باب في سجود القرآنوسجود القرآن إحدى عشرة سجدة وهي العزائم ، ليس في المفصل منها شيء ، في المص عند قوله {ويسبحونه وله يسجدون} وهو آخرها ، فمن كان في صلاة فإذا سجدها قام وقرأ من الأنفال أو من غيرها ما تيسر عليه ثم ركع وسجد ، وفي الرعد عند قوله {وظلالهم بالغدو والآصال} ، وفي النحل: {يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون} ، وفي بني إسرائيل: {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا} ، وفي مريم: {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا} وفي الحج أولها: {ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء} ، وفي الفرقان {أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا} ، وفي الهدهد: {الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم} ، وفي الم تنزيل: {وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون} ، وفي ص: {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} ، وقيل عند قوله: {لزلفى وحسن مآب} ، وفي حم تنزيل: {واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون}.
ولا يسجد السجدة في التلاوة إلا على وضوء ويكبر لها ولا يسلم منها وفي التكبير في الرفع منها سعة وإن كبر فهو أحب إلينا ويسجدها من قرأها في الفريضة والنافلة ، ويسجدها من قرأها بعد الصبح ما لم يسفر وبعد العصر ما لم تصفر الشمس.
باب في صلاة السفرومن سافر مسافة أربعة برد وهي ثمانية وأربعون ميلا فعليه أن يقصر الصلاة فيصليها ركعتين إلا المغرب فلا يقصرها ، ولا يقصر حتى يجاوز بيوت المصر وتصير خلفه ليس بين يديه ولا بحذائه منها شيء ، ثم لا يتم حتى يرجع إليها أو يقاربها بأقل من الميل ، وإن نوى المسافر إقامة أربعة أيام بموضع أو ما يصلي فيه عشرين صلاة أتم الصلاة حتى يظعن من مكانه ذلك ، ومن خرج ولم يصل الظهر والعصر وقد بقي من النهار قدر ثلاث ركعات صلاهما سفريتين فإن بقي قدر ما يصلي فيه ركعتين أو ركعة صلى الظهر حضرية والعصر سفرية ولو دخل لخمس ركعات ناسيا لهما صلاهما حضريتين فإن كان بقدر أربع ركعات فأقل إلى ركعة صلى الظهر سفرية والعصر حضرية وإن قدم في ليل وقد بقي للفجر ركعة فأكثر ولم يكن صلى المغرب والعشاء صلى المغرب ثلاثا والعشاء حضرية ، ولو خرج وقد بقي من الليل ركعة فأكثر صلى المغرب ثم صلى العشاء سفرية.
باب في صلاة الجمعةوالسعي إلى الجمعة فريضة وذلك عند جلوس الإمام على المنبر وأخذ المؤذنون في الأذان ، والسنة المتقدمة أن يصعدوا حينئذ على المنار فيؤذنون ، ويحرم حينئذ البيع وكل ما يشغل عن السعي إليها ، وهذا الأذان الثاني أحدثه بنو أمية ، والجمعة تجب بالمصر والجماعة والخطبة فيها واجبة قبل الصلاة ، ويتوكأ الإمام على قوس أو عصا ويجلس في أولها وفي وسطها وتقام الصلاة ثم الإمام ركعتين يجهر فيهما بالقراءة يقرأ في الأولى بالجمعة ونحوها ، وفي الثانية بهل أتاك حديث الغاشية ونحوها ، ويجب السعي إليها على من في المصر ومن على ثلاثة أميال منه فأقل ولا تجب على مسافر ولا على أهل منى ولا على عبد ولا امرأة ولا صبي وإن حضرها عبد أو امرأة فليصلها وتكون النساء خلف صفوف الرجال ولا تخرج إليها الشابة وينصت للإمام في خطبته ويستقبله الناس ، والغسل لها واجب والتهجير حسن وليس ذلك في أول النهار وليتطيب لها ويلبس أحسن ثيابه وأحب إلينا أن ينصرف بعد فراغها ولا يتنفل في المسجد وليتنفل إن شاء قبلها ولا يفعل ذلك الإمام وليرق المنبر كما يدخل.
باب في صلاة الخوفوصلاة الخوف في السفر إذا خافوا العدو أن يتقدم الإمام بطائفة ويدع طائفة مواجهة العدو فيصلي الإمام بطائفة ركعة ثم يثبت قائما ويصلون لأنفسهم ركعة ثم يسلمون فيقفون مكان أصحابهم ثم يأتي أصحابهم فيحرمون خلف الإمام فيصلي بهم الركعة الثانية ثم يتشهد ويسلم ثم يقضون الركعة التي فاتتهم وينصرفون هكذا يفعل في صلاة الفرائض كلها إلا المغرب فإنه يصلي بالطائفة الأولى ركعتين وبالثانية ركعة ، وإن صلى بهم في الحضر لشدة خوف صلى في الظهر والعصر والعشاء بكل طائفة ركعتين ولكل صلاة أذان وإقامة ، وإذا اشتد الخوف عن ذلك صلوا وحدانا بقدر طاقتهم مشاة أو ركبانا ماشين أو ساعين مستقبلي القبلة وغير مستقبليها.
باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منىوصلاة العيدين سنة واجبة يخرج لها الإمام والناس ضحوة بقدر ما إذا وصل حانت الصلاة وليس فيها أذان ولا إقامة ، فيصلي بهم ركعتين يقرأ فيهما جهرا بأم القرآن وسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها ونحوهما ، ويكبر في الأولى سبعا قبل القراءة يعد فيها تكبيرة الإحرام وفي الثانية خمس تكبيرات لا يعد فيها تكبيرة القيام ، وفي كل ركعة سجدتان ، ثم يتشهد ويسلم ، ثم يرقى المنبر ويخطب ويجلس في أول خطبته ووسطها ثم ينصرف ، ويستحب أن يرجع من الطريق التي أتى منها والناس كذلك ، وإن كان في الأضحى خرج بأضحيته إلى المصلى فذبحها أو نحرها ليعلم ذلك الناس فيذبحون بعده ، وليذكر الله في خروجه من بيته في الفطر والأضحى جهرا حتى يأتي المصلى الإمام والناس كذلك فإذا دخل الإمام للصلاة قطعوا ذلك ويكبرون بتكبير الإمام في خطبته وينصتون له فيما سوى ذلك ، فإن كانت أيام النحر فليكبر الناس دبر الصلوات من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الصبح من اليوم الرابع منه وهو آخر أيام منى يكبر إذا صلى الصبح ثم يقطع ، والتكبير دبر الصلوات: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر" ، وإن جمع مع التكبير تهليلا وتحميدا فحسن يقول إن شاء ذلك: "الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد" ، وقد روي عن مالك هذا والأول والكل واسع.
والأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة ، والأيام المعدودات أيام منى وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر ، والغسل للعيدين حسن وليس بلازم ويستحب فيهما الطيب والحسن من الثياب.
باب في صلاة الخسوفوصلاة الخسوف سنة واجبة ، إذا خسفت الشمس خرج الإمام إلى المسجد فافتتح الصلاة بالناس بغير أذان ولا إقامة ، ثم قرأ قراءة طويلة سرا بنحو سورة البقرة ، ثم يركع ركوعا طويلا نحو ذلك ، ثم يرفع رأسه يقول: "سمع الله لمن حمده" ، ثم يقرأ دون قراءته الأولى ، ثم يركع نحو قراءته الثانية ، ثم يرفع رأسه يقول: "سمع الله لمن حمده" ، ثم يسجد سجدتين تامتين ، ثم يقوم فيقرأ دون قراءته التي تلي ذلك ، ثم يركع نحو قراءته ، ثم يرفع كما ذكرنا ، ثم يقرأ دون قراءته هذه ، ثم يركع نحو ذلك ثم يرفع رأسه كما ذكرنا ، ثم يسجد كما ذكرنا ، ثم يتشهد ويسلم ، ولمن شاء أن يصلي في بيته مثل ذلك أن يفعل ، وليس في صلاة خسوف القمر جماعة وليصل الناس عند ذلك أفذاذا ، والقراءة فيها جهرا كسائر ركوع النوافل ، وليس في إثر صلاة خسوف الشمس خطبة مرتبة ولا بأس أن يعظ الناس ويذكرهم.
باب في صلاة الاستسقاءوصلاة الاستسقاء سنة تقام ، يخرج لها الإمام كما يخرج للعيدين ضحوة ، فيصلي بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ، يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها ، وفي كل ركعة سجدتان وركعة واحدة ويتشهد ويسلم ، ثم يستقبل الناس بوجهه فيجلس جلسة ، فإذا اطمأن الناس قام متوكئا على قوس أو عصا فخطب ثم جلس ثم قام فخطب ، فإذا فرغ استقبل القبلة فحول رداءه يجعل ما على منكبه الأيمن على الأيسر وما على الأيسر على الأيمن ، ولا يقلب ذلك ، وليفعل الناس مثله وهو قائم وهم قعود ، ثم يدعو كذلك ثم ينصرف وينصرفون ، ولا يكبر فيها ولا في الخسوف غير تكبيرة الإحرام والخفض والرفع ولا أذان فيها ولا إقامة.
باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنهويستحب استقبال القبلة بالمحتضر وإغماضه إذا قضى ، ويلقن لا إله إلا الله عند الموت ، وإن قدر على أن يكون طاهرا وما عليه طاهر فهو أحسن ويستحب أن لا يقربه حائض ولا جنب وأرخص بعض العلماء في القراءة عند رأسه بسورة يس ، ولم يكن ذلك عند مالك أمرا معمولا به ، ولا بأس بالبكاء بالدموع حينئذ وحسن التعزي والتصبر أجمل لمن استطاع ، وينهى عن الصراخ والنياحة.
وليس في غسل الميت حد ولكن ينقى ويغسل وترا بماء وسدر ويجعل في الأخيرة كافور وتستر عورته ولا تقلم أظفاره ولا يحلق شعره ويعصر بطنه عصرا رفيقا وإن وضئ وضوء الصلاة فحسن وليس بواجب ، ويقلب لجنبه في الغسل ، أحسن وإن أجلس فذلك واسع.
ولا بأس بغسل أحد الزوجين صاحبه من غير ضرورة ، والمرأة تموت في السفر لا نساء معها ولا محرم من الرجال فلييمم رجل وجهها وكفيها ، ولو كان الميت رجلا يمم النساء وجهه ويديه إلى المرفقين إن لم يكن معهن رجل يغسله ولا امرأة من محارمه فإن كانت امرأة من محارمه غسلته وسترت عورته ، وإن كان مع الميتة ذو محرم غسلها من فوق ثوب يستر جميع جسدها ، ويستحب أن يكفن الميت في وتر ثلاثة أثواب أو خمسة أو سبعة وما جعل له من وزرة وقميص وعمامة فذلك محسوب في عدد الأثواب الوتر ، وقد كفن النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب وعثمان سحولية أدرج فيها إدراجا صلى الله عليه وسلم ، ولا بأس أن يقمص الميت ويعمم وينبغي أن يحنط ويجعل الحنوط بين أكفانه وفي جسده ومواضع السجود منه.
ولا يغسل الشهيد في المعترك ولا يصلى عليه ويدفن بثيابه ، ويصلى على قاتل نفسه ويصلى على من قتله الإمام في حد أو قود ، ولا يصلي عليه الإمام ، ولا يتبع الميت بمجمر ، والمشي أمام الجنازة أفضل ويجعل الميت في قبره على شقه الأيمن ، وينصب عليه اللبن ويقول حينئذ: (اللهم إن صاحبنا قد نزل بك وخلف الدنيا وراء ظهره وافتقر إلى ما عندك اللهم ثبت عند المسألة منطقه ولا تبتله في قبره بما لا طاقة له به وألحقه بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم) ، ويكره البناء على القبور وتجصيصها ، ولا يغسل المسلم أباه الكافر ولا يدخله قبره إلا أن يخاف أن يضيع فليواره.
واللحد أحب إلى أهل العلم من الشق وهو أن يحفر للميت تحت الجرف قبلة القبر وذلك إذا كانت تربة صلبة لا تتهيل ولا تتقطع وكذلك فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم.
باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميتوالتكبير على الجنازة أربع تكبيرات يرفع يديه في أولاهن وإن رفع في كل تكبيرة فلا بأس وإن شاء دعا بعد الأربع ثم يسلم وإن شاء سلم بعد الرابعة مكانه ، ويقف الإمام في الرجل عند وسطه ، وفي المرأة عند منكبيها ، والسلام من الصلاة على الجنائز تسليمة واحدة خفية للإمام والمأموم ، وفي الصلاة على الميت قيراط من الأجر وقيراط في حضور دفنه ، وذلك في التمثيل مثل جبل أحد ثوابا ، ويقال في الدعاء على شيء محدود وذلك كله واسع.
ومن مستحسن ما قيل في ذلك أن يكبر ثم يقول: (الحمد لله الذي أمات وأحيا والحمد لله الذي يحيي الموتى له العظمة والكبرياء والملك والقدرة والسناء وهو على كل شيء قدير اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت ورحمت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك أنت خلقته ورزقته وأنت أمته وأنت تحييه وأنت أعلم بسره وعلانيته جئناك شفعاء له فشفعنا فيه اللهم إنا نستجير بحبل جوارك له إنك ذو وفاء وذمة اللهم قه من فتنة القبر ومن عذاب جهنم اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه اللهم إنه قد نزل بك وأنت خير منزول به والحاصل إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم ثبت عند المسألة منطقه ولا تبتله في قبره بما لا طاقة له به اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده) ، تقول هذا بإثر كل تكبيرة وتقول بعد الرابعة: (اللهم اغفر لحينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم متقلبنا ومثوانا ولوالدينا ولمن سبقنا بالإيمان وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام وأسعدنا بلقائك وطيبنا للموت وطيبه لنا واجعل فيه راحتنا ومسرتنا) ثم تسلم.
وإن كانت امرأة قلت: (اللهم إنها أمتك..) ثم تتمادى بذكرها على أنك لا تقول: (وأبدلها زوجا خيرا من زوجها) ،لأنها قد تكون زوجا في الجنة لزوجها في الدنيا ونساء الجنة مقصورات على أزواجهن لا يبغين بهم بدلا ، والرجل قد يكون له زوجات كثيرة في الجنة ولا يكون للمرأة أزواج.
ولا بأس أن تجمع الجنائز في صلاة واحدة ويلي الإمام الرجال إن كان فيهم نساء وإن كانوا رجالا جعل أفضلهم مما يلي الإمام وجعل من دونه النساء والصبيان من وراء ذلك إلى القبلة ، ولا بأس أن يجعلوا صفا واحدا ويقرب إلى الإمام أفضلهم ، وأما دفن الجماعة في قبر واحد فيجعل أفضلهم مما يلي القبلة ، ومن دفن ولم يصل عليه وووري فإنه يصلى على قبره ولا يصلى على من قد صلي عليه.
ويصلى على أكثر الجسد واختلف في الصلاة على مثل اليد والرجل
باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسلهتثني على الله تبارك وتعالى وتصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ثم تقول: (اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك أنت خلقته ورزقته وأنت أمته وأنت تحييه اللهم فاجعله لوالديه سلفا وذخرا وفرطا وأجرا وثقل به موازينهم وأعظم به أجورهم ولا تحرمنا وإياهم أجره ولا تفتنا وإياهم بعده اللهم ألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وعافه من فتنة القبر ومن عذاب جهنم) ، تقول ذلك في كل تكبيرة وتقول بعد الرابعة: (اللهم اغفر لأسلافنا وأفراطنا ولمن سبقنا بالإيمان اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام واغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات) ثم تسلم.
ولا يصلى على من لم يستهل صارخا ولا يرث ولا يورث ويكره أن يدفن السقط في الدور ، ولا بأس أن يغسل النساء الصبي الصغير ابن ست سنين أو سبع ولا يغسل الرجال الصبية واختلف فيها إن كانت لم تبلغ أن تشتهى والأول أحب إلينا.
باب في الصياموصوم شهر رمضان فريضة يصام لرؤية الهلال ويفطر لرؤيته كان ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما فإن غم الهلال فيعد ثلاثين يوما من غرة الشهر الذي قبله ثم يصام وكذلك في الفطر ، ويبيت الصيام في أوله وليس عليه البيات في بقيته ويتم الصيام إلى الليل ، ومن السنة تعجيل الفطر وتأخير السحور وإن شك في الفجر فلا يأكل ولا يصام يوم الشك ليحتاط به من رمضان ومن صامه كذلك وإن وافقه من رمضان ولمن شاء صومه تطوعا أن يفعل ، ومن أصبح فلم يأكل ولم يشرب ثم تبين له أن ذلك اليوم من رمضان وليمسك عن الأكل في بقيته ويقضيه.
وإذا قدم المسافر مفطرا أو طهرت الحائض نهارا فلهما الأكل في بقية يومهما ، ومن أفطر في تطوعه عامدا أو سافر فيه فأفطر لسفره فعليه القضاء وإن أفطر ساهيا فلا قضاء عليه بخلاف الفريضة ، ولا بأس بالسواك للصائم في جميع نهاره ولا تكره له الحجامة إلا خيفة التغرير ومن ذرعه القيء في رمضان فلا قضاء عليه وإن استقاء فقاء فعليه القضاء ، وإذا خافت الحامل على ما أفطرت ولم تطعم وقد قيل تطعم ، وللمرضع إن خافت على ولدها ولم تجد من تستأجر له أو لم يقبل غيرها أن تفطر وتطعم ، ويستحب للشيخ الكبير إذا أفطر أن يطعم والإطعام في هذا كله مد عن كل يوم يقضيه ، وكذلك يطعم من فرط في قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر ولا صيام حتى يحتلم الغلام وتحيض الجارية وبالبلوغ لزمتهم أعمال الأبدان فريضة قال الله سبحانه {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} ، ومن أصبح جنبا ولم يتطهر أو امرأة حائض طهرت قبل الفجر فلم يغتسلا إلا بعد الفجر أجزأهما صوم ذلك اليوم.
ولا يجوز صيام يوم الفطر ولا يوم النحر ولا يصوم اليومين اللذين بعد يوم النحر إلا المتمتع الذي لا يجد هديا واليوم الرابع لا يصومه متطوع ويصومه من نذره أو من كان في صيام متتابع قبل ذلك.
ومن أفطر في نهار رمضان ناسيا فعليه القضاء فقط وكذلك من أفطر فيه لضرورة من مرض ، ومن سافر سفرا تقصر فيه الصلاة فله أن يفطر وإن لم تنله ضرورة وعليه القضاء والصوم أحب إلينا ، ومن سافر أقل من أربعة برد فظن أن الفطر مباح له فأفطر فلا كفارة عليه وعليه القضاء وكل من أفطر متأولا فلا كفارة عليه وإنما الكفارة على من أفطر متعمدا بأكل أو شرب أو جماع مع القضاء والكفارة في ذلك سنان ستين مسكينا لكل مسكين مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم فذلك أحب إلينا ، وله أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين ، وليس على من أفطر في قضاء رمضان متعمدا كفارة ومن أغمي عليه ليلا فأفاق بعد طلوع الفجر فعليه قضاء الصوم ولا يقضي من الصلوات إلا ما أفاق في وقته.
وينبغي للصائم أن يحفظ لسانه وجوارحه ويعظم من شهر رمضان ما عظم الله سبحانه ولا يقرب الصائم النساء بوطء ولا مباشرة ولا قبلة للذة في نهار رمضان ولا يحرم ذلك عليه في ليله ، ولا بأس أن يصبح جنبا من الوطء ومن التذ في نهار رمضان بمباشرة أو قبلة فأمذى لذلك فعليه القضاء وإن تعمد ذلك حتى أمنى فعليه الكفارة.
ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وإن قمت فيه بما تيسر فذلك مرجو فضله وتكفير الذنوب به والقيام فيه في مساجد الجماعات بإمام ومن شاء قام في بيته وهو أحسن لمن قويت نيته وحده وكان السلف الصالح يقومون فيه في المساجد بعشرين ركعة ثم يوترون بثلاث ويفصلون بين الشفع والوتر بسلام ثم صلوا بعد ذلك ستا وثلاثين الشفع والوتر وكل ذلك واسع ويسلم من كل ركعتين ، وقالت عائشة رضي الله عنها: (ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غيره على اثنتي عشرة ركعة بعدها الوتر).