال: {قل كل متربص فتربصوا} وقال قبله: {ولولا كلمةٍ سبقت من رَبِكَ لكانَ لزاماً وأَجلا مسمى} قال في مطلع هذه: {اقترب للناس حسابهم} إشارة إلى قرب الأجل ودنو الأمل المنتظر وفيه أيضاً مناسبة لقوله هناك: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم} فإن قرب الساعة يقتضى الإعراض عن هذه الحياة الدنيا لدنوها من الزوال والفناء ولهذا ورد في الحديث أنها نزلت قيل لبعض الصحابة: هلا سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال
سورة الحج
أقول: وجه اتصالها بسورة الأنبياء: أنه ختمها بوصف الساعة في قوله: {واقترب الوعد الحق فإِذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا} وافتتح هذه بذلك فقال: {إنَّ زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهلُ كُلُ مُرضِعَةٍ عما أَرضعت وتضعُ كُلَ ذاتِ حملٍ حملها وترى الناسَ سُكارى وما هُم بسكارى}
سورة المؤمنون
أقول: وجه اتصالها بسورة الحج: أنه لما ختمها بقوله: {وافعلوا الخير لعلكُم تُفلِحون} وكان ذلك مجملاً فصَّله في فاتحة هذه السورة فذكر خصال الخير التي من فعلها فقد أفلح فقال: {قد أَفلحَ المؤمنون الذينَ هُم في صلاتِهِم خاشعون} ولما ذكر أول الحج قوله: {يا أَيُها الناس إِن كنتُم في ريبٍ مِن البعثِ فإِنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة} زاده هنا بياناً في قوله: {ولقد خَلقنا الإِنسانَ مِن سُلالةٍ مِن طين ثُم جعلناهُ نطفةً في قرارٍ مكين} فكل جملة أوجِزَت هناك في القصد أطنب فيها هنا أقول: وجه اتصالها بسورة قد أفلح: أنه لما قال: {والذينَ هُم لفروجهم حافظون} ذكر في هذه أحكام من لم يحفظ فرجه من الزانية والزاني وما اتصل بذلك من شأن القذف وقصة الإفك والأمر بغض البصر وأمر فيها بالنكاح حفظاً للفروج وأمر من لم يقدر على النكاح بالاستعفاف وحفظ فرجه ونهى عن إكراه الفتيات على الزنا ولا ارتباط أحسن من هذا الارتباط ولا تناسق أبدع من هذا النسق سورة الفرقان ظهر لي بفضل الله بعدما فكرت في هذه: أن نسبة هذه السورة لسورة النور كنسبة سورة الأنعام إلى المائدة من حيث أن النور قد ختمت
سورة النور
بقوله: {للهِ ما في السمواتِ والأَرض} كما ختمت المائدة بقوله {للهِ ملكُ السمواتِ والأَرض وما فيهن} وكانت جملة النور أخصر من المائدة ثم فصلت هذه الجملة في سورة الفرقان فافتتحت بقوله {الذي له ملك السموات} إلى قوله {وخلق كل شيء فقدرهُ تقديراً} كما افتتحت الأنعام بمثل ذلك وكان قوله عقبه {واتخذوا من دونهِ آلهة} إلى آخره نظير قوله هناك {ثم الذين كفروا بربهم} ثم ذكر في خلال هذه السورة جملة من المخلوقات كمثل الظل والليل والنوم والنهار والرياح والماء والأنعام والأناسي ومرج البحرين والإنسان والنسب والصهر وخلق السموات والأرض في ستة أيام والاستواء على العرش وبروج السماء والسراج والقمر إلى غير ذلك مما هو تفصيل لجملة: {للهِ ما في السمواتِ والأَرض} كما فصل آخر المائدة في الأنعام بمثل ذلك وكان البسط في الأنعام أكثر لطولها ثم أشار في هذه السورة إلى القرون المكذبة وإهلاكم كما أشار في الأنعام إلى ذلك ثم أفصح عن هذه الإشارة في السورة التي تليها وهي الشعراء بالبسط التام والتفصيل البالغ كما أوضح تلك الإشارة التي في الأنعام وفصلها في سورة الأعراف التي تليها فكانت هاتان السورتان الفرقان والشعراء في المثانى نظير تينك السورتين الأنعام والأعراف في الطوال واتصالهما بآخر النور نظير اتصال تلك بآخر المائدة المشتملة على فصل القضاء ثم ظهر لي لطيفة أخرى وهي أنه إذا وقعت سورة مكية بعد سورة مدنية افتتح أولها بالثناء على الله كالأنعام بعد المائدة والإسراء بعد النحل وهذه بعد النور وسبأ بعد الأحزاب والحديد بعد الواقعة وتبارك بعد التحريم لما في ذلك من الإشارة إلى نوع استقلال وإلى الإنتقال من نوع إلى نوع أقول وجه اتصالها بسورة الفرقان أنه تعالى لما أشار فيها إلى قصص مجملة بقوله {ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أَخاه هارون وزيراً فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميراً وقوم نوح لما كذبوا الرسل أَغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأَعتدنا للظالمين عذاباً أَليماً وعاداً وثمود وأَصحاب الرس وقروناً بينَ ذَلِكَ كثيراً} شرح هذه القصص وفصلها أبلغ تفصيل في الشعراء التي تليها ولذلك رتبت على ترتيب ذكرها في الآيات المذكورة فبدئ بقصة موسى ولو رتبت على الواقع لأخرت كما في الأعراف فانظر إلى هذا السر اللطيف الذي من الله بإلهامه ولما كان في الآيات المذكورة بقوله {وقروناً بينَ ذلِكَ كثيراً} زاد في الشعراء تفصيلاً لذلك قصة قوم إبراهيم وقوم لوط وقوم شعيب ولما ختم الفرقان بقوله: {وإِذا خاطبَهُم الجاهلونَ قالوا سَلاما} وقوله: {وإِذا مروا باللغوِ مروا كِراماً} ختم هذه السورة بذكر الشعراء الذين هم بخلاف ذلك واستثنى منهم من سلك سبيل أولئك وبين ما يمدح من الشعر ويدخل في قوله {سلاماً} وما يذم منه ويدخل في اللغو
سورة النمل
أقول: وجه اتصالها بما قبلها: أنها كالتتمة لها في ذكر بقية القرون فزاد سبحانه فيها ذكر سليمان وداود وبسط فيها قصة لوط أبسط مما هي في الشعراء وقد روينا عن إبن عباس وجابر بن زيد في ترتيب السور: أن الشعراء أنزلت ثم طه ثم القصص ولذلك كان ترتيبها في المصحف هكذا وأيضاً فقد وفع فيها: {وإِذ قال موسى لأَهلهِ امكثوا إِني آنستُ ناراً} إلى آخره وذلك تفصيل قوله في الشعراء: {فوهَبَ لي رَبي حكما وجعلني من المُرسَلين}
سورة القصص
أقول: ظهر لي بعد الفكرة: أنه سبحانه لما حكى في الشعراء قول فرعون لموسى {أَلم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عُمرِكَ سنينَ وفعلتَ فِعلتَكَ التي فعلت} إلى قول موسى {ففررتُ مِنكُم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المُرسلين} وقال في طس النمل قول موسى لأهله: {إِني آنست ناراً} إلى آخره الذي هو في الوقوع بعد الفرار ولما كان على سبيل الإشارة والإجمال بسط في هذه السورة ما أوجزه في السورتين وفصل ما أجمله فيهما على حسب ترتيبهما فبدأ بشرح تربية فرعون له مصدراً بسبب ذلك: من علو رعون وذبح أبناء بني إسرائيل الموجب لإلقاء موسى عند ولادته في اليم خوفاً عليه من الذبح وبسط القصة في تربيته وما وقع فيها إلى كبره إلى السبب الذي من أجله قتل القبطي وهي الفعلة التي فعل إلى الهم بذلك عليه والموجب لفراره إلى مدين إلى ما وقع له مع شعيب وتزوجه بابنته إلى أن سار بأهله وآنس من جانب الطور ناراً فقال لأهله: {امكثوا إِني آنست ناراً} إلى ما وقع له فيها من المناجاة لربه وبعثه إياه رسولاً وما استتبع ذلك إلى آخر القصة فكانت السورة شارحة لما أجمل في السورتين معاً على الترتيب وبذلك عرف وجه الحكمة في تقديم {طس} على هذه وتأخيرها عن الشعراء فللهِ الحمد على ما ألهم
سورة العنكبوت
أقول ظهر لي في وجه اتصالها بما قبلها: أنه تعالى لما أخبر في أول السورة السابقة عن فرعون أنه: {علا في الأَرضِ وجعلَ أَهلِها شيعاً يستضعف طائفة مِنهُم يذبح أَبناءهم ويستحي نساءهم} افتتح هذه السورة بذكر المؤمنين الذين فتنهم الكفار وعذبوهم على الإيمان بعذاب دون ما عذب به قوم فرعون بني إسرائيل تسلية لهم بما وقع لمن قبلهم وحثا لهم على الصبر ولذلك وأيضاً فلما كان في خاتمة القصص الإشارة إلى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي خاتمة هذه الإشارة إلى هجرة المؤمنين بقوله: {يا عبادي إِن أَرضي واسعة} ناسب تتاليهما
سورة الروم
أقول ظهر لي في اتصالها بما قبلها أنها ختمت بقوله {والذينَ جاهدوا فينا لنهديَنَهُم سُبُلنا} فافتتحت هذه بوعد من غلب من أهل الكتاب بالغلبة والنصر وفرح المؤمنين بذلك وأن الدولة لأهل الجهاد فيه ولا يضرهم ما وقع لهم قبل ذلك من هزيمة هذا مع تآخيهها بما قبلها في المطلع فإن كلا منهما افتتح ب {الم} غير معقب بذكر القرآن وهو خلاف القاعدة الخاصة بالمفتتح بالحروف المقطعة فإنها كلها عقبت بذكر الكتاب أو وصفه إلا هاتين السورتين وسورة القلم لنكتة بينتها في أسرار التنزيل
سورة لقمان
أقول: ظهر لي في اتصالها بما قبلها مع المؤاخاة في الافتتاح ب {الم} أن قوله تعالى هنا: {هُدى ورحمة للمُحسنين الذين يقيمونَ الصلاة ويؤتون الزكاةَ وهُم بالآخرةِ هُم يوقنون} متعلق بقوله في آخر سورة الروم: {وقالَ الذينَ أُوتوا العلمَ والإِيمان لقد لبثتُم في كتاب اللَهِ} وأيضاً ففي كلتا السورتين جملة من الأديان وبدء الخلق وذكر في الروم: {في روضة يحبرون} وقد فسر بالسماع وفي لقمان: {ومِنَ الناسِ مَن يَشتري لهوَ الحديث} وقد فسر بالغناء وآلات الملاهي
سورة السجدة
أقول وجه اتصالها بما قبلها أنها شرحت مفاتح الغيب الخمسة التي ذكرت في خاتمة لقمان فقوله هنا: {ثُمَ يعرج إِليهِ في يومٍ كانَ مقداره أَلف سنة مما تعدون} شرح لقوله هناك: {إِنَّ اللَهَ عِندهُ عِلمَ الساعة} ولذلك عقب هنا بقوله: {عالمِ الغيبَ والشِهادة} وقوله: {أَولَم يروا أَنّا نسوق الماء إِلى الأَرض الجرز} شرح لقوله: {ويُنزلُ الغيث} وقوله: {الذي أَحسنَ كل شيء خلقه} شرح لقوله: {ويعلَم ما في الأَرحام} وقوله: {يدبر الأَمر من السماء إِلى الأرض} و {ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هُداها} شرح لقوله: {وما تَدري نفسٌ ماذا تكسِبُ غداً} وقوله: {أَئذا ضللنا في الأرض} إلى قوله: {قُل يتوفاكُم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم مرجعكُم} شرح لقوله: {وما تَدري نفسٌ بأَي أَرض تموت} فللهِ الحمد على ما ألهم أقول: وجه اتصالها بما قبلها: تشابه مطلع هذه ومقطع تلك فإن تلك ختمت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن الكافرين وانتظار عذابهم ومطلع هذه الأمر بتقوى الله وعدم طاعة الكافرين والمنافقين فصارت كالتتمة لما ختمت به تلك حتى كأنهما سورة واحدة
سورة سبأ
أقول: ظهر لي وجه اتصالها بما قبلها وهو أن تلك لما ختمت بقوله: {ليُعذبَ اللَهُ المُنافقينَ والمُنافِقات والمُشركينَ والمُشرِكات ويتوب اللَهُ على المؤمنينَ والمؤمنات} افتتحت هذه بأن له ما في السموات وما في الأرض وهذا الوصف لائق بذلك الحكم فإن الملك العام والقدرة التامة يقتضيان ذلك وخاتمة سورة الأحزاب: {وكانَ اللَهُ غَفوراً رَحيماً} وفاصلة الآية الثانية من مطلع سبأ: {وهوَ الرحيم الغفور}
سورة فاطر
أقول: مناسبة وضعها بعد سبأ تآخيهما في الافتتاح بالحمد مع تناسبهما في المقدار وقال بعضهم: افتتاح سورة فاطر بالحمد مناسب لختام ما قبلها من قوله: {وحيل بينَهُم وبينَ ما يشتهون كما فعلَ بأشياعهم من قبلهم} فهو نظير اتصال أول الأنعام بفصل القضاء المختتم به المائدة
سورة يس
أقول ظهر لي وجه اتصالها بما قبلها: أنه لما ذكر في سورة فاطر قوله: {وجاءَكُم النَذير} وقوله: {وأَقسِموا باللَهِ جهد أيمانهم لئن جاءهُم نذير ليكونن أَهدى من إِحدى الأُمم فلما جاءهم نذير} والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم وقد أعرضوا عنه وكذبوه فافتتح هذه السورة بالإقسام على صحة رسالته وأنه على صراط مستقيم لينذر قوماً ما أنذر آباؤهم وهذا وجه بين وفي فاطر: {وسخرَّ الشمس والقمر} وفي يس {والشَمسُ تَجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم} وذلك أبسط وأوضح وفي فاطر: {وترى الفُلكَ فيه مواخر} وفي يس {وآية لهم أَنا حلمنا ذُريَتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهُم مِن مثله ما يركبون وإن نشأ نُغرِقُهُم فلا صريخ لهُم ولاهُم ينقذون} فزاد القصة بسطاً
سورة الصافات
أقول هذه السورة بعد [يس] كالأعراف بعد الأنعام وكالشعراء بعد الفرقان في تفصيل أحوال
سورة ص
أقول: هذه السورة بعد الصافات كطس بعد الشعراء وكطه والأنبياء بعد مريم وكيوسف بعد هود في كونها متممة لها بذكر من بقى من الأنبياء ممن لم يذكروا فيها فإنه سبحانه ذكر في الصافات نوحاً وإبراهيم والذبيخ وموسى وهارون ولوطاً وإلياس ويونس وذكر هنا داود وسليمان وأيوب وأشار إلى بقية من ذكر فهي بعدها أشبه شيء بالأنبياء وطس بعد مريم والشعراء
سورة الزمر
لا يخفى وجه اتصال أولها بآخر [ص] حيث قال في [ص] {إِن هو إِلا ذكر للعالمين} ثم قال هنا {تنزيل الكتاب من اللَهِ} فكأنه قيل: هذا الذكر تنزيل وهذا تلاؤم شديد بحيث أنه لو أسقطت البسملة لا لتأمت الآيتان كالآية الواحدة وقد ذكر الله تعالى في آخر [ص] قصة خلق آدم وذكر في صدر هذه قصة خلق زوجه وخلق الناس كلهم منه وذكر خلقهم في بطون أمهاتهم خلقاً من بعد خلق ثم ذكر أنهم ميتون ثم ذكر وفاة النوم والموت ثم ذكر القيامة والحساب والجزاء والنار والجنة وقال: {وقَضى بينَهُم} فذكر أحوال الخلق من المبدأ إلى المعاد متصلاً بخلق آدم المذكور في السورة التي قبلها
سورة غافر
أقول: وجه إيلاء الحواميم السبع سورة الزمر: تآخى المطالع في الافتتاح بتنزيل الكتاب وفي مصحف أبي بن كعب: أول الزمر {حم} وذلك مناسبة جليلة ثم إن الحواميم ترتبت لاشتراكها في الافتتاح ب {حم} وبذكر الكتاب بعد حم وأنها مكية بل ورد في الحديث أنها نزلت جملة وفيها شبه من ترتيب ذوات {الر} الست فانظر ثانية الحواميم وهي فصلت كيف شابهت ثانية ذوات {الر} هود في تغيير الأسلوب في وصف الكتاب وأن في هود: {كتاب أُحكِمَت آياته ثُم فُصلت} وفي فصلت: {كتاب فصلت آياتهُ} وفي سائر ذوات {الر} {تلك آيات الكتاب} وفي سائر الحواميم: {تنزيلُ الكتاب} أو {والكتاب} وروينا عن جابر بن زيد وابن عباس في ترتيب نزول السور: أن الحواميم نزلت عقب الزمر وأنها نزلت متتاليات كترتيبها في المصحف: المؤمن ثم السجدة ثم الشورى ثم الزخرف ثم الدخان ثم الجاثية ثم الأحقاف ولم يتخللها نزول غيرها وتلك مناسبة جلية واضحة في وضعها هكذا ثم ظهر لي لطيفة أخرى وهي: أنه في كل ربع من أرباع القرآن توالت سبع سور مفتتحة بالحروف المقطعة فهذه السبع مصدرة ب {حم} وسبع في الربع الذي قبله ذوات {الر} الست متوالية و {المص} الأعراف فإنها متصلة بيونس على ما تقدمت الإشارة إليه وافتتح أول القرآن بسورتين من ذلك وأول النصف الثاني بسورتين وقال الكرماني في العجائب: ترتيب الحواميم السبع لما بينها من التشاكل الذي خصت به وهو: أن كل سورة منها اسفتحت بالكتاب أو وصفه مع تفاوت المقادير في الطول والقصر وتشاكل الكلام في النظام انتهى قلت: وانظر إلى مناسبة ترتيبها فإن مطلع غافر مناسب لمطلع الزمر ومطلع فصلت التي هي ثانية الحواميم مناسب لمطلع هود التي هي ثانية ذوات {الر} ومطلع الرخرف مؤاخ لمطلع الدخان وكذا مطلع الجاثية لمطلع الأحقاف سورة القتال لا يخفى وجه ارتباط أولها بقوله في آخر الأحقاف: {فهَل يهلك إِلا القوم الفاسقون} واتصاله وتلاحمه بحيث أنه لو أسقطت البسملة منه لكان متصلاً اتصالاً واحداً لا تنافر فيه كالآية الواحدة آخذاً بعضه بعنق بعض سورة الفتح لا يخفى وجه حسن وضعها هنا لأن الفتح بمعنى النصر مرتب على القتال وقد ورد في الحديث: أنها مبينة لما يفعل به وبالمؤمنين بعد إبهامه في قوله تعالى في الأحقاف: {وما أَدري ما يفعل بي ولا بكم} فكانت متصلة بسورة الأحقاف من هذه الجملة
سورة الحجرات
لا يخفى تآخي هاتين السورتين الفتح والحجرات مع ما قبلهما لكونهما مدنيتين ومشتملتين على أحكام فتلك فيها قتال الكفار وهذه فيها قتال البغاة وتلك ختمت بالذين آمنوا وهذه افتتحت بالذين آمنوا وتلك تضمنت تشريفاً له صلى الله عليه وسلم خصوصاً مطلعها وهذه أيضاً في مطلعها أنواع من التشريف له صلى الله عليه وسلم أقول: لما ختمت {ق} بذكر البعث واشتملت على ذكر الجزاء والجنة والنار وغير ذلك من أحوال القيامة افتتح هذه السورة بالإقسام على أن ما توعدون من ذلك لصادق وإن الدين - وهو الجزاء - لواقع ونظير ذلك: افتتاح المرسلات بذلك بعد ذكر الوعد والوعيد والجزاء في سورة الإنسان
سورة الطور
أقول: وجه وضعها بعد الذاريات: تشابههما في المطلع والمقطع فإِن في مطلع كل منهما صفة حال المتقين بقوله: {إِنَّ المُتَقينَ في جناتٍ} وفي مقطع كل منهما صفة حال الكفار بقوله في تلك: {فويلٌ للَذينَ كفروا} وفي هذه: {فالذينَ كَفَروا}
سورة النجم
أقول: وجه وضعها بعد الطور: أنها شديدة المناسبة لها فإن الطور ختمت بقوله: {وإِدبار النجوم} وافتتحت هذه بقوله: {والنجمِ إِذا هوى} ووجه آخر: أَن الطور ذكر فيها ذرية المؤمنين وأنهم تبع لآبائهم وهذه فيها ذكر ذرية اليهود في قوله: {هوَ أَعلم بكم إِذ أَنشأَكم من الأَرض} ولما قال هناك في المؤمنين: {أَلحقنا بهم ذريتهم وما أَلتناهم من عملهم من شيء} أي: ما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين مع نفعهم بما عمل آباؤهم قال هنا في صفة الكفار أو بني الكفار: [url=https://alkabshi.forumarabia.com/javascript:openquran(52,39,39)]{وأن ليسَ للإِنسان إِلا[ | |
|