بخع
- البخع: قتل النفس غما، قال تعالى: }فلعلك باخع نفسك{ [الكهف/6] حث على ترك التأسف، نحو: }فلا تذهب نفسك عليهم حسرات{ [فاطر/8]. قال الشاعر:
- 40 - ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه
(الشطر لذي الرمة، وتتمته:
بشيء نحته عن يديك المقادر
وهو في ديوانه ص 338، ولسان العرب (بخع) )
وبخع فلان بالطاعة وبما عليه من الحق: إذا أقر به وأذعن مع كراهة شديدة تجري مجرى بخع نفسه في شدته.
بدر- - قال تعالى: }ولا تأكلوها إسرافا وبدارا{ [النساء/6] أي: مسارعة، يقال: بدرت إليه وبادرت، ويعبر عن الخطأ الذي يقع عن حدة: بادرة (قال ابن منظور: والبادرة: الحدة، وهو ما يبدر من حدة الرجل عند غضبه من قول أو فعل). يقال: كانت من فلان بوادر في هذا الأمر، والبدر قيل سمي بذلك لمبادرته الشمس بالطلوع، وقيل: لامتلائه تشبيها بالبدرة (البدرة: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم، سميت ببدرة السخلة)، فعلى ما قيل يكون مصدرا في معنى الفاعل، والأقرب عندي أن يجعل البدر أصلا في الباب، ثم تعتبر معانيه التي تظهر منه، فيقال تارة: بدر كذا، أي: طلع طلوع البدر، ويعتبر امتلاؤه تارة فشبه البدرة به. والبيدر: المكان المرشح لجمع الغلة فيه وملئه منه لامتلائه من الطعام. قال تعالى: }ولقد نصركم الله ببدر{ [آل عمران/123]، وهو موضع مخصوص بين مكة والمدينة.
بدع- الإبداع: إنشاء صنعة بلا احتذاء واقتداء، ومنه قيل: ركية بديع أي: جديدة الحفر (انظر: اللسان (بدع) )، وإذا استعمل في الله تعالى فهو إيجاد الشيء بغير آلة ولا مادة ولا زمان ولا مكان، وليس ذلك إلا لله (راجع: الأسماء والصفات للبيهقي ص 40).
والبديع يقال للمبدع (انظر: المدخل لعلم التفسير ص 237)، نحو قوله تعالى: }بديع السموات والأرض{ [البقرة/117]، ويقال للمبدع نحو: ركية بديع، وكذلك البدع يقال لهما جميعا بمعنى الفاعل والمفعول، وقوله تعالى: }قل ما كنت بدعا من الرسل{ [الأحقاف/9] قيل: معناه: مبدعا لم يتقدمني رسول، وقيل: مبدعا فيما أقوله.
والبدعة في المذهب: إيراد قول لم يستن قائلها وفاعلها فيه بصاحب الشريعة وأماثلها المتقدمة وأصولها المتقنة، وروي: (كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار (الحديث في مسلم، وروايته: (وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) فقط. ورقمه 867 في كتاب الجمعة.
والحديث برواية المؤلف أخرجه النسائي 3/189 عن جابر بن عبد الله؛ وأخرجه أحمد في المسند 4/126 دون زيادة (وكل ضلالة في النار) ).
والإبداع بالرجل: الانقطاع به لما ظهر من كلال راحلته وهزالها (قال في اللسان: وأبدع به: كلت راحلته أو عطبت، وبقي منقطعا به وقسر عليه ظهره).
بدل- الإبدال والتبديل والتبدل والاستبدال: جعل شيء مكان آخر، وهو أعلم من العوض، فإن العوض هو أن يصير لك الثاني بإعطاء الأول، والتبديل قد يقال للتغيير مطلقا وإن لم يأت ببدله، قال تعالى: }فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم{ [البقرة/59]، }وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا{ [النور/55] وقال تعالى: }فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات{ [الفرقان/70] قيل: أن يعملوا أعمالا صالحة تبطل ما قدموه من الإساءة، وقيل: هو أن يعفو تعالى عن سيئاتهم ويحتسب بحسناتهم (راجع الدر المنثور 6/280).
وقال تعالى: }فمن بدله بعد ما سمعه{ [البقرة/181]، }وإذا بدلنا آية مكان آية{ [النحل/101]، }وبدلناهم بجنتيهم جنتين{ [سبأ/16]، }ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة{ [الأعراف/95]، }يوم تبدل الأرض غير الأرض{ [إبراهيم/48] أي: تغير عن حالها، }أن يبدل دينكم{ [غافر/26]، }ومن يتبدل الكفر بالإيمان{ [البقرة/108]، }وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم{ [محمد/38]، وقوله: }ما يبدل القول لدي{ [ق/29] أي: لا يغير ما سبق في اللوح المحفوظ، تنبيها على أن ما علمه أن سيكون يكون على ما قد علمه لا يتغير عن حاله. وقيل: لا يقع في قوله خلف.
وعلى الوجهين قوله تعالى: }لا تبديل لكلمات الله{ [يونس/64]، }لا تبديل لخلق الله{ [الروم/30] قيل: معناه أمر وهو نهي عن الخصاء. والأبدال: قوم صالحون يجعلهم الله مكان آخرين مثلهم ماضين (وقد أنكر بعض الناس وجودهم، وللسيوطي رسالة في ذلك ذكر الأحاديث والأخبار الدالة على ذلكز راجع: الحاوي للفتاوي 2/241).
وحقيقته: هم الذين بدلوا أحوالهم الذميمة بأحوالهم الحميدة، وهم المشار إليهم بقوله تعالى: }أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات{ [الفرقان/70].
والبأدلة: ما بين العنق إلى الترقوة، والجمع: البآدل (انظر: اللسان (بدل) )، قال الشاعر:
- 41 - ولا رهل لباته وبآدله
(هذا عجز بيت ينسب للعجير السلولي وينسب لأم يزيد بن الطثرية، وشطره:
فتى قد قد السيف لا متضافل
وهو في اللسان (بدل) بلا نسبة؛ والمجمل 1/119؛ وشمس العلوم 1/141؛ والخصائص 1/79؛ وشرح الحماسة 3/46)
بدن- البدن: الجسد، لكن البدن يقال اعتبارا بعظم الجثة، والجسد يقال اعتبارا باللون، ومنه قيل: ثوب مجسد، ومنه قيل: امرأة بادن وبدين: عظيمة البدن، وسميت البدنة بذلك لسمنها يقال: بدن إذا سمن، وبدن كذلك، وقيل: بل بدن إذا أسن (انظر: المجمل 1/119)، وأنشد:
- 42 - وكنت خلت الشيب والتبدينا *** (الشطر ينسب لحميد الأرقط وينسب للكميت، وعجزه:
والهم مما يذهل القرينا
وهو في شعر الكميت 2/19؛ واللسان (بدن) ؛ والتاج (بدن) ؛ والمجمل 1/119؛ والمشوف المعلم 1/95؛ وشمس العلوم 1/143)
وعلى ذلك ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تبادروني بالركوع والسجود فإني قد بدنت) (الحديث عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبادروني بالركوع والسجود، فإنه مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني إذا رفعت، ومهما أسبقكم به إذا سجدت تدركوني إذا رفعت، فإني قد بدنت)، ويروى (بدنت) الحديث حسن وقد أخرجه أحمد 4/92، وأبو داود (619) ؛ وابن ماجه (963) ؛ وأخرجه ابن حبان (انظر: الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان 3/323). راجع شرح السنة 3/415) أي: كبرت وأسننت، وقوله تعالى: }فاليوم ننجيك ببدنك{ [يونس/92] أي: بجسدك، وقيل يعني بدرعك، فقد يسمى الدرع بدنه لكونها على البدن، كما يسمى موضع اليد من القميص يدا، وموضع الظهر والبطن ظهرا وبطنا، وقوله تعالى: }والبدن جعلناها لكم من شعائر الله{ [الحج/36] هو جمع البدنة التي تهدى.
بدا- بدا الشيء بدوا وبداء أي: ظهر ظهورا بينا، قال الله تعالى: }وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون{ [الزمر/47]، }وبدا لهم سيئات ما كسبوا{ [الزمر/48]، }فبدت لهما سوآتهما{ [طه/121].
والبدو: خلاف الحضر، قال تعالى: }وجاء بكم من البدو{ [يوسف/100] أي: البادية، وهي كل مكان يبدو ما يعن فيهن أي: يعرض، ويقال للمقيم بالبادية: باد، كقوله تعالى: }سواء العاكف فيه والباد{ [الحج/25]، }لو أنهم بادون في الأعراب{ [الأحزاب/20].
بدأ- يقال: بدأت بكذا وأبدأت وابتدأت، أي: قدمت، والبدء والابتداء: تقديم الشيء على غيره ضربا من التقديم. قال تعالى: }وبدأ خلق الإنسان من طين{ [السجدة/7]، وقال تعالى: }كيف بدأ الخلق{ [العنكبوت/20]، }الله يبدأ الخلق{ [يونس/34]، }كما بدأكم تعودون{ [الأعراف/29].
ومبدأ الشيء: هو الذي منه يتركب، أو منه يكون، فالحروف مبدأ الكلام، والخشب مبدأ الباب والسرير، والنواة مبدأ النخل، يقال للسيد الذي يبدأ به إذا عد السادات: بدء.
والله هو المبدئ المعيد (انظر: الأسماء والصفات ص 95؛ والمقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للغزالي ص 101)، أي: هو السبب في المبدأ والنهاية، ويقال: رجع عودة على بدئه، وفعل ذلك عائدا وبادئا، ومعيدا ومبدئا، وأبدأت من أرض كذا، أي: ابتدأت منها بالخروج، وقوله تعالى: }بادئ الرأي{ [هود/27] (وهذه قراءة أبي عمرو بن العلاء) أي: ما يبدأ من الرأي، وهو الرأي الفطير، وقرئ: }بادي{ (وهي قراءة الجميع إلا أبا عمرو. راجع: الإتحاف ص 255) بغير همزة، أي: الذي يظهر من الرأي ولم يرو فيه، وشيء بديء: لم يعهد من قبل كالبديع في كونه غير معمول قبل.
والبدأة: النصيب المبدأ به في القسمة (انظر: المجمل 1/119)، ومنه قيل لكل قطعة من اللحم عظيمة بدء.
بذر- التبذير: التفريق، وأصله إلقاء البذر وطرحه، فاستعير لكل مضيع لماله، فتبذير البذر: تضييع في الظاهر لمن لم يعرف مآل ما يلقيه. قال الله تعالى: }إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين{ [الإسراء/27]، وقال تعالى: }ولا تبذر تبذيرا{ [الإسراء/26].
بر- البر خلاف البحر، وتصور منه التوسع فاشتق منه البر، أي: التوسع في فعل الخير، وينسب ذلك إلى الله تعالى تارة نحو: }إنه هو البر الرحيم{ [الطور/28]، وإلى العبد تارة، فيقال: بر العبد ربه، أي: توسع في طاعته، فمن الله تعالى الثواب، ومن العبد الطاعة. وذلك ضربان:
ضرب في الاعتقاد.
وضرب في الأعمال، وقد اشتمل عليه قوله تعالى: }ليس البر أن تولوا وجوهكم{ [البقرة/177] وعلى هذا ما روي (أنه سئل عليه الصلاة والسلام عن البر، فتلا هذه الآية) (الحديث أخرجه ابن أبي حاتم وصححه عن أبي ذر أنه سأل رسول الله عن الإيمان فتلا }ليس البر...{ حتى فرغ منها ثم سأله أيضا فتلاها، ثم سأله فتلاها، وقال: (وإذا عملت حسنة أحبها قلبك، وإذا عملت سيئة أبغضها قلبك) انظر: الدر المنثور 1/410؛ والمستدرك 2/272).
فإن الآية متضمنة للاعتقاد والأعمال الفرائض والنوافل. وبر الواليدن: التوسع في الإحسان إليهما، وضده العقوق، قال تعالى: }لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم{ [الممتحنة/8]، ويستعمل البر في الصدق لكونه بعض الخير المتوسع فيه، يقال: بر في قوله، وبر في يمينه، وقول الشاعر:
- 43 - أكون مكان البر منه
(الشكر لخداش بن زهير وهو بتمامه:
أكون مكان البر منه ودونه *** وأجعل مالي دونه وأوامره
وهو في تاج العروس (بر) ؛ والمجمل 1/112؛ واللسان (برر) ؛ وليس في شعره، وذكر جامع ديوانه بيتا له من نفس القافية والبحر؛ وهو في شمس العلوم 1/123)
قيل: أردا به الفؤاد، وليس كذلك، بل أراد ما تقدم، أي: يحبني محبة البر.
ويقال: بر أباه فهو بار وبر مثل: صائف وصيف، وطائف وطيف، وعلى ذلك قوله تعالى: }وبرا بوالدتي{ [مريم/32]. وبر في يمينه فهو بار، وأبررته، وبرت يميني، وحج مبرور أي: مقبول، وجمع البار: أبرار وبررة، قال تعالى: }إن الأبرار لفي نعيم{ [الانفطار/13]، وقال: }كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين{ [المطففين/18]، وقال في صفة الملائكة: }كرام بررة{ [عبس/16].
فبررة خص بها الملائكة في القرآن من حيث إنه أبلغ من أبرار (راجع: الإتقان للسيوطي 1/253؛ والبرهان للزركشي 4/18)، فإنه جمع بر، وأبرار جمع بار، وبر أبلغ من بار، كما أن عدلا أبلغ من عادل.
والبر معروف، وتسميته بذلك لكونه أوسع ما يحتاج إليه في الغذاء، والبرير خص بثمر الأراك ونحوه، وقولهم: لا يعرف الهر من البر (انظر مجمع الأمثال 2/269)، من هذا. وقيل: هما حكايتا الصوت. والصحيح أن معناه لا يعرف من يبره ومن يسيء إليه.
والبربرة: كثرة الكلام، وذلك حكاية صوته.
برج- البروج: القصور، الواحد: برج، وبه سمي بروج السماء لمنازلها المختصة بها، قال تعالى: }والسماء ذات البروج{ [البروج/1]، وقال تعالى: }تبارك الذي جعل في السماء بروجا{ [الفرقان/61]، وقوله تعالى: }ولو كنتم في بروج مشيدة{ [النساء/78] يصح أن يراد بها بروج في الأرض، وأن يراد بها بروج النجم، ويكون استعمال لفظ المشيدة فيها على سبيل الاستعارة، وتكون الإشارة بالمعنى إلى نحو ما قال زهير:
- 44 - ومن هاب أسباب المنايا ينلنه *** ولو نال أسباب السماء بسلم (البيت من معلقته، وهو في ديوانه ص 87؛ وشرح المعلقات 1/122)
وأن يكون البروج في الأرض، وتكون الإشارة إلى ما قال الآخر:
- 45 - ولو كنت في غمدان يحرس بابه *** أراجيل أحبوش وأسود آلف
- 46 - إذا لأتتني حيث كنت منيتي *** يخب بها هاد لإثري قائف (البيتان لثعلبة بن حزن العبدي، وهما في حماسة البحتري الباب 52؛ والبصائر 2/234؛ وتفسير الراغب ورقة 279)
وثوب مبرج: صورت عليه بروج، واعتبر حسنه، فقيل: تبرجت المرأة أي: تشبهت به في إظهار المحاسن، وقيل: ظهرت من برجها، أيك قصرها، ويدل على ذلك قوله تعالى: }وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى{ [الأحزاب/33]، وقوله: }غير متبرجات بزينة{ [النور/60]، والبرج: سعة العين وحسنها تشبيها بالبرج في الأمرين.
برح- البراح: المكان المتسع الظاهر الذي لا بناء فيه ولا شجر، فيعتبر تارة ظهوره فيقال: فعل كذا براحا، أي: صراحا لا يستره شيء، وبرح الخفاء: ظهر، كأنه حصل في براح يرى (انظر: البصائر 2/236)، ومنه: براح الدار، وبرح: ذهب في البراح، ومنه: البارح للريح الشديد، والبارح من الظباء والطير، لكن خص البارح بما ينحرف عن الرامي إلى جهة لا يمكنه فيها الرمي فيتشاءم به، وجمعه بوارح، وخص السانح بالمقبل من جهة يمكن رميه، ويتيمن به، والبارحة: الليلة الماضية، وما برح: ثبت في البراح، ومنه قوله عز وجل: }لا أبرح{ [الكهف/60]، وخص بالإثبات، كقولهم: لا أزال؛ لأن برح وزال اقتضيا معنى النفي، و (لا) للنفي، والنفيان يحصل من اجتماعهما إثبات، وعلى ذلك قوله عز وجل: }لن نبرح عليه عاكفين{ [طه/91]، وقال تعالى: }لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين{ [الكهف/60]، ولما تصور من البارح معنى التشاؤم اشتق منه التبريح والتباريح فقيل: برح بي الأمر، وبرح بي فلان في التقاضي، وضربه ضربا مبرحا، وجاء فلان بالبرح، و:
- 47 - أبرحت ربا وأبرحت جارا
(هذا عجز بيت للأعشى وصدره:
تقول ابنتي حين جد الرحيل
وهو في ديوانه ص 82؛ والأفعال 4/82؛ وجمهرة اللغة 1/218؛ والمجمل 1/123؛ وديوان الأدب 2/288)
أي: أكرمت، وقيل للرامي إذا أخطأ: برحى (انظر: المجمل 1/123) دعاءا عليه، وإذا أصاب: مرحى، دعاءا له، ولقيت منه البرحين (البرحين: مثلثة الباء، أي: الدواهي والشدائد، وانظر المستقصى 2/184) والبرحاء، أي: الشدائد، وبرحاء الحمى: شدتها.
برد- أصل البرد خلاف الحر، فتارة يعتبر ذاته فيقال: برد كذا، أي: اكتسب بردا، وبرد الماء كذا، أي: أكسبه بردا، نحو:
- 48 - ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا *** (هذا عجز بيت لمالك بن الريب، وصدره:
وعطل قلوصي في الركاب فإنها
وهو في المجمل 1/124؛ واللسان (برد) ؛ وأساس البلاغة ص 19؛ وشمس العلوم 1/152)
ويقال: برده أيضا، وقيل: قد جا أبرد؟؟، وليس بصحيح (قال ابن منظور: ولا يقال أبردته إلا في لغة رديئة)، ومنه البرادة لما يبرد الما، ويقال: برد كذا، إذا ثبت (انظر: الأفعال 4/79) ثبوت البرد، واختصاص للثبوت بالبرد كاختصاص الحرارة بالحر، فيقال: برد كذا، أي: ثبت، كما يقال: برد عليه دين. قال الشاعر:
- 49 - اليوم يوم بارد سمومه *** (هذا شطر بيت وعجزه
من جزع اليوم فلا تلومه
ولم ينسب، وهو في اللسان (برد) ؛ والمجمل 1/104؛ والأفعال 4/79؛ والجمهرة 1/240؛ وتهذيب اللغة 13/105)
وقال الآخر:
- 50 - قد برد المو *** ت على مصطلاه أي برود (البيت تمامه:
بارز ناجذاه قد برد المو *** ت على مصطلاه أي برود
وهو لأبي زبيد الطائي في اللسان (برد) ؛ وديوانه ص 594؛ وأمالي اليزيدي ص 9؛ وتهذيب اللغة 14/105؛ والمعاني الكبير 2/859؛ ونظام الغريب ص 13)
أي: ثبت، يقال: لم يبرد بيدي شيء، أي: لم يثبت، وبرد الإنسان: مات.
وبرده: قتله، ومنه: السيوف البوادر، وذلك لما يعرض للميت من عدم الحرارة بفقدان الروح، أو لما يعرض له من السكون، وقولهم للنوم، برد، إما لما يعرض عليه من البرد في ظاهر جلده، أو لما يعرض له من السكون، وقد علم أن النوم من جنس الموت لقوله عز وجل: }الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها{ [الزمر/42]، وقال: }لا يذقون فيها بردا ولا شرابا{ [النبأ/24] أي: نوما.
وعيش بارد، أي طيب، اعتبارا بما يجد الإنسان في اللذة في الحر من البرد، أو بما يجد من السكون.
والأبردان: الغداة والعشي؛ لكونهما أبرد الأوقات في النهار، والبرد: ما يبرد من المطر في الهواء فيصلب، وبرد السحاب: اختص بالبرد، وسحاب أبرد وبرد: ذو برد، قال الله تعالى: }وينزل من السماء من جبال فيه من برد{ [النور/43]. والبردي: نبت ينسب إلى البرد لكونه نابتا به، وقيل: (أصل كل داء البردة) (الحديث ضعيف، أخرجه أبو نعيم والمستغفري والدارقطني في العلل بسند فيه تمام بن نجيح، ضعفه الدارقطني ووثقه ابن معين وغيره، عن أنس رفعه. ولأبي نعيم أيضا عن ابن عباس مرفوعا مثله، ومن حديث عمر بن الحارث عن أبي سعيد رفعهك (أصل كل داء البردة) ومفرداتها ضعيفة.
وقال الدارقطني كغيره: الأشبه بالصواب أنه من قول الحسن البصري، وحكاه في الفائق من كلام ابن مسعود. راجع: كشف الخفاء 1/132؛ والفائق 11/102)
أي: التخمة، وسميت بذلك لكونها عارضة من البرودة الطبيعية التي تعجز عن الهضم.
والبرود يقال لما يبرد به، ولما يبردن فيكون تارة فعولا في معنى فاعل، وتارة في معنى مفعول، نحو: ماء برود، وثغر برود، كقولهم للكحل: برود. وبردت الحديد: سحلته، من قولهم بردته، أي: قتلته، والبرادة ما يسقط، والمبرد: الآلة التي يبرد بها.
والبرد في الطرق جمع البريد، وهم الذين يلزم كل واحد منهم موضعا منه معلوما، ثم اعتبر فعله في تصرفه في المكان المخصوص به، فقيل لكل سريع: هو يبرد، وقيل لجناحي الطائر: بريداه، اعتبارا بأن ذلك منه يجري مجرى البريد من الناس في كونه متصرفا في طريقهن وذلك فرع على فرع حسب ما يبين في أصول الاشتقاق.
برز- البراز: الفضاء، وبرز: حصل في براز، وذلك إما أن يظهر بذاته نحو: }وترى الأرض بارزة{ [الكهف/47] تنبيها أنه تبطل فيها الأبنية وسكاتها، ومنه: المبارزة للقتال، وهي الظهور من الصف، قال تعالى: }لبرز الذين كتب عليهم القتل{ [آل عمران/154]، وقال عز وجل: }ولما برزوا لجالوت وجنوده{ [البقرة/250] ؛ وإما أن يظهر بفضله، وهو أن يسبق في فعل محمود؛ وإما أن ينكشف عنه ما كان مستورا منه، ومنه قوله تعالى: }وبرزوا لله الواحد القهار{ [إبراهيم/48]، وقال تعالى: }يوم هم بارزون{ [غافر/16]، وقوله: عز وجل: }وبرزت الجحيم للغاوين{ [الشعراء/91] تنبيها أنهم يعرضون عليها، ويقال: تبرز فلان، كناية عن التغوط (انظر: الفائق 1/92). وامرأة برزة (انظر: الأفعال 4/118) ؛ عفيفة؛ لأن رفعتها بالعفة، لا أن اللفظة اقتضت ذلك.
برزخ- البرزخك الحاجز والحد بين الشيئين، وقيل: أصله برزه فعرب، وقوله تعالى: }بينهما برزخ لا يبغيان{ [الرحمن/20]، والبرزخ في القيامة: الحائل بين الإنسان وبين بلوغ المنازل الرفيعة في الآخرة، وذلك إشارة إلى العقبة المذكورة في قوله عز وجل: }فلا اقتحم العقبة{ [البلد/11]، قال تعالى: }ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون{ [المؤمنون/100]، وتلك العقبة موانع من أحوال لا يصل إليها إلا الصالحون. وقيل: البرزخ ما بين الموت إلى القيامة.
برص- البرص معروف، وقيل للقمر: أبرص، للنكتة التي عليه، وسام أبرص (وهو من كبار الوزغ، وهما اسمان جعلا واحدا، راجع: حياة الحيوان 1/542)، سمي بذلك تشبيها بالبرص، والبريص: الذي يلمع لمعان الأبرص، ويقارب البصيص (انظر: أساس البلاغة ص 20، ولم ترد هذه المادة في القرآن)، بص يبص: إذا برق.
برق- البرق: لمعان السحاب، قال تعالى: }فيه ظلمات ورعد وبرق{ [البقرة/19]. يقال: برق وأبرق (أجاز أبو عمر وأبو عبيدة: أبرق وأرعد ولم يجزه الأصمعي)، وبرق يقال في كل ما يلمع، نحو: سيف بارق، وبرق وبرق يقال في العين إذا اضطربت وجالت من خوف قال عز وجل: }فإذا برق البصر{ [القيامة/7]، وقرئ: (برق) (وهي قراءة نافع وأبي جعفر المدنيين. راجع: الإتحاف ص 428)، وتصور منه تارة اختلاف اللون فقيل البرقة للأرض ذات حجارة مختلفة الألوان، والأبرق: الجبل فيه سواد وبياض، وسموا العين برقاء لذلك، وناقة بروق: تلمع بذنبها، والبروقة: شجرة تخضر إذا رأت السحاب، وهي التي يقال فيها: أشكر من بروقة (راجع المثل في المجمل 1/121؛ وأساس البلاغة ص 20؛ ومجمع الأمثال 1/388). وبرق طعامه بزيت: إذا جعل فيه قليلا يلمع منه، والبارقة والأبيرق: السيف، للمعانه، والبراق، قيل: هو دابة ركبها النبي صلى الله عليه وسلم لما عرج به، والله أعلم بكيفيته، والإبريق معروف، وتصور من البرق ما يظهر من تجويفه، وقيل: برق فلان ورعد، وأبرق وأرعد: إذا تهدد.
برك- أصل البرك صدر البعير وإن استعمل في غيره، ويقال له: بركة، وبرك البعير: ألقى بركه، واعتبر منه معنى اللزوم، فقيل: ابتركوا في الحرب، أي: ثبتوا ولا زموا موضع الحرب، وبراكاء الحرب وبروكاؤها للمكان الذي يلزمه الأبطال، وابتركت الدابة: وقفت وقوفا كالبروك، وسمي محبس الماء بركة، والبركة: ثبوت الخير الإلهي في الشيء.
قال تعالى: }لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض{ [الأعراف/96]، وسمي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة.
والمبارك: ما فيه ذلك الخير، على ذلك: }هذا ذكر مبارك أنزلناه{ [الأنبياء/50] تنبيها على ما يفيض عليه من الخيرات الإلهية، وقال: }كتاب أنزلناه إليك مبارك{ [الأنعام/155]، وقوله تعالى: }وجعلني مباركا{ [مريم/31] أي: موضع الخيرات الإليهة، وقوله تعالى: }إنا أنزلناه في ليلة مباركة{ [الدخان/3]، }رب أنزلني منزلا مباركا{ [المؤمنون/29] أي: حيث يوجد الخير الإلهي، وقوله تعالى: }ونزلنا من السماء ماء مباركا{ [ق/9] فبركة ماء السماء هي ما نبه عليه بقوله: }لم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه{ [الزمر/21]، وبقوله تعالى: }وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض{ [المؤمنون/18]، ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحس، وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة: هو مبارك، وفيه بركة، وإلى هذه الزيادة أشير بما روي أنه: (لا ينقص مال من صدقة) (الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، وروايته فيه: (ما نقصت صدقة من مال) في باب البر والصلة رقم (2588) ) لا إلى النقصان المحسوس حسب ما قال بعض الخاسرين حيث قيل له ذلك، فقال: بيني وبينك الميزان.
وقوله تعالى: }تبارك الذي جعل في السماء بروجا{ [الفرقان/61] فتنبيه على ما يفيضه علينا من نعمه بواسطة هذه البروج والنيرات المذكورة في هذه الآية، وكل موضع ذكر فيه لفظ (تبارك) فهو تنبيه على اختصاصه تعالى بالخيرات المذكورة مع ذكر (تبارك). وقوله تعالى: }فتبارك الله أحسن الخالقين{ [المؤمنون/14]، }تبارك الذي نزل الفرقان{ [الفرقان/1]، }تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات{ [الفرقان/10]، }فتبارك الله رب العالمين{ [غافر/64]، }تبارك الذي بيده الملك{ [الملك/1]. كل ذلك تنبيه على اختصاصه تعالى بالخيرات المذكورة مع ذكر (تبارك).
برم- الإبرام: إحكام الأمر، قال تعالى: }أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون{ [الزخرف/79]، وأصله من إبرام الحبل، وهو ترديد فتله، قال الشاعر:
- 51 - على كل حال من سحيل ومبرم *** (هذا عجز بيت لزهير، وصدره:
يمينا لنعم السيدان وجدتما
وهو من معلقته الميمية، انظره: في ديوانه ص 79؛ وشرح المعلقات 1/108؛ وأساس البلاغة ص 21)
والبريم: المبرم، أي: المفتول فتلا محكما، يقال: أبرمته فبرم، ولهذا قيل للبخيل الذي لا يدخل في الميسر: برم (انظر: اللسان (برم) )، كما يقال للبخيل: مغلول اليد.
والمبرم: الذي يلح ويشدد في الأمر تشبيها بمبرم الحبل، والبرم كذلك، ويقال لمن يأكل تمرتين تمرتين: برم، لشدة ما يتناوله بعضه على بعض، ولما كان البريم من الحبل قد يكون ذا لونين سمي كل ذي لونين به من جيش مختلط أسود وأبيض، ولغنم مختلط، وغير ذلك.
والبرمة في الأصل هي القدر المبرمة، وجمعها برام، نحو حفرة وحفار، وجعل على بناء المفعول، نحو: ضحكة وهزأة (قال ابن مالك:
وفعلة لاسم مفعول وإن فتحت *** من وزنه العين يرتد اسم من فعلا
وقال ابن المرحل أيضا:
إن ضحكت منك كثيرا فتية *** فأنت ضحكة وهم ضحكة
بضم فاء الكل مع إسكان *** عين في الأول بعكس الثاني).
بره- البرهان: بيان للحجة، وهو فعلان مثل: الرجحان والثنيان، وقال بعضهم: هو مصدر بره يبره: إذا ابيض، ورجل أبره وامرأة برهاء، وقوم بره، وبرهرهة (انظر: المجموع المغيث 1/153) : شابة بيضاء.
والبرهة: مدة من الزمان، فالبرهان أوكد الأدلة، وهو الذي يقتضي الصدق أبدا لا محالة، وذلك أن الأدلة خمسة أضرب:
- دلالة تقتضي الصدق أبدا.
- ودلالة تقتضي الكذب أبدا.
- ودلالة إلى الصدق أقرب
- ودلالة إلى الكذب أقرب.
- ودلالة هي إليهما سواء.
قال تعالى: }قل: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين{ [البقرة/111]، }قل: هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي{ [الأنبياء/24]، }قد جاءكم برهان من ربكم{ [النساء/174].
برأ- أصل البرء والبراء والتبري: التقصي مما يكره مجاورته، ولذلك قيل: برأت (قال الصاغاني: وبرئت من المرض برءا، وأهل الحجاز يقولون: برأت من المرض برءا، وكلهم يقولون في المستقبل يبرأ انظر: العباب (برا) ) من المرض وبرئت من فلان وتبرأت وأبرأته من كذا، وبرأته، ورجل بريء، وقوم برآء وبريئون.
قال عز وجل: }براءة من الله ورسوله{ [التوبة/1]، }أن الله بريء من المشركين ورسوله{ [التوبة/3]، وقال:: }أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون{ [يونس/41]، }إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله{ [الممتحنة/4]، }وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون{ [الزخرف/26]، }فبرأه الله مما قالوا{ [الأحزاب/69]، وقال: }إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا{ [البقرة/166].
والبارئ خص بوصف الله تعالى، نحو قوله: }الباريء المصور{ [الحشر/24]، وقوله تعالى: }فتوبوا إلى بارئكم{ [البقرة/54]، والبرية: الخلق، قيل: أصله الهمز فترك (انظر: المجمل 1/122؛ والعباب (برأ 1/52؛ واللسان (برأ) )، وقيل: بل ذلك من قولهم: بريت العود، وسميت برية لكونها مبرية من البرى (انظر: اللسان (برأ) 1/31) أي: التراب، بدلالة قوله تعالى: }خلقكم من تراب{ [غافر/67]، وقوله تعالى: }أولئك هم خير البرية{ [البينة/7]، وقال: }شر البرية{ [البينة/6].
بزغ- قال تعالى: }فلما رأى الشمس بازغة{ [الأنعام/78]، }فلما رأى القمر بازغا{ [الأنعام/77]، أي: طالعا منتشر الضوء، وبزغ الناب، تشبيها به، وأصله من: بزغ البيطار الدابة: أسال دمها فبزغ هو، أي: سال.
بس- قال الله تعالى: }وبست الجبال بسا{ [الواقعة/5]، أي: فتتت، من قولهم: بسست الحنطة والسويق بالماء: فتته به، وهي بسيسة، وقيل: معناه: سقت سوقا سريعا، من قولهم: انبست الحيات: انسابت انسيابا سريعا، فيكون كقوله عز وجل: }ويوم نسير الجبال{ [الكهف/47]، وكقوله: }وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب{ [النمل/88].
وبسست الإبل: زجرتها عند السوق، وأبسست بها عند الحلب، أي: رققت لها كلاما تسكن إليه، وناقة بسوس: لا تدر إلى على الإبساس، وفي الحديث: (و