شبكه الطريقه القادريه الكباشيه
~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ 829894
ادارة المنتدي ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ 103798
شبكه الطريقه القادريه الكباشيه
~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ 829894
ادارة المنتدي ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ 103798
شبكه الطريقه القادريه الكباشيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكه الطريقه القادريه الكباشيه

منتدي تعريف بسيره وكتب الشيخ إبراهيم الكباشي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
>~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Rufaai10 منتدي الشيخ ابرهيم الكباشي توثيق لحياة مليئه بالعلم والتصوف والجهاد يحتوي علي كتبه واقواله وسيرته ومدائحه >~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Rufaai10"

 

 ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد العوض الكباشي

احمد العوض الكباشي


ذكر
عدد المساهمات : 2933
تاريخ التسجيل : 22/08/2010
العمر : 37
الموقع : الكباشي

~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Empty
مُساهمةموضوع: ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~   ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Icon_minitimeالأحد أبريل 10, 2011 5:21 am

التبيـان في آداب حملة القرآن

للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف الدين النووي


font face=][b]br /[b]font face=]خطبة الكتاب


قال الشيخ الفقيه الإمام العالم الورع الزاهد الضابط المتقن أبو زكريا يحيى محي الدين بن شرف بن حزام النووي رحمه الله تعالى: الحمد لله الكريم المنان ذي الطول والفضل والإحسان ، الذي هدانا للإيمان وفضل ديننا على سائر الأديان ، بارساله إلينا أكرم خلقه عليه وأفضلهم لديه حبيبه وخليله وعبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ، فمحا به عبادة الأوثان ، أكرمه صلى الله عليه وسلم بالقرآن المعجزة المستمرة على تعاقب الأزمان ، التي يتحدى بها الإنس والجان بأجمعهم ، وأفحم بها جميع أهل الزيغ والطغيان ، وجعله ربيعا لقلوب أهل البصائر والعرفان ، لا يخلق على كثرة التردد وتغاير الأحيان ، ويسره للذكر حتى استظهره صغار الولدان ، وضمن حفظه من تطرق التغير إليه والحدثان ، وهو محفوظ بحمد الله وفضله ما اختلف الملوان ، ووفق للاعتناء بعلومه من اصطفاه من أهل الحذق والإتقان ، فجمعوا فيها من كل فن ما ينشرح له صدر أهل الإيقان ، أحمده على ذلك وغيره من نعمه التي لا تحصى خصوصا على نعمة الإيمان ، وأسأله المنة علي وعلى سائر أحبائي وسائر المسلمين بالرضوان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة محصلة للغفران منقذة صاحبها من النيران ، موصلة له إلى سكنى الجنان. أما بعد فإن الله سبحانه وتعالى من على هذه الأمة ـ زادها الله تعالى شرفا ـ بالدين الذي ارتضاه دين الإسلام ، وأرسل إليها محمدا خير الأنام ، عليه منه أفضل الصلاة والبركات السلام ، وأكرمها بكتابه أفضل الكلام ، وجمع فيه سبحانه وتعالى جميع ما يحتاج إليه من أخبار الأولين ولآخرين والمواعظ والأمثال والآداب وضروب الأحكام ، والحجج القاطعات الظاهرات في الدلالة على وحدانيته وغير ذلك مما جاءت به رسله صلوات الله عليهم وسلامه الدامغات لأهل الإلحاد الضلال الطغام وضاعف الأجر في تلاوته وأمرنا بالاعتناء به والإعظام ، وملازمة الآداب معه وبذل الوسع في الاحترام ، وقد صنف في فضل تلاوته جماعة من الأوائل والأعلام كتبا معروفة عند أولي النهي والأحلام ، لكن ضعفت الهمم عن حفظها ، بل عن مطالعتها ، فصار لا ينتفع بها إلا أفراد من أولي الإفهام ، ورأيت أهل بلدتنا دمشق حماها الله تعالى وصانها وسائر بلاد الإسلام ، مكثرين من الاعتناء بتلاوة القرآن العزيز تعلما وتعليما وعرضا ودراسة في جماعات وفرادى ، مجتهدين في ذلك بالليالي والأيام ، زادهم الله حرصا عليه وعلى جميع أنواع الطاعات مريدين وجه الله ذي الجلال والإكرام ، فدعاني ذلك إلى جمع مختصر في آداب حملته وأوصاف حفاظه وطلبته ، فقد أوجب الله سبحانه وتعالى النصح لكتابه ، ومن النصيحة له بيان آداب حملته وطلابه وإرشادهم إليها وتنبيههم عليها ، وأوثر فيه اختصار وأحاذر التطويل والإكثار ، وأقتصر في كل باب في طرف من أطرافه ، وأرمز من كل ضرب من آدابه إلى بعض أصنافه ، فلذلك أكثر ما أذكره بحذف أسانيده. وإن كانت أسانيده بحمد الله عندي من الحاضرة العتيدة ، فإن مقصودي التنبيه على أصل ذلك والإشارة بما أذكره إلى ما حذفته مما هنالك. والسبب في إيثار اختصاره إيثاري حفظه وكثرة الانتفاع به وانتشاره. ثم ما وقع من غريب الأسماء واللغات في الأبواب أفرده بالشرح والضبط الوجيز الواضح على ترتيب وقوعه في باب في آخر الكتاب ليكمل انتفاع صاحبه ، ويزول الشك عن طالبه ، ويندرج في ضمن ذلك وفي خلال الأبواب جمل من القواعد ، ونفائس من مهمات الفوائد ، وأبين الأحاديث الصحيحة والضعيفة مضافات إلى من رواها من الأئمة الأثبات. وقد ذهلوا عن نادر من ذلك في بعض الحالات. وأعلم أن العلماء من أهل الحديث وغيرهم جوزوا العمل بالضعيف في فضائل الأعمال ، ومع هذا فإني أقتصر على الصحيح فلا أذكر الضعيف إلا في بعض الأحوال وعلى الله الكريم توكلي واعتمادي وإليه تفويضي واستنادي ، وأسأله سلوك سبيل الرشاد والعصمة من أهل الزيغ والعناد ، والدوام على ذلك وغيره من الخير في ازدياد ، وأبتهل إليه سبحانه أن يهديني بحسن النيات ، وييسر لي جميع أنواع الخيرات ، ويعينني على أنواع المكرمات ، ويديمني على ذلك حتى الممات ، وأن يفعل ذلك كله بجميع أحبابي وسائر المسلمين والمسلمات ، وحسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ويشتمل هذا الكتاب على عشرة أبواب:
الباب الأول: في أطراف من فضيلة تلاوة القرآن وحملته.
الباب الثاني: في ترجيح القرآن والقارئ على غيرهما.
الباب الثالث: في إكرام أهل القرآن والنهي عن أذاهم.
الباب الرابع: في آداب حامل القرآن ومتعلمه.
الباب الخامس: في آداب حامل القرآن.
الباب السادس: في آداب القرآن وهو معظم الكتاب ومقصوده.
الباب السابع: في آداب الناس كلهم مع القرآن.
الباب الثامن: في الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة.
الباب التاسع: في كتابة القرآن وإكرام المصحف.
الباب العشر: في ضبط ألفاظ هذا الكتاب.


br /br /الباب الأول: في أطراف من فضيلة تلاوة القرآن وحملته



قال الله عز وجل: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور} وروينا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه رواه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري في صحيحه الذي هو أصح الكتب بعد القرآن ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مر السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن وهو يتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران رواه البخاري و أبو الحسين مسلم القشيري النيسابوري في صحيحهما ، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر رواه البخاري و مسلم. وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين رواه مسلم.

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه رواه مسلم ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل آناء النهار ، ورجل آتاه الله ملا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار رواه البخاري و مسلم وروينا أيضا من رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يلفظ لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله ملا فسلطه على هلكته في الحق وجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألام حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف رواه أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، وقال حديث حسن صحيح ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله سبحانه وتعالى: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ، وفضل كلام الله سبحانه وتعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه رواه الترمذي وقال حديث حسن. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الذي ليس في جوفه شئ من القرآن كالبيت الخرب رواه الترمذي ، وقال حديث حسن صحيح ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها رواه أبو داود و الترمذي و النسائي ، وقال الترمذي حديث حسن صحيح. وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا فما ظنكم بالذي عمل بهذا رواه أبو داود. وروى الدارمي باسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقرؤوا القرآن فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعى القرآن ، وإن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن ، ومن أحب القرآن فليبشر. وعن الحميدي الجمالي قال: سألت سفيان الثوري عن الرجل يغزو أحب إليك أو يقرأ القرآن؟ فقال يقرأ القرآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه.


[b][b]الباب الثاني: في ترجيح القراءة والقارئ على غيرها




ثبت عن ابن مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى رواه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه ، وسيأتي في الباب بعد هذا أحاديث تدخل في هذا الباب ، واعلم المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرها من الأذكار ، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك والله أعلم.


الباب الثالث: في إكرام أهل القرآن والنهي عن أذاهم



قال الله عز وجل: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} وقال الله تعالى: {ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} وقال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} وقال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} وفي الباب حيث أبي مسعود الأنصاري وحديث ابن عباس المتقدمان في الباب الثاني ، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط رواه أبو داود ، وهو حديث حسن ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم رواه أبو داود في سننه و البزار في مسنده. قال الحاكم أبو عبد الله في علوم الحديث: هو حديث صحيح ، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ثم يقول أيهما أكثر أخذا للقرآن فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد رواه البخاري ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل قال: من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب رواه البخاري ، وثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى الصبح فهو في ذمة الله تعالى فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته وعن الإمامين الجليلين أبي حنيفة و الشافعي رضي الله عنهما قالا: إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي. قال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله: اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته ، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاء الله تعالى قبل موته بموت القلب فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.


الباب الرابع: في آداب معلم القرآن ومتعلمه ، وفيه فصول



هذا الباب مع البابين بعده هو مقصود الكتاب ، وهو طويل منتشر جدا فإني أشير إلى مقاصده مختصرة في فصول ليسهل حفظه وضبطه إن شاء الله تعالى.

(فصل) أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى ، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} أي الملة المستقيمة ، وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى وهذا الحديث من أصول الإسلام ، وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما يعطى الرجل على قدر نيته ، وعن غيره إنما يعطى الناس على قدر نياتهم ، وروينا عن الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى قال: الإخلاص إفراد الحق في الطاعة بالقصد ، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شيء آخر من تصنع المخلوق أو اكتساب محمدة عند الناس أو محبة أو مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى. قال ويصح أن يقال: الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين وعن حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى: الإخلاص استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن ، وعن ذي النون رحمه الله تعالى قال: ثلاث من علامات الإخلاص استواء المدح والذم من العامة ، ونسيان رؤية العمل في الأعمال واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة. وعن الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال: ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله منهما ، وعن سهل التستري رحمه الله تعالى قال: نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى وحده لا يمازجه شيء لا نفس ولا هوى ولا دنيا. وعن السري رضي الله عنه قال: لا تعمل للناس شيئا ، ولا تترك لهم شيئا ، ولا تغط لهم شيئا ، ولا تكشف لهم شيئا. وعن القشيري قال: أفضل الصدق استواء السر والعلانية ، وعن الحارث المحاسبي رحمه الله قال: الصادق هو الذي لا يبالي ، ولو خرج عن كل قدر له في قلوب الخلائق من أجل صلاح قلبه ، ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله ، فإن كرامته لذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم ، وليس هذا من أخلاق الصديقين ، وعن غيره إذا طلبت الله تعالى بالصدق أعطاك الله مرآة تبصر فيها كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة وأقاويل السلف في هذا كثيرة أشرنا إلى هذه الأحرف منها تنبيها على المطلوب ، وقد ذكرت جملا من ذلك مع شرحها في أول شرح المهذب وضممت إليها من آداب العالم والمتعلم والفقيه والمتفقه ما لا يستغني عنه طالب العلم ، والله أعلم.

(فصل) وينبغي أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك ، ولا يشوب عند المقرئ إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه سواء كان الرفق مالا أو خدمة ، وإن قل ولو كان على صورة الهدية التي لو لا قراءته عليه لما أهداها إليه ، قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} وقال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد} الآية ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة. رواه أبو داود بإسناد صحيح ، ومثله أحاديث كثيرة ، وعن أنس و حذيفة و كعب بن مالك رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار رواه الترمذي من رواية كعب بن مالك ، وقال أدخله النار.

(فصل) وليحذر كل الحذر من قصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه ، وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به ، وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين ، وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته وفساد طويته بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم ، فإنه لو أراد الله بتعليمه لما كره ذلك ، بل قال لنفسه أنا أردت الطاعة بتعليمه ، وقد حصلت ، وقد قصد بقراءته على غيري زيادة علم ، فلا عتب عليه ، وقد روينا في مسند الإمام المجمع على إمامته وحفظه وإمامته أبي محمد الدارمي رحمة الله عليه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال يا حملة القرآن أو قال (يا حملة العلم اعملوا به فإنما العالم من عمل بما علم ووافق علمه عمله ، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم ، وتخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه. أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى) ، وقد صح عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم يعني علمه وكتبه أن لا ينسب إلي حرف منه.

(فصل) وينبغي للمعلم أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده الله إليها من الزهادة في الدنيا والتقلل منها ، وعدم المبالاة بها وبأهلها ، والسخاء والجود ومكارم الخلاق ، وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة والحلم والصبر والتنزه عن دنيء المكاسب وملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع ، واجتناب الضحك ، والإكثار من المزاح ، وملازمة الوظائف الرعية كالتنظيف بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها ، كقص الشارب وتقليم الظفر وتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة ، وليحذر كل الحذر من الحسد والرياء والعجب واحتقار غيره ، وإن كان دونه ، وينبغي أن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ، ونحوهما من الأذكار والدعوات ، وأن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته ، ويحافظ على ذلك ، وأن يكون تعويله في جميع أموره على الله تعالى.

(فصل) وينبغي له أن يرفق بمن يقرأ عليه ، وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حاله ، فقد روينا عن أبي هرون العبدي قال: كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فيقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الناس لكم تبع وإن رجلا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا رواه الترمذي و ابن ماجه وغيرهما ، وروينا نحو في مسند الدارمي عن أبي الدرداء رضي الله عنه.

(فصل) وينبغي أن يبذل لهم النصيحة ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم ، ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه إكرام قارئه وطالبه ، وإرشاده إلى مصلحته والرفق به ومساعدته على طلبه بما أمكن ، وتأليف قلب الطالب ، وأن يكون سمحا بتعليمه في رفق ، متلطفا به ومحرضا له على التعلم ، وينبغي أن يذكره فضيلة ذلك ليكون سببا في نشاطه وزيادة في رغبته ، ويزهده في الدنيا ، ويصرفه عن الركون إليها والإغترار بها ، ويذكره فضيلة الاشتغال بالقرآن وسائر العلوم الشرعية ، وهو طريق الحارضين والعارفين وعباد الله الصالحين ، وأن ذلك رتبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وينبغي أن يشفق على الطالب ، ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه ، ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه ، والصبر على جفائه وسوء أدبه ، ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان ، فإن الإنسان معرض للنقائص ، لاسيما إن كان صغير السن. وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير ، وأن يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقا، فقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال: أكرم الناس على جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي ، لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت ، وفي رواية: إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني. فقد جاء أن لا يتعاظم على المتعلمين ، بل يلين لهم ويتواضع معهم فقد جاء في التواضع لآحاد الناس أشياء كثيرة معروفة ، مكيف بهؤلاء الذين هم بمنزلة أولاده مع ما هم عليه من الاشتغال بالقرآن ومع ما لهم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه ، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه وعن أبي أيوب السختياني رحمه الله ، قال: ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل.

(فصل) وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية ، والشيم المرضية ، ورياضة نفسه بالدقائق بالخفية ، ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية ، ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات ، ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات ، ويعرفه أن لذلك تنفتح عليه أنوار المعارف ، وينشرح صدره ، ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف ، ويبارك له في علمه وحاله ، ويوفق في أفعاله وأقواله.

(فصل) تعليم المتعلمين فرض كفاية ، فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين ، وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم فإن امتنعوا كلهم أثموا ، وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين ، وإن طلب من أحدهم وامتنع فأظهر الوجهين أنه لا يأثم لكن يكره له ذلك إن لم يكن عذر.

(فصل) يستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم ، مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية ، وأن يفرغ قلبه في حال جلوسه لإقرائهم من الأسباب الشاغلة كلها ، وهي كثيرة معروفة ، وأن يكون حريصا على تفهيمهم ، وأن يعطي كل إنسان منهم ما يليق به ، فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ، ولا يقصر لمن يحتمل الزيادة ، ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم ، ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنة بإعجاب أو غيره ، ومن قصر عنفه تعنيفا لطيفا ما لم يخش عليه تنفيره ، ولا يحسد أحدا منهم لبراعة تظهر منه ، ولا يستكثر فيه ما أنعم الله به عليه ، فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم ، فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد ويعود من فضيلته إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل ، وفي الدنيا الثناء الجميل ، والله الموفق.

(فصل) ويقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول ، فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه. وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه ، ويتفقد أحوالهم ، ويسأل عمن غاب منهم.

(فصل) قال العلماء رضي الله عنهم ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية. فقد قال سفيان وغيره طلبهم للعلم نية. وقالوا طلبنا العلم لغير الله فأبى أن إلا لله ، معناه كانت غايته أن صار لله تعالى.

(فصل) ومن آدابه المتأكدة وما يعتنى به أن يصون يديه في حال الإقراء عن العبث وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة ويقعده على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار وتكون ثيابه بيضا نظيفة ، وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس ، سواء كان الموضع مسجدا أو غيره ، فإن كان مسجدا كان آكد فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين ، ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع ، روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني باسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه.

(فصل) ومن آدابه المتأكدة وما يعتني بحفظه أن لا يذل العلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه فيه وأن كان المتعلم خليفة فمن دونه بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم ، وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة.

(فصل) في آداب المتعلم: جميع ما ذكرناه من آداب المعلم في نفسه آداب للمتعلم ، ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة ، وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره ، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فصد الجسد كله ، ألا وهي القلب وقد أحسن القائل بقوله: يطيب القلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة ، وينبغي أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه وأن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك ، ويتواضع للعلم فبتواضعه يدركه وقد قالوا نظما: العلم حرب للفتى والمتعالي كالسيل حرب للمكان العالي وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق. وهذا أولى.

(فصل) ولا يتعلم إلا ممن تكملت أهليته ، وظهرت ديانته وتحققت معرفته ، واشتهرت صيانته ، فقد قال محمد بن سيرين و ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ، وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به ، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء وقال: اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني. وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: ما اجترأت أن أشرب الماء و الشافعي ينظر إلي هيبة له ، وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من حق المعلم عليك أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية ، وأن تجلس أمامه ، ولا تشيرن عنده بيدك ولا تغمزن بعينيك ، ولا تقولن قال فلان خلاف ما تقول ، ولا تغتابن عنده أحدا ، ولا تشاور جليسك في مجلسه ، ولا تأخذ بثوبه إذا قام ، ولا تلح عليه إذا كسل ، ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته ، وينبغي أن يتأدب بهذه الخصال التي أرشد إليها علي كرم الله وجهه ، وأن يرد غيبة شيخه إن قدر فإن تعذر عليه ردها فارق ذلك المجلس.

(فصل) ويدخل على الشيخ كامل الخصال متصفا بما ذكرناه في المعلم متطهرا مستعملا للسواك فارغ من الأمور الشاغلة وأن لا يخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان ، وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية ، وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف كما جاء في الحديث ، فليست الأولى أحق من الثانية ، ولا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم أو يعلم من حالهم إيثار ذلك ، ولا يقيم أحدا من موضعه. فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك ، ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة ، ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما وإن فسحا له قعد وضم نفسه.

(فصل) وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ. فإن ذلك تأدب مر الشيخ وصيانة لمجلسه ، ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين ، ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة ، ولا يضحك ، ولا يكثر الكلام من غير حاجة ، ولا يعبث بيده ولا بغيرها ، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة بل يكون متوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه.

(فصل) ومما يتأكد الاعتناء به أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله واستيفازه وروعه وغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلب والنشاط ، وأن يغتنم أوقات نشاطه ، ومن آدابه أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله ، ويتأول لأفعاله وأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أو عديم ، وأن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وأنفى لقلب الشيخ ، وقد قالوا: من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة ، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الاخرة والدنيا ، ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما: ذللت طالبا فعززت مطلوبا ، وقد أحسن من قال:
من لم يذق طعم المذلة ساعة قطع الزمان بأسره مذلولا



(فصل) ومن آدابه المتأكدة أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير ، و لا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل. وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال ، وإذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ، ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه ، وأنه لا يقرئ في غيره ، وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف ، والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون ، وينبغي أن يأخذ نفسه بالإجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة ، فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تفقهوا قبل أن تسودوا: معناه اجتهدوا في كمال أهليتكم وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة ، فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين امتنعتم من التعلم لارتفاع منزلتكم وكثرة شغلكم وهذا معنى قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: تفقه قبل أن ترأس. فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه.

(فصل) وينبغي أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار لحديث النبي صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لأمتي في بكورها وينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظه ، وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره. فإن الإيثار مكروه في القرب بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب ، فإن رأى الشيخ المصلحة في الإيثار في بعض الأوقات لمعنى شرعي فأشار عليه بذلك امتثل أمره ، ومما يجب عليه ويتأكد الوصية به أن لا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله إياها ، وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله ، وقد قدمنا ايضاح هذا في آداب الشيخ ، وطريقه في نفي العجب أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته ، وإنما هو فضل من الله ، ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه ، وطريقه في نفي الحسد أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا ، فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرها.


الباب الخامس: في آداب حامل القرآن ، وفيه فصول



قد تقدم حمل منه في الباب الذي قبل هذا ، ومن آدابه أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل ، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن ، وأن يكون مصونا عن دنيء الإكتساب شريف النفس مترفع على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا ، متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين ، وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار ، وفقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس ، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس مفطرون ، وبحزنه إذا الناس يفرحون ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبصمته إذا الناس يخوضون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون ، وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وتفقدونها في النهار. وعن الفضيل بن عياض قال: ينبغي لحامل القرآن أ لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم ، وعنه أيضا قال: حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلو هو ، ولا يسهو مع من يسهو ، ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن.

(فصل) ومن أهم ما يؤثر به أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها ، فقد جاء عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤوا القرآن ، ولا تأكلوا به ولا تجفوا عنه ، ولا تغلوا فيه وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ، ولا يتأجلونه رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد: معناه يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها ، وعن فضيل بن عمرو رضي الله عنه قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا فلما سلم الإمام قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيجيء قوم يسألون بالقرآن فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه وهذا الإسناد منقطع ، فإن الفضيل بن عمرو لم يسمع الصحابة. وأما أخذه الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء فيه ، فحكى الإمام أبو سليمان الخطابي منع أخذ الأجرة عليه عن جماعة من العلماء منهم الزهرى و أبو حنيفة ، وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه ، وهو قول الحسن البصرى و الشعبي و ابن سيرين وذهب عطاء و مالك و الشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة ، وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة ، واحتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن فأهدى له قوسا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أن تطوق بها طوقامن نار فاقبلها وهو حديث مشهور رواه أبو داود و وغيره وبآثار كثيرة عن السلف. وأجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين: أحدهما أن في إسناده مقالا. والثاني أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا. ثم أهدي إليه على سبيل العوض فلم يجز له الأخذ بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم ، والله أعلم.

(فصل) ينبغي أن يحافظ على تلاوته وكثر منها ، وكان السلف رضي الله عنهم لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه ، فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة ، وعن بعضهم في كل شهر ختمة ، وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة ، وعن بعضهم في كل ثمان ليال ، وعن الأكثرين في كل سبع ليال ، وعن بعضهم في كل ست ، وعن بعضهم في كل خمس ، وعن بعضهم في كل أربع ، وعن كثيرين في كل ليال ، وعن بعضهم في كل ليلتين ، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة ، ومنهم من كان يختم ثلاثا ، وختم بعضهم ثمان ختمات أربعا بالليل وأربعا بالنهار ، فمن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم عثمان بن عفان رضي الله عنه و تميم الداري و سعيد بن جبير و مجاهد و الشافعي وآخرين ، ومن الذين كانوا يختمون ثلاث ختمات سليم بن عمر رضي الله عنه قاضي مصر في خلافة معاوية رضي الله عنه. وروى أبو بكر بن أبي داود أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات. وروى أبو عمر الكندي في كتابه في قضاة مصر أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات. قال الشيخ الصالح أبو عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه: سمعت الشيخ أبا عثمان المغربي يقول: كان ابن الكتاب رضي الله عنه يختم بالنهار أربع ختمات وبالليل أربع ختمات ، وهذا أكثر ما بلغنا من اليوم والليلة. وروى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زادان من عباد التابعين رضي الله عنه أنه كان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر ، ويختمه أيضا فيما بين المغرب والعشاء في رمضان ختمتين وسيأتي ، وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل. وروى أبو داود بإسناده الصحيح أن مجاهدا كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء. وعن منصور قال: كان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب والعشاء كل ليلة من رمضان. وعن إبراهيم بن سعد قال: كان أبي يحتبي فما يحل حبوته حتى يختم القرآن. وأما الذي يختم في ركعة فلا يحصون لكثرتهم ، فمن المتقدمين عثمان بن عفان و تميم الداري و سعيد بن جبير رضي الله عنهم ختمة في كل ليلة في الكعبة. وأما الذين ختموا في الأسبوع مرة فكثيرون نقل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه و عبد الله بن مسعود و زيد بن ثابت و أبي بن كعب رضي الله عنهم وعن جماعة من التابعين ك عبد الرحمن بن يزيد و علقمة و إبراهيم رحمهم الله ، والإختبار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر ما يحصل له كمال فهم ما يقرؤه ، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له ، وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة ، وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة ، ويدل عليه الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث رواه أبو داود و الترمذي و النسائي وغيرهم. قال الترمذي حديث حسن صحيح والله أعلم. وأما وقت الابتداء والختم لمن يختم في الأسبوع ، فقد روى أبو داود أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يفتتح القرآن ليلة الجمعة ويختمه ليلة الخميس. وقال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء: الأفضل أن يختم ختمة بالليل وأخرى بالنهار ، ويجعل ختمة النهار يوم الإثنين في ركعتي الفجر أو بعدهما ، ويجعل ختمة الليل ليلة الجمعة في ركعتي المغرب أو بعدهما ليستقبل أول النهار وآخره. وروى ابن أبي داود عن عمر بن مرة التابعي قال: كانوا يحبون أن يختم القرآن من أول الليل أو من أول النهار ، وع ، طلحة بن مصرف التابعي الجليل قال: من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي ، وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح. وعن مجاهد مثله. وروى الدارمي في مسنده بإسناده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح ، وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي. قال الدارمي: هذا حسن من سعد ، وعن حبيب بن أبي ثابت التابعي: أنه كان يختم قبل الركوع. قال ابن أبي داود: وكذا قال أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى. وفي هذا الفصل بقايا ستأتي إن شاء الله تعالى في الباب الآتي. (فصل: في المحافظة على القراءة بالليل) ينبغي أن يكون اعتناؤه بقراءة القرآن في الليل أكثر. قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ، يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}. وثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال نعم الرجل عبد الله لوم كان يصلي من الليل وفي الحديث الآخر من الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه وروى الطبراني وغيره عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: شرف المؤمن قيام الليل والأحاديث والآثار في هذا كثيرة ، وقد جاء عن أبي الأحوص الحبشي قال: إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا: أي يأتيه ليلا فيسمع لأهله دويا كدوي النحل ، قال فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون ؟. وعن إبراهيم النخعي كان يقول: اقرأوا من الليل ولو حلب شاة. وعن يزيد الرقاشي قال: إذا أنا نمت ، ثم استيقظت ثم نمت فلا نامت عيناي. قلت: وإنما رجحت صلاة الليل وقراءته لكونها أجمع للقلب ، وأبعد عن الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات ، وأصون عن الرياء وغيره من المحبطات مع ما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل. فإن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا ، وحديث ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل فيقول: هل من داع فأستجيب له الحديث. وفي الحديث أن رسو


عدل سابقا من قبل احمد العوض الكباشي في الأحد أبريل 10, 2011 5:52 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alkabshi.forumarabia.com
احمد العوض الكباشي

احمد العوض الكباشي


ذكر
عدد المساهمات : 2933
تاريخ التسجيل : 22/08/2010
العمر : 37
الموقع : الكباشي

~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~   ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Icon_minitimeالأحد أبريل 10, 2011 5:34 am

الباب السادس: في آداب القرآن

هذا الباب هو مقصود الكتاب وهو منتشر جدا ، وأنا أشير إلى أطراف من مقاصده كراهة الإطالة وخوفا على قارئه من الملالة ، فأول ذلك يجب على القارئ الإخلاص كما قدمناه ومراعاة الأدب مع القرآن ، فينبغي أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى ، ويقرأ على حال من يرى الله تعالى ، فإنه إن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه.
(فصل) وينبغي إذا أراد القراءة أن ينظف فاه بالسواك وغيره ، والاختيار في السواك أن يكون بعود من أراك ، ويجوز بسائر العيدان وبكل ما ينظف كالخرقة الخشنة والأشنان وغير ذلك ، وفي حصوله بالإصبع الخشنة ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى: أشهرها أنه لايحصل ، والثاني يحصل ، إن لم يجد غيرها ، ولا يحصل إن وجد ويستاك عرضا مبتدئا بالجانب الأمين من فمه وينوي به الإتيان بالسنة. قال بعض العلماء: يقول عند الإستياك ، اللهم بارك في فيه يا أرحم الراحمين. قال الماوردي من أصحاب الشافعي ويستحب أن يستاك في ظاهر الأسنان وباطنها ، ويمر السواك على أطراف أسنانه وكراسي أظراسه وسقف حلقه إمرارا رفيقا. قالوا: وينبغي أن يستاك بعود متوسط لا شديد اليبوسة ولا شديد الرطوبة. قال فإن اشتد يبسه لينه بالماء ، ولا بأس باستعماله سواك غيره بإذنه ، وأما إذا كان فمه نجسا بدم أو غيره فإنه يكره له قراءة القرآن قبل غسله ، وهل يحرم ؟. قال الروياني من أصحاب الشافعي عن والده يحتمل وجهين ، والأصح لا يحرم.
(فصل) يستحب أن يقرأ وهو على طهارة ، فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين ، والأحاديث فيه كثيرة معروفة. قال إمام الحرمين: ولا يقال ارتكب مكروها بل هو تارك للأفضل ، فإن لم يجد الماء تيمم ، والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر حكمها حكم المحدث. وأما الجنب والحائض فإنه يحرم عليهما قراءة القرآن ، سواء كان آية أو أقل منها ، ويجوز لهما إجراء القرآن على قلبهما من غير تلفظ به ، ويجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب ، وأجمع المسلمون على جواز التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأذكار للجنب والحائض. قال أصحابنا: وكذا إن قالا لإنسان: خذ الكتاب بقوة ، وقصدا به غير القرآن فهو جائز ، وكذا ما أشبهه ، ويجوز لهما أن يقولا عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون ، إذا لم يقصدا القرآن ، قال أصحابنا الخراسانيون: ويجوز أن يقولا عند ركوب الدابة: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ، وعند الدعاء: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وقنا عذاب النار ، إذا لم يقصدا القرآن. قال إمام الحرمين: فإذا قال الجنب بسم الله والحمد لله ، فإن قصد القرآن عصى ، وإن قصد الذكر أو لم يقصد شيئا لم يأثم ، ويجوز لهما قراءة ما نسخت تلاوته: كالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة.
(فصل) إذا لم يجد الجنب أو الحائض ماء تيمم ، ويباح له القراءة والصلاة وغيرهما ، فإن أحدث حرمت عليه الصلاة ولم تحرم القراءة والجلوس في المسجد وغيرهما مما لا يحرم على المحدث كما لو اغتسل ثم أحدث ، وهذا مما يسأل عنه ويستغرب. فيقال: جنب يمنع من الصلاة ولا يمنع من قراءة القرآن والجلوس في المسجد من غير ضرورة كيف صورته ؟ فهذا صورته ، ثم الأقرب لا فرق مما ذكرناه بين تيمم الجنب في الحضر والسفر. وذكر بعض أصحاب الشافعي أنه إذا تيمم في الحضر استباح الصلاة ، ولا يقرأ بعدها ، ولا يجلس في المسجد ، والصحيح جواز ذلك كما قدمناه ، ولو تيمم ثم صلى وقرأ ثم رأى ماء يلزمه استعماله فإنه يحرم عليه القراءة وجميع ما يحرم على الجنب حتى يغتسل ، ولو تيمم وصلى وقرأ ثم أراد التيمم لحدث أو لفريضة أخرى أو لغير ذلك ، فإنه لا يحرم عليه القراءة على المذهب الصحيح المختار ، وفيه وجه لبعض أصحاب الشافعي أنه لا يجوز ، والمعروف الأول. أما إذا لم يجد الجنب ماء ولا ترابا فإنه لا يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله ، ويحرم عليه القراءة خارج الصلاة ، ويحرم عليه أن يقرأ في الصلاة ما زاد على فاتحة الكتاب ، وهل يحرم عليه قراءة الفاتحة ؟ فيه وجهان: الصحيح المختار أنه لا يحرم بل يجب فإن الصلاة لا تصح إلا بها ، وكلما جازت الصلاة لضرورة مع الجنابة يجوز القراءة. والثاني لا يجوز ، بل يأتي بالأذكار التي بها العاجز الذي لا يحفظ شيئا من القرآن ، لأن هذا عاجز شرعا فصار كالعاجز حسا ، والصواب الأول ، وهذه الفروع التي ذكرناها يحتاج إليها فلهذا أشرت إليها بأوجز العبارات ، وإلا فلها أدلة وتتمات كثيرة معروفة في كتب الفقه ، والله أعلم.
(فصل) ويستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار ، ولهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد ، لكونه جامعا للنظافة وشرف البقعة ومحصلا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف ، فإنه ينبغي لكل جالس في المسجد الاعتكاف سواء أكثر في جلوسه أو أقل ، بل ينبغي أول دخوله المسجد أن ينوي الاعتكاف ، وهذا الأدب ينبغي أن يعتنى به ويشاع ذكره ويعرفه الصغار والعوام ، فإنه مما يغفل عنه. وأما القراءة في الحمام فقد اختلف السلف في كراهيتها: فقال أصحابنا: لا يكره ، ونقله الإمام المجمع على جلالته أبو بكر بن المنذر في الإشراف عن إبراهيم النخعي و مالك. وهو قول عطاء ، وذهب إلى كراهته جماعات منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، رواه عنه ابن أبي داود ، وحكى ابن المنذر عن جماعة من التابعين منهم أبو وائل شقيق بن سلمة و الشعبي و الحسن البصري و مكحول و قبيصة بن ذؤيب ، ورويناه أيضا عن إبراهيم النخعي ، وحكاه أصحابنا عن أبي حنيفة رضي الله عنهم أجمعين قال الشعبي: تكره القراءة في ثلاثة مواضع: في الحمامات ، والحشوش ، وبيوت الرحى وهي تدور. وعن أبي ميسرة قال: لا يذكر الله إلا في مكان طيب. وأما القراءة في الطريق ، فالمختار أنها جائزة غير مكروهة إذا لم يلته للنعاس صاحبها ، فإن النهى عنها كرهت ، كما كره النبي صلى الله عليه وسلم القراءة الناعس مخافة من الخلط. وروى أبو الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقرأ في الطريق. وروى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أذن فيها. قال ابن أبي داود: حدثني أبو الربيع قال: أخبرنا ابن وهب قال: سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل فيخرج إلى المسجد وقد بقي من السورة التي كان يقرأ فيها شئ ، قال ما أعلم القراءة تكون في الطريق ، وكره ذلك ، وهذا إسناد صحيح عن مالك رحمه الله.
(فصل) يستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقبل القبلة ، فقد جاء في الحديث خير المجالس ما استقبل به القبلة ويجلس متخشعا بسكينة ووقار ، مطرقارأسه ويكون جلوسه وحده في تحسين أدبه وخضوعه كجلوسه بين يدي معلمه ، فهذا هو الأكمل ، ولو قرأ قائما ، أو مضطجعا ، أو في فراشه ، أو على غير ذلك من الأحوال جاز ، وله أجر ، ولكن دون الأول. قال الله عز وجل: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض} وثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن رواه البخاري و مسلم ، وفي رواية يقرأ القرآن ورأسه في حجري وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إني أقرأ القرآن في صلاتي وأقرأ على فراشي. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إني لا أقرأ حزبي وأنا مضطجعة على السرير.
(فصل) فإن أراد الشروع في القراءة استعاذ فقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، هكذا قال الجمهور من العلماء. وقال بعض العلماء: يتعوذ بعد القراءة ، لقوله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} ، وتقدير الآية عند الجمهور: إذا أردت القراءة فاستعذ ، ثم صيغة التعوذ كما ذكرناه ، وكان جماعة من السلف يقولون أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ولا بأس بهذا ، ولكن الاختيار هو الأول ، ثم إن التعوذ مستحب وليس بواجب ، وهو مستحب لكل قارئ ، سواء كان في الصلاة أو في غيرها ، ويستحب في الصلاة في كل ركعة على الصحيح من الوجهين عند أصحابنا ، وعلى الوجه الثاني إنما يستحب في الركعة الأولى ، فإن تركه في الأولى أتى به في الثانية ، ويستحب التعوذ في التكبيرة الأولى في صلاة الجنازة على أصح الوجهين قال: وينبغي أن يحافظ على قراءة بسم الله الرحمان الرحيم في أول كل سورة سوى براءة ، فإن أكثر العلماء قالوا إنها آية ، حيث تكتب في المصحف وقد كتبت في أوائل السور سوى براءة ، فإذا قرأها كان متيقنا قراءة الختمة أو السورة ، فإذا أخل بالبسملة كان تاركا لبعض القرآن عند الأكثرين ، فإذا كانت القراءة في وظيفة عليها جعل كالأسباع والأجراء التي عليها أوقاف وأرزاق كان الاعتناء بالبسملة أكثر لتيقن قراءة الختمة ، فإنه أذا تركها لم يستحق شيئا من الوقف عند من يقول البسملة آية من أول السورة ، وهذه دقيقة يتأطد الإعتناء بها وإشاعتها.
(فصل) فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبير عند القراءة ، و والدلائل عليه أكثر من أن تحصر ، وأشهر وأظهر من أن تذكر ، فهو المقصود المطلوب ، وبه تنشرح الصدور ، وتستنير القلوب ، قال الله عز وجل: {أفلا يتدبرون القرآن} وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}. والأحاديث فيه كثيرة ، وأقاويل السلف فيه مشهورة ، وقد بات جماعة من السلف يتلون آيه واحدة يتدبرونها ويرددونها إلى الصبح ، وقد صعق جماعة من السلف عند القراءة ، ومات جماعات حال القراءة ، وروينا عن بهز بن حكيم أن زرارا بن أوفى التابعي الجليل رضي الله عنه أمهم في صلاة الفجر فقرأ حتى بلغ: {فإذا نقر في الناقور ، فذلك يومئذ يوم عسير} خر ميتا. قال بهز: وكنت فيمن حمله. وكان احمد بن أبي الحواري رضي الله عنه ، وهو ريحانة الشام كما قال أبو القاسم الجنيد رحمه الله إذا قرئ عنده القرآن يصيح ويصعق. قال ابن أبي داود: وكان القاسم بن عثمان الجوني رحمه الله ينكر على ابن الحواري ، وكان الجوني فاضلا من محدثي أهل دمشق تقدم في الفضل على ابن أبي الحواري. قال: وكذلك أنكره أبو الجوزاء و قيس بن جبير وغيرهم. قلت والصواب: عدم الإنكار غلا على من اعترف أنه يفعله تصنعا ، والله أعلم. وقال السيد الجليل ذو المواهب والمعارف إبراهيم الخواص رضي الله تعالى عنه: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالدبر ، وخلاء البطن ، وقيام الليل ، والتضرع عند السحر ، ومجالسة الصالحين.
(فصل: في استحباب ترديد الآية للتدبر) وقد قدمنا في الفصل قبله الحث على التدبر ، وبيان موقعه ، وتأثر السلف. وروينا عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح والآية: {إن تعذبهم فإنهم عبادك} الآية رواه النسائي و ابن ماجه. وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات} الآية ، وعن عبادة بن حمزة قال: دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ: {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} فوقفت عندها فجعت تعيدها وتدعو ، فطال علي ذلك ، فذهبت إلى السوق ، فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو ، ورويت هذه القصة عن عائشة رضي الله تعالى عنها ، وردد ابن مسعود رضي الله عنه: {رب زدني علما} وردد سعيد بن جبير: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} وردد أيضا: {فسوف يعلمون ، إذ الأغلال في أعناقهم} الآية ، وردد أيضا: {ما غرك بربك الكريم} وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} رددها إلى السحر.
(فصل: في البكاء عند قراءة القرآن) قد تقدم في الفصلين المتقدمين بيان ما يحمل البكاء في حال القراءة ، وهو صفة العارفين ، وشعار عباد الله الصالحين. قال الله تعالى ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا وقد وردت فيه أحاديث كثيرة وآثار السلف. فمن ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم اقرؤوا القرآن وابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه صلى بالجماعة الصبح فقرأ سورة يوسف ، فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته. وفي رواية: أنه كان في صلاة العشاء فتدل على تكريرة منه ، وفي رواية: أنه بكى حتى سمعوا بكاءه من وراء الصفوف. وعن أبي رجاء قال: رأيت ابن عباس وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع. وعن أبي صالح قال: قدم ناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق رضي الله عنه فجعلوا يقرؤون ويبكون ، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: هكذا كنا. وعن هشام قال: ربما سمعت بكاء محمد بن سيرين في الليل وهو في الصلاة والآثار في هذا كثيرة لا يمكن حصرها ، وفيما أشرنا إليه ونبهنا عليه كفاية ، والله أعلم. قال الإمام أبو حامد الغزالي: البكاء مستحب مع القراءة وعنها. وطريقه في تحصيله أن يحضر قلبه الحزن بأن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود ، ثم يتأمل تقصيره في ذلك ، فإن لم يحضره حزن وبكاء يحضر الخواص فليبك على فقد ذلك فإنه من أعظم المصائب.
(فصل) وينبغي أن يرتل قراءته ، وقد اتفق العلماء رضي الله عنهم على استحباب الترتيل. قال الله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا} وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا رواه أبو داود و النسائي و الترمذي. قال الترمذي حديث حسن صحيح وعن معاوية ابن قرة رضي الله عنه عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح يرجع في قراءته رواه البخاري و مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله. وعن مجاهد أنه سئل عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل عمران والآخر البقرة وحدها وزمنهما وركوعهما وسجودهما وجلوسهما واحد سواء ؟ فقال: الذي قرأ البقرة وحدها أفضل ، وقد نهي عن الإفراط في الإسراع ، ويسمى الهذرمة ، فثبت عن عبد الله بن مسعود أن رجلا قال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة ، فقال عبد الله بن مسعود: هكذا هكذا الشعر ، إن أقواما يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع ، رواه البخاري و مسلم ، وهذا لفظ مسلم في إحدى رواياته. قال العلماء: والترتيل مستحب للتدبير ولغيره. قالوا: يستحب الترتيل للعجمي الذي لا يفهم معناه ، لأن ذلك أقرب إلى التوقير والإحترام ، وأشد تأثيرا في القلب.
(فصل) ويستحب إذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب ، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية أو أسألك المعافاة من كل مكروه أو نحو ذلك ، وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزه فقال: سبحانه وتعالى ، أو تبارك وتعالى ، أو جلت عظمة ربنا ، فقد صح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة ، فقلت يركع عند المائة ثم مضى ، فقلت يصلي بها في ركعة فمضى ، فقلت يركع بها ، ثم افتتح النساء فقراها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ ترسلا ، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ رواه مسلم في صحيحه ، وكانت سورة النساء في ذلك الوقت مقدمة على آل عمران. قال أصحابنا رحمهم الله تعالى: ويستحب هذا السؤال والاستعاذة والتسبيح لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو خارجا منها قالوا: ويستحب ذلك في صلاة الإمام والمنفرد والمأموم ، لأنه دعاء فاستووا فيه كالتأمين عقب الفاتحة ، وهذا الذي ذكرناه من استحباب السؤال والاستعاذة ، هو مذهب الشافعي رضي الله عنه وجماهير العلماء رحمهم الله. قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: ولا يستحب ذلك بل يكره في الصلاة ، والصواب قول الجماهير لما قدمناه.
(فصل) ومما يعتنى به ويتأكد الأمر به احترام القرآن من أمور قد يتساهل فيها بعض الغافلين القارئين مجتمعين. فمن ذلك اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة إلا كلاما يضطر إليه ، وليمتثل قول الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} وليقتد بما رواه ابن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا قرأ القرآن لا يتكلم حتى يفرغ منه ، ذكره في كتاب التفسير في قوله تعالى: {نساؤكم حرث لكم} ومن ذلك العبث باليد وغيرها فإنه يناجي ربه سبحانه وتعالى فلا يعبث بين يديه ، ومن ذلك النظر إلى ما يلهي ويبدد الذهن ، وأقبح من هذا كله النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه كالأمرد وغيره ، فإن النظر إلى الأمرد الحسن من غير حاجة حرام ، سواء كان بشهوة أو بغيرها ، سواء أمن الفتنة أو لم أمنها ، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء ، وقد نص على تحريمه الإمام الشافعي ومن لا يحصى من العلماء ، ودليله قوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} ولأنه في معنى المرأة ، بل ربما كان بعضهم أو كثير منهم أحسن من كثير من النساء ، ويتمكن من أسباب الريبة فيه وتسهل من طرق الشر في حقه ما لا تسهل في حق المرأة في حق المرأة فكان تحريمه أولى ، وأقاويل السلف في التنفير منهم أكثر من أن تحصى ، وقد سموهم الأنتان ، لكونهم مستقذرين شرعا. وأما النظر إليه في حال البيع والشراء ، والأخذ والإعطاء ، والتطبب والتعليم ونحوها من مواضع الحاجة فجائز للضرورة ، لكن يقتصر الناظر على قدر الحاجة ، ولا يديم النظر من غير ضرورة ، وكذا المعلم إنما يباح له النظر الذي يحتاج إليه ، ويحرم عليهم كلهم في كل الأحوال النظرة بشهوة ، ولا يختص هذا بالأمرد ، بل ويحرم على كل مكلف النظر بشهوة إلى كل أحد رجلا كان أو امرأة ، محرما كانت المرأة أو غيرها ، إلا الزوجة أو المملوكة التي يملك الاستمتاع بها حتى قال أصحابنا: يحرم النظر بشهوة إلى محارمه كأخته وأمه ، والله أعلم ، وعلى الحاضرين مجلس القراءة إذا رأوا شيئا من هذه المنكرات المذكورة أو غيرها أن ينهوا عنه حسب الإمكان باليد لمن قدر ، وباللسان لمن عجز عن اليد قدر على اللسان ، وإلا فلينكر بقلبه ، والله أعلم.
(فصل) لا تجوز قراءة القرآن بالعحمية سواء أحسن العربية أو لم يحسنها سواء كان في الصلاة أم في عيرها ، فإن بها في الصلاة لم تصح صلاتة ، هذا مذهبنا ومذهب مالك و أحمد و داود و أبو بكر بن المنذر. قال أبو حنيفة: يجوز ذلك لمن لم يحسن العربية ، ولا يجوز لمن يحسنها.
(فصل) وتجوز قراءة القرآن بالقراآت السبع المجمع عليها ، ولا يجوز بغير السبع ولا بالروايات الشاذة المنقولة عن القراء السبعة ، وسيأتي في الباب السابع إن شاء الله تعالى بيان اتفاق الفقهاء على استتابة من أقرأ الشواذ أو قرأبها.وقال أصحبنا وغيرهم: لو قرأ بالشواذ في الصلاة بطلت صلاته إن كان عالما ، وإن كان جاملا لم تبطل ولم تحسب له تلك القراءة ، وقد نقل الإمان أبو عمر بن عبد البر الحافظ إجماع المسلمين على أنه لا تجوز القراءة بالشاذ ، وأنه لا يصلى خلف من يقرأ بها. قال العلماء: من قرأ الشاذ إن كان جاهلا به أو بتحريمه عرف بذلك ، فإن عاد إليه أو كان عالما به عزز تعزيرا بليغا إلى أن ينتهي عن ذلك ، ويجت على كل متمكن من الانكار عليه ومنعه ، الانكار والمنع.
(فصل) إذا ابتدأ بقرأءة أحد القراو ، فينبغي أن يستمر على القراءة بها ما دام الكلام كرنب ، فإذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بقراءة أحد من السبعة ، والأولى دوامه على الأولى في هذا المجلس.
(فصل) قال العلماء: الاختيار أن يقرأ على ترتيب المصحف فيقرأ الفاتحة ، ثم البقرة ، ثم آل عمران ، ثم ما بعدها على الترتيب وسواء قرأ في الصلاة أو في غيرها حتى قال بعض أصحابنا: إذا قرأ في الركعة الأولى سورة قل أعوذ برب الناس يقرأفي الثانية بعد الفاتحة من البقرة. قال بعض أصحابنا: ويستحب إذا قرأ سورة أن يقرأ بعدها التي تليها ، ودليل هذا أن ترتيب المصحف إنما جعل هكذا الحكمة ، فينبغي أن يحافظ عليها إلا فيما ورد المشرع باستثنائه كصلاة الصبح يوم الجمعة يقرأ في الأولى سورة السجدة ، وفي الثانية هل أتى على الانسان وصلاة العيد في الأولى قاف ، وفي الثانية اقتربت الساعة ، وركعتي سنة الفجر في الأولى قل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية قل هو الله أحد ، وركعات الوتر في الأولى سبح اسم ربك الأعلى ، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون ، وفي الثالث قل هو الله أحد المعوذتين ، ولو خالف الموالاة فقرأ سورة لا تلي الأولى أو خالف الترتيب فقرأ سورة ، ثم قرأ سورة قبلها جاز ، فقد جاء بذلك آثاركثيرة ، وقد قرأعمر بن الخطاب رضي الله عنه في الركعة الأولى من الصبح بالكهف ، وفي الثانية بيوسف وقد كره جماعة مخالفة ترتيب المصحف ، وروى ابن أبي داود عن الحسن: أنه كان يكره أن يقرأالقرآن إلا على تأليفه في المصحف ، وباسناده الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قيل له: إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا ؟ فقال ذلك منكوس القلب وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فممنوع منعا متأكدا ، فإنه يذهب بعض ضروب الاعجاز ويزيل حكمة ترتيب الآيات ، وقد روى ابن أبي داود عن إبراهيم النخعي الإمام التابعي الجليل و الإمام مالك بن أنس أنهمات كرها ذلك ، وان مالكا كان يعيبه ، ويقول هذا عظيم وأما بعليم الصبيان من آخر المصحف إلاى أوله فحسن ليس هذا من هذا الباب ، فإن ذلك قراءة متفاضلة في أيام متعددة مع ما فيه من تسهيل الحفظ عليهم ، والله أعلم.
(فصل) قراءة القرآن من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب ، لأن النظر في المصحف عبادة مطلوبة فتجتمع القراءة والنظر هكذا. قال القاضي حسين من اصحابنا و أبو حامد الغزالي وجمعات من السلف ، ونقل الغزالي في الاحياء ان كثيرين من الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقرءون من المصحف ، وبكرهون أن يخرج يوم ولم ينظروا في المصحف وروى ابن أبي داود القراءة في المصحف عن كثيرين من السلف ، ولم أر فيه خلافا ، ولو قيل إنه يختلف باختلاف الأشخاص ، فيختار القراءة في المصحف لمن استوى خشوعه وتدبيره في حالتي القراءة في المصحف وعن ظهرالقلب ، ويختار القراءة عن ظهر القلب لمن لم يكمل بذلك خشوعه ، ويزيد على خشوعه وتدبية لو قرأمن المصحف لكان هذا قولا حسنا ، والظاهر أ ، كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل.
(فصل: في استحباب قراءة الجماعة مجتمعين ، وفضل القارئين من الجماعة والسامعين وبيان فضلة من جمعهم عليها وحرضهم وندبهم إليها). أعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة وأفعال السلف والخلف المتظاهر. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما ، انه قال ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده قال الترمذي: حديث حسن صحيح وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده رواه مسلم و أبوداود باسناد صحيح على شرط البخاري و مسلم وعن معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال ما سجلكم ؟ قالوا جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده لما هدانا للاسلام ، ومن علينا به فقال: أتاني جبريل عليه السلام فاخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة رواه الترمذي و النسائي ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح ، والأحاديث في هذا كثيرة ، وروى الدارمي باسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال من أستمع إلى آية من كتاب الله كانت له نورا وروى ابن أبي داود: أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يدرس القرآن معه نفر يقرءون جميعا. وروى ابن أبي داود فعل الدراسة مجتمعين عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين. وعن حيان بن عطية و الأوزاعي أنهما قالا: أول من أحدث الدراسة في مسجد دمشق هشام بن اسمعيل في قدمته على عبد الملك. وأما ما روى ابن أبي داود عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب: أنه أنكر هذه الدراسة ، وقال ما رأيت ولا سمعت ، وقد أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عنه: يعني ما رأيت أحدأ فعلها. وعن وهب قال: قلت لمالك أرأيت القوم يجتمعون فيقرءون جميعا سورة واحدة حتى يختموها ؟ فأنكر ذلك وعابه ، وقالليس هكذا تضيع الناس إنما كان يقرأ الرجل على الآخر يعرضة ، فهذا الانكار منهما مخالف لما عليه السلف والخلف ، ولما يقتضية الدليل ، فهو متروك ، والاعتماد على ما تقدم من استحابها ، لكن القراءة في حال الاجتماع لها شروط قدمناها ينبغي أن يعتيى بها ، والله أعلم. وأما فضيلة من يجمعهم على القراءة ففيها يصوص كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم الدال على الخير كفاعله قوله صلى الله عليه وسلم لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم والأحاديث فيه كثير مشهورة , وقد قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} ولا شك في عظم أجر الساعي في ذلك.

(فصل: في الادارة بالقرآن) وهو أن يجتمع جماعة يقرأ بعضهم عشرا أو جزءااو غير ذلك ، ثم يسكت ويقرأ الآخر من حيث انتهى األأول ، ثم يقرأالآخر ، وهذا جائز حسن ، وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عنه ، فقال لا بأس به.
(فصل: في رفع الصوت بالقراءة) هذا فصل مهم ينبغي أن يعتننى به. أعلم أنه جاء أحاديث كثيرة في الصحيح وغيره دالة على استجاب رفع الصوا بالقراءة ، وجاءت آثار دالة تعللا استحباب الاخفاء ، وخفض الصوت زسنذكر منها طرفا يسسرا إشارة إللا أصاها إن شاء الله تعلى. وقال الإمام أبو حامد الغزالي وغيره من العلماء: وطريق الجمع بين الأحاديث والآثار المختلفة في هذا أن الاسرار أبعد من الرباء ، فهو أفضل في حق من يخاف ذلك ، فإن لم يخف الربا فالجهر ورفع الصوت أفضل ، لان العمل فيه أكثر ، ولآن فائده تتعدى إلى غيره ، والمتعدي أفضل من اللازم ، ولأنه يوقظ قلب القارئ ، ويجمع همه إلى الفكر فيه ، ويصرف سمعه إليه ويطرد النوم ويزيد في النشاط ويوقظ غيره من نائم وغافل وينشطه. قالوا: فمهما حضره شيء من هذه النيات فالجهر أفضل ، فإن اجتمعت هذه النيات تضاعف الأجر. قال الغزالي: ولهذا قلنا القراءة في المصحف أفضل ، فهذا حكم المسألة. وأما الآثار المنقولة فكثيرة ، وأنا أشير إللا أطراف من بعضها ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به رواه البخاري ومسلم. ومعنى أذن استمع ، وهو إشارة إلى الرضا والقبول وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله على الله عليه وسلم قال لقد اوتيت مزمارا من مزامير آل داود رواه البخاري و مسلم وفي رواية المسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لقد رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة رواه مسلم من رواية بريد بن الخصيب ، وعن فضالة ابن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أشد أذنا إلى الرجل حسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قنيته رواه ابن ماجه.عن أبي موسى أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالليل حين يدخلون وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار رواه البخاري و مسلم وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم زينوا القرآن بأصواتكم رواه أبو داود و النسائي وغيرهما. وروى ابن أبي داود عن علي رضي الله عنه: إذا سمع ضجة ناس في المسجد يقوءون القرآن ، فقال: طوبى لهؤلاء كانوا أحب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي إثبات الجهر أحاديث كثيرة. وأما الآثار عن الصحابة والتابقين من أقوالهم وأفعالهم فأكثرمن أن تحصر وأشهر من أن تذكر وهذا كله فيمن لا يخاف رياء ولا إعجابا ، ولا نحوهما من القبائح ، ولا يؤذي جماععة يلبس عليهم صلاتهم ويخلطها عليهم وقد نقل عن جماعة السلف اختيار الاخفاء اخوفهم ممما ذكرناه فعن الأعمش قال دخلت على إبراهيم وهو يقرأ بالمصحف فاستأذن عليه رجل عغطاه ، وقال لا يرى هذا أني أقرأكل ساعة ، وعن أبي العالية قال: كنت جالسا مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، فقال رجل منهم قرأت الليلة كذا فقالو هذا حظك منه ، ويستدل اهؤلاء يحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة رواه أبو داود و الترمذي و النسائي. قال الترمذي: حديث حسن قال: ومعناه أن الذي يسر بقراء القرآن أفضل من الذي يجهر بها لأن صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدهة العلانية قال: وإنما معنى هذا الحديث عند أهل العلم لكي يأمن الرجل من العجب ، لان الذي يسر بالعمل لايخاف عليه من العجب كما يخاف عليه من علانيته قلت: وكل هذا موافق لما تقدم تقريره في أول الفصل من التفصيل ، وأنه إن خاف بسبب الجهر شيئا مما يكره لم يجهر ، وإن لم يخف استحب الجهر ، فإن كانت القراءة من جماعة مجتمعين تأكد استحباب الجهر لما قدمناه ، ولما يحصل فيه من نفع غيرهم ، والله أعلم.
(فصل: في استحباب تحسين الصوت بالقراءة) أجمع العلماء رضي الله عنهم من السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار أئمة المسلمين على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ، وأقوالهم وأفعالهم مشهورة نهاية الشهرة فيحن مستغنون عن نقل شيءمن أفرادها ودلائل هذا من حديث رسول الله صلى الله علية ويلم مستفيضة عند الخاصة والعامة كحديث زينوا القرآن باصواتكم وحديث لقد أوتي هذا مزمارا وحديث ما أذن الله وحديث لله أشد أذنا وقد تقدمت كلها في الفصل الصابق ، وتقدم في فضل الترتيل حديث عبد الله بن مغفل في ترجيع النبي صلى الله عليه وسلم القراءة ، وكحديث سعد بن أبي وقاص ، وحديث أمامة رضي الله عنهماأن النبي صاى الله عليه وسلم قال من لم يتغن بالقرآن فليس منا رواه أبو داود باسنادين جيدين ، وفي إسناد سعد اختلاف لا يضر. قال جمهور العلماء: معنى لم يتغن لم يحسن صوته ، وحديث البراء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله قرأ في العشاء بالتين والزيتون ، فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه رواه البخاري و مسلم قال العلماء رحمهم الله: فيستحب تحسيت الصوت بالقراءة وترتيبها ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط ، فإن أفرط حتى زاد حرفا لو أخعاه فهو حرام وأما القراءة بالألحان فقد قال الشافعي رحمه الله في موضع: أكرهها قال أصحابنا: ليست على قولين بل فيه تفصيل إن أفرط في التمطيط فجاوز فهو الذي لم يكرهه ، وقالأقضى القضاة الماوردي في كتابه الحاوي: القراءة بالألحان الموضوعة ان أخرجت لفظ القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه أو إخراج حركات منه أو قصر ممدود أو مد مقصور أو تمطيط يخفي به بعض اللفغظ ويتلبس المعني فهو حرام يفسق به القارئ ، ويأثم به المستمع ، لأنه عدل به عن نهجه القويم إلى الاعوجاج ، والله تعالى يقول قرآنا عربيا غير ذي عوج قال وإن لم يخرجه اللحن عن لفظه وقراءته على ترتيله كان مباحا لأنه زاد عللا ألحانه في تحسينه هذا كلام أقضى القضاة ، وهذا القسم الأول من القراءة بالالحان المحرمة مصيتة ابتلي بها بعض الجهاة الطغام الغشمة الذين يقرءون على الجنائز وبعض المحافل ، وهذه بدعة محرمة ظاهرة يأثم كل مستمع لها كما قالة أقضى القضاه الماوردي ، وياثم كل قادر على إزالتها أو على النهي عنها إذا لم يفعل ذلك ، وقد بذلت فيها بعض قدرتي وأرجو من فضل الله الكريم أن يوفق لا زالتها من هو أهل لذلك ، وأن يجعله في عافية. قال الشافعي في مختصر المزني: ويحسن صوته بأي وجه كان قال وأحب ما يقرأ حدرا ويحزينا قال أهل اللغة: يقال حدوث بالقراءة إذا أدرجتها ولم يمططها ، ويقالفلان يقرأ بالتحزين إذا رقق صوته ، وقد روى ابن أبي داود باسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قرأ إذا الشمس كورت يحزنها شبه الرثاء ، وفي سنن أبي داود قيل لابن أبي مليكة: أرأيت إذا لم يكن حين الصوت ؟ فقال يحسنه ما استطاع.
(فصل: في استحباب طلب القراءة الطيبة من حسن الصوت) اعلم أن جماعات من السلف كانوا يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرءوا وهم يستمعن ، وهذا متفق على استحبابه ، وهو عادة الأخيار والمتعدين وعباد الله الصالحين ، وهو سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد صح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأ علي القران فقلت: يارسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل.قال أني أحب ان اسمعه من غيري ، فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا جئت إلى هذا الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} قال حسبك الآن فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان رواه البخاري ومسلم وروى الدارمي وغيره بأسانيدهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، انه كان يقول لأبي موسى الأشعري ذكرنا ربنا ، فيقرأ عنده القرآن ، والآثار في هذا كثيرة معروفة ، وقد مات جماعات من الصالحين بسبب قراءة من سألوه القراءة ، والله أعلم ، وقد استحب العلماء أن يستفتح مجلس حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويختم بقراءة قارئ حسن الصوت ما من تيسر القرآن ثم إنه ينبغي للقارئ في هذه المواطن ان يقرأ ما يليق بالمجلس ويناسبه ، وأن تكون قراءته في آيات الرجاء والخوف والمواعظ والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة والتأهيب لها وقصر الامل ومكارم الاخلاق.
(فصل): ينبغي للقارئ إذا ابتدأ من وسط السورة أو وقف على غير آخرها ان يبتدىء من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض ، وأن يقف على الكلام المرتبط ولا يتقيد بالاعشار والاجزاء فانها قد تكون في وسط الكلام المرتبط كالجزء الذي في قوله تعالى: {وما أبرئ نفسي} وفي قوله تعالى: {فما كان جواب قومه} وقوله تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله} في قوله تعالى: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء} وفي قوله تعالى: {إليه يرد علم الساعة} وفي قوله تعالى: {وبدا لهم سيئات} وفي قوله:: {قال فما خطبكم أيها المرسلون} وكذلك الأحزاب كقوله تعالى وذكروا الله في أيام معدودات وقوله تعالى: {قل أؤنبئكم بخير من ذلكم} فكل هذا وشبيهه ينبغي أن يبتدأ به ولا يوقف عله فانه متعلق بما قبله ولا يغترن بكثرهة الغافلين له من القراء الذين لا يراعون هذه الآداب ولا يفكرون في هذه المعاني ، وامتثل ما روى الحاكم أبو عبد الله باسناده عن السيد الجليل الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال: لا تستوحشش طرق الهدى لقلة أهلها ، ولا يغترن بكثرة الهالكين ، ولا يضرك قلة السالكين ، ولهذا المعنى قالت العلماء: قراءه سورة قصيرة بكاملها أفضل من قراءة بعض سورة طويلة بقدر القصيرة ، فانه قد يخفى الارتباط على بعض الناس في بعض الاحوال ، وقد روى ابن أبي داود باسناده عن عبد الله بن أبي الهذيل التابعي المعروف رضي الله عنه قال: كانون يكيرهون أن يقرؤوا بعض الآية ويتركوا بعضها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alkabshi.forumarabia.com
احمد العوض الكباشي

احمد العوض الكباشي


ذكر
عدد المساهمات : 2933
تاريخ التسجيل : 22/08/2010
العمر : 37
الموقع : الكباشي

~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~   ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Icon_minitimeالأحد أبريل 10, 2011 5:38 am

(فصل: في أحوال تكره فيها القراءة) اعلم ان قراءة القرآن على الإطلاق إلا في أحوال مخصوصة جاء الشرع باليهي عن القراءة فيها ، وأنا أذكر الآن ما حضرني منها مختصرة بحذف الادلة فانها مشهورة ، فتكره القراءة في حالة الركوع والسجود والتشهد وغبرها من أحوال الصلاة سوى القيام ، وتكره القراءة بما زاد على الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية إذا سمع قراءة الإمام ، وتكره حالة القعود على الخلاء وفي حالة النعاس ، وكذا: اذك استعجم عليه القرآن ، وكذا في حالة الخطبة لمن يسمعها ، ولا بكره لمن لم يسمعها بل تستحب ، هذا هو المختار الصحيح ، وجاء عن طاوس كراهيتها ، وعن إبراهيم عدم الكراهة ، فيجوز أن يجمع بيه كلاميهما بما قانا كما ذكره اصحابنا ، ولا تكره القراءة في الطواف ، هذا مذهبنا وبه قال أكثر العلماء وحكاه ابن المنذر عن عطاء ومجاهد وابن المبارك وأبي ثور وأصحاب الرأي ، وحكي عن الحسن البصري وعروة بن الزبير ومالك كراهتها في الطواف والصحيح الاول ، وقد تقدم بيان الاختلاف في القراءة في الحمام وفي الطريق وفيمن فيه نجس.
(فصل): من البدع المنكرة في القراءة ما يفعله جهلة المصلين بالناس في التراويح من قراءة سورة الأنعام في الركعة الأخيرة في الليلة السابعة معتقدين بأنها مستحبة فيجمعون امورا منكرة منها اعتقادها مستحبة ، ومنها ايهام العوام ذلك ، ومنها بطويل الركعة الثانية على الأولى وانما السنة تطويل الأولى ، ومنها التطويل على المأمومين ، ومنها هذرمة القراءة ، ومن البدع المشابهة لهذا قراءة بعض جهلتهم في الصبح يوم الجمعة بسجدة غير سجدة ألم تنزيل ، قاصدا ذلك ، و‘نما السنة قراءة ألم تنزيل في الركعة الأولى ، وهل أتى في الثانية.
(فصل: في مسائل غريبة تدعو الحاجة اليها) منها أنه إذا كان يقرأ فعرض له ريح فينبغي ان يمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجها ، ثم يعود الى القراءة ، كذا رواه ابن أبي داود وغيره عن عطاء ، وهو أدب حسن ، ومنها أنه اذا تثاءب أمسك عن القراءة حتى ينقضي التثاؤب ثم يقرأ ، قال مجاهد وهو حسن ، ويدل عليه ما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فان الشيطان يدهل رواه مسلم ومنها أنه إذا قرأ قول الله عز وجل: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله وقالت اليهود يد الله مغلولة ، وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} ونحو ذلك من الآيات ينبغي أن يخفض بها صوته ، كذا كان إبراهيم النخعي رضي الله عنه يففعل ، ومنها ما رواه ابن أبي داود باسناد ضعيف عن الشعبي أنه قيل له: إذا قرأ الانسان: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم قال: نعم ، ومنها أنه يستحت له أن يقول ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قرأ والتين والزينون فقال: أليس الله بأحكم الحاكمين ، فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين رواه أبو داود و الترمذي باسناد ضعيف عن رجل عن أعرابي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال الترمذي: هذا الحديث إنما يروى بهذا الاسناد عن الأعرابي عن أبي هريرة ، قالولا يسمى. وروى ابن ابي داود والترمذي ومن قرأ آخر ، لا أقسم بيوم القيامة ، أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ، فليقل بلى ، ومن قرأ: فبأي آلاء ربكما تكذبان ، أو فبأي حديث بعده يؤمنون ، فليقل آمنت بالله وعن ابن عباس رضي الله عنهما وابن الزبير وأبي موسى الأشعري وضي الله عنهم أنهم كانوا إذا قرأ أحدهم ، سبح اسم ربك الأفلى ، قال:سبحان ربي الأعلى ، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول فيها سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات وعن عبد اللة بن مسعود رضي الله عنه أنه صلى فقرأ: آخر سورة بني اسرائيل. ثم قال: الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ، وقد نص بعض أصحابناعلى أنه يستحب أن يقال في الصلاة ما قدمناه ، وفي حديث أبي هريرة في السور الثلاث ، وكذلك يستحب أن يقال باقي ما ذكرناه وما كان في معناه والله أعلم.
(فصل: في قراءة يراد بها الكلام) ذكر ابن أبي داود في هذا اختلافا وروي عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه انه كان يكره أن يقال القران بشيء يعرض من أمر الدنيا ، وعن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه انه قرأ: في صلاة المغرب بمكة والتين والزيتون ورفع صوته وقال وهذا البلد الأمسن ، وعن حكيم بضم الحاء ابن سعيد ان رجلا من المحكمية أتى عليا رضي الله عنه وهو في صلاة الصبح فقال لئن أشركت ليحبطن عملك فأجابه علي في الصلاه (فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون)قال أصحابنا: إذا استأذن انسان على المصلي فقال المصلي: (ادخلوها بسلام آمنين) فان أراد التلاوة وأراد الاعلام تبطل صلاته ، وان أراد الاعلام ولم يحضره نية بطلت صلاته.
(فصل): وإذا ورد على القارئ من فيه فضيلة من علم أو شرف أو سن مع صيانة ، او له حرمة بولاية او ولادة او غيرها فلا بأس بالقيام له على سبيل الاحترام والاكرام لا للرياء والاعظام بل ذلك مستحب ، وقد ثبت القيام للاكرام من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه رضي الله عنهم بحضرته وبأمره ، ومن فعل التابعين ومن بعدهم من العلماء الصالحين ، وقد جمعت جزءا في القيام وذكرت فيه الأحاديث والآثار الواردة باستحبابه وبالنهي عنه وبينت ضعف الضعيف منها وصحة الصحيح والحراب عما يتوهم منه النهي وليس فيه نهي وأوضحت ذلك كله بحمد الله تعالى ، فمن تشكك في شيء من أحاديث فليطالعه يجدما يزول به شكه ان شاء الله تعالى.
(فصل): إذا كان يقرأ ما شيا فمر على قوم يستحب ان يقطع القراءة ويسلم عليهم ثم يرجع الى القراءة ولو أعاد التعوذ كان حسنا ولو كان يقرأ جالسا عمر عليه غيره ، فقد قال الإمام ابو الحسن الواحدي: الأولى ترك السلام على القارئ لاشتغاله بالتلاوة قال: فان سلم عليه إنسان كفاه الرد بالاشارة قال: فان أراد الرد باللفظ رده ثم استأنف الاستعاذة وعاود التلاوة وهذا الذي قاله ضعيف ، والظاهرلا وجوب الرد باللفظ ، فقد قالأصحابنا: إذا سلم الداخل يوم الجمعة في حال الخطبة وقلنا الانصات سننة وجب له رد السلام على أصح الوجهين فاذا قالوا هذا في حال الخطبة مع الاختلاف في وجوب الايصات وتحريم الكلام ففي حال القراءة التي لا يحرم الكلام فيها بالاجماع اولى مع ان رد السلام واجب بالجملة ، والله أعلم وأما اذا عطس في حال القراءة فانه يستحب ان يقول: الحمد لله ، وكذا لو كان في الصلاة ولو عطس غيره وهو يقرأ في غير الصلاة ، وقال الحمد لله يستحب للقارئ ان يشمته فيقول: يرحمك الله ، ولو سمع المؤذن فطع القراءة ، وأجابه بمثابعته في ألفاظ الأذان والاقامة ثم يعود الى قراءته وهذا متفق عليه عند أصحابنا واما إذا طلبت منه حاجة في حال القراءة وأمكنه جواب السائل بالاشارة المفهمة وعلم أنه لا ينكسر قلبه ولا حصل عليه شيء من الأذى للأنس الذي بينهما ونحوه فالأولى ان يجيبه بالاشارة ولا يقطع القراءة ، فان قطعها جاز ، والله أعلم.
(فصل: في أحكام نفيسة تتعلق بالقراءة في الصلاة ، أبالغ في اختصارها فانها مشهورة في كتب الفقه): منها انه يجب القراءة في الصلاة المفروضة باجماع العلماء ، ثم قال مالك و الشافعي و أحمد وجماهير العلماء: تتعين قراءة الفاتحة في كل ركعة وقال أبو حنيفة وجماعة: لا تتفين الفاتحة أبدا قال: ولا تجب قراءة الفاتحة في الركعتين الاخريرتين ، والصواب الأول ، فقد تظاهرت عليها الادلة من السنة ، ويكفي من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ولا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن وأجمعوا على استحباب قراء السورة بعد الفاتحة في ركعتي الصبح ، والاولتين من باقي الصلوات ، واختلفوا في استحبابها في الثالثة والرابعة ، وللشافعي فيها قولان: الجديد انها لا تستحب ، والقدم انها تستحب قال أصحابنا: وإذا قلنا إنها تستحب ، والقديم انها تستحب قال أصحابنا: وإذا قلنا إنها تستحب فلا خلاف أنه يستحب أن يكون أقل من القراءة في الأولتين قالوا: وتكون القراءة في الثالثة والرابعة سواء ، وهل تطول الاولى على الثانية ؟ فيها وجهان: أصحهما عند جمهور أصحابنا ألأنها لا لاتطول والثاني وهو الصحيح عند المحققين أنها تطول ، وهو المختار للحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطول في الأولى ما لا تطول في الثانية وفائده أن يدرك المتأخر الركعة الأولى والله أعلم قال الشافعي رحمه الله: وإذا أدرك المسبوق مع الإمام الركعتين الأخيرتين من الظهر وغيرها ثم قام الى الاتيان بما بقي عله استحب أن يقرأ السورة قال الجماهير من أصحابنا: هذا على القولين وقال بعضهم: هذا على قوله يقرأالسورة في الأخيرتين ، أما على الآخر فلا ، والصواب الأول ، لئلا تخلو صلاته من سورة ، والله أعلم ، هذا حكم الإمام والمنفرد أما المأموم فان كانت صلاته سرية وجبت عليه الفاتحة واستحب له السورة ، وان كانت جهرية فان كان يسمع قراءة الإمام كره له قراءة السورة ، وفي وجوب الفاتحة قولان: أصحهما تجب ، والثاني لا تجب وان كان لا يسمع القراءة فالصحيح وجوب الفاتحة واستحباب السورة ، وقيل تحب ولا تستحب السورة والله أعلم وتجب قراءة الفاتحة في الركعة الاولى من صلاة الجنازة وأما قراءة الفاتحة في صلاة النافلة فلا بد منها ، واختلف أصحابنا في تسميتها فيها ، فقال القفال تسمى واجبة ، وقال صاحبه القاضي حسين تسمى شرطا ، وقال غيرها تسمى ركنا ، وهو الاظهر ، والله أعلم ، والعاجز عن العاتحه في هذا كله يأتي ببدلها فيقرأ بقدرها من غيرها من القرآن ، فان لم يحسن أتى بقدرها من الاذكار كالتسبيح والتهليل ، ونحوهما ، فان لم يحسن شيئا وقف بقدر القراءة ، والله أعلم.
(فصل): لا بأس بالجمع بين سورتين في ركعة واحدة فقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن فذكر عشرين سورة من المفصل كل سورتين في ركعة وقد قدمنا عن جماعة من السلف قراءة الختمة في ركعة واحدة.
(فصل): أجمع المسلمون على استحباب الجهر بالقراءة في الصبح والجمعة والعيدين والاولتين من المغرب والعشاء ، وفي صلاة التراويح والوتر عقيبها ، وهذا مستحب للامام والمفرد بما ينفرد به منها ، وأما المأموم فلا يجهر بالاجماع ، ويسن الجهر في صلاة كسوف القمر ، ولا يجهر في كسوف الشمس ، ويجهر في الاستقاء ، ولا يجهر في الجنازة إذا صليت بالنهار ، وكذا في بالليل على المذهب الصحيح المختار ، ولا يجهر في نوفل النهار غير ما ذكرناه من العيد والاستقاء واختلف أصحابنا في نوافل الليل ، فالأظهر انه لا يجهر ، والثاني أنه يجهر ، والثالث وهو الاصح ، وبه قطع القاضي حسين و البغوي يقرأ بين الجهر والاسرار ، ولو فاته صلاة بالليل فقضاها النهار ، أو بالنهار فقضاها بالليل ، فهل يعتبر في الجهر والاسرار وقت الفوات أن وقت القضاء ؟ فيه وجهان لأصحابنا أظهرهما الاعتبار بوقت القضاء ولو جهر في موضع الاسرار أو اسر في موضع الجهر فصلاته صحيصة ، ولكنه ارتكب المكروه ولا يسجد للسهو.واعلم ان الاسرار في القراءة والتكبيرات وغيرهما من الأذكار هو أن يقوله بحيث يسمع نفيه ، ولا بد من نطقه بحيث يسمع نفيه اذا كان صحيح الصمع ولا عارض له ، فان لم يسمع نفسه لم تصح قراءته ولا غيرها من الاذكار بلا خلاف.
(فصل): قال أصحابنا: يستحب للامام في الصلاة الجهرية أن يسكت أربع سكتات في حال القيام إحداها: أن يسكت بعد تكبيرة الإحرام ليقرأ دعاء التوجه ، وليحرم المأمومون ، والثانية: عقيب الفاتحة سكتة لطيقة جدا بين آخر الفاتحة وبين آمين ، لئلا يتوهم أن آمين من الفاتحة ، والثالثة: بعد آمين سكتة طويلة بحيث يقرأ المأمومون الفاتحة ، والرابعة: بعد الفراغ من السورة يفصل بها بين القراءة وتكبير الهوي إلى الركوع.
(فصل): يستحب لكل قارئ كان في الصلاة أو في غيرها إذا فرغ من الفاتحة أن يقول أمين ، والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة ، وقد قدمنا في الفصل قبله أنه يستحب أن يفصل بين آخر الفاتحة وآمين بسكتة لطيفة ، ومعناه اللهم استجب ، وقيل كذلك فليكن ، وقيل افعل ، وقيل معناه لا يقدر على هذا أحد سواك ، وقيل معناه لا تخيب رجاءنا ، وقيل معناه اللهم أمنا بخير ، وقيل هو طابع لله على عباده يدفع به عنهم الآفات وقيل هي درجة في الجنه يستحقها قائلها ، وقيل هو اسم من أسماء الله تعالى ، وأنكر المحققون والجماهير هذا ، وقيل هو اسم عبراني غير معرب ، وقال أبو بكر الوراق: هو قوة للدعاء واستنزل للرحمة ، وقيل عير ذلك ، وفي آمين بالامالة مع المد ، حكاها الواحدي عن حمزة و الكسائي ، والرابعة بتشديد الميم مع المد ، حكاها الواحدي عن حمزة والكسائي ، والرابعة بتشديد الميم مع المد ، حكاها عن الحسن و الحسن بن الفضيل قال: ويحقق ذلك ما روي عن جعفر الصادق رضي الله عنه ، قال: معناه قاصدين نحوك وأنت أكرم من أن تخيب قاصدا هذا كلام الواحدي ، وهذه الرابعة غريبة جدا ، فقد عدها أكثرأهل اللغة من لحن العوام ، وقال جماعة من أصحابنا: من قالها في الصلاة بطلت صلاته. قال أهل العربية: حقها في العربية الوقت ، لايها بمنزلة الاصوات ، فإذا وصلها فتح النون لالتقاء الساكنين كما فتحت في أين وكيف فلم تكسر لثقل الكسرة بعد الياء ، فهذا مختصر مما يتعلق بلفظ آمين ، وقد بسطت القول فيها بالشواهد وزيادة الاقوال في كتاب {تهذيب الاسماء والغات } قال العلماء: ويستحب التأمين في الصلاة للامام والمأموم والنفرد ، ويجهر الإمام والمنفرد بلفظ آمين في الصلاة الجهرية واختلفوا في جهر المأموم ، والصحيح أنه يجهر ، والثاني لا يجهر ، والثالث يجهر إن كان جمعا كثيرا ، وإلا فلا ، ويكون تأمين المأمون مع تأمين الإمام ولا الضالين فقولوا آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وأما قوله قلى الله عليه وسلم في الصحيح إذا أمن الإمام فأمنوا فمعناه إذا أراد التأمين قال أصحابنا: وليس في الصلاة موضع يستحب أن يقترن قول المأموم بقول الإمام إلا في قوله آمين وأما في الأقوال الباقية فيتأخر قول المأموم.
(فصل: في سجود التلاوة) وهو مما يتأكد الاعتناء به ، فقد أجمع العلماء على الامر بسجود التلاوة. واختلفوا في انه أمر استحباب ام إيجاب؟ فقال الجماهير: ليس بواجب ، بل مستحب وهذا قول عمر بن نالخطاب رضي الله عنه وابن عباس و عمران بن حصين و مالك و الاوزاعي و الشافعي و أحمد و إسحق و أبي ثور و داود وغيرهم وقال أبو حنيفة رحمه الله: هو واجب ، واحتج بقوله تعالى: {فما لهم لا يؤمنون ، وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون} واحتج الجمهور بما صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النمل حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأبها حتى إذا جاء السجدة قال: ياأيها الناس إنما نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ، ومن لم يسجد فلا إثم عليه ، ولم يسجد عمر رواه البخاري ، وهذا الفعل والقول من عمر رضي الله عنه في هذا المجمع دليل ظاهر وأما الجواب عن الآية التي احتج بها أبو حنيفة رضي الله عنه فزاهر ، لأن المراد ذمهم على ترك السجود تكذيبا كما قال تعالى بعده: {بل الذين كفروا يكذبون} وثبت في الصحيحين عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم والنجم فيم يسجد وثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم سجد في النجم فدل على أنه ليس بواجب.
}فصل: في بيان عدد السجدات ومحلها} أما عددها المختار الذي قاله الشافعي رحمه الله والجماهير أنها أربع عشرة سجدة: الأعراف ، والرعد ، والنحل ، وسبحان ، ومريم ، وفي الحج سجدتان ، وفي الفرقان ، والنمل وألم ، وحم السجدة والنجم وإذا السماء انشقت ، واقرأ باسم ربك وأما سجدة ص فمستحبة ، فليست من عزائم السجود: أي متأكد أنه ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ص ليست من عزائم السجود ، وقد رأيت النبي صلى الله علية وسلم سجدفيها هذا مذهب الشافعي ومن قال مثله ، وقال أبو حنيفة: هي أربع عشره أيضا لكن أسقط الثانية من الحج واثبت سجدة ص وحعلها من العزائم ، وعن أحمد روايتان: إحداهما كالشافعي والثانية معشرة زاد ص ، وهو قول أبي العباس بن شريح و أبي اسحق المروزي من أصحاب الشافعي ، ننوعن مالك روايتان: إحداهما كالشافعي ، وأشهرهما إحدى عشرة ، أسقط النجم ، واذا السماء انشقت واقرأ ، وهو قول قديم للشافعي والصحيح ما قدمناه ، والأحاديث الصحيحة تدل عليه وأما محلها فسجدة الاعراف في آخرها ، والرعد عقيب قوله عز وجل: {بالغدو والآصال} والنحل: {ويفعلون ما يؤمرون} وفي سبحان: {ويزيدهم خشوعا} وفي مريم: {خروا سجدا وبكيا} ، والاولى من سجدتي الحج: {إن الله يفعل ما يشاء} والثانية: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} ، والفرقان} وزادهم نفورا} ، والنمل: {رب العرش العظيم} وألم تنزيل: {وهم لا يستكبرون} وحم: {لا يسأمون} ، والنجم في آخرها ، ولا خلاف يعتد به في شيء من مواضعها إلا التي في حم ، فإن العلماء أختلفوا فيها ، فذهب الشافعي وأصحابه إنها ما ذكرناه أنه عقيب يسأمون ، وهذا مذهب سعيد بن المسيب و محمد بن سرين و أبي وائل شقيق ابن سلمة ، و سفيان الثوري و أبي حنيفة ولأ أحمد و إسحاق بن راهويه وذهب آخر دون إلى أنها عقيب قوله تعالى: {إن كنتم إياه تعبدون} حكاه بن المنذر عن عمر بن الخطاب و الحسن البصري وأصحاب عبدالله بن مسعود و إبراهيم النخعي وأبي صالح و طلعت بن مصرف و زبير بن الحرث و مالك بن أنس و ليث بن سعد وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي حكاه البغوي في التهذيب وأما قول أب الحسن علي بن سعيد العبد من اصحابنا في كتابه الكفاية في اختلاف الفقهاء عندنا أن سجدة النمل هي عند قوله تعالى: {ويعلم ما تخفون وما تعلنون} قال: وهذا مذهب ألكثر الفقهاء ، وقال مالك: هي عند قوله تعالى: {رب العرش العظيم} فهذا الذي نقله عن مذهبها ، ومذهب أكثر الفقهاء غير معروف ولا مقبول ، بل غلط ظاهر ، وهذه كتب أصحابنا مصرحة بانها عند قوله تعالى: {رب العرش العظيم}.
(فصل): حكم سجود التلاوة حكم صلاة النافلة في اشتراط الطهارة عن الحديث وعن النجاسة ، وفي استقباله القبلة ، وستر العورة ، فتحرم على من ببدنه أو ثوبه نجاسة غير معفو عنها ، وعلة المحدث إلا إذا تيمم في موضع يجوز فيه التيمم ، وتحرم إلى غير القبلة ألا في السفر حيث تجوز النافلة إلى غير القبلة وهذا كله متفق عليه.
(فصل): إذا قرأ سجدة (ص) فمن قال إنها من عزائم السجود قال يسجد سواء قرأها في الصلاة أو خارجها كسائر السجدات وأما الشافعي وغيره ممن قال ليست من العزائم فقالوا: إذا قرأها خارج الصلاة استحب له السجود ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيها كما قدمناه ، وان قرأها في الصلاة لم يسجد ، فان سجد وهو جافل أو ناس لم تبطل صلاته لأنه زاد في الصلاة ما ليس منها فبطلت كما لو سجد للشطر فتمخت نب
ل صلاته بلا خلاف والثاني لا تبطل ، لأن له تعلقا بالصلاة ، ولو سجد إمامه في (ص) لكونه يعتقدها من العزائم والمأموم لا يعتقد فلا يتابعه بل يفارقه أو ينتظره قائما وإذا انتظره هل يسجد للسهو ؟ فيه وجهان: أظهرهما أنه لا يسجد.
(فصل: فيمن يسن له السجود) اعلم أنه يسن للقارئ المطهر بالماء أو التراب حيث نجوز سواء كان في الصلاة أو خارجا منها ، ويسن للمستمع ، ويسن أيضا للسامع غير المستمع ، ولكن قال الشافعي: لا أؤكد في حقة كما أؤكد في حق المستمع ، هذا هو الصحيح وقال إمام الحرمين من أصحابنا: لا يسجد السامع ، والمشهور الأول ، وسواء كان القارئ في الصلاة أو خارجا منها يسن للسامع والمستمع السجود ، وسواء سجدالقارئ أم لا هذا هو الصحيح المشهور عند أصحاب الشافعي لا سيجد المستمع لقراءة من في الصلاة ، وقال الصيدلاني من أصحاب الشافعي: لا يسن السجود إلا أن يسجد القارئ ، والصواب الأول ، ولا فرق بين أن يكون القارئ مسلما بالغا متطهرا رجلا ، وبين أن يكون كافرا أو صبيا أو محدثا أو امرأة ، هذا هو الصحيح عندنا ، وبه قال أبو حنيفة وقال بعض أصحابنا: لا يسجد لقراءة الكافر والصبي والمحدث والسكران وقال جماعة من السلف: لا يسجد لقراءة المرأة حكاه ابن المنذر عن قتادة و مالك و اسحق ، والصواب ما قدمناه.
(فصل: في اختصار السجود) وهو أن يقرأ آية او آيتين ثم يسجد حكى ابن المنذر عن الشعبي و الحسن و البصري و محمد ابن سرين و النخعي و أحمد و إسحاق أنهم كرهوا ذلك ، وعن أبي حنيفة و محمدبن الحسن و أبي ثور أنه لا بأس به ، وهذا مقتضى مذهبنا.
(فصل): إذا كان مصليا منفردا سجد لقراءة نفسه ، فلو ترك سجود التلاوة وركع ، ثم أراد ان يسجد للتلاوة لم يجز ، فان فعل مع العلم بطلت صلاته ، وإن كان قد هوى لسجود التلاوة ثم بدا له ورجع إلى القيام جاز أما إذا أصغى المنفرد بالصلاة لقراءة قارئ في الصلاة أو غيرها فلا يجوز له أن يسجد ، ولو سجد مع العلم بطلت صلاته أما الصلي في جماعة ، فان كان إماما فهو كالمنفرد ، وإذا سجد الإمام لتلاوة نفسه وجب على المأموم أن يسجد معه فان لم يفعل بطلت صلاته ، فان لم يسجد الإمام لم يجز للمأموم السجود فان سجد بطلت صلاته ، ولكن يستحب أن يسجد إذا فرغ من الصلاة ولا يتأكد ، ولو سجد الإمام ولم يعلم المأموم السجود حتى رفع الإمام رأسه من السجود فهو معذور في تخلفه ولا يجوز أن يسجد ، ولو علم والإمام بعد في السجود وجب السجود ، فلو هوى إلى السجود فرفع الإمام رأسه وهو في القوي يرفع معه ولم يجز السجود فرفع الإمام رأسه وهو في الهوى يرفع معه ولم يجز السجود ، وكذا الضعيف الذي هوى مع الإمام إذا رفع الإمام قبل بلوغ الضعيف إلى السجود لسرعة الإمام وبطء المأموم يرجع معه ولا يسجد وأما إن كان المصلي مأموما فلا يجوز أن يسجد لقراءة نفسه ولا لقراءة غير إمامه فان سجد بطلت صلاته ، وتكره له قراءة غير إمامه.
(فصل: في وقت السجود للتلاوة) قال العلماء: ينبغي أن يقع عقيب آية السجدة التي قرأها أو سمعها ، فان أخر ولم يطل الفصل سجد وإن طال فقد فات السجود فلا يقضى على الذهب الصحيح المشهور كما لا تقضى صلاة الكسوف وقال بعض أصحابنا: فيه قول ضعيف أنه يقضي كما تقضى السنن الراتبة كسنة الصبح والظهر وغيرهما فأما إذا كان القارئ أو المستمع محدثا عند تلاوة السجدة فان تطهر عن قرب سجد ، وإن تأخرت طهارته حتى طال الفصل ، فالصحيح المختار الذي قطع به الأكثرون أنه لا يسجد وقيل يسجد ، وهو اختيار البغوي من أصحابنا كما يجيب المؤذن بعد الفراغ من الصلاة ، والاعتبار عي طول الفصل في هذا بالعرف على المختار ، والله أعلم.
(فصل): إذا قرأ السجدات كلها أو سجدات منها في مجلس واحد سجد لكل سجدة بلا خلاف ، فان كرر الآية الواحدة في مجالس سجد لكل مرة بلا خلاف ، فإن كررها في المجلس الواحد نظر ، فان لم يسجد للمرة الأولى كفاه سجدة واحدة عن الجميع ، وان سججد للأولى ففيه ثلاثة أوجه: أصحها يسجد لكل مرة سجدة لتجديد السبب بعد توفية حكم الأول والثاني يكفيه سجدة الأولى غن الجميع ، وهو قول ابن سريج ، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله قال حاصب العدة من أصحابنا: وعليه الفتوى ، واختاره الشيخ نصر المقدسي الزاهد من أصحابنا والثالث إن طال الضل سجد وإلا فتكفيه الأولى ، أما إذا كرر السجدة الواحدة في الصلاة ، فان كان في ركعة فهي كالمجلس الواحد فيكون فيه الأوجه الثلاثة ، وان كان في ركعتين فكالمجلس فيعيد السجود بلا خلاف.
(فصل): إذا أقر السجدة وهو راكب على دابة في السفر سجد بالايماء هذا مذهبنا ومذهب مالك و أبي حنيفة و أبي يوسف و محمد و أحمد و زفر و داود وغيرهم وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: لا يسجد ، والصواب مذهب الجماهير وأما الراكب في الحضر فلا يجوز أن يسجد بالايماء.
(فصل): إذا قرأ آية السجد في الصلاة قبل الفاتحة سجد بخلاف ما إذا قرأ في الركوع أو السجود ، فإنه لا يجوز ان يسجد ، لأن القيام محل القراءة ولو قرأ السجدة فهوى ليسجد فشك هل قرأ الفاتحة فإنه يسجد للتلاوة ثم يعود إلى القيام فيقرأ الفاتحة ، لأن سجود التلاوة لا يؤخر.
(فصل): لو قرأ آية السجدة بالفارسية لا يسجد عندنا كما لو فسر آية سجدة وقال أبو حنيفة يسجد.
(فصل): إذا سجد المستمع مع القارئ لا يرتبط به ولا ينوي الاقتداء به وله الرفع من السجود قبله.
(فصل): لا تكره قراءة آية السجدة للأمام عندنا سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية ويسجد إذا قرأها. قال مالك يكره ذلك مطلقا وقال أبو حنيفة يكره في السرية دون الجهرية.
(فصل): لا يكره عندنا سجود التلاوة في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها ، وبه قال الشعبي و الحسن و البصري و سالم ابن عبد الله و القاسم و عطاء وعكرمة و أبو حنيفة وأصحاب الرأي و مالك في إحدى الروايتين وكرهت ذلك طائفة من العلماء منهم عبد الله بن عمر و سعيد بن السميب و مالك في الرواية الأخرى و إسحق بن راهويه و أبو ثور.
(فصل): لا يقوم الركوع مقام سجدة التلاوة في حال الاختيار ، وهذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء السلف والخلف ، وقال أبو حنيفة رحمه الله: يقوم مقامه ، ودليل الجمهور القياس على سجود الصلاة ، وأما العاجز عن السجود فيومئ إليه كما يومئ لسجود الصلاة.
(فصل: في صفة السجود) أعلم أن الساجد للتلاوة له حالان: أحدهما أن يكون خارج الصلاة والثاني أن يكون فيها أما الأول فإذا أراد السجود نوى سجود التلاوة وكبر للاخرام ورفع يديه حذو منكبيه كما يفعل في تكبيرة الإحرام للصلاة ، ثم بكبر تكبيرة أخرى للهوي إلى السجود ولا يرفع فيها اليد ، وهذه التكبيرة الثانية مستحبة ليست بشرط كتكبيرة سجدة الصلاة وأما التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام ففيها ثلاثة أوجه لأصحابنا: أظهرها وهو قول الأكثرين منهم أنها ركن ولا يصح السجود إلا بها والثاني أنها مستحبة ، ولو تركت صح السجود ، وهذا قول الشيخ أبي محمد الجويني ، والثالث ليست مستحبة ، والله أعلم ثم إن كان الذي يريد السجود قائما كبر للاحرام في حال قيامه ثم يكبر للسجود في انحطاطه إلى السجود وإن كان جالسا فقد قفا لجماعات من أصحابنا: يستحب له أن يقوم فيكبر للإحرام قائما ثم يهوي للسجود كما بإذن كان في الابتداء قائما ، ودليل هذا القياس على الإحرام والسجود في الصلاة ، وممن نص على هذا وجزم به من أئمة أصحابنا الشيخ أبو محمد الجويني والقاضي حسين وصاحباه صاحب التتمة والتهذيب والإمام المحقق أبو القاسم الرافعي ، ومكاه إمام الحرمين عن والده الشيخ أبي محمد ، وحكاه إمام الحرمين عن والده الشيخ أبي محمد ، ثم أنكره وقال لم أر لهذا أصلا ولا ذكرا ، وهذا الذي قاله إمام الحرمين ظاهر فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عمن يقتدي به من السلف ، ولا تعرض له الجمهور من أصحابنا ، والله أعلم ثم إذا سجد فينبغي أن يراعي آداب السجود في الهيئة والتسبيح أما الهيئة فينبغي أن يضع يديه حذو منكبيه على الأرض ويضم أصابعه وينشرها إلى جهة القبلة ويخرجها من كمه ويباشر المصلى بها ويجافي مرفقيه عن جنبيه ويرفع بطنه عن فخذيه إن كان رجلا ، فإن كانت امرأة أو خنثى لم يجاف ، ورفع الساجد أسافله على رأسه وسمكن جبهته وأنفه من المصلى ويطمئن في سجوده وأما التسبيح في السجود فقال أصحابنا يسبح بما يسبح به في سجود الصلاة ، فيقول ثلاث مرات سبحان ربي الأعلى ، ثم يقول اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت ، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين ، ويقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، فهذا كله مما يقوله المصلي في سجود الصلاة قالوا: ويستحب أن يقول: الهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا وضع عني وزرا واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود صلى الله عليه وسلم وهذا الدعاء خصيص بهذا السجود فينبغي كما أن يحافظ عليه ، وذكر الاستاذ إسماعيل الضرير في كتابه {التفسير} أن اختيار الشافعي رضي الله عنه في دعاء سجود التلاوة أن يقول (سبحان ربنا ، إن كان وعد ربنا لمفعولا) وهذا النقل عن الشافعي غريب جدا وهو حسن فإن ظاهر القرآن يقتضي مدح قائله في السجود فيستحب أن يجمع بين هذه الأذكار كلها ويدعو بما يريد من أمور الآخره والدنيا ، وإن اقتصر على بعضها حصل أصل التسبيح ، ولو لم يسبح بشيء أصلا حصل السجود كسجود الصلاة ، ثم ‘ذا فرغ من التسبيح والدعاء رفع رأسه مكبرا وهل يفتقر إلى السلام فيه قولان منصوصان للشافعي مشهوران: أصحها عند جماهير أصحابه أنه يفتقر لافتقاره إلى الإحرام ويصير كصلاة الجنازة ، ويؤيد هذا ما رواه ابن أبي داود باسناده الصحيح عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا قرأ السجدة سجدة ثم سلم والثاني لا يفتقر كسجود التلاوة في الصلاة ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فعلة الأول هل يفتقر إلى التشهد ؟ فيه وجهان: أصحهما لا يفتقر كما لا يفتقر إلى القيام وبعض أصحابنا يجمع بين المسألتين وقول في التشهد والسلام ثلاثة أوجه: أحصها أنه لا بد من السلام دون التشهد ، والثاني لا يحتاج إلى واحد منها ، والثالث لا بد منهما وممن قال من السلف يسلم محمد بن سيرين و أبو عبد الرحمن السلمي و أبو الأحوص و أبو قلابة و إسحاق بن راهويه ، وممن قال لا يسلم الحسن البصري و سعيد بن جبير و إبراهيم النخعي و يحيي بن وثاب و أحمد ، وهذا كله في الحال الأول وهو السجود خارج الصلاة والحال الثاني أن يسجد للتلاوة في الصلاة فلا يكبر للاحرام ، ويستحب أن يكبر للسجود ولا يرفع يديه ويكبر للرفع من السجود هذا هو الصحيح المشهور الذي قاله الجمهور وقال أبو علي بن أبي هريرة من أصحابنا: لا يكبر للسجود ولا للرفع ، والمعروف الأول وأما الآداب في هيئة السجود والتسبيح فعلى ما تقدم في السجود خارج الصلاة إلا أنه إذا كان الساجد إماما فينبغي أن لا يطول التسبيح إلا أن يعلم من حال المأمومين أنهم يؤثرون التطويل ثم إذا رفع من السجود قام ولا يجلس للاستراحة بلاخلاف ، وهذه مسألة غريبة قل من يص عليها وممن نص عليها القاضي حسين و البغوي و الرافعي هذا بخلاف سجود الصلاة ، فإن القول الصحيح البخاري وغيره استحباب جلسة للاستراحة عقيب السجدة الثانية من الركعة الأولى في كل الصلوات ومن الثالثة في الرباعيات ، ثم إذا رفع من سجدة التلاوة فلا بد من الانتصاب قائما ، والمستحب إذا انتصب أن يقرأ شيئا ثم يركع ، فإن انتصب ثم ركع من غير قراءة جاز.
(فصل: في الأوقات المختارة للقراءة) اعلم أن أفضل القراءة ما كان في الصلاة ومذهب الشافعي وغيره أن تطويل القيام في الصلاة أفضل من تطويل السجود وغيره وأما القراءة في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل ، والنصف الأخير من الليل أفضل من النصف الأول ، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة ، وأما القراءة في النهار فأفضلها بعد صلاة الصبح ولا كراهية في القراءة في وقت من الأوقات لمعنى فيه ، وأما ما رواه ابن أبي داود عن معاذ بن رفاعة عن مشايخة أنهم كرهوا القراءة بعد العصر وقالوا هي دراسة اليهود فغير مقبول ولا أصل له ، ويختار من الأيام الجمعة والاثنين والخميس ويوم عرفة ، ومن الأعشار العشر الأخير من رمضان ، والعشر الأول من ذي الحجة ، ومن الشهور رمضان.
(فصل): إذا أرتج على القارئ ولم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه فسأل عنه غيره ، ف ينبغي أن يتأدب بما جاء عن عبد الله بن مسعود و إبراهيم النخعي و بشير بن أبي مسعود رضي الله عنهم قالوا: إذا سأل أحدكم أخاه عن آية فليقرأ ما قبلها ثم يسكت ولا يقول كيف كذا وكذا فإن يلبس عليه.
(فصل): إذا أراد أن يستدل بآية فله أن يقول: قال الله تعالى ، وله أن يقول: الله تعالى يقول كذا ، ولا كراهة في شيء من هذا ، هذا هو الصحيح المختار الذي عليه عمل السلف والخلف وروى ابن أبي داود عن مطرف بن عبد الله بن الشخير التابعي المشهور قال: لا تقولوا إن الله تعالى يقول ولكن قولوا إن الله تعالى قال وهذا الذي أنكره مطرف رحمه الله خلاف ما جاء به القرآن والسنة وفعلته الصحابة ومن بعدهم رضي الله عنهم فقد قال الله تعالى: {والله يقول الحق وهو يهدي السبيل} وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله سبحانه وتعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} وفي صحيح البخاري في باب تفسير (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) فقال أبو طلحة: يا رسول الله إن الله تعالى يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} فهذا كلام أبي طلحة في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصحيح عن مسروق رحمه الله قال: (قلت لعائشة رضي الله عنها: ألم يقل الله تعالى: {ولقد رآه بالأفق المبين} فقالت: أم تسمع أن الله تعالى يقول: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} أو لم تسمع أن الله تعالى يقول
}وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب} الآية ، ثم قالت: في هذا الحديث والله تعالى يقول: {يا أيها الرسول بلغ} ثم قالت: والله تعالى يقول: {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله} نظائر هذا كلام السلف والخلف أكثر من أن تحصر ، والله أعلم.
(فصل: في آداب الختم وما يتعلق به) فيه مسائل: الأولى في وقته: قد تقدم أن الختم للقارئ وحده يستحب أن يكون في الصلاة ، وأنه قيل يستحب أن يكون في ركعتي سنة الفجر وركعتي سنة المغرب ، وفى ركعتي الفجرأفضل ، وأنه يستحب أن يختم ختمة في أول النهار في دور ، ويختم ختمة أخرى في آخر النهار في دورآخر وأما من يختم في غير الصلاة والجماعة الذين نختمون مجتمعين ، فيستحب أن تكون ختمتهم أول النهار أوفي أول الليل كما تقدم ، وأول النهار أفضل عند بعض العلماء. المسألة الثانية: يسحب صيام يوم الختم إلا أن يصادف يوما نهى الشرع عن صيامه ، وقد روى ابن أبي داود باسناده الصحيح: أن طلحة بن مطرف و حبيب بن أبي ثابت و المسيب ابن رافع التابعيين الكوفيين رضي الله عنهم أجمعين كانوا يصبحون في اليوم الذي يختمون فيه القرآن صياماً.المسألة الثالثة: يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحسابا متأكدا ، فقد ثبت في الصحيحين (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحيض بالخروج يوم العيد ليشهدن الخير ودعوة المسلمين) وروى الدرامي وابن أبي داود وإسنادهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن فاذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس فيشهد ذلك ، وروى ابن أبي داود باسنادين صحيحين عن قتادة التابعي الجليل صاحب أنس رضي الله عنه قال: كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذ ختم القرآن جمع أهله ودعا ، وروى بأسانيده الصحيحة عن الحكم بن عيينة التابعي الجليل قال أرسل إلى مجاهد وعتبة بن لبابة فقالا إنا أرسلنا إليك لأنا أردنا أن نختم القرآن ، والدعاء يستجاب عند ختم القرآن وفي بعض الروايات الصحيحة وأنه كان يقال: أن الرحمة تنزل عند خاتمة القرآن وروى باسناده الصحيح عن مجاهد قال: كانوا يجتمعون عند ختم القرآن يقولون تنزل الرحمة المسألة الرابعة: الدعاء مستحب عقيب الختم استحبابا متأكدا لما ذكرناه في المسألة التي قبلها وروى الدرامي بإسناده عن عميد الأعرج قال: من قرأ القرآن ثم دعا أمن على دعائه أربعة آلاف ملك ، وينبغي أن يلح في الدعاء ، وأن يدعو بالأمور المهمة ، وأن يكثر في ذلك في صلاح المسلمين وصلاح سلطانهم وسائر ولاة أمورهم ، وقد روى الحاكم أبو عبد الله النيسابوري بإسناده أن عبد الله بن المبارك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن كان أكثر دعائه للمسلمين والمؤمينن والمؤمنات ، وقد قال نحو ذلك غيره فليختار الداعي الدعوات الجامعة كقوله: اللهم أصلح قلوبنا ، وأزل عيوبنا وتولنا بالحسنى ، وارزقنا طاعتك ما أبقينا اللهم يسرنا لليسرى ، وجنبنا العسر ، وأعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، وأعذنا من عذا ب النار وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات ، وفتنة المسيح الدجال اللهم إنا نسألك الهدى والتقوى والعفاف والغنى ، اللهم إنا نستودعك أدياننا وأبداننا وخواتيم أعمالنا وأنفسنا وأهالينا وأحبابنا وسائر المسلمين وجميع ما انعمت علينا وعليهم من أمور الآخرة والدنيا اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة واجمع بيننا وبين احبابنا في دار كرامتك بفضلك ورحمتك اللهم اصلح ولاة المسلمين ، ووفقهم للعدل في رعاياهم والإحسان إليهم والشفقة عليهم والرفق بهم الاعتناء بمصالحهم ، وحببهم إلى الرعية ، وحبب الرعية إليهم ، ووفقهم لصراط المستقيم ، والعمل بوظائف دينك القويم ، اللهم الطف بعبدك سلطاننا ، ووفقه لمصالح الدنيا والآخرة ، وحببة ألى رعيته ، وحبب الرعية إليه ، ويقول باقي الدعوات الذكورة في جملة الولاة ويزيد ، اللهم ارحم يفسه وبلاده وصن أتباعه وأجناده ، وانصره على أعداء الدين وسائر المخالفين ، ووفقه لا زاغلة المنكرات وإظهار المحاسن وأنواع الخيرات ، وزد الإسلام بسببه ظهورا ، وأعزه ورعيته إعزارا باهرا ، اللهم أصلح أحوال المسلمين وأرخص أسعارهم وأمنهم في أوطانهم ، واقض ديونهم ، وعاف مرضاهم ، وانصر جيوشهم ، وسلم غيابهم ، وفك أسراهم ، وأشف صدورهم ، وأذهب غيظ قلوبهم ، وألف بينهم ، واجعل في قلوبهم الايمان والحكمة ، وثبتهم على ملة رسولك صلى الله عليه وسلم وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه ، وانصرهم على عدوك وعدوهم ، إله الحق ، واجعلنا منهم اللهم اجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين به ناهين عن المنكر مجتنبين له ، محافظين على حدودك ، قائمين على طاعتك متناصفين متناصحين اللهم صنهم في أقوالهم وأفعالهم وبارك لهم في جميع أحوالهم ، ويفتح دعاءه ويختمه بهوله الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده. اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى أل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى أل إبراهيم في العلمين إنك حميد مجيد.المسألة الخامسة: يستحب إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى عقيب الختمة فقد استحبه السلف ، واحتجوا فيه بحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خير الأعمال الحل والرحلة.قيل وما هما. قال: افتتاح القرآن وختمه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alkabshi.forumarabia.com
احمد العوض الكباشي

احمد العوض الكباشي


ذكر
عدد المساهمات : 2933
تاريخ التسجيل : 22/08/2010
العمر : 37
الموقع : الكباشي

~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~   ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Icon_minitimeالأحد أبريل 10, 2011 5:40 am

الباب السابع: في آداب الناس كلهم مع القرآن

ثبت في صحيح مسلم رضي الله عنه عن تميم الداري رضي الله عنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة ، قلنا لمن ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين و عامتهم قال العلماء رحمهم الله: النصيحة لكتاب الله تعالى هي الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم ، ثم تعظيمه وتلاوته حق تلاوته ، وتحسينها ، والخشوع عندها ، وإقامة حروفه في التلاوة ، والذنب عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاغين ، والتصديق بما فيه ، والوقوف مع أحكامه ، وتفهم علومه وأمثاله ، والاعتناء بمواعظه والتفكر في عجائبه والعمل بمحكمه ، والتسليم بمتشابهه ، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه ، ونشر علومه ، والدعاء اليه وإلى ما ذكرناه من نصيحته.
(فصل): أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العزيز على الاطلاق وتنزيهه وصيانته ، وأجمعوا على من جحد منه حرفا مما أجمع عليه أو زاد حرفا لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك فهو كافر:قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: أعلم أن من استخف بالقرآن ، أو المصحف ، أو بشيء منه أو سبهما أو جحد حرفا منه ، أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر ، أو أثبت ما نفاه أو نفي ما أثبته ، وهو عالم بذلك ، أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين وكلك إذا جحد التوراة والإنجيل ، أو كتب الله المنزلة ، أو كفر بها ، أو سبها ، أو استخف بها فهو كافر قال: وهد أجمع المسلمون على أن القرآن المتلو في الأقطار المكتوب في الصحف الذي بأيدي المسلمين مما جمعة الدفتان من أول الحمد لله رب العالمين إلى آخر قل أعوذ برب الناس كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن جميع ما فيه حق ، وأن من نقص منه حرفا قاصدا لذلك ، أو بدله بحرف آخر مكانه أو زاد فيه حرفا مما لم يشمل عليه المصحف الذي وقع فيه الإجماع وأجمع على أنه ليس بقرآن عامدا لكل هذا فهو كافر قال أبو عثمان بن الحذاء: جميع أهل التوحيد متفقون على أن الجهد بحرف من القرآن كفر ، وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن شنبوذ المقرئ أحد أئمة المقرئين المتصدرين بها مع ابن مجاهد لقراءته وإقرأئه بشواذ من الحروف مما ليس في المصحف ، وعقدوا عليه للرجوع عنه والتوبة سجلا أشهدوا فيه على نفسه في مجلس الوزير أبي بن مقلة سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة ، وأفتى محمد بن أبي زيد فيمن قال الصبي: لعن الله معلمك وما علمك ، قال أردت سوء الأدب ولم أرد القرآن ، قال يؤدب القائل ، قال: وأما من لعن المصحف فانه يقيل ، هذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله.
(فصل): وحرم تفسيره بغير علم والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها ، والأحاديث في ذلك كثيرة ، والإجماع منعقد عليه.وأما تفسيره للعلماء فجائز حسن ، والإجماع منعقد عليه عمن كان أهلا للتفسير ، جامعا للأدوات التي يعرف بها معناه وغلب على ظنه المراد فسره إن كان مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجليلة والحقيقة والعموم و الخصوص والإعراب وغير ذلك وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل وتفسر الألفاظ الغوية فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أقله وأما من كان ليس من أهله لكونه غير جامع لأدواته فحرام عليه التفسير ، لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهل ، ثم المفسرون برأيهم من غير دليل صحيح أقسام: منهم من يحتج بأنه على تصحيح منه وتقوية خاطره مع مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية ، وإنما يقصد الظهور على خصمه ، ومنهم من يقصد الدعاء إلى خير ويحتج بآية من غير وقوف على معانيها عند أهلها وهي مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية وأهل التفسير كبيان معنى اللفظ وإعرابها وما فيها من الحذف والاختصار والإضمار والحقيقة والمجاز والعموم والخصوص والتقديم والتأخير والإجمال والبيان وغير مما هو خلاف الظاهر ، ولا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها ، بل لابد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها ، فقد يكونون مجتمعين على برك الظاهر أو على إرادة الخصوص أو الإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر وكما إذا كان اللفظ مشتركا في معان ، فعلم في موضع أن المراد لك أحد المعاني ثم فسر كل ما جاء به ، فهذا كله تفسير بالرأي ، وهو حرام ، والله أعلم.
(فصل): يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق ، عمن ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه ونحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول وأما من لا يظهر له ذلك فهو معذور ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال المراء في القرآن كفر قال الخطابي: المراد بالمراء الشك وقيل: الجدال المشكوك فيه وقيل وهو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء عي آيات القدر ونحوها.
(فصل): وينبغي لمن أراد السؤال عن تقديم آية على آية في المصحف ، أو مناسبة هذه الآية في هذا الموضع ونحو ذلك أن يقول ما الحكمة في كذا.
فصل: يكره أن يقول نسيت آية كذا ، بل يقول أنسيتها أو أسقطتها ، فقد ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول أحدكم نسيت آية كذا وكذا ، بل هو شيء نسي وفي رواية في الصحيحين أيضا بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آية كيت وكيت ، بل هو نسي وثبت في الصحيحين أيضا عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله علية وسلم سمع رجلا يقرأ فقال رحمه الله لقد ذكرني آية كنت أسقطتها وفي رواية في الصحيح كنت أنسيتها وأما ما رواه ابن أبي داود عن أبي عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل أنه قال: لا تقل أسقطت آية كذا قل أغفلت ، فهو خلاف ما ثبت في الحديث الصحيح ، فالاعتماد على الحديث ، وهو جواز أسقطت وعدم الكراهة فيه.
(فصل): يجوز أن يقال سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وسورة الأنعام ، وكذا الباقي لا كراهة في ذلك ، وكره بعض المتقدمين هذا وقال: يقال السورة التي يذكر فيها البقرة والسورة التي يذكر فيها آل عمران والسورة التي يذكر فيها النساء ، وكذا البواقي ، والصواب الأول فقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله سورة البقرة وسورة الكهف وغيرهما مما لا يحصي ، وكذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، قال ابن مسعود: هذا مقام الذي أنزلت سورة النساء والأحاديث وأقوال والسلف في هذا أكثر من أن تحصر ، وفي السورة لغتان الهمز وتركه والترك أفصح ، وهو الذي جاء به القرآن ، وممن ذكر اللغتين ابن قتيبة في غريب الحديث.
(فصل): ولا يكره أن يقال هذه قراءة أبي عمرو أو قراءة يافع أو حمزة أو الكسائي أو غيرهم ، هذا و المختار الذي عليه السلف والخلف من غير إنكار وروى ابن أبي داود عن إبراهيم النخعي أنه قال: كانوا يكرهون أن يقفا سنة فلان وقراءة فلان ، والصحيح ما قدمناه.
(فصل): لا يمنع الكافر من سماع القرآن لقول الله تعالى وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ويمتنع من كان لا يرجى إسلامه لم يجز تعليمه القرآن ؟ قال أصحابنا إن كان لا يرجى إسلامه لم يجز تعليمه ، وإن رجي إسلامة فوجهان: أصحهما يجوز رجاء إسلامه ، والثاني لا يجوز كما لا يجوز بيع المصحف منه وان رجي إسلامه ، وأما إذا رأيناه يتعلم فهل يمنع ؟ فيه وجهان.
فصل: اختلف العلماء في كتابة القرآن في إناء ثم يغسل ويسقى المريض ، فقال الحسن و مجاهد و أبو قلابة و الأوزاعي:لا بأس به ، وكرهه النخعي قال القاضي حسين البغوي وغيرهما من أصحابنا: ولو كتب القرآن على الحلوى وغيرها من الأطعمة فلا بأس باكلها قال القاضي: ولو كان خشية كره إحراقها.
(فصل): مذهبنا أنه يكره نقش الحيطان والثياب بالقرآن وبأسماء الله تعالى قال عطاء: لابأس بكتب القرآن في قبلة المسجد وأما كتابة الحر زمن القرآن ، فقال مالك: لا بأس به إذا كان في قصبة أو جلد وخرز عليه وقال بعض أصحابنا: إذا كتب في الخرز قرآناً مع غير ه فليس بحرام ، ولكن الأولى تركه ، لكونه يحمل في حال الحديث ، وإذا كتب يصان بما قاله الإمام مالك رحمه الله ن بهذا افتى الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح رحمه الله.
(فصل: في النفث مع القرآن للرقية) روى ابن أبي داود عن أبي حيفة الصحابي رضي الله عنه واسمه وهب بن عبد الله وقيل غير ذلك وعن الحسن البصري و إبراهيم النخعي أنهم كرهوا فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات رواه البخاري و مسلم في صحيحيهما ، وفي روايات في الصحيحين زيادة على هذا ففي بعضها قالت عائشة رضي الله عنها فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به وفي بعضها (كان النبي صلى الله عله وسلم ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات قالت عائشة رضي الله عنها: فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد بنفسه لبركتها) وفي بعضها كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث قال أهل اللغة: النفث نفخ لطيف بلا ريق ، والله أعلم.

الباب الثامن: في الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة

اعلم أن هذا الباب واسع جدا لا مكن حصره لكثرة ما جاء فيه ، ولكن نشير إلى أكثره أو كثيرمنه بعبارات وجيرة ، فإن أكثر الذي نذكره فيه معروف للخاصة والعامة ، ولهذا لا أذكر الأدلة في أكثره فمن ذلك كثره الاعتناء بتلاوة القرآن في شهر رمضان , وفي العشر الأخير آكد ، وليالي الوتر منه آكد ومن ذلك العشر الأول من ذي الحجة ، ويوم عرفة ، ويوم الجمعة ، وبعد الصبح ، وفي الليل ، وينبغي أن يحافظ على قراءة يس والواقعة وتبارك الملك.
(فصل): السنة أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة الم تنزيل بكمالها ، وفي الثانية هل أتى على الانسان بكاملها ، ولا يفعل ما يفعله كثير من أئمة المساجد من الاقتصار على آيات من كل واحدة منهما مع تمطيط القراءة ، بل ينبغي أن يقرأهما بكمالهما ، ويدرج قراءته مع ترتيل ، والسنة أن يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى سورة الجمعة بكمالها ، وإن شاء سبح اسم ربك الأعلى ، وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية ، فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليجتنب الاقتصار على البعض ، وليفعل ما قدمناه ، والسنة في صلاة العيد في الركعة الأولى سورة ق ، ، وفي الثانية سورة اقتربت الساعة بكمالها ، وإن شاء سبح وهل أتاك فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليتجنب الاقصار على البعض.
(فصل): ويقرأ في ركعتي سنة الفجر بعد الفاتحة الأولى قل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية قل هو الله أحد إن شاء قرأ في الأولى قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا... الآية ، وفي الثانية قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم... الآية ، فكلاهما صحيح من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرأ في سنة المغرب قل يا أيها الكافرون ، وقل هو الله أحد ، ويقرأ بهما أيضا في ركعتي الطواف وركعتي الاستخارة ، ويقرأ من أوتر بثلاث ركعات في الركعة الأولى سبح اسم ربك الأعلى ، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون ، وفي الثالثة قل هو الله احد والمعوذتين.
(فصل): ويستحب أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة الحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره فيه قال الإمام الشافعي في الأم: ويستحب أن يقرأها أيضا ليلة الجمعة ودليل هذا ما رواه أبو محمد الدارمي بإسناده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال من قرأ سوة الكهف ليلة الجمعة أضاء له النور فيما بينه وبين البيت العتيق وذكر الدرامي حديثا في استجاب قراءة سورة هود يوم الجمعة ، وعن مكحول التابعي الجليل استحباب قراءة آل عمران يوم الجمعة.
(فصل): ويستحب الإكثار من تلاوة آية الكرسي في جميع المواطن ، وأن يقرأها كل ليلة إذا أوى إلى فراشه ، وأن يقرأ المعوذين عقب كل صلاة ، فقد صح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذين دبر كل صلاة رواه أبو داود و الترمذي و النسائي. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(فصل): يستحب أن يقرأ عند النوم آية الكرسي ، وقل هو الله أحد ، والمعوذين وآخر سور ة البقرة ، فهذا مما يهتم له ويتأكد الاعتناء به ، فقد ثبت فيه أحاديث صحيحة عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأها في ليلة كفتاه قال جماعة من أهل العلم: كفتاه عن قيام الليل ، وقال آخرون: كفتاه المكروه في ليلته وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كل ليلة يقرأ قل هو الله أحد والمعوذين وقد قدمناه في فصل النفث بالقرآن ، وروى عن أبي داود بإسناده عن علي كرم الله وجهه قال: ما كنت أرى أحد يعقل دخل في الاسلام ينام حتى يقرأ آية الكرسي ، وعن علي كرم الله وجهه أيضا قال ما كنت أرى أحد يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة إسناده صحيح على شرط البخاري و مسلم ، و عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمر بك ليلة إلا وأنا أقرؤهن وعن إبراهيم النخعي قال (كانوا يستحبون أن يقرؤوا هذه السور كل ليلة ثلاث مرات قل هو الله أحد والمعوذتين) إسناده صحيح على شرط مسلم ، وعن إبراهيم أيضا كانوا يعلمونهم إذا أووا إلى فراشهم أن يقرؤوا المعوذتين ، وعن عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل رواه الترمذي وقال حين ويستحب أن يقرأ إذا استيقظ من النوم كل ليلة آخر آل عمران من قوله تعالى: {إن في خلق السموات والأرض إلى أخرها ، فقد ثبت في الصحيحين (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ خواتيم آل عمران إذا استيقظ).
(فصل: فيما يقرأ عند المريض) يستحب أن يقرأ عند المريض بالفاتحة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فيها وما أدراك أنها رقية ويستحب أن يقرأ عنده قل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس مع النفث في اليدين ، فقد ثبت في الصحيحين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد يقدم بيانه في فصل النفث في آخر الباب الذي قبل هذا ، وعن طلحة بن مطرف قال: كان المريض إذا قرئ عنده القرآن ، وجد لذلك خفة ، فدخلت على خيمة وهو مريض ، فقلت إني أراك اليوم صالحا ، فقال إني قرئ عندي القرآن ، وروى الخطيب أبو بكر البغدادي رحمه الله بإسناده: أن الرمادي رضي الله عنه كان إذا اشتكى شيئا قال هاتوا أصحاب الحديث فإذا حضروا قال: اقرءوا على الحديث ، فهذا في الحديث فالقرآن أولى.
(فصل: فيما يقرأ عند الميت) قال العلماء من أصحابنا وغيرهم: يستحب أن تقرأ عنده يس لحديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقرءوا يس على موتاكم رواه أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة و ابن ماجه بإسناد ضعيف ، وروى مجالد عن الشعبي قال: كانت الأنصار إذا حضروا عند الميت قرءوا سورة البقرة ، و مجالد ضعيف ، والله أعلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alkabshi.forumarabia.com
احمد العوض الكباشي

احمد العوض الكباشي


ذكر
عدد المساهمات : 2933
تاريخ التسجيل : 22/08/2010
العمر : 37
الموقع : الكباشي

~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~   ~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~ Icon_minitimeالأحد أبريل 10, 2011 5:46 am

الباب التاسع: في كتابة القرآن إكرام المصحف

اعلم أن القرآن العزيز كان مؤلفا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على ما هو في المصاحف اليوم ، ولكن لم يكن مجموعا في مصحف ، بل كان محفوظا في صدور الرجال ، فكان طوائف من الصحابة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقتل كثير من حملة القرآن خاف موتهم واختلاف من بعدهم فيه فاستشار الصحابة رضي الله عنهم في جمعه في مصحف فأشاروا بذلك ، فكتبه في مصحف وجعله في بيت حفصة أم المؤمنون رضي الله عنها ، فلما كان في زمن عثمان رضي الله عنه ، وانتشر الإسلام خاف عثمان وقوع الاختلاف المؤدي إلى ترك شيء من القرآن أو الزيادة فيه فنسخ من ذلك المجموع الذي عن حفصة الذي أجمعت الصحابة علية مصاحف وبعث بها إلى البلدان وأمر باتلاف ما خالفها ، وكان فعله هذا باتفاق منه ومن على بن أبي طالب وسائر الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم: وإنما لم يجعله النبي صلى الله عليه وسلم في مصحف واحد لما كان يتوقع من زيادته ونسخ بعض المتلو ، ولم يزل ذلك التوقع إلى وفاته صلى الله عليه وسلم فلما أمن أبو بك وسائر أصحابه ذلك التوقع واقتضت المصلحة جمعه فعلوه رضي الله عنهم واختلفوا في عدد المصاحف التي بعث بها عثمان فقال الإمام أبو عمر والداني: أكثر العلماء على أن عثمان كتب أربع نسخ: فبعث إلى البصرة إحداهن ، وإلى الكوفة أخرى ، والى الشام أخرى وحبس عنده أخرى وقال أبو حاتم السجستاني: كتب عثمان سبعة مصاحف: بعث واحدا إلى مكة ، وآخر إلى الشام وآخر إلى اليمن ، وآخر إلى البحرين ، وآخر إلى البصرة ، وآخر إلى الكوفة ، وحبس بالمدينة واحدا ، وهذا مختصر ما يتعلق بأول جمع المصحف ، وفيه أحاديث كثيرة في الصحيح وفي المصحف ثلاث لغات ضم الميم وكسرها وفتحها ، فالضم والكسر مشهورتان ، والفتح ذكرها أبو جعفر النحاس وغير.
(فصل): اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف وتحسين كتابتها وتبينها وايضاحها وتحقيق الخط دون مشقة ، وتعليقة قال العلماء: ويستحب نقط المصحف وشكله فانه صيانة من اللحن فيه وتصحيفه ، وأما كراهة الشعبي و النخعي النقط ، فانما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه ، وقد أمن ذلك اليوم فلا منع ، ولا يمتنع من ذلك لكونه محدثا فانه من المحدثات الحسنة فلم يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك والله أعلم.
(فصل):لا تجوز كتابة القرآن بشيء نجس ، وتكره كتابته على الجدران عندنا ، وفيه مذهب عطاء الذي قدمناه ، وقد قدمنا أنه إذا كتب على الأطعمة فلا بأس بأكلها ، وأنه إذا كتب على خشبة كره إحراقها.
فصل: أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه قال أصحابنا وغيره: ولو ألقاه مسلم في القاذورة والعياذ بالله تعالى صار الملقي كافرا قالوا ويحرم توسده بل توسد آحاد كتب العلم حرام ، ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم عليه ، لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار ، فالمصحف أولى ، وقد قررت دلائل استحباب القيام في الجزء الذي جمعته فيه ، وروينا في مسند الدرامي باسناد صحيح عن ابن أبي مليكة (أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه ، ويقول: كتاب ربي كتاب ربي)
فصل: تحرم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم للحديث المشهور في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو ويحرم بيع المصحف من الذمي ، فان باعه ففي صحة البيع قولان للشافعي: أصحهما لا يصح ، والثاني يصح ، ويؤمر في الحال بإزالة ملكه عنه ويمنع المجنون والصبي الذي لا يميز من مس المصحف مخافة من انتهاك حرمته ، وهذا المنع واجب على الولي وغير ممن رآه يتعرض لحمله.
(فصل): يحرم على المحدث مس المصحف وحمله ، سواء حمله بعلاقته أو بغيرها ، سواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد ، ونحرم مس الخريطة والغلاف والصندوق إذا كان فيهن المصحف ، هذا هو المذهب المختار ، وقيل لا تحرم هذه الثلاثة ، وهو ضعيف ، ولو كتب القرآن في لوح فحكمه حكم المصحف ، سواء قل المكتوب أو كثر ، حتى لو كان بعض آية كتب للدراسة حرم مس اللوح.
(فصل): إذا تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أورق المصحف بعود أو شبهه ، ففي جواز ه وجهان لأصحابنا: أظهرهما جواز ، وبه قطع العراقيون من أصحابنا ، لأنه غير ماس ولا حامل ، والثاني تحريمه لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع وأما إذا لف كمه على يده وقلب الورقة فحرام بلا خلاف ، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين ، والصواب القطع بالتحريم ، لأن القلب يقع باليد لا بالكم.
(فصل): إذا كتب الجنب أو المحدث مصحفا ، إن كان يحمل الورقة أو يمسها حال الكتابة فحرام ، وان لم يحملها ولم يمسها ففيه ثلاثة أوجه: الصحيح جوازه ، والثاني تحريمه ، والثالث يجوز للمحدث ، ويحرم على الجنب.
(فصل): إذا مس المحدث أو الجنب أو الحائض أو حمل كتابا من كتب الفقه أو غيره من العلوم وفيه آيات من القرآن أو ثوبا مطرزا بالقرآن أو دراهم أو دنانير منقوشة به أو حمل متاعا في جملته مصحف أو لمس الجدار أو الحلوى أو الخبز المنقوش به ، فالمذهب الصحيح جواز هذا كله ، لأنه ليس بمصحف ، وفيه وجه أنه حرام ، وقال أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي في كتابه الحاوي: يجوز مس الثياب المطرزة بالقرآن ، ولا يجوز لبسها بلا خلاف لأن المقصود بلبسها التبرك بالقرآن ، وهذا الذي ذكره أو قاله ضعيف لم يوافقه أحد عليه فيما رأيته بل صرح الشيخ أبو محمد الجويني وغيره بجواز لبسها ، وهذا هو الصواب ، والله أعلم وأما كتب تفسير القرآن ، فان كان القرآن فيها أكثر من غيره حرم مسها وحملها ، وان كان غيره أكثر كما هو الغالب ففيها ثلاثة أوجه: أصحها لايحرم ، والثاني يحرم ، والثالث إن كان القرآن بخط متميز بغلظ أو حمرة أو غيرها حرم وان لم يتميز لم يحرم قلت: ويحرم المس إذا استويا قال صاحب التتمة من أصحابنا: وإذا قلنا لا يحرم فهو مكروه. وأما كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فان لم يكن فيها آيات من القرآن لم يحرم مسها ، والأولى ن ألا تمس إلا على طهارة وان كان فيها آيات من القرآن لم يحرم على المذهب ، وفيه وجه أنه يحرم ، وهو الذي في كتب الفقه. وأما المنسوخ تلاوته كالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة _ وغير ذلك فلا يحرم مسه ولا حمله قال أصحابنا وكذلك التوراة و الإنجيل.
(فصل): إذا كان في موضع من بدن المتطهر نجاسة غير معفو عنها حرم عليه بموضع النجاسة بلا خلاف ، ولا يحرم بغيره على المذهب الصحيح المشهور الذي قاله جماهير أصحابنا وغيرهم من العلماء. وقال أبو القاسم الصيمري من أصحابنا: يحرم ، وغلطه أصحابنا في هذا. قال القاضي أبو الطيب: هذا الذي قال مردود بالإجماع. ثم على المشهور قال بعض أصحابنا انه مكروه ، والمختار أنه ليس بمكروه.
(فصل): من لم يجد ماء فتيمم حيث يجوز التيمم له مس المصحف ، سواء كان تيممه للصلاة أو لغير مما يجوز التيمم له. وأما من لم يجد ماء ولا ترابا فإنه يصلي على حسب حاله ، ولا يجوز له مس الصحف لأنه محدث ، جوزنا له الصلاة للضرورة ، ولو كان معه مصحف ولم يجد من بودعه عنده وعجز عن الوضوء جاز له حمله للضرورة. قال القاضي أبو الطيب ولا يلزمه التيمم ، وفيما قاله نظر ، وينبغي أن يلزمه التيمم. أما إذا خاف على كافر فانه يأخذه ولو كان محدثا للضرورة.
(فصل): هل يجب على الولي والمعلم تكليف الصبي المميز الطهارة لحمل المصحف واللوح اللذين يقرأ فيهما؟ وجهان مشهوران: أصحهما عند الأصحاب لا يجب للمشقة.
(فصل): يصح بيع المصحف وشراؤه ، ولا كراهة في شرائه ، وفي كراهة بيعه وجهان لأصحابنا أصحهما وهو نص الشافعي أنه يكره ، ومن قال لا يكره بيعه وشراؤه الحسن البصري و عكرمة و الحكم ابن عيينة ، وهو مروي عن ابن عباس ، وكرهت طائفة من العلماء بيعه وشراؤه ، وحكاه ابن المنذر عن علقمة و ابن سرين و النخعي و شريح و مسروق و عبد الله بن زيد. وروي عن عمر و أبي موسى الأشعري التغليظ في بيعه ، وذهبت طائفة إلى الترخيص في الشراء وكراهة البيع ، حكاه ابن المنذر عن ابن عباس و سعيد بن جبير و أحمد بن حنبل و إسحق بن راهوية والله أعلم.

الباب العاشر: في ضبط الأسماء واللغات المذكورة في الكتاب على ترتيب وقوعها

هي كثيرة واستيفاء ضبطها وإيضاحها وبسطها يحتمل مجلدة ضخمة ، لكني أشير إليها بأوجز الإشارات وأرمز إلى مقاصدها بأخصر العبارات ، وأقتصر على الأصح في معظم الحالات ، فأول ذلك في الخطة الحمد: أي الثناء بجمل الصفات الكريم في صفات الله تعالى المتفضل ، وقيل غير ذلك ، والمنان: روينا عن على بن أبي طالب كرم الله وجهه أن معناه الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال ، الطول الغنى والسعة ، الهداية: التوفيق والطف ، ويقال هدانا للإيمان وهدانا الإيمان وهدانا إلى الإيمان ، سائر بمعنى الباقي ، لديه عنده ، سمي نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لكثرة خصاله المحمودة قاله ابن فارس وغيره: أي ألهم الله تعالى أهله ذلك لما علم من جميل صفاته وكرم شمائله زاده الله شرفا وكرما ، تحدى ، قال أهل اللغة: يقال فلان يتحدى فلانا إذا باراه ونازعه الغلبة ، قوله باجمعهم بضم الميم وفتحها لغتان مشهورتان: أي جميعهم ، وأفحم أي قطف وغلب ، لا يحلق بضم الميم وفتحها لغتان مشهورتان: أي جميعهم ، وأفحم أي قطع وغلب ، لا يخلق بضم اللام ويجوز فتحها والياء فيهما مفتوحة ، ويجوز ضمها مع كسر اللام ، يقال خلق الشيء وأخلق إذا بلي المراد هنا لا بذهب جلالته وحلاوته ، استظهره حفظه ظاهرا ، الوادان الصبيان ، الحديثان بفتح الحاء والدال هو الحدثث والحادثة والحدثى بمعنى واحد ، وهو وقوع ما لم يكن ، الملوان الليل والنهار ، الرضوان بكسر الراء وضمها ، الأنام الخلق على المذهب المختار ، ويقال أيضا الأنيم ، الدامغات الكاسرات القاهرات ، الطغام بفتح الطاء المهملة والغين المعجمة هم أوغاد الناس ، الأمائل الخيار ، واحدهم أمثل ، وقد مثل الرجل بضم الثاء صار فاضلا خيارا ، الأعلام جمع علم ، وهو ما يستدل به على الطريق من جبل وغيره ، سمي العالم البارع بذلك لأنه يهتدى به النهى العقول واحدها نهية بضم النون ، لأنها تنهى صاحبها عن القبائح ، وقيل لأن صحتها ينتهي الى عقله ورأيه قال أبو علي الفارسي: يجوز أن يكون النهي مصدرا وأن يكون جميعاً كالغرف ، دمشق بكسر الدال وفتح الميم على المشهور ، وحكى صاحب مطالع الأنوار كسر الميم ايضا. المختصر ما قل لفظه وكثرت معانيه ، العتيدة الحاضرة المعدة ، أبتهل ، أتضرع ، التوفيق حلق قدرة الطاعة ، حسبنا الله أي كافينات ، الوكيل الموكل اليه ، وقيل الموكل إليه تديير خلقه ، وقيل القائم بمصالح خلقه ، وقيل المحافظ. آناء الليل ساعاته ، وفي واحدها أربع لغات: أنى وإنى بكسر الهمزة وفتحها ، وأنى واتو بالياء والواو ، والهمزة مكسورة فيهما ، الآلاء النعم في واحدها اللغات الأربع: ألى وإلى والى وألو. حكى هذا كله الواحدي ، الإنفاق الممدوح في الشرع إخراج المال في طاعة الله تعالى ، تجارة لن تبور: أي تهلك وتفسد السفر الملائكة. الكتبة البررة جمع بار وهو المطيع ، ويتتعتع أي يشتد ويشق ، أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس منسوب الى الأشعر جد القبيلة ، الأترجة بضم الهمزة والراء وهي معروفة. قال الجوهري: قال أبو زيد: ويقال ترنحة في صحيح البخاري في كتاب الأطعمة في هذا الحديث مثل الأترنجة ، أبو أمامة الباهلي اسمه صدي بن عجلان منسوب الى باهلة قبيلة معروفة الحد تمني زوال النعمة عن غيره ، والغبطة في الخير محمودة محبوبة ، والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم لا حسد إلا في اثنتين: أي لا غبطة محمودة يتأكد الاهتمام بها الا في ، الترمذي منسوب ابى ترمذ. قال أبو سعيد السمعاني: هي بلدة قديمة على طرف بلخ الذي يقال له جيحون ، ويقال بالنسبة إليها ترمذي بكسر التاء والميم وبضمها وبفتح التاء مع كسر الميم ثلاثة أوجه حكاها السمعاني. أبو داود السجساني اسمه سليمان بن الاشعث ، النسائي هو أبو عبد الرحمن أحمد ابن شعيب ، أبو مسعود البدري أسمه عقبة بن عمر ، وقال جمهور العلماء سكن بدراً ولم يشهدها. وقال الزهري و البخاري وغيرهما شهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. الدرامي هو أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن منسوب الى دارم جد قبيلة ، شعائر الله تعالى معالم دينه واحدتها شعيرة قال الجوهري: ويقال في الواحدة شعارة ، البزار صاحب المسند بالراء في آخره ، لحد القبر بفتح اللام وضمها لغتان مشهورتان ، والفتح ، وهو شق في جانبه القبلي يدخل فيه الميت يقال الحديث الميت وألحدته ، أبو هريرة اسمه عبد الرحمن بن صخر على الأصح من نحو ثلاثين قولا كني بهريرة كانت له في صغره ، وهو أول من كني بهذا ، آذنني بالحرب أعلمني ، ومعناه أظهر محاربتي ، أبو حنيفة بن النعمان بن ثابت بن زوطي ، الإمام الشافعي أبو عبد الله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن يزيد بن هاشم بن المطلب عبد مناف بن قصي ، الثلب بفتح الثاء المثلثة واسكان اللام هو العيب ، حنفاء جمع حنيف ، وهو المستقيم ، وقيل المائل الى الحق المعرض عن الباطل ، المرعشي بفتح الميم وإسكان الراء وفتح العين المهملة ، التستري بضم التاء والاولى وفتح الثانية واسكان السين المهملة بينهما منسوب إلى تستر المدينة المعروفة ، الإمام المحاسبي بضم الميم. قال السمعاني: قيل له ذلك لانه كان يحاسب نفسه ، وهو ممن جمع له علم الظاهر والباطن. عرف الجنة بفتح العين وإسكان الراء وبالفاء: ريحيها فليتبوا مقعده من النار: أي فلينزله ، وقيل فليتخذه وقيل هو دعاء ، وقيل خبر ، الدلالة بفتح الدال وكسرها ويقال دلولة بضم الدال واللام ، الطوية بفتح الطاء وكسر الواو ، قال أهل اللغة: هي الضمير ، التراقي جمع ترقوة ، وهو العظم الذي بين يقره النحر والعابق ، يجلسون حلقا. يقال بفتح الحاء وكسرها لغتان ابن ماجه هو أبو عبد الله بن محمد بن يزيد أبو الدرداء اسمه عويمر ، وقيل عامر يحنو على الطالب: أي يعطف عليه ، ويشفق أيوب السختياني: بفتح السين وكسر التاء. قال أبو عمر بن عبد البر: كان أيوب بييع الجلود بالبصرة. ولهذا قيل السختياني. البراعة مصدر برع الرجل وبرع بفتح الراء وضمها إذا فاق أصحابه حلقة العلم ونحوها باسكان اللام هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة. ويقال بفتحها في لغة قليلة حكاها ثعلب والجوهري وغيرهما. الرفعة بضم الراء وكسرها لغتان. قعدة المتعلمين بكسر القاف المعشر الجماعة الذين أمرهم واحد. قوله ويتفقدونها بالنهار: أي يعملون بما فيها. أبو سليمان الخطابي منسوب إلى جدمن إجداده اسمه الخطاب. واسم ابي سليمان محمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب. وقيل اسمه أحمد. الزهري هو أبو بكر محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة ابن كلاب بن مرة بن كعب. البصري بفتح الباء وكسرها. الشعبي بفتح الشين اسمه عامر بن شراحيل بفتح الشين. تميم الداري منسوب إلى دارين موضع بالساحل. ويقال تميم الديري نسبة إلى دير كان يتعبد فيه. وقيل غير ذلك. وقد أوضحت الخلاف فيه في أول شرح صحيح مسلم. سليم بن عترة بكسر العين المهملة وإسكان التاء امثناة فوق. الدور في بدال مهملة مفتوحة. ثم واو ساكنة ثم راء مفتوحة ثم قاف ثم ياء النسب قيل إنها نسبة الى القلا نس الطوال التي تسمى الدورقية. وقيل كان أبونا ناكسا: أي عابدأ. وكان في ذلك الزمن يسمون الناسك دورقنا وقيل نسبة الى دورق بلدة بفارس أو غيرها. منصور بن زاذان بالزاي والذال المعجمة. قوله يحثبي: أي ينصب ساقيه ويحتوي على ملتقى ساقيه وفخذيه وبينه أو بثوب. والحبوة بضم الحاء وكسرها لغتان هي ذلك الفعل. الهذرمة بالذال المعجمية سرعة الكلام الحقي. الغزالي هو محمد بن محمد بن محمد بن أحمد وهكذا يقال بتشديد الزاي. وقد روي عنه أنه أنكر هذا. وقال إنما أنا الغزالي بتخفيف الزاي منسوب إلى قرية من قرى طوس يقال لها غزالة. طلحة بن مصرف بضم الميم وفتح الصاد وكسر الراء.وقيل يجوز فيح الراء وليس بشيء. أبو الأحوص بالحاء والصاد المهملتين واسمه عوف بن مالك ، الحشمي بضم الجيم وفتح الشين المعجمية منسوب إلى جشم جد قبيلة ، الفسطاط فيه ست لغات. فستاط بالتاء بدل الطاء وفساط بتشديد السين والفاء فيهن مضمومة ومكسورة. والمراد به الخيمة المنزل. الدوي بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء صوت لايفهم. النخعي بفتح النون الخاء منسوب الى النخعي جد قبيلة. حلب شاة بفتح اللام ويجوز اسكانها في لغة قليلة. الرقاشي بفتح الراء وتخفيف القاف. القذاة كالعود. وفتات الخرق ونحوها مما يكنس المسجد منه. سليمان بن يسار بالمثناة ثم السين المهملة. أبو أسيد بضم الهمزة وفتح السين اسمه مالك بن ربيعة شهد ببدرا. تنطحني بكسر الطاء وفتحها. منتشر جداً بكسر الجيم وهو مصدر , الأشنان بضم الهمزة وكسرها لغتان ذكرهما أبو عبيدة و ابن الجوليقي هو فارسي معرب. وهو بالعربية المحضة حرض وهمزة أثنان أصلية. كراسي أضراسه يجوز فيه التشديد والتخفيف. والروياني بضم الراء وإسكان الواو منسوب إلى رويان. قوله على حسب حاله هو بفتح السين: اي على قدر طاقته ؟ الحمام معروف ، وهو مذكر عند أهل اللغة. الحشوش مواضع العذرة والبول المتخذة له واحدها حش بفتح الحاء وضمها لغتان ، حجر الانسان بفتح الحاء وكسرها ، الجنازة بكسر الجيم وفتحها من جنز إذا ستر ، بهز بن حكيم هو بفتح الباء واسكان الهاء وبالزاي ، زرارة بضي الزاي ، أحمد بن أبي الحواري بفتح الحاء وكسر الراء ومنهم من يفتح الراء وكان شيخنا أبو البقاء خالد النابلسي رحمه الله يحكيه وربما اختاره وكان علامة وقته في هذا الفن مع كمال تحقيقة فيه ، واسم أبي الحواري عبد الله بن ميمون بن عباس بن الحرث الجرعي بضم الجيم والراء ، أبو الجوزاء بفتح الجيم وبازاي اسمه أوس بن عبد الله وقيل أوس بن عبد الله وقيل أوس بن خالد حبتر بحاء مهملة مفتوحة ثم باء موحدة ساكنة ثم تاء مثناة من فوق مفتوحة ثم راء ، الرجل الصالح هو القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد كذا قاله الزجاج وصاحب المطالع وغيرهما ، أبو ذر اسمه جندب وقيل برير بضم الموحدة ، وتكرير الراء ، اجترحوا السيئات اكتسبوها ، الشعار بكسر الشين العلامة ، الشراك بكسر الشين هو السير القيق الذي يكون في النعل على ظهر القدم ، أم سلمة اسمها هند ، وقيل رملة وليس بشيء ، عبد الله بن مغفل بضم الميم وفتح الغين المعجمة والفاء ، الغط بفتح الغين وإسكانها لغتان هو اختلاط الأصوات ، الجمعة بضم الميم وإسكانها وفتحها قاله الفراء والواحدي ، المعوذتان بكسر الواو ، الأوزاعي اسمه عبد الرحمن بن عمر إمام الشام في عصره منسوب الى موضع بباب الفراديس من دمشق يقال له الأوزاع ، وقيل إلى قبيلة ، وقيل غير ذلك ، عرزب بفين مهملة مفتوحة ثم راء ساكنة ثم زاي مفتوحة ثم باء موحدة ، بريدة بن الحصيب بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ، فضالة بفتح الفاء ، لله أشد أذنا بالفتح الهمزة والذال: أي استماعا. القينة بفتح القاف المغنية ، طوبى: أيخير لهم كذا قاله أهل اللغة ، الأعمش و سليمان بن مهران ، أبو العالية بالقين المهملة اسمه رفيع بضم الراء ، أبو لباية الصحابي بضم الام اسمه بشير ، وقيل رفاعة بن عبد المنذر. الغشمة الظلمة. قوله عيناه تذر فان: أي ينضب دمعهما. وهو بفتح الياء المثناة من فوق وكسر الراء. فما خطبكم: أي شأنكم. الأيام المعدودات أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر. تشميت العاطس و باشين وبالسين. القفال المذكور هنا المروزي. عبد الله بن أحمد يقرن بضم الراء على اللغة الفصيحة ، وفي لغة بكسرها البغوي منسوب الى بغ مدينة بين هراة ومرو. يقال لها أيضا بغشور واسمه الحسين بن مسعود. الآصال جمع أصيل وهو آخر النهار وقيل ما بين العصر وغروب الشمس بيد بن الحرث بضم الزاي وبعدها موحدة مفتوحة سبوح صدوس بضم أولهما والفتح لغتان مشهورتان. أبو قلابة بكسر القاف. وفتح اللام وتخفيفها وبالياء الموحدة اسمة عبد الله بن زيد يحيى بن وثاب بثاء مثلثة مشددة.معان بن رفاعة بضم الميم والعين وآخره نون. الشخير بكسر الشين والخاء مشددة ، والحكم بن عتيبة هو بتاء مثناة من فوق ثم مثناة من تحت ثم موحدة. المحيى والممات الحياة والموت أوزعهم ألههم. حمدا يوافي نعمة: أي يصل إليها فيحصلها. ويكافئ مزيد هو بهمزة آخر يكافئ. ومعناه يقوم بشكر ما زادنا من النعم. مجالد الراوي عن لشعب بالجيم وكسر اللام. الصيمري بفتح الصاد المهملة والميم. وقيل بضم الميم. وهو غريب. وقد بسطت بيانه في تهذيب الأسماء واللغات. فهذه أحرف وجيزة في ضبط مشكل ما وقع في هذا الكتاب. وما بقي منها تركته لظهوره. وما ذكرته من الظاهر قصدت بيانه لمن لا يخالط العلماء فإنه ينتفع به إن شاء الله تعالى.
هذا آخر ما تيسر من هذا الكتاب. وهو نبذة مختصرة بالنسبة إلى آداب القراء. ولكن حملني على اختصاره ما ذكرته في أو ل الكتاب. وأنا أسأل الله العظيم أن ينفع به النفع العميم لي ولأحبابي وكل ناظر فيه وسائر المسلمين في الدارين. والحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده وصلاته وسلامه الأكملان على سيدنا محمد وعلى آل محمد وأصحابه أجمعين والحمد لله رب العالمين.

تم بحمد الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alkabshi.forumarabia.com
 
~كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن~
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب التبيـان في آداب حملة القرآن للنووي
» كتاب تفسير القرآن للقرطبي
» كتاب أسرار ترتيب القرآن للسيوطي
» كتاب مفردات تفسير القرآن للراغب الاصفهاني
» تفسير آيات من كتاب الله الكريم من كتاب الذوق تأليف الشيخ الكباشي الحُسيني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكه الطريقه القادريه الكباشيه  :: المكتبه الشامله-
انتقل الى: