الامام ابو الحسن الشاذلي
الإمام أبو الحسن الشاذلى
بطاقة تعارف القطب الأعظم والإمام الفارس :
هو سيدى أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه وأرضاه إمام وحجة الصوفيه المنفرد فى زمنه بالمعارف،،هو أبو الحسن على بن عبدالله بن عبد الجبار. ينتهى نسبه الى الإمام سيد شباب الجنه وسبط خير البريه،ابن محمد الحسن ابن أمير المؤمنين على ابن أبى طالب كرم الله وجهه وابن فاطمه الزهراء بنت رسول الله..
ولد سنة 593 هـ ببلاد المغرب بقرية غماره وتوفى سنة 656 هـ عن عمر يناهز 63 عام .
كان رضى الله عنه أدم اللون ... نحيف الجسم ... طويل القامه ... فصيح اللسان ... عذب الكلام ... جميل المظهر ..يلبس أحسن الثياب ويتعطر ... يحب الخيل ويقتنيه ويركبه فقد كان فارسا ... كان يأكل أحسن الطعام و كان ينصح مريديه بالإعتدال .
نشأته ودراسته:
ولد ونشأ فى قريه صغيره تسمى غماره وهناك تلقى علوم القرآن والحديث على يد شيوخها اتجه بعد ذلك الى مدينة فاس وسلك طريق التصوف على يد الصوفى الكبيرعبد الله بن ابى الحسن بن حرازم وهو تلميذ سيدى ابى مدين مؤسس الطرق الصوفيه. بعد ذلك توجه لمدينة تونس وتلقى علوم الشريعه وتفقه على مذهب مالك ودرس علوم الفقه والادب
وقد نبغ سيدى ابو الحسن فى علوم الدين (وسائل وغايات) وبرع فيها براعه كبيره إذ قال عنه ابن عطاء الله السكندرى "انه لم يدخل طريق قوم حتى كان يعد للمناظره فى العلوم الظاهره " . وكان مع بلوغه هذه المنزله يقول: " من لم يزده علمه إفتقارا الى ربه وتواضعا لخالقه فهو هالك" .كان العلم عنصرا من عناصر شخصية الشاذلى وكان يعتبرالجهل و الرضا به من الكبائر بل من أكبر الكبائر فكان يقول " لا كبيره عندنا أكبر من إثنين حب الدنيا بالإيثار والمقام على الجهل بالرضا فحب الدنيا أساس كل خطيئه والمقام على الجهل أصل كل معصيه" .
هجرة إلى الله.. وبحث عن الشيخ:
شعر السيد أبو الحسن أنه ما يملك من علوم ظاهره لا تروى طلبه الملح فى القرب من الله..وإضاءة قلبه بالمعرفه وكشف الحجب ... كيف يسير فى الطريق ؟ و من أين يبدأ ؟؟؟ .
سافر الى بغداد فهى منذ العهد العباسى محط أنظار طلاب الدنيا والدين. التقى يالآولياء وكان قمتهم..فى نظره أبو الفتوح الواسطى ولكنه كان يبحث عن القطب ذاته فدله الشيخ الواسطى على شيخه واستاذه القطب الجليل محمد ابن عبد السلام ابن مشيش وقال له تطلب القطب فى العراق وهو ببلادك ارجع للمغرب .
أدب الدخول على المعلم
يغتسل العالم الجليل فى عين أسفل الجبل الذى يقيم استاذه على قمته ويخرج من علمه وعمله ويصعد الى شيخه فقيرا . نتعلم منه أن طالب العلم عليه العوده الى صفر الأفكار مجددا ليمهد نفسه لاستقبال فيوضات من يعلمه.جاء السيد أبو الحسن مخلصا فى طلب القرب من الله فيلقاه الشيخ الذى هبط هو الآخر ليستقبله وقد علم بقلبه بقدوم تلميذه وبدأ بذكر اسم سيدنا أبو الحسن
بالكامل وصولا الى جده رسول الله .
من هو معلمه القطب؟
كلمة "القطب" في الأدب الصوفي تدل على الشيخ المعلم العظيم الذي يعتبر مركزا مضيئا للكثيرين من البشر الطالبين والسائلين القرب والمعرفة بالله.وجاءت هذا التعبير مستلهما من معنى "القطب" في الطبيعة وهو كوكب عال جدا منير تدور حوله مجموعه قطبيه. وكما تدور الرحى حول قطبها لتطحن القمح رمزا للخبز -وهو رمز من رموز الحياه- تدور الكواكب حول كوكب القطب الذى من فرط علاه يبدو ثابتا فى عليائه. وهكذا كان العارفون بالله يعتبرون الشيخ "عبد السلام ابن مشيش" ، فيقول عنه صاحب الدرر البهيه:
"هو القطب الأكبر والعلم الأشهر والطود الأظهر العالى السنام هو البدر الطالع الواضح البرهان الغنى عن التعريف والبيان المشتهر فى الدنيا قدره .
من تعاليم القطب الكبير لتلميذه :
"حدد بصر الآيمان تجد الله فى كل شىء ". وكان من دعاء ابن مشيش الى الله انه يريد أن يكون معروفا لدى الملأ الأعلى وليس معروفا بين الناس فكان دعاؤه "اللهم إن قوما سألوك إقبال الخلق عليهم و تسخيرهم لهم اللهم إنى أسألك إعراضهم عنى وإعوجاجهم على حتى لا يكون لى ملجأ إلا لك " .
وعندما سأله أبو الحسن لماذا يدعو بهذا الدعاء قال له :" يا على أيهما خير لك تقول كن لى أم سخر لى قلوب عبادك ؟؟، فإذا كان لك كان لك كل شىء " .وقد حقق الله له ذلك و عرف من خلال تلميذه أبو الحسن إذ قال لآبى الحسن وهو يودعه بعد أن إنتهت
فترة إقامته عنده :
يا على ارتحل الى افريقبا واسكن بها بلدا تسمى ( شاذلة ) فإن الله يسميك( الشاذلى) الذال يعنى ( المفرد لخدمتى)، ويؤتى عليك من قبل السلطنه وبعد ذلك تنتقل الى أرض المشرق وبها ترث القطابه .
" يا على طلعت الينا فقيرا من علمك وعملك فأخذت متاعى الدنيا والآخره ".ثم سأله النصيحه فقال الشيخ: " يا على الله الله والناس الناس نزه لسانك عن ذكرهم وقلبك من التمايل من قبلهم و عليك بحفظ الجوارح وأداء الفرائض وقد تمت ولاية الله عندك ولاتذكرهم الا بواجب حق الله عليك وقد تم ورعك " ثم قال له: علي هو ابن مشيش وابن مشيش هو علي.
* ومن هنا نجد أن المعلم المستنير ... و القطب الجليل يرى وجوده
فى وجود مريديه فهو فيهم و هم فيه. وإرتحل أبو الحسن الى شاذله فى تونس .
العمل والجهاد :
إنتهت المده التى قدر الله أن يقضيها الشيخ بشاذله وسمع وهو على الجبل نداء من السماء-كما بشره شيخه-يقول له أنت "شاذّلى"( مفرد لخدمتى)ثم كان أن جاءه الأمر: أن يا على اهبط الى الناس لينتفعوا بعلمك. وكانت فترة جهاد وكان يعلم مسبقا من شيخه أنها فتره عصيبه يؤتى عليه بها من قبل السلطان ... كثر مريدونه وأخذوا يتزايدون يوما بعد يوم الى أن إجتمع عليه الخلق وكان من بين جلسائه فى تونس الشيخ الصالح أبو العزائم ماضى تلميذ الشيخ وخادمهَ وهو من الأئمه الأجلاءَ.
يروى ابن عطاء الله السكندرى :كان يجلس فىخيمة الشيخ الأمام ...الشيخ مفتى الأنام عز الدين بن عبد السلام والشيخ مجد الدين بن تقى الدين الأخميمى وحين استمعوا لكلام أبو الحسن قال الشيخ عز الدين : استمعوا لهذا الكلام القريب العهد من الله .
وقد عانى فى تونس من ابن البراء الزعيم الدينى الاكبر وقاضى القضاه آن ذاك فقد شعر بالغيره من أبو الحسن وبدأ يكيد له عند السلطان ولكن حماية الله أيدته .
سافر للحج وعاد ثانية لتونس ليجد تلميذه الأكبر سيدى أبو المرسى العباس فى إنتظاره فقال فيه :ما وردنى الى تونس غير هذا الشاب وقد تزوج أبو المرسى العباس من أبنة الشيخ بعد ذلك فاصبح ملازما لشيخه .
وذات ليله رأى الشيخ رؤيه أن رسول الله يقول له :
يا على إنتقل للديار المصريه تربى فيها أربعين صديقا ...يا على ذهبت أيام المحن وأقبلت أيام المنن عشر بعشر إقتداء بجدك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الأتجاه الى مصر :
كانت فترة إقامته بمصر فترة إستقرار مادى ومعنوى وكانت فتره خصبه من حيث الدعوه ومن حيث تربية الآجيال.وكان للشاذلى أثر واضح فى حركة الطرق الصوفيه فى مصر و التى لا يزال أثرها حتى الآن و أوضح ما يكون فى إنضمام كثير من عامة الشعب وخاصته الى هذه
الطريقه الكبيره من الطرق الصوفيه .و قد نزل بالأسكندريه واتخد له دارا بالقرب من كوم الدكه وكان يدعو الناس فى مسجد العطارين .
ظل سيدنا أبو الحسن يعلم ويدعو بمصر أربعة عشر عام منذ عام 642 هـ الى أن توفاه الله عام 656 هـ .
شخصية سيدنا أبو الحسن الشادلى :
أوضح ما فى شخصيه الشاذلى معرفته الحقه لله و سعيه لقضاء حوائج الناس.ولقد كان الشاذلى مكافحا و يسعى لقضاء مصالحه ومصالح من يقصده وكان يعمل بالزراعه على نطاق واسع وكان يربى الثيران للحرث وكان دائما يحث على العمل وكان يكره المريد المتعطل ويحث على العمل وطرق باب الاسباب والرزق . بل كان يفضل الغنى الشاكر على الفقير الصابروعلل ذلك بأن الصبر فضيله فى الدنيا فقط أما الشكر فإنه فضيله فى الدنيا والآخره.
( لطائف المنن ابن عطاء الله ص 164 ) .
سنتعرف على شخصية الأمام القطب الجليل من أعماله و أقواله وهذا بعض منها:
•يقول عن الطريق : ليس هذا الطريق بالرهبانيه ولا بأكل الشعير والنخاله وإنما هو بالصبر على الأوامر واليقين فى الهدايه ( وجعلنا منهم أئمه يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) .
• من أقواله لقاضى طلب منه أن يزيد أحدهم 10 دراهم وهو غنى كما ذكر له القاضى :
" يا تاج الدين لا تستكثر على مؤمن10 دراهم تزيده إياها – فإن الله تعالى لم يقنع المؤمن بالجنه جزاء له حتى زاده النظر الى وجهه الكريم".
( لطا ئف المنن ص 165 )
• دخل عليه تلميذه أبو العباس المرسى يريد أن يلبس الخشن ويأكل الخشن فقال له :
اعرف الله وكن ما شئت وذلك لان من عرف الله تعلق قلبه به وامتلأ بحبه فلا يتأتى منه إلا بفضيله .
•كان ينصح بالإعتدال قائلا : لا تسرف بترك الدنيا فتغشاك أو تنحل أعضاؤك لها فترجع لمعانقتها بعد الخروج منها .
• كان يقول لغلامه :يا بنى برد الماء فإنك اذا شربت الماء السخن فقلت الحمد لله قلتها بكزازه واذا شربت الماء البارد فقلت الحمد لله استجاب كل عضو منك بالحمد لله .
• بنضاله المجيد الذى يذكره له التاريخ هدم فكرة عن الصوفيه بأنهم سلبيون فى الحياه وأن تصوفهم ضعف فهاهو فى أخريات حياته يذهب بنفسه لميدان الوغى فى معركة المنصوره يلهم جند الله ويبث فيهم من روحه وقلبه إيمانا بالنصر وكان قد كف بصره ووهن عظمه ولكن عزيمته لم تهن فذهب مع قافلة النور التى ضمت العز بن عبد السلام - مجد الدين القشيرى- وغيرهم .
• إن أردت ألا يصدأ لك قلبا و لا يلحقك هم أو كرب فأكثر من الباقيات الصالحات.
• من أحب أن لا يعصى الله فى مملكته فقد أحب أن لا تظهر مغفرته ورحمته
(غير واضحة فهل قال بنفسه ما يوضحها؟) .
• من تعاليمه لتلميذه أبو العباس " لا تسأل أحدا شيئا و إن أتاك شيئا من غير مسأله فلا تقبله "
فقال له أبو العباس أن الرسول كان يقبل الهديه فقال له الشيخ :
كان صلى الله عليه وسلم لا ياخذ شيئا إلا ليثيب من يعطيه ويعوضه عليه فإن تطهرت نفسك وتقدمت هكذا فإقبل و إلا فلا .
• لا يشم رائحة الولايه من لم يزهد فى الدنيا و أهلها .
• إذا إفتقرت فسلم وإذا ظلمت فاصبر و اسكن تحت جريان الآقدار فإنها سحابه سائره .
• الأنبياء أعين الحق – منبع الحق والحق هو الله تعالى .
• هو القائل :لو غاب عنى رسول الله طرفة عين أو مقدار نفس ما عددت نفسى من المسلمين .
• إذا أردت أن يكون لك نصيب مما لأولياء الله تعالى فعليك برفض الناس جملة واحده (ما المقصود بالرفض هنا؟ )إلا من يدلك على الله بإشاره صادقه و اعمال ثابته لا ينقضها كتاب او سنه .
• أما فى أدب الدخول الى مسجد رسول الله فلنا فيه أسوه إذ يقول سيدنا ماضى :
حججت معه سنه من السنين فلما وصلنا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على باب المسجد يطلب الإذن بالدخول عليه وقال هذا موضع قال الله فيه
" يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا ...."ثم وقف قبالة المقام وكشف عن رأسه وهو
يقول " صلوات الله وملائكته ورسله وأنبيائه وجميع خلقه من أهل سماواته و أرضه عليك يا رسول الله وعلى أصحابه أجمعين " وأخذ يكررها وهو فى حال عظيم الى أن سكن ولما سأله سيدنا ماضى عن تكراره للسلام على رسول الله أجابه أن رسول الله كان يرد عليه السلام كل مره ( من كتاب درة الأسرار وتحفة الأبرار )
•من أقواله عندما سئل من أولياء الله ؟ قال رضى الله عنه :
" الذين إذا رؤوا ذكر الله " فأعدل عن رؤية الأجسام الى رؤية المعانى واهتد بنور الله المستودع فى القلوب الذى به نظروا ووقفوا وتحققوا .
• يعلِّم الشاذلى عن التصوف أنه صفاء تام للنفس وتقوى خالصه لله وحب وتعلق به
وارتفاع بالروح بالعمل:
* للصوفى الصحيح 4 صفات :
1-التخلق بأخلاق الله
2- حسن المجاوره لاوامر الله
3- ترك الأنتصار للنفس حياء من الله
4-ملازمة البساط بصدق الفناء مع الله
ويستطيع المتأمل في كلمات السيد أبى الحسن أن يدرك أن "الفناء" يقصد به فناء النفس الدنيا التي تحجب الإنسان عن الوعي بالحق فيه وفي آيات الله حوله.
• إننا ننظر إلى الله ببصر الأيمان والآيقان فأغنانا عن الدليل والبرهان فبالحب تهبط المعرفه فى القلب بلا دليل ولا برهان _ وهنا لا نرى أحدا من الخلق – هل فى الوجود سوى الملك الحق وإن كان لابد فكالهباء فى الهواء إذا تحققنا لم نجده شيئا .
• يقول: فرغ لسانك للذكر وقلبك للتفكر وبدنك لمتابعة الآمر – أنت إذن من الصالحين .
الأذكار أربعه :
1- ذكر تطرد به الغفله .
2- ذكر تذكر به الخوف من العذاب وحب النعيم .
3-ذكر يذكرك إن الحسنات من الله و السيئات منك وإن كان الله هو الفاعل .
4-ذكر نذكر به ذلك " فاذكرونى أذكركم" فيجرى لسانه بالذكر وهو موضع الفناء.
*مقام العبوديه الثقه بالله والتسليم له .
*من أدب مجالسة الاكابر عدم التجسس على عقائدهم وعدم تحديثهم بغير المنقول.
(ليست مفهومة وهل هو الذي قالها؟)
*إن أردت أن توفق للخشوع فاترك فضول النظرو إن أردت أن توفق للحكمه فاترك فضول الكلام.
* لحلاوة العباده فعليك بالصوم وقيام الليل والتهجد فيه .
*لآصلاح نفسك فاترك التجسس على عيوب الناس .
* التجسس من شعب النفاق و حسن الظن من شعب الإيمان لله.
* إن أردت أن تكون خير الناس فكن نافعا للناس .
* الطريق الشاذلى دعوه للعمل والأخذ بالأسباب وليس التواكل والعمل بالكتاب والسنه
وتلاوة الأحزاب ومجالس الذكر .
* تشهد أقوال الإمام الشاذلى الكثيره تمسكه وتأكيده المستمر على ضرورة الألتزام بمتابعة السنه
وكان يقول " إن الله قد ضمن لك العصمه فى الكتاب والسنه " و أن أى إلهام أو كشف يجب عرضه على الكتاب والسنه .
* كان رضى الله عنه مثالا نادرا للمتصوف العامل على ريط الشريعه بالحقيقه ، داعيا أنه لاحقيقه بلا شريعه وأن أساس الحقيقه الشريعه.
* يجب على الذاكر مراقبة النفس يقظا مما يمر به من خواطر ومراقبة النفس بدوام ذكر لا اله الا الله .
*كان رضى الله عنه يقول : رأس النفس إرادتها ويداها وعلمها و عقلها ...وجلاها تدبيرها وإختيارها فإن أردت جهاد النفس فاحكم عليها بالعلم ، واسجنها فى قبضة الله فيما كنت ، واشك عجزك الى الله كلما غفلت.
*يقول الشاذلى : مراكز النفس أربع
1- مركز للشهوه فى المخالفات .
2- الطاعات .
3- الميل للراحات .
4- فى العجز عن أداء المفروضات لله .
فقال الشيخ قال الله تعالى " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم
واقعدوا لهم كل مرصد " ( آيه 5 سورة التوبه) .
" العلماء ورثة الأنبياء " :
قال الشاذلى رحمه الله "اعلم إن العلوم التى وقع الثناء علي أربابها وإن جلت فهى ظلمه فى علوم ذوى التحقيق – وهم الذين غرقوا فى تيار بحر الذات وغموض الصفات فكانوا بلا هم و هم (ما المقصود؟ إما أن نشرحها بكلمات قالها أو نحزفها) الخاصه العليا الذين شاركوا الآنبياء والرسل فى مراتبهم وإن جلت مراتب الأنبياء و الرسل قال النبى ص " العلماء ورثة الأنبياء ".
أول طريق يطؤه المحب للترقى :
1- النفس – فيشتغل بأسبابها ورياضتها الى أن ينتهى الى معرفتها فإذا عرفها تشرق
عليه أنوار المنزل الثانى وهو القلب
2- القلب _ فيشتغل بمعرفته فإذا صح له رقى الى المنزل الثالث وهوالروح
3- الروح –فيشتغل بسياستها ومعرفتها فإذا نمت له المعرفه بها هبت عليه أنوار اليقين
4- اليقين- فيشهد موجودا لا حدود له ولا غايه وتضمحل جميع الكائنات فيه فيشهدها فيه وبشهده فيها – ثم يمده الله بنور ذاته ما يحيه به حياه باقيه
لا غايه لها – فصار أهل الموجودات نورا شائعا فى كل شئ من الله بالله إذ محال أن يحجبه غيره فيقول العبد:
رب منك إليك فأقل عثرتى فإنى أعوذ بك منك حتى لا أرى غيرك فهذا هو سبيل الترقى الى حضره العلى الأعلى وهو طريق المحبين .الطريق المخصوص بالمحبين أول قدم بلا قدم – ألقى عليهم من نور ذاته فغيبهم عن عباده وحبب إليهم الخلوات .
أصول وتعاليم الطريقه الشاذليه :
1- نقوى الله فى السر والعلن
2- إتباع السنه فى الأقوال و الأفعال
3-الاعراض عن الخلق فى الاقبال والأدبار
4- الرضا عن الله فى القليل و الكثير
5- الرجوع الى الله فى السراء و الضراء
أ وضح الأمام أبو الحسن الشاذلى طريقته حين قال :
طريق القصد الى الله- الذكر
وبساطة العقل الصالح – ثمرته النور
والتفكر وبساطة الصبر – ثمرته العلم
والفقر و بساطة الشكر – ثمرته المزيد من النعم
و الحب وبساطة بغض الدنيا وأهلها – ثمرته الوصول للمحبوب
ومن أقواله خصلتان تسهلان الطريق الى الله "المعرفه والحب"
وللشاذلى أسلوب فى التصوف :
حيث أن للتصوف مزاجين مختلفين
الأول – العزيمه والتضييق والتشدد أمثال ( الشيخ القشيرى – والسرىالسقطى) .
الثانيه- السهوله و الرخصه و الأنبساط أمثال ( الشيخ الجنيد – الجيلى – الشاذلى )
وكان لسيدى أبو الحسن الشاذلى محاولات فى تفسير القرآن إذ كان يرى أن هناك
جانب ظاهرى للآيات وجانب باطنى يحتاج لإثراء روحى مشرق المضمون و نفحه
الهيه جميله كتفسيره ما تلك بيمينك يا موسى – فسرها بقوله هى دنياى أنفق بها
على نفسى و أهلى فيقال له إلقها فيجدها حبه تسعى لعلك قابضها فيأخد حذره منها ثم
يقال له خذها ولا تخف فكما القاها أولا بإذن حال بدايته فكذلك بإذن حال نهايته
(عن اللوائح للشعرانى ص355)
كذلك تفسير " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى" قال :
من يظن أن علم الروح لم يحط به الخاصه العليا فقد وقع فى عظيمين –
1- جهل أولياء الله ووصفهم بالقصور
2- ظن بربهم أنه منعهم
وكيف يظن على مخصوص؟ (غير واضح)
الشاذلى و الكرامات :
كان للأمام الشاذلى رضى الله عنه رأى فى الكرامات يقول فيه :
" ما ثم كرامه أعظم من كرامة الأيمان ،و متابعة السنه ، فمن أعطيهما وجعل يشتاق لغيرهما فهو عبد مغتر كذاب ، وهو كمن أكرم بشهود فاشتاق الى سياسة الدواب . كل كرامه لا يصحبها الرضا من الله ، وعن الله ، و المحبه لله ، ومن الله ، فصاحبها مستدرج مغرور أو ناقص هالك" ( نور التحقيق من صحة أعمال الطرق ص 133 ) .
و من أقواله رضى الله عنه ايضا : الكرامه الحقيقيه انما هى حصول الأستقامه الوصول الى كمالها ظاهرا وباطنا أما الكرامه بمعنى خرق العاده فلا عبره لها عند المحققين إذ قد يرزق بها من لم تكمل إستقامته وقد يرزق بها المستدرجون (نور التحقيق ص134 ) .
ومن هذا كله نلاحظ أن الأمام الشاذلى يقدر الكرامه المعنويه بل وبعتبرها الكرامه الصادقه .
ولم يهتم الأمام بتدوين دروسه ولكنه ربى رجالا بدل أن يخرج كتبا وقد سئل رضى عنه:
لما لا تضع كتبا فى الدلاله على الله تعالى وعلوم القوم فقال رضى الله عنه كتبى أصحابى
أما علوم المعارف الألهيه فهو قطب رحاها وشمس ضحاها .
كان رضى الله عنه يدعو الله أن يتوفاه قى أرض لم يعصه فيها أحد قط وكان يحج كل
عام وفى طريقه للحج آخر مره وهو بملابس الأحرام قال لخادمه اصطحب فأسا و قفه
وحنوطا فسأله الخادم لماذا قال له فى حميثرا سترى وهى بصعيد مصر فى صحراء عيذاب.
وهناك توضأ للصلاه وصلى ركعتين الأحرام وأوصى أصحابه بحزب البحر لوجود
اسم الله الأعظم به وبات يناجى ربه و يذكر الله الله .فلما كان السحر سكن فظنوا أنه نام فحركوه فوجدوه قد إنتقل الى جوار ربه .رضى الله عن سيدنا أبو الحسن الشاذلى و أرضاه وجزاه عنا بما انتفعنا به وتعلمنا منه وأخذنا عنه فهو رضى الله عنه و أرضاه كان حلو الحديث، يبشر ولا ينفر ، بش الوجه كان فارسا حقيقيا للمعنى ظاهرا وباطنا .وهذا قليل من كثير عن شخصية العدد سيدنا أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه وأرضاه.
ترجمة سيدنا أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه
(591 – 656 هـ.)
قال الفقيه الشافعي المشهور سراج الدين عمر بن علي المصري المعروف بابن الملقن (804 هـ.) في كتابه طبقات الأولياء في ترجمة الإمام أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه إنه علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف أبو الحسن الهذلي الشاذلي الضرير الزاهد نزيل السكندرية وشيخ الطائفة الشاذلية ، انتسب في بعض مصنفاته إلى الحسن بن علي بن أبي طالب فقال بعد يوسف المذكور بن يوشع بن برد بن بطال بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، كان كبير المقدار عالي المقام، صحب الشيخ نجم الدين بن الأصفهاني نزيل الحرم ومن أصحابه الشيخ أبو العباس المرسي.اهـ.
وقال السيوطي (911هـ.) في حسن المحاضرة عند ذكر من كان بمصر من الصلحاء والزهاد والصوفية ما نصه: الشيخ أبو الحسن الشاذلي شيخ الطائفة الشاذلية هو الشريف تقي الدين علي بن عبد الله عبد الجبار، قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيدما رأيت أعرف بالله من الشاذلي.اهـ.
وقال المؤرخ صلاح الدين الصفدي في كتابه نكت الهميان إن المترجَم هو علي بن عبد الله بن عبدالجبار بن يوسف أبو الحسن الشاذلي ببالشين والذال المعجمتين وبينهما ألف وفي الآخر لام، وشاذلة قرية بإفريقية، المغربي الزاهد نزيل الإسكندرية وشيخ الطائفة الشاذلية، وقد انتسب في بعض مصنفاته إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو رجل كبير القدر كثير الكلام عالي المقام له نظم ونثر، وكان الشاذلي ضريراً وحج مرّات وتوفي رحمه الله تعالى بصحراء عيذاب قاصدَ الحج فدفن هناك في أول ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة.اهـ.
وذكر ابن الملقن وعبد الوهاب الشعراني وغيرهما أن من مريديه القطب أبي العباس المرسي رضي الله عنه المدفون في الإسكندرية.اهـ.و أبو العباس المرسي شيخ ياقوت العرشي رضي الله عنهما.
أقول ولو لم يكن لأبي الحسن الشاذلي من المريدين إلا سيدنا أبي العباس المرسي رضي الله عنه وكذا لو لم يكن لأبي العباس المرسي من المريدين إلا ياقوت العرشي لكفاهما دليلاً على علو كعبهما ومقامهما رضي الله عن الجميع.
وكان من كلام سيدنا أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه مما: إن من أعظم القربات عند الله تعالى مفارقة النفس بقطع إرادتها وطلب الخلاص منها بترك ما تهوى لما يرجى من حياتها.اهـ.
وليعلم أنه لا يجوز الطعن في من ثبتت عدالته وإمامته بنقل متشابه لا يثبت بل لا يصح عن المترجَم ولا عن أمثاله وهو من سوء الظن بعباد الله ما نهينا عنه، فمن اشتغل بما نقل من العبارات الموهمة عن هؤلاء الأعلام فقد عرض نفسه للانزلاق في متاهات الزندقة إذ ليس كل ما نقل عنهم بصحيح، وما ثبت منه بإسناد العدول فإن له مخرجاً صحيحاً موافقاً للشرع، وما لم يكن كذلك فإننا نبرّئ أبا الحسن الشاذلي وأمثاله رضي الله عنهم منه تحسيناً للظن بهم وهو ما أمِرنا به في من هو دونهم من عوامّ المسلمين فكيف بمن هو مثلهم من أئمة الورع والدين. ثم إننا لو تتبعنا كل ما قيل في أهل العلم لوجدنا انه لم ينجُ من الجرح أمثال أبي حنيفة النعمان بن ثابت والإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنهما إذ أنهما قد رميا حسداً وبغياً بما يلزم منه خروجهما من الملة وما ذاك إلا باطل من القول، بل رضي الله عنهما وأرضاهما وأمثالهما بما نفعوا الإسلام ونافحوا عنه.